لن اتحدث عن نقد لإستراتيجية السيد ياسين التي أري أنها تعبر عن أزمة الثمانينات في رأيي وتتمثل في الصراع بين الثمانينات عمراً ولهم الصوت الأعلي والغلبة في كل مؤسسات الثقافة المصرية وبين الثمانينات مواليد وهم جيلي الذي لايجد له مكاناً لائقاً وسط الكهنة ، فصاحب الإستراتيجية يري أن ثورة 25 يناير " انقلاب سياسي وانفلات أخلاقي " ولذلك سأذهب إلي مجال أعمق من النقد بالمعني المتعارف عليه وأقدم جزءاً من ورقتي البديلة لإستراتيجية المفكر الثمانيني الذي لم يدرك أو من كلفوه بإعداد الورقة بأننا في عام 2014 ولسنا في عام 1914 ، وأن هذا الجيل لديه مايقدمه وليس مجرد متلق ومنفذ والبداية يجب أن تكون في البدء في تشكيل دستور معلوماتي للقراءة يلتزم به كل العاملين في حقل النشر الإلكتروني للخروج بمحتوي راق وثقافي يمكن خلاله أن نضمن به الحفاظ علي ثقافتنا بصورة رقمية ، والقضية الأهم عند صياغة هذا الدستور المعلوماتي هي تحديد أولويات وأدوار التكنولوجيا في تلك اللحظات الفارقة وخصوصا بعد ثورة 25 يناير 30 يونيو ، فيجب أن نحقق التكامل المطلوب بين الثقافة والعالم الرقمي حتي نحقق أهدافنا في نهضة مصر والمستقبل الأفضل لكل الأجيال القادمة. قضية المحتوي الثقافي والمعرفي والترويج والتسويق لهذا المحتوي علي الإنترنت ، خاصة في حالة عدم وجود محتوي جيد أو حتي وجود محتوي هلامي غير ناضج شيء سيعود بنتيجة سيئة علي الجيل الجديد ، فعلي الرغم من أهمية الشبكات الاجتماعية والإخبارية إلا أنها بدون صياغة جيدة و ثقافة تقوم علي أسس وأخلاقيات وحضارات المجتمعات تصبح ترسيخاً لقيم مادية لا تضع مجالا للإنسان أو قيمه أو طموحاته أو مستقبله الشخصي والمهني . ويثير ذلك أهمية الاهتمام بمجال التسويق الإلكتروني في قطاع الثقافة ؛ ولعل ظهور تطبيقات التجارة الإلكترونية والتسويق والترويج الإلكتروني ساعد علي سقوط النظرية السائدة حتي وقت قريب وهي نظرية التركيز علي المنتج أو السلعة وتقوم بوصف ملامح المنتجات المختلفة ومدي تأثيرها وكفاءتها وفاعليتها وسلوك المستهلك تجاه المنتج وعلاقات العرض والطلب وكذلك دراسات المنافسين والصمود والحفاظ علي الاستمرارية والبقاء في ظل التحديات المحلية والإقليمية والتحولات العالمية نحو السوق الكبير و الرؤية الأوسع والعالم الأشمل والخدمات الأفضل ؛ وهكذا تغير فكر الشركات والمؤسسات من التركيز علي المنتج إلي التركيز علي السوق والعميل والأهم التقنيات والأدوات المستخدمة في الجذب والدعاية والترويج للمنتج أو الفكرة الجديدة . فعلم التسويق الإلكتروني يرتبط بالنظرية الأدائية والأنشطة التسويقية والوظيفية مثل دور التكنولوجيا في مجالات مثل الإعلان و الموارد البشرية و الإدارة الذكية كما يجب الأخذ في الاعتبار كما يذكر خبير التسويق العالمي فيليب كوتلر في كتابه " كيف تنشيء الأسواق وتغزوها وتسيطر عليها " أن التسويق يشمل أكثر من المنتجات والخدمات إذ يمكن أن يسوق الإنسان الناس والأفكار والتجارب والمنشآت وغيرها . التسويق الإلكتروني هو جميع الأساليب والممارسات ذات الصلة بعالم التسويق عبر شبكة الإنترنت (ويعتبر التسويق الإلكتروني إحدي أهم التقنيات الموجودة في عصرنا الحالي، ويتمثل منطق التسويق الإلكتروني في أن مئات الملايين من المستخدمين يتصلون بشبكة الإنترنت يوميًا من جميع أنحاء العالم، ومن هذا المنطلق يمكننا استغلال تلك الفرصة وتحويل الإنترنت إلي سوق مفتوح متنوع الجمهور لترويج السلع والخدمات المختلفة، وتحقيق ربحية عالية من وراء ذلك. ولاشك أن التحديات، والعقبات، والمشكلات السياسية، وحقوق الإنسان، والتطورات الدولية، والتوقعات الاقتصادية، والحروب والفتن، والفساد الحكومي، والنمو المتزايد في أعداد السكان؛ ومن ثم الزيادة في أعداد المهمشين سياسيًا، وزيادة الفجوة التكنولوجية، والتفاوت الكبير في مستوي المعيشة كان لها دور كبير في تشكيل وعي سياسي إلكتروني للشباب، ومستخدمي الإنترنت ليشكلوا فكرًا، ورأيًا معارضًا أو مؤيدًا، ولتنتج ممارسات ديمقراطية علي الإنترنت كالتصويت الإلكتروني والحكومة الإلكترونية؛ ومن ثم الحديث عن أخلاقيات الإنترنت وهي موضوعات تحتاج دراسة عميقة متشعبة الأطراف للإلمام بأبعاد العلاقات المتشابكة والمترابطة عند تخطيط السياسات الإعلامية والثقافية الجديدة . وقد ذكر مدير معرض فرانكفورت للكتاب بألمانيا يورغان بوس "إن وسائط الإعلام الجديد والشبكات الاجتماعية ساهمت في نشر ثقافة القراءة وعملية النشر للكتب الرقمية (الإلكترونية) " ، وهو مايجب أن يكون محط أنظار دور النشر العربية الحكومية والخاصة . كما ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور كثير من المواهب الشابة والكتاب الجدد الذين بدأوا من الفيس بوك وتويتر والمدونات ثم انطلقوا إلي دور النشر ليصبحوا نجوما في عالم الكتابة وخصوصا للشباب . وساعد ظهور بعض الجروبات الثقافية للجهات والهيئات الثقافية الرسمية إلي محاولة الكثير التواصل معهم للحصول علي خدمات ثقافية كمعلومات عن كتاب أو استفسار عن موعد ندوة أو مكان لقاء جماهيري . ويجب التأكيد في النهاية علي أهمية تطوير المواقع الإلكترونية الثقافية المصرية وخصوصاً بالمؤسسات الثقافية الرسمية حيث إن كثيراً منها لا تعدو مواقع شكلية لا يتغير المضمون فيها إلا كل عدة سنوات ، وهناك خلل في البنية المعلوماتية بوزارة الثقافة وأخيرا وليس آخراً دور القاريء لا المتلقي لايقتصر علي مجرد قراءة النص ولكن نقده واعادة انتاجه واستغلاله في حياته الشخصية ونظرته للعالم من حوله وينبغي ان نؤكد علي مبدأ "القراءة من أجل الحياة" في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية العالمية وتفعيل دور القاريء في المجتمع والبيئة المحيطة .