وفد قطري يتوجه إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات بشأن اتفاق هدنة في غزة    شبورة مائية وأمطار خفيفة.. الأرصاد تكشف أبرز الظواهر الجوية لحالة الطقس اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    ياسمين عبد العزيز تكشف عن سبب طلاقها من أحمد العوضي    3 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا لعائلة "الدربي" غرب مدينة رفح    ضابط شرطة.. ياسمين عبد العزيز تكشف حلم طفولتها وعلاقته بفيلم «أبو شنب»    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    شبانة ينتقد اتحاد الكرة بسبب استمرار الأزمات    سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    وصول بعض المصابين لمستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال حي التنور شرق رفح    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 7 مايو بالصاغة    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال    فيديوهات متركبة.. ياسمين عبد العزيز تكشف: مشوفتش العوضي في سحور وارحمونا.. فيديو    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    استبعادات بالجملة وحكم اللقاء.. كل ما تريد معرفته عن مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في الرحالة
نشر في أخبار الأدب يوم 29 - 11 - 2014

كان لكتابات أوائل الرحالة المغامرين الذين استطاعوا الوصول إلي مصر في العصر الحديث عامل السحر في توجيه من تبعهم من رحالة ومغامرين، لشغفهم بما تحتويه هذه الأرض من تاريخ وآثار وعادات وتقاليد.
بدأ الرحالة في التوافد بدءاً من بدايات القرن السادس عشر الميلادي، عندما ظهر منهم من كان يدرس حال البلاد لإعطاء قياداتهم السياسية المعلومات التي تساعدهم علي غزو مصر، وأمثال هؤلاء الرحالة مَن يمكن أن نطلق عليهم الرحالة الجواسيس الذين كان معظمهم من الفرنسيين مثل البارون دي توت وسافاري وفولني، وكان لهم دور كبير في حملة نابليون بونابرت عام 1798
أما في أوائل القرن التاسع عشر، وبعد نشر كتاب وصف مصر والتغير الكبير أثناء ولاية محمد علي، ازداد أعداد الرحالة نتيجة الانفتاح، خاصة بعد أن انتبه العالم إلي الحضارة الفرعونية وفك طلاسم حجر رشيد واللغة المصرية القديمة علي يد شامبليون عام 1822 ، فتوالت زيارات الرحالة ليروا هذا العالم الخفي خاصة بعد أن استتب الأمن بفضل سياسات محمد علي، ما شجع علي التوغل في أراضي مصر والارتحال إلي جنوبها، واستمرت الرحلة بصورة كثيفة حتي الاحتلال الإنجليزي عام 1882 الذي حدث بعده تغير وتطور في مفهوم الرحالة، عندما قام كوك ومن بعده ابنه بعمل رحلات نيلية منظمة علي ظهر مراكب بخارية فضلا عن الدهبيات، ليتخذ الرحالة مسميات عديدة جديدة مثل السائح والمستكشف وعالم المصريات والمستشرق، كل هؤلاء الذين ما زالوا يتوافدون علي مصر حتي وقتنا الحالي.
سنرتحل مع هؤلاء الرحالة في أرض مصر لنري كيف نظروا إليها، وما جذب انتباههم، وماذا كانت تعليقاتهم
لنبدأ الرحلة من حيث بدأها معظمهم من ثغر مصر ومينائها الأول.
الإسكندرية
ظلت الإسكندرية عاصمة لمصر ما يزيد علي الألف عام، وهي صاحبة إحدي عجائب الدنيا السبع، إلا أن حالها تباين في العصر الحديث، فقال عنها ليو الإفريقي الذي زار مصر عام 1517 أنها من أجمل المدن التي غزاها المسلمون، بالرغم من أنها لا تمتلك أرضا زراعية ولا حدائق، حتي إن القمح يأتيها من مكان آخر، والمزارع التي بجانب القناة الصناعية منتجاتها مضرة بالصحة وتسبب الأمراض وقت أكلها، كما ذكر أنه لا يبقي بها فائض للمؤن لأن السفن تعبر للتزود بالمؤن دائما ما لا يجعل بالمدينة أي زيادة، كما قال ليو إن هناك مكاناً عالياً حيث يقيم رقيب السفن الذي يبلغ موظفي الجمارك بالوصول، ويتقاضي راتباً عن كل مركب ، وإن أغفل عن سفينة حكم عليه بغرامة تبلغ ضعف أجره.
وفي القرن السابع عشر، زار مصر فنسلبيو - عام 1664 ووصف المدينة بأنها مقسمة إلي ثلاثة أجزاء، الأولي تحتوي علي السوق والأعمال والفنادق، والثانية هي المنطقة المجاورة لكنيسة القديس مرقص ويسكنها الأقباط واليونان، والثالثة تمتد من باب رشيد حتي وسط المدينة، حيث المنازل الجيدة والمساجد والأعمدة والأشجار، أما خارج الأسوار شاهد بيوت جميلة تحيط بها الحدائق حيث يعيش اليهود والأجانب بمتاجرهم وكذلك الموظفون الأتراك الذين يفضلون البحر ونسيمه علي حرارة داخل المدينة، إلا أنه تحسر علي حال المدينة، وكيف فقدت رونقها الذي قرأ عنه قبل مجيئه، وهذا أيضا ما ذكره الراهب سيمون الذي زار المدينة عام 1608 الذي تحدث عن انكماش المدينة وهجرة أهلها منها حتي إن مقر البطريرك أصبح في القاهرة وليس بعد في الإسكندرية بسبب قلة الأقباط وتهدم مساكنهم.
وفي القرن الثامن عشر زار مصر كارستن نيبور المستكشف والعالم الألماني الذي جاء ضمن البعثة الدنماركية الي الشرق في عام 1761 وصاحب أول خريطة للدلتا- وانبهر بحب السكندريين لتعلم اللغات، فقال إنهم يعملون علي المراكب الأوروبية، وعندما يتعلمون اللغة يخدمون السفن التي تأتي للمدينة فيترجمون، ويتاجرون، وتعجب عندما قابل في المدينة مَن يتحدث الفرنسية، والدنماركية، والسويدية، واخبرنا أن اللغات التي كانت سائدة في المدينة هي العربية والتركية والإيطالية، إلا انه تحسر مثل الذي قبله علي حال المدينة وقال انه لا يري سوي أكوام الرديم والحطام، اضمحلت المدينة وقل عدد سكانها.
رحالة القرن التاسع عشر جاءت تعليقاتهم مختلفة عن المدينة، وهذا بالطبع يرجع إلي ما قام به محمد علي باشا من تطوير وإنشاءات ، فقد أكدوا ما قاله كارستن نيبور بل وتعجبوا من التنوع الموجود بالمدينة من أجناس مختلفة من الأوروبيين والأسيويين والأتراك وتنوع ملابسهم وأذواقهم، ونجد التجارة دبت في ارجاء المدينة بصورة كبيرة حتي أن الرحالة والمستشرق إدوارد وليم لين- الذي زار مصر لأول مرة عام 1825 واتخذ اسما عربيا هو الشيخ منصور ليتعايش مع المصريين- تحدث عن كثرة الوكالات حيث يقيم التجار ويخزنون ويبيعون بضائعهم، وقال إنها تقع بالقرب من الحي الأوروبي، وتطل علي الميناء، وأضاف لين أن محمد علي باشا قام بعمل التلغراف ليتصل بالقاهرة عن طريق تسعة عشر برجاً ما بين قصر الباشا (قصر رأس التين حاليا) والقلعة بالقاهرة، وكان ذلك القصر مفعم بالحركة والأعمال حتي ان المستكشف الانجليزي السير ريتشارد بيرتون مترجم ألف ليلة وليلة، والذي زار مصر عام 1857م والذي يعتبر ثاني رحالة غير مسلم استطاع الذهاب إلي مكة والمدينة - وصف القصر قائلا إنه مبني ضخم علي شكل متوازي أضلاع يضم مكاتب كثيرة في فوضي هائلة وجدرانه مطلية باللون الأبيض.
وفي أواخر ذلك القرن نجد الأمير النمساوي ردولف والذي زار مصر عام 1881، يتعجب من ذلك الخليط الذي رآه في الشارع فقال متعجبا إنك قد تجد في نفس الشارع حمارين وسقائين وبائعين وفلاحين ومتسولين ونساء وأطفالا وأتراكا وأبناء أسيا الصغري، وشد انتباهه ايضا التنوع في اللغات فسائق الحنطور ينادي دائما بثلاث لغات هي العربية والتركية والإيطالية قائلاً "أوع، ساكن، جواردا".
وتحدثوا عن الحي العربي المفعم بالحياة والنشاط بالرغم من ضيق شوارعه الأمر الذي سمح للناس بمد الحصير بين البيوت طلبآ للظل، ووصفوا لنا الجزء الأوروبي ذا الشوارع العريضة، والمحلات الواسعة، والمنازل ذات الطراز الأوروبي. وكان وصف رودلف في هذا الحي متركزا علي ميدان محمد علي باشا(المنشية حالياً) الذي كان مركز هذا الحي الذي به تمثاله علي صهوة جواده وفي هذا الحي تجد الإيطاليين واليونانيين والأرمن والأتراك كلهم في لباس أوروبي وكذلك الرهبان اليونان والفرنسيسكان، كما ذكر أن أسماء المحلات والمقاهي في الحي الأجنبي مكتوبة باليونانية أو الفرنسية أو الإيطالية.
ومع نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وبعد إصلاح المدينة من الدمار الذي حل بها بسبب الهجوم البريطاني زارها الأديب الطبيب العثماني جناب الدين شهاب عام 1898م، وأعرب عن ذهوله مما رآه من أجناس مختلفة، وتجارة رائجة، والعديد من الحدائق والمقاهي والمحلات الكبري التي يمتلك معظمها الأجانب، وطاف بكورنيش الإسكندرية حتي وصل إلي سان استفانو حيث وجد كازينو و شاطئ جميل ماراً في طريقه بالقصور والأشجار المتناسقة والطرق الهادئة. كما اعجب الرحالة امثال الفرنسي جيرفيل - الذي زار المدينة عام 1906 بميدان محمد علي باشا حيث تمثاله الذي نحته الفنان "جاكومار"Jacuemart ، وذكر أن هذا الميدان هو مركز الحياة الأوروبية في المدينة.
ونجد تعليق شهاب الدين علي بالمدينة يأتي ملخصا لما اورده الرحالة السابقون له حيث قال "هنا لا هو غربي ولا شرقي، ولا هو أوروبي كلية، ولا إفريقي كلية وهنا خليط، وهو شيء وسط حيث يسترعي النظر إنسان يرتدي قبعة اسطوانية فوق جلباب فضفاض متسخ مقدمته، أو شخص يثبت ثياب النوم البيضاء علي البنطلون الأسود والقميص الأسود"، واندهش من الاهتمام الكبير من جانب الناس بالبورصة و أسعار الأسهم خاصة أسهم القطن، وقال "لن ينصحك أحد هنا بالذهاب إلي المتحف أو الحديث عن التاريخ والكنوز الفنية، بل سيحدثونك عن الأسهم والقطن".
ولم ينس بالطبع الرحالة ان يصفوا آثار المدينة القديمة خاصة عمود السواري، فقد أعده ليو من عجائب الدنيا وأعتقد خاطئا انه أقيم لتأمين المدينة من العدو حيث كانت تعلوه مرآة من الفولاذ تحرق كل السفن المعتدية، إلا أن المرآة قد تلفت عند دخول المسلمين حيث إن يهودي أتلفها عندما فركها بالثوم، أما لين فقد صحح خطأ معظم الرحالة الذين يطلقون عليه عمود بومباي وقال ان اسمه الصحيح يجب أن يكون عمود دقلديانوس، في حين عرف شهاب الدين أنه تم دفن الهالكين من جيش نابليون عند هذا العمود.
حدثنا لين ايضا عن اسوار المدينة وكيف رممها محمد علي باشا لخوفه من معاودة الفرنسيين الهجوم، وذكر لنا وجود دير للرومان الكاثوليك وكذلك كنيسة القديس اثناسيوس والمعبد اليهودي ومسلتا كليوباترا وصهاريج الاسكندرية، ولم ينس لين ذكر المشروع القومي الذي قام به محمد علي وهو قناة المحمودية التي وصفها بالقناة الجديدة، وقال إن محمد علي استخدم 300 ألف شخص لحفرها مات منهم 12 ألفا في عشرة أشهر، وذكر أنها سميت بهذا الاسم تيمناً باسم السلطان العثماني محمود- أما رودلف فذكر وجود قطار يسير موازيا لقناة المحمودية للوصول إلي الحديقة العامة الكبري المسماة "جنينة النزهة"، وقدم وصفاً للناس حول القناة من الذين يلهون، والذين يتوضأون، ويصلون علي ضفتي القناة، وقام بزيارة الحديقة التي وصفها بالفخامة والبهاء، وتملؤها الزهور اليانعة، وأعجب بها كذلك شهاب الدين خاصة ضفتها الشمالية التي تعبر متنزها جميلا، وتحفها أشجار السنط والموز والليمون والبرتقال والنخيل، إلا إنه ذكر أن الضفة الأخري يظهر بها الفقر المدقع من بيوت فقيرة وأكواخ طينية.
زار الرحالة مساجد وأضرحة الأولياء بالإسكندرية مثل بيرتون الذي زار مسجدي البوصيري وأبو العباس المرسي كما ذكر أنه زار قبر النبي دانيال، والإسكندر، وروي اعتقاد الناس أنه ذو القرنين، كذلك فعل شهاب الدين حيث زار ضريح النبي دانيال، والإمام البوصيري الذي أعجب به كثيراً، وذكر أن المبني الجميل كان ملحقاً به مدرسة لتدريس المواد الدينية، وذكروا له أن أكثر من ألفي طالب يدرسون بها. وذكر أنه زار قبرا متهالكا يطلقون عليه قبر الإسكندر ذي القرنين، إلا أنه شكك في هذا القبر، وقبر النبي دانيال أيضا.
كان اتجاه الرحالة عادة بعد زيارة الاسكندرية إلي رشيد حيث منها يستقلون المركب الي ميناء بولاق بالقاهرة
رشيد
أجمع الرحالة - أمثال الراهب سيمون وكارستن نيبور علي أن رشيد مدينة مليئة بأكوام من الفول والعدس والأرز والسمن والعسل بكميات هائلة، حيث يأتي للمدينة ما أفرغته السفن بالإسكندرية منقول علي الجِمال وعندما يصل إلي رشيد يقومون بشحنها علي مراكب نهرية إلي بولاق. ووصف كارستن أهل المدينة بالأدب حيال الأوروبيين، إلا انه من الطريف ذكر ما رواه الرحالة الانجليزي جوزيف بتس - الذي اتخذ اسم الحاج يوسف وزار مصر عام 1680- أنه عند مصب النيل يأتي أهل جنوه والبندقية ليحصلوا علي المياه العذبة حيث أن الأتراك ليس لهم أساطيل للدفاع عن الساحل المصري.
وبالنسبة للمنشآت بالمدينة ذكر لنا كارستن أن قلعة رشيد كانت مهملة ومهجورة بها بعض المدافع القديمة وأرجع ذلك إلي أن الأتراك لا يخافون أن تأتي سفن الأعداء من هذه الناحية حيث إنها في الشتاء تغرق العديد من السفن للرياح وتغيراتها، وبالصيف بسبب الفيضان.
إلا انه وبعد إنشاء قناة المحمودية تحولت الاهمية الي فوة وانحسرت اهمية رشيد لذا جاء وصف المدينة في القرن التاسع عشر مختلفا فقد اصبحت المدينة خاوية وذكر لين انه اصبح يعيش بها عشرة آلاف بعدما كان بها ما يزيد علي اربعين الف نسمة، وحزن علي المحلات المهجورة، إلا انه زار مساجدها التي تميزت مآذنها باللون الأبيض، خاصة مسجد أبو مندور، ذلك الشيخ المبروك الذي بقبره طلسم لحماية النيل والحدائق من رمل الصحراء، وأن الكثير من النساء يقصدون هذا القبر داخل الجامع ويقدمون النذور لمعجزاته في الشفاء من العقم.
عاني معظم الرحالة في رحلتهم النيلية الي القاهرة وذكروا العديد من القصص الا ان ما يشغل تفكيرهم هو الوصول الي القاهرة لما عرفوا عن عجائبها وغرائبها، وكانت رحلتهم في القاهرة تبدأ في ميناء بولاق. حيث تنتهي بهم الرحلة علي ظهر مركب يحملهم من رشيد.
القاهرة وما حولها:
بولاق
كان الوصول دائما في مرسي بولاق، وقال عنه ليو إنه حي كبير يوجد به بيوت وطواحين وبه العديد من الصناع والتجار، وذكر الراهب سيمون أن مياه الشرب تؤخذ للقاهرة من بولاق وتحمل علي 40 ألف جَمل، في حين حدثنا كارستن نيبور أن بولاق بها سوق كبير مسقوف، وانها من أهم موانئ مصر لأنه يرد لها ما يصل من رشيد ودمياط، وكذلك المراد تصديره من القاهرة إلي موانئ البحر المتوسط، لذا ففي بولاق أكبر جمرك في مصر، كما ذكر أن بها مخازن للأرز والملح والخشب والزعفران كما أن هناك مخازن السلطان التي يخزن بها القمح الذي يرسل كل عام إلي الحجاز، في تحدث الفرنسي سافاري - الذي زار مصر عام 1773م- عن إمبابة التي تقع في مواجهة بولاق وأسماها "أرض البؤساء" و قال أن بها أنواع من الزبد والشمام ومزارع للترمس، وبالطبع مع تطور المواصلات في مصر في اواخر القرن التاسع عشر اصبح الرحالة يذهبون الي القاهرة عن طريق القطار لذا نجد اختفاء ذكر بولاق في كتاباتهم.
الأسواق
كانت مدينة القاهرة في القرن السادس والسابع عشر هي المدينة المسورة وكانت بولاق تقع خارجها، لذا وصف الرحالة اسوار القاهرة وابوابها فأعجب ليو بأبوابها المصفحة بالحديد، الا ان الرحالة اهتموا بالأسواق فأسهبوا في وصفها، فذكر ليو وسيمون أن هناك العديد من الدكاكين لبيع اللحم والحلويات والفاكهة، ومحلات بيع البيض المقلي والجبن المقلي، وزار بالقرب من مدرسة الغوري متاجر القماش المستورد أمثال قماش بعلبك والموصل وإيطاليا، وكذلك متاجر الثياب الصوفية المستوردة من جميع بلاد أوروبا، وتحدثوا عن وجود أفخم أنواع الكتان الرقيق ذي الحواف الحريرية، كذلك زاروا خان الحناء ذات الأسعار الزهيدة، وكذلك ذكروا بائعي العطور والورق المصقول.
كما زار الرحالة سوق العبيد والجواري الذي هو عبارة عن خانين أحدهما للعبيد والجواري البيض الذين يرتدون أحلي الثياب والخان الآخر للعبيد والجواري الزنوج العراة، فيصف جوزيف بتس حالهم وهو خير من يصف في هذ الحالة نظرا لكونه وقع أسيرا وبيع عبدا وأتي الي مصر وهو عبد لسيد جزائري - فقال إن سوق الجواري كان يعقد مرتين بالأسبوع، وأضاف أن الرقيق المباع في مصر يفخر بذلك حيث إن يوسف عليه السلام قد تم بيعه في مصر أيضا، وذكر أن الرقيق المباع لا يجبر علي التحول للإسلام، وقال إن الجواري والعبيد وهم في مرحلة الشباب يلحقون بالمدارس لتعلم القراءة والكتابة، وإذا ما تحولوا للإسلام تسير أمورهم علي نحو أفضل حيث يلقون حظوة أكثر من الأتراك، ويشغلون المناصب العليا ويتمتعون بنفوذ واسع.
وقد أكد لين أن بالقرب من خان الخليلي كان هناك وكالة تسمي "وكالة الغلابة" لأنه كان بها تجار الرقيق الأسود، وذكر لنا كيف أنهم شبه عرايا غير مبالين، وربما سعداء لعلمهم أن الأسوأ قد مر لأن حال العبد المسلم في مصر خير من خادم حر، ويؤكد هذا بيرتون قائلا "الشريعة الإسلامية تلزم المسلمين بمعاملة رقيقهم برقة بالغة، والمسلمون - بشكل عام - حريصون علي الأخذ بتعاليم نبيهم، فالرقيق يعد فردا من أفراد الأسرة"، وأكدت ذلك أيضاً صوفيا لين بول اخت إدوارد وليم لين- قائلة "إن العبد الشرقي يعامل بمنتهي الحلم والتسامح، وكثيرون ممن انتزعوا بقسوة من آبائهم في سن مبكرة، يجدون في المشترين أباء وأمهات يعطفون عليهم. ملبسهم وغذاؤهم عادةً جيد جداً، و يتمتعون بدرجة عالية من الألفة والدلال علي الأسرة يبعث علي الدهشة".
كما تحدث الرحالة عن خان الخليلي، فقال عنه ليو انه مبني مرتفع من ثلاثة طوابق والأرضي منها مخصص ليلاقي التاجر عملاءه وذكر أن معظم التجار من الفرس وهم من أغني التجار وسلعهم معظمها هي التوابل والأحجار الكريمة ومنسوجات الهند، إلا أن الراهب سيمون قال إن الخان ممتلئ بالتجار القادمين من الهند والمدينة المنورة والحبشة وكذلك الأرمن والأتراك يبيعون التحف والسياط والصواني والفناجين والأبانوس، ووصفه لين بأن شوارعه غاية في الضيق ومتقاطعة، وله أربعة مداخل، ومعظم التجار من الأتراك ويبيعون الملابس الجاهزة، وسجاجيد الصلاة، وقد أضاف لنا لين أنه تقام بالخان مزاد مرتين بالأسبوع كباقي الأسواق، ويستمر البيع من الصباح الباكر حتي صلاة الظهر، أما الرحالة إميليا إدواردز التي زارت مصر عام 1873م- فقد زارت الخان، وقالت إنه سوق تصنيع الذهب والفضة، وأن المحلات ضيقة جداً لأنها مجرد نوافذ واجهاتها لا تزيد علي المتر الواحد، ويسحب التاجر ما يريد من أدراج حيث لا يوجد مكان لعرض بضاعته. ولعل أهم ما ذكرته عن الأسواق هو انطباعها عن التجار في الخان فقالت " أما بخصوص التجار فان أدبهم وصبرهم ليس لهما حدود، فقد يقلب المشتري كل مخزونهم، ويجرب جميع أساورهم، ويذهب مرة أخري دون أن يشتري، ولكنه يلقي الترحيب دائماً ويشيع بالابتسامة".
الأزهر
بالرغم من شهرة مساجد القاهرة الا اننا نجد انها لم تذكر الا في كتابات الرحالة العرب المسلمين، في حين خلت تقريبا كتابات الرحالة الاجانب من ذكرها ولعل ما يفسر هذا ما حدث مع فنسلبيو عند الجامع الأزهر إذ قال "عندما مررت أمامه- يقصد الجامع الأزهر- في المرة الأولي للذهاب لبعض شؤوني، ووقفت علي بعد حوالي ستين قدما، لكي أتملي فخامة البناء الخارجية، خرج أحد العرب من حانوته، وراح يضربني، وكان بإمكاني تلقي المزيد، إن لم ألذ بالفرار"، الا ان الوضع تغير في الفترات التالية لنجد الرحالة يتحدثون عن مساجد القاهرة وفخامتها، فتحدث عن الازهر كل من لين واصفا المسجد واروقته، وبيرتون تحدث عن كيفية الالتحاق به وان به ما بين الفين الي ثلاثة الاف طالب، في حين كان رودلف ذا رأي شاذ إذ قال عنه أنه "معمل لتفريخ التعصب الإسلامي".
جامع عمرو بن العاص
فقد امتدح ليو المسجد لكبره، وذكر كارستن أن الوجهاء في يوم من العام يذهبون إلي جامع عمرو بن العاص لإحياء ذكراه باعتباره أول جامع بمصر، إلا أن أعمال الصيانة به ذات مستوي رديء، وقال لين عن المسجد "بُهرت عندما أحسست أني أقف مكان القائد وصحابة الرسول(صلي الله عليه وسلم) غزاة مصر وهم يُصَّلون في نفس المكان"، إلا أن المسجد تدهور بصورة محزنة حتي إنه عندما دخله الفرنسي جيرار دي نرفال وتحدث عن الخراب الذي بالمسجد، ولكونه مهجورا استطاع جيرار ان يصعد المنبر، وقالت اميليا عن المسجد بأنه اكوام خربة، وقال عنه شهاب الدين أن الجامع ليس به لا قنديل، ولاسجاد، ولا حتي حصير، وذكر ضياء الدين أن الجامع مهجور معظم أيام العام لبعده عن المدينة، في حين كان يقام فيه الصلاة لآخر جمعة من شهر رمضان بحضور الخديو، وبمراسم تشريفية، ولم تختلف رؤية الدهلوي للجامع عن الآخرين فوصف الحالة المزرية التي وصل إليها الجامع، معلقاً علي الإهمال، وعلي دخول الناس إلي الجامع بأحذيتهم قائلا "ليتني أستطيع أن أحمل هذا المسجد علي كتفي وآخذه إلي الهند، يمكن للهنود أن يفرشوه بأهداب عيونهم، وبقلوبهم وفلذات أكبادهم".
جامع ابن طولون
بالرغم من إعجاب لين الشديد بجامع بن طولون ، الا انه حزن لحاله فهو مدمر وخرب ومتآكل وليس نظيفا من الداخل، إلا من بعض المناطق التي بها حصير، وقال إن هذا الجامع أقدم مبني عربي في مصر، بعد مقياس النيل بالروضة وجامع عمرو بن العاص، واستمر المسجد علي حالته المزرية حتي أن جزءاً منه تحول إلي مستشفي عسكري، وكان عند زيارة شهاب الدين له عبارة عن مجمع للمتسولين.
مصر القديمة (الفسطاط)
اهتم الرحالة بزيارة الفسطاط أو ما يطلق عليه مصر العتيقة أو مصر القديمة، وذكر ليو أن هناك العديد من القصور البديعة الجميلة وذكر أن بمصر العتيقة يوجد جامعو الضرائب الجمركية حيث إن السلع الواردة من صعيد مصر، إلا أن الراهب سيمون بعدها بقرن تقريبا قال إنه مكان خرب خال من الناس، وبه كنائس رومية وقبطية، وقال إنه رأي بقايا القديسين المحفوظة في الصناديق، وذكر شسنو و بيلون وسافاري أهمية المنطقة بسبب احتماء العائلة المقدسة بها، أما كارستن فقد وصف الجمرك، وقال أن هناك ساحات كبيرة تستخدم كمخازن للقمح،. كما أنه بها مدافن الأقباط واليونان والانجليز والفرنسيين وتحدث عن معجزات كنيسة مار جرجس اليونانية، وكيف انه يشفي بها المختلن عقليا.
في القرن التاسع عشر قال الرحالة إن أهم ما بمصر القديمة هو الميناء الذي ترسو به معظم المراكب الآتية من صعيد مصر، وأخبرنا لين عن قصر الشمع وقال انه الحصن الروماني القديم الذي صد عن مصر الهجمات حتي أتي القائد عمرو بن العاص و دمره، وذكر أن أصل التسمية يرجع إلي كونه كان يضاء بالشموع في أول ليلة من كل شهر لذا سمي قصر الشمع، وبداخله العديد من البيوت و المحلات التي يملكها المسيحيون، وكذلك هناك العديد من الكنائس، وذكر أن هناك حصن آخر يسمي حصناً بابليون، وهو يسمي إسطبل عنتر وتحول إلي دير، ويستخدم كمخزن بارود، وأن بالمنطقة كنيسة سان سرجيوس (ابو سرجه) الشهيرة التي اختبأت فيها العائلة المقدسة، كما زار ردولف إحدي الكناس القبطية بمنطقة مصر القديمة ليحضر قداساً، وعلم أن الأقباط يسمون الكنيسة ببيت المسيحيين، فقال إن في المسيحية في مصر هي صورة عقائدية للمسيحية في أيامها الأولي، والنسوة القبطيات محجبات بحجاب أبيض مثل المسلمات.
القلعة
أما قلعة الجبل التي تعتبر من أهم الأماكن في القاهرة حيث بها مكان والي مصر، فقد وصف ليو متانة أسوارها وارتفاعها، وجمال قصورها التي فرشت بالمرمر ذي الألوان المختلفة، وكسيت سقوفها بالذهب، وطعمت نوافذها بالزجاج الملون، ونقشت أبوابها الخشبية وازدانت بالألوان وموهت بالذهب، في حين قال تيفنو1657م- أن بالقلعة اسطبلات للخيل وذكر أيضا أن بها عدد من السجون تشبه البئر يكثر فيها الوطاويط والروائح الكريهة يسودها الظلام.
في حين وصف كارستن مدي خراب القلعة حين زارها القلعة، قال إنها مكونة من ثلاث مناطق أولها منطقة الباشا التي وصفها بالخراب حيث قال" إنه لا يتخيل عاقل أن والي مصر كلها يسكن هناك"، وعلل ذلك أن الولاة لا يبقون في الولاية مدة طويلة إلا نادراً لذا فلا يجهدون أنفسهم في بناء قصر جديد أو ترميم. ليتدهور حال القلعة بهذه الطريقة المؤسفة، أما المنطقة الثانية فهي منطقة الانكشارية التي يوجد بها بئر يوسف وقال عنه إنه "أعجوبة أعاجيب القاهرة"، لما له من عمق وما تكلف من مال وعناء لإنشائه، والمنطقة الثالثة هي منطقة العزب التي بها قصر يسمي قصر يوسف حيث تصنع الكسوة التي تبعث إلي مكة كل عام.
ولم يختلف الحال كثيرا عند زيارة لين للقلعة في القرن التاسع عشر إذ وجد أن معظم القلعة ما هي إلا أطلال وقمامة، وهناك بعض المحلات، وبعض البيوت، وذكر أن أهم الآثار في القلعة هي القصر القديم والجامع أما القصر القديم فيطلق عليه "قصر يوسف" أو "ديوان يوسف"، وقد بناه السلطان محمد بن قلاوون، والقصر به أعمدة هائلة من الجرانيت، وكان به قبة ولكنها انهارت، وعند الدخول كان به ما يشبه المحراب، و كان به كتابات عربية؛ إلا أن لين ذكر أن ما تبقي من هذا القصر قد دمر كلياً عند مغادرته مصر، أما الجامع الكبير فقد بناه نفس السلطان، وهو يقع إلي الجنوب الشرقي من القصر القديم، الجامع في حالة يرثي لها ولا تقام فيه الصلاة، وهو عبارة عن صحن يحيط به أروقة، و ذكر أيضاً بئر يوسف إلا أن مائه كريه وبه ملوحه، وذكر أن بالجزء الجنوبي - وهو جزء الانكشارية- يوجد دار السَكة والقصر، أما الرحالة الذين أتوا بعد عصر محمد علي باشا كان لهم الحظ في وصف جامع محمد علي باشا بالقلعة، فقال الأمير ردولف أن الجامع هو أكثر الأماكن تشويقا للزائر في القلعة فهو مشيد من الألباستر في مكان أطلال قصر قديم، والجامع له مآذن عالية، ومن داخله مهيب وفرش المسجد بالسجاجيد الجميلة، والمحراب ذو زخرفة جميلة، وقال إن القبر مغطي بستائر مشغولة بالذهب ومحاط بشبك حديدي.
وقدمت لنا صوفيا وصفاً عاماً لقصرالحريم بالقلعة والحياة به، وقد انبهرت بفخامة البناء، واعتبرته أجمل مبني سكني خاص رأته في مصر، فبالطابق الأرضي قاعة واسعة للاستقبال، وهي مرصوفة بالرخام الأبيض المائل إلي الزرقة، ويحيط بها أجنحة يفتح منها غرف، وعند صعودها للطابق الأول، وجدت ثلاث نوافذ تطل علي القاهرة فيري شمال وغرب القاهرة في منظر جميل تمنت لو كان لديها مزيد من الوقت للاستمتاع بالمنظر، وفي الطابق الأول لاقت مثل الطابق الأرضي إلا أن قاعة الاستقبال مفروشة بالسجاد، وأعجبت بمن قابلتهم من الحريم، ووجدتهن موافقات لها في كثير من الأمور مثل الاعتراض علي الزواج المبكر، وذكرت أيضاً أن جميع مَن في حريم القلعة يبدون سعداء.
المطرية
كانت زيارة المطرية حيث الشجرة المقدسة أمرا يقوم به معظم الرحالة خاصة في الفترة التي كان الرحالة يقصدون مصر للتبرك بالأماكن التي مرت بها العائلة المقدسة، فقال عنها ليو إنها المكان الوحيد في العالم حيث توجد الشجرة التي تنتج البلسم، وقال إن البستان حيث توجد الشجرة مسور بسور لا يمكن الدخول إلا بعد تقديم بعض الهدايا للحارس، إلا أن سيمون ذكر القصص المرتبطة بالمكان وقدسيته فقال أن العائلة المقدسة عندما وصلت هذه القرية طلبت الماء، وبالرغم من التوسلات رفض أهل المنطقة إعطاءهم ماء، فقامت العذراء مريم بالدعاء علي القرية لتحول ماءها إلي ماء مالح وعندما عادت وجدت الماء يتدفق تحت قدمي السيد المسيح، وهو الماء العذب الوحيد بالمنطقة، أما كارستن فقد حكي لنا حكاية أخري ألا وهي أن تلك الشجرة مقدسة عند أقباط مصر لأنها انفتحت لتخفي العائلة المقدسة بداخلها حتي يمر مطاردوها، وذكر أن الأقباط يحرصون علي أخذ أجزاء صغيرة من الشجرة لتبرك بها إلا أنه شكك في أن تكون هذه هي نفس الشجرة، وقال انه لم تعد هناك أشجار بلسم، في حين ذكر جيرار 1843م- قصة أخري عن أن النبع هو الوحيد ذو مياه الحلوة بالمنطقة لأن السيدة مريم قد غسلت ثياب السيد المسيح فيه، وان الناس تعتقد ان مياه النبع تشفي من الجذام، وأما شجرة الجميز فشكك في كونها تعود لعصر وجود العائلة المقدسة بمصر، وكذلك قال ردولف إن هذه الشجرة لا يزيد عمرها علي مائتي سنة، وقد زار الشجرة شهاب الدين ويهمنا ما قصه عن سائح بولندي جاء فقط ليأخذ غصناً من الشجرة، وعندما سأله عن تكبده كل هذا العناء فقط من أجل اخذ غصن من الشجرة كان رد البولندي انه لا يهمه عناء وتكاليف الرحلة فكل همه هو نقل غصن صغير منها الي بلاده وانه اتي فقط لرؤية الشجرة.
أهرام الجيزة و أبو الهول
لم يخل تقريبا كتاب لرحالة زار مصر دون ذكر أهرام الجيزة وأبي الهول، فمنهم من قاموا بقياسات مختلفة لفهم كنه هذا المبني العجيب ومنهم من تحدث باستفاضة بل قدم نصائح لمن يريد الزيارة مثل فنسلبيو الذي قدم النصح لمن يريدون دخول الهرم بان عليهم أن يتزودوا بدستة من الشموع وقداحة صالحة وأضاف أنه من المستحسن إرسال العربان للأمام لإفساح الطريق داخل الهرم الذي هو مليء بالرمال، أما كيتشيل الذي تنكر هو وأحد أصدقائه في زي نساك مسيحيين حتي لا يهاجمهم أحد أثناء طريقهم إلي الأهرام، و قد نفعت الحيلة فقد ساعدهم هذا الذي علي الوصول بدون مضايقات تذكر بل تلقوا العون أيضا، إلا أنه عاني وصديقه داخل الهرم وضل الطريق بداخله ولم يصل لحجرة الدفن، وخرج ولم يستطع الاستمرار لقلة ونقص الضوء والهواء وللرائحة الكريهة لفضلات الخفافيش، إلا أنه استطاع تسلق الهرم الأكبر حتي نهايته وقال إن قمته ليست مدببة بل تكفي لخمسين رجلاً.
أما سافاري فقد ناقش الآراء حول وظيفة الأهرام بين من يقولون أنها قبور للملوك القدماء ومن يقولون إنها مراصد فلكية وأثبت أنها ليست مراصد فلكية لأن جبل المقطم أكثر منها ارتفاعا. أما كارستن- فقد قام بعدة محاولات للذهاب إلي الأهرام، وعاني كثيرا خاصة في محاولته الثانية وتعرض لخطر العربان الذين كادوا يزهقوا روحه، وفي المرة الثالثة رافق أحد التجار المعتادين علي الطريق فكانت زيارة ناجحة، واهتم بالهرم الثاني وقام بتسلقه، كما وضع ملاحظاته عن الهرم الثالث، وقال إنه مكسو بالجرانيت وليس كالآخران من الحجر الجيري، كما نادي أنه يجب علي الرحالة محاولة نسخ النقوش الهيروغليفية وتقديمها للعلماء في أوروبا لدراستها، وانتقد علماء أوروبا في أنهم يحاولون قراءتها في حجرة الدرس فقط ولا يسافرون لدراستها في أماكنها مما يجعل عملية فك الرموز صعبة جدا، وقال إنه سيظل التاريخ المصري القديم مجهولاً بالنسبة لنا إن لم يقم الرحالة بدور فعال في نسخ هذه النقوش ونقلها إلي العلماء، وبذلك يعتبر كارستن من أول من نادوا بالاتجاه إلي نسخ النقوش الهيروغليفية ودراستها وهي بدايات علم المصريات، وبدايات محاولات قراءة اللغة المصرية القديمة إلي أن استطاع شامبليون القيام بذلك عام 1822م.
ومع بدايات القرن التاسع عشر ساد الأمان ينسبة كبيرة بعدما حل محمد علي باشا مشاكل البدو، وتهديدهم للرحالة في زيارتهم للأهرام، فجاءت رحلتهم الي الاهرام سهلة عكس من سبقهم، فقد ذكر جيرار أن القبائل هي من تولت حماية المسافر من أي خطر قد يقع له. أما إميليا فقالت "إن بدو الهرم قد لقوا الكثير من الإساءة من السياح وكتب الأدلة السياحية، ولكننا لم نجد سبباً يدعونا للشكوي منهم الآن أو فيما بعد، إنهم لم يتزاحموا حولنا أو يسيروا خلفنا، ولم يلاحقونا بالطلب علي أية حال، إنهم يتدفقون حيوية وثرثارون بطبعهم، وكانوا يرضون بالبقشيش المتوسط عند الانصراف".
عند الوصول إلي منطقة أهرام الجيزة كان الرحالة يحاولون الدخول إلي الهرم الأكبر بمساعدة البدو الذين يحملون المشاعل للإنارة ولطرد الخفافيش والثعابين وينظفون ممرات الهرم من الرمال، ويساعدون الزائر قدر المستطاع مقابل مبلغ زهيد من المال، كذلك فعلوا كسابقيهم فزاروا الهرم من الداخل قاموا أيضا بتسلقه حتي القمة وكان يتم هذا بمساعدة ثلاثة أو أربعة من البدو، وتصاحبهم في الصعود بنات صغيرات يحملن الماء في قلل ليشرب الزائر في فترات الراحة في طريق صعوده حتي أن إميليا فضلت أن تتسلق الهرم علي دخوله حيث روي لها أن الصعود أيسر من دخول الهرم. فقدم لنا كل رحالة وصفاً جميلاً لما رأوه من أعلي قمة الهرم، ومن أحسن من وصفوا هذا المنظر كان جيرار فقال "إن المنظر كما تستطيع أن تتصور، بالغ الروعة من فوق ذلك السطح، والنيل يمتد ناحية الشرق ابتداء من رأس الدلتا إلي ما وراء سقارة، وحيث نستطيع أن نلمح أحد عشر هرما أصغر من أهرامات الجيزة . أما من جهة الغرب فتبدو سلسلة الجبال الليبية محددة لتموجات الأفق المغبر، وغابة من النخيل التي تحتل مكان منف القديمة تمتد ناحية الجنوب، كما لو كانت ظلاً مائلاً للخضرة، ولدي مدخل صحراء الشام ترسل القاهرة المستندة بظهرها إلي سلسلة جبال المقطم الجرداء قبابها ومآذنها الشامخة".
أما عن سطح الهرم فقالوا عنه إنه ليس بالصغير وبه بعض الأحجار التي يمكن إستخدامها للجلوس، وقد حفر كل من زار المكان اسمه علي حجر، ولكن الطريف أن البعض اتخذوا المكان لوحة إعلانات عن منتجاتهم مثل بعض الإنجليز الذين تركوا عناوينهم ووظائفهم، وكتاجر سيجار خط بعناية إعلانه علي كتلة حجرية.
ومع نهاية القن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نجد تطورا ايجابيا في تعليقات الرحالة حول الطريق الي الاهرام حيث أعجب الرحالة جميعهم بالطريق المؤدي إلي الأهرام، وكان قد جهزه الخديوي إسماعيل لضيوفه عند افتتاح قناة السويس. منهم من اختار أن يذهب بالحصان كشهاب الدين الذي استمتع بتلك المغامرة، إلا عند وصول ضياء الدين و الدهلوي كان هناك الترام الذي كان يتحرك كل نصف ساعة إلي الأهرام. وكانوا كسابقيهم يذكرون دائما متعة تسلق الهرم بمساعدة البدو القائمين علي حراسة المكان نظير شيء قليل من الأموال، إلا أن نسبة الإزعاج التي يتلقاها الزائر عادة في نهاية القرن التاسع عشر قد زادت حيث يتكالب علي الزائر بائعو العاديات و الحمارون والبدو الذين يعرضون المساعدة في صعود الهرم، مع المطالبة بالبقشيش مما أزعج الكثير من الرحالة الا انه مع بدايات القرن العشرين أصبح من يحمي السائحين والرحالة هم الشرطة فذكر لنا ضياء الدين واصفاً الحال عند النزول من الترام "حينما وصلنا إلي المحطة الأخيرة أحاط كثير من البدو والباعة العجم بالزبائن السياح والمسافرين الذين هبطوا من العربات، وكان كل منهم يمدح جماله أو حماره، ويحاول أن يبين ما سوف يقوم به من خدمة وإرشاد، وهم يقومون بمنافسة بعضهم بعضاً، ولم تكن محاولاتهم إزعاج المسافرين ومضايقتهم من الأشياء التي يمكن تحملها، إلا أنه كان يحد من هجومهم وجود البوليس الذي يقوم بأداء مهمة الخدمة المكلف بها، ومن ثم فلم يستطيعوا مواصلة محاولاتهم بعد ذلك مرة أخري".
وأعجب الرحالة بأبي الهول ووصفه الفرنسي بيلون دي مان عام 1547 بأنه أجمل بناء رآه من الحجارة، وقد اخطأ فنسلبيو في وصفه حيث قال انه برأس امرأة و ذكر أن أحد العرب كسر أنفه، أما تيفيه1550م- قال أن له جسد كلب وقال أن العرب يخشون الإقتراب منه ولا يجرؤون علي هدمه خوفاً من أن تصيبهم لعنه أو أن يصيبهم مكروه، أما فيليبو1577م- قال أن العربان اتخذت من أذنيه أعشاشا، وذكر أن انفه مكسور، وذكر بوجود حفرة طولية علي ظهر أبو الهول، مليئة بالرمال، فاعتقد أنها ضريح الملك أو هو المكان الذي يختبئ فيه الكهنة ليجيبوا علي مطالب الناس أثناء استشارة الوسيط الإلهي.
أما في القرن الثامن عشر لم تختلف تعليقات الرحالة عن القرنين السابقين فقال فورمون1747م- أن له وجه إمرأة، وأنه منحوت في الصخر، وقال أن المصريين يهابون هذا التمثال ويعتقدون أنه قادر علي صنع المعجزات وأنه يعمل علي إيقاف زحف رمال ليبيا علي الأراضي الزراعية.
وفي القرن التاسع عشر ذكر الرحالة انهم وجدوا نصف التمثال تحت الرمال، ويبزغ من بين قدميه ما يطلق عليه "لوحة الأحلام" التي تحكي كيفية تولي تحتمس الرابع الحكم، ووصف سينكوفسكي 1820م- أبو الهول بكلمات معبرة فقال "هذه الصخرة الضخمة والتي أعطتها يد النحات صورة إنسان، سوف تثير دائماً الدهشة، فعند النظر إليها يمكن بصعوبة تصديق أن ضعف الإنسان كان يستطيع أن ينجز مثل هذا العمل الضخم" وكان سينكوفسكي قد إكتشف معبد أبو الهول أمام أقدام أبو الهول، في حين قدم ردولف 1881م- في كتابه ترجمة كاملة لم هو مذكور علي هذه اللوحة الجرانيتية قام بها الأثري بروجش الذي كان مرافقاً له خلال الزيارة.
ولم تختلف تعليقات الرحالة في بدايات القرن العشرين عن سابقيهم الا ان زادوا عليه ذكر اعجابهم بفندق "مينا هاوس" الذي كان قد بناه الخديوي إسماعيل لاستضافة أهم المدعوين عند إفتتاح قناة السويس، وعندما سألت الايطالية آني فيفيانتي عن سعد زغلول باشا قيل لها إنه محدد إقامته في ذلك الفندق، وذكرت أن الإدارة سويسرية، وأعجبت بردهات الفندق وتنظيمه.
المتحف المصري
وتحدث رحالة القرن العشرين عن المتحف المصري بالتحرير بعد افتتاحه عام 1902م، الذي يعد من أهم متاحف العالم، فأعجب ضياء الدين بالمبني الأوروبي للمتحف، وعن توزيع الأنوار بداخل المبني، ووصف لنا المتحف من الداخل، وبعض ما يحتويه من الآثار التي تعد بالآلاف، وذكر أن بساحة المتحف الخارجية يوجد تابوت يحوي رفات الأثري العظيم مارييت باشا. أما الدهلوي فذهب للمتحف ليري مومياء رمسيس الثاني معتقداً أنها مومياء فرعون موسي فقال "ما يوجد في المتحف المصري من أعاجيب يفوق جميع أعاجيب الدنيا، ومن بين ألاف الأشياء الموجودة هنا يوجد شيء واحد يستحق أن يأتي إليه الناس من مسافات بعيدة وحتي لو استغرق ذلك عشر سنوات، ألا وهو مومياء فرعون موسي".
حديقة الحيوان
وصف لنا ضياء الدين حديقة الحيوان التي كانت تعرف باسم (جنينه الحيوانات) بالجيزة، التي كانت حديقة قصر الجيزة الذي بناه الخديوي إسماعيل، والذي تحول بعدها ليكون متحف الآثار الفرعونية حتي افتتح المتحف المصري الحالي، وكان يذهب لها بالترام من ميدان العتبة الخضراء في ساعة وربع، وأعجب بالحديقة جداً من حيث تنسيقها وتنوع الحيوانات بها، وقال بانه يلزم الزائر من خمس إلي ست ساعات ليتجول بها كلها.
دمياط
اهتم الرحالة بمدينة دمياط وكانوا ينطلقون في رحلة نيلية عبر فرع دمياط مارين بعدد من القري والمدن الا ان دمياط خاصة قبل انشاء قناة السويس كانت مدينة غنية، فأعجب الرحالة الفرنسيون بالمدينة في القرن السادس عشر مثل بالرن الذي قال إنه لا توجد مدينة تضارع دمياط في نشاطها التجاري خاصة، وأن لها نشاطا تجاريا كبيرا مع بلاد الشام خاصة يافا وبيروت، وقال فيلامون- إن بها صناعة متطورة للأقمشة فهي تنتج أفضل أنواع الملابس الملونة، وأوضح لنا أن للمدينة نشاط كبير في تربية الماشية والثروة السمكية حتي أن أهلها يجففون ويملحون السمك، وتحدث عن الثروة الزراعية بدمياط فهي مليئة بالأشجار المثمرة مثل الموز والليمون والنخيل والبرتقال والزيتون والتين وقصب السكر، وهذا ما أكده كارستن في القرن الثامن عشر قال أن بالمدينة زراعة أرز واسعة.
قال الرحالة في القرنين السادس عشر والسابع عشر أنه يعمل بالمدينة العديد من الأوروبيين،إلا أن كارستن في القرن الثامن عشر فاجأنا بالعكس فقال إنه لا يوجد بها تاجر أوروبي واحد، وعندما سأل عن ذلك أجيب بأنه كان للفرنسيين قنصل وتجار ولكن أشاع الأهالي أنهم لاحظوا أن الأوروبيين مالوا إلي نساء المسلمين ميلاً مفرطاً فقام الناس، وقتلوا من تصل إليه أيديهم من الأوروبيين، ومنذ ذلك الحين لم يعد لأحد من الأوربيين عامة والفرنسيين خاصة - طبقاً لأمر ملك فرنسا - أن ينزل المدينة حتي البحارة أنفسهم ومَن كان له عمل بالمدينة عليه أن ينجزه من خلال وكيل وأن يدبر تجارته من علي سطح المركب، كما أجمع الرحالة الذين زاروا دمياط أن المدينة ليس بها تحصينات حربية، وهذا ما أكده كارستن حين ذكر لنا أن هناك قلعة قديمة خاوية يعتقد الأهالي أنه يسكنها العفاريت، وقال إن التحصينات كلها مهدمة وقديمة، ولكنه أشاد بميناء دمياط وقال إنه أكثر أمناً من ميناء رشيد، وقال إن هناك قارب في حالة إستعداد دائم لمساعدة السفن الأجنبية.
اما في بدايات القرن التاسع عشر قال لين إن دمياط هي مركز تجاري رئيسي بين مصر وسوريا، وكذلك كانت مركزا رئيسياً لبيع الأرز حيث يحيط بها مزارع الأرز، وذكر لين أيضا أن بها منازل جيدة تقع بالقرب من النيل، أما سوق المدينة فهو مزود بالمنتجات المصرية والسورية خاصة التبغ السوري. أما جيرار فكان حظه سيئاً لأنه وصل المدينة وقت الطاعون فذكر انه لم ير سوي قبر شيخ يجله البحارة الأتراك وكنيسة قديمة بناها الصليبيون علي الطراز البيزنطي، وتل بالقرب من أبواب المدينة قيل له إنه يتكون من عظام جنود جيش لويس التاسع. وللأسف وبعد إنشاء قناة السويس لم يهتم الرحالة بالذهاب إلي دمياط واستبدلوا الأمر بعبور قناة السويس.
سيناء ودير سانت كاترين
كان الرحالة بعد إتمام زيارتهم للأماكن المقدسة المسيحية في القاهرة دائما ما يريدون إتمام ذلك بزيارة دير سانت كاترين بسيناء مشاركين الحجاج المسلمين في طريقهم حتي السويس، ويعتبر هذا الجزء الأصعب من الرحلة علي الإطلاق، لعدة أسباب أهمها العربان الذين يهاجمون القوافل، والحر الشديد،أو البرد الشديد، والنظافة التي تكاد تكون مستحيلة، والحشرات، والعطش، والجوع، ومن الهام جدا الحصول علي تصاريح تسمح لهم بالسفر والتجول في الأراضي المصرية، والتي كان يساعدهم للحصول عليها قناصل دولهم، والأهم الحصول علي تصريح من مطران جبل سيناء المقيم في القاهرة للدخول إلي دير سانت كاترين .
كانت السويس اول محطة يقابلها الرحالة في رحلته إلي سيناء وقال عنها كارستن نيبور هي مدينة تبني فيها السفن التي تذهب إلي جدة، وعلم أن هناك خمس سفن تسافر كل عام محملة بالقمح علي حساب السلطان إلي مكة والمدينة المنورة واليمن والهند منها ما يبحر من السويس ومنها ما يبحر من القصير، وعلم أيضا أن هناك أربعة عشر سفينة تجارية محملة بالبضائع والركاب تبحر بين السويس وجدة ، وقال ان بيوتها رديئة باستثناء بعض الخانات والوكالات، وأن عدد السكان قليل والمدينة فقيرة فلا يوجد بها أشجار أو حقول أو حدائق، وتتلقي المواد الغذائية من القاهرة أو من غزة إلا أنها غنية بالأسماك، ولكنها تفتقر إلي الماء فماء بئر السويس رديء جدا.
إما دير سانت كاترين قبل القرن التاسع عشر قد وصفه الرحالة بأنه دير ينتمي للكنيسة اليونانية، والرهبان هناك يعملون في فلاحة الأرض ولا يأكلون اللحم أو الزبد والجبن وغذاؤهم الرئيسي هو الزيتون والسمك والبصل، وقد أمدنا التاجر بوسنياكوف الذي زار مصر عام 1558 بمعلومات عما رآه داخل دير سانت كاترين، فقال إنه زار كنيسة التجلي، ثم شاهد رفات القديسة كاترين، ورأي كنيسة العليقة المشتعلة التي أقيمت في الموضع الذي كلم الله فيه موسي كما زار بداخل الدير رفات القديسين الذين استشهدوا في سيناء و الطور. وذكر أيضا أن الدير يحوي داخله علي خمس وعشرين كنيسة، وبه ثلاثمائة صومعة كلها مبنية من الحجر، وأن به تسعين راهباً وفي وسط الدير بئر موسي، وأعلاه ورد بلدي كان موسي عليه السلام هو من زرعه ولا يزال حتي وقت زيارة بوسنياكوف .
إلا أن كارستن صادف سوء الحظ حين وصل واكتشف أنه لم يحصل علي التصريح اللازم لدخول الدير من مطران جبل سيناء في القاهرة، لذا لم يسمح له الرهبان بالدخول قام بصعود جبل سيناء إلا انه أمدنا ببعض المعلومات عن الدير، فوصف لنا أن المدخل الوحيد للدير عبارة عن قفص يرفعه الرهبان إلي اعلي لدخول الدير، وهذا من الخوف من هجمات العربان ومضايقتهم للرهبان ووصف العربان بأنهم جيران سوء و أن لهم اجرا معلوما من المال علي كل حاج إلي الدير يؤخذ من الرهبان، وهو ما أكده التاجر بوسنياكوف مبالغاً-عندما ذكر أن مائتان من العربان يفدون كل صباح ليحصلوا علي الإتاوة المفروضة علي الرهبان وهي دقيق قمح وزيت وبصل وإذا ما امتنع الرهبان عن إعطائهم يقومون برجمهم بالحجارة من خارج أسوار الدير .
الرحلة إلي الجنوب
لم يتجه إلي الجنوب من الرحالة في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلا ليو الإفريقي ولكن مع بدايات القرن الثامن عشر بدأ اهتمام الرحالة يتجه صوب جميع أنحاء مصر واستقلوا الدهبيات الي الجنوب، ولكن في آواخر القرن التاسع عشر أصبح الأمر أكثر سهولة عما مضي حيث تصل القطارات المزودة بعربات النوم إلي أسوان، وأدخلت شركة كوك بواخر بخارية أخري أكبر حجماً تأخذ أعدادا اكبر وأقل سعراً، لذا تنوعت وسائل ذهاب الرحالة أو السائح إلي صعيد مصر. كما أصبحت كتابات الرحالة معظمها يتحدث عن حكام مصر وتاريخ أسرة محمد علي باشا، وعن الاحتلال الانجليزي، وما يفعله بالبلاد وإقتصرت ملاحظاتهم في الأماكن، علي ملاحظات بسيطة جداً، قد يدعموها بسرد تاريخي أوأثري لأحد علماء الآثار المشهورين، لذا جاءت معلوماتهم عن صعيد مصر ضحلة جداً .
الفيوم
قال عنها ليو1517م- إنها مدينة شيدها أحد الفراعنة وقت خروج العبرانيين من مصر وأن يوسف بن إسرائيل عليه السلام مدفون بها، وأنها مدينة متحضرة تشتهر بالزيتون والنساجين، وذكر بول لوكاس أن المدينة بها أجود أنواع الليمون والبرتقال والخوخ والمشمش وزاد عليه سافاري أن الخضراوات والفاكهة تنمو تلقائياً مثل الشمام والتين والخيار،بل قال "إن هواء الفيوم معطر مثل هواء فرنسا في الربيع".
مع بدايات القرن التاسع عشر تجاهل معظم الرحالة زيارة الفيوم لبعدها عن مجري النهر إلا ان لين قد اتخذ جملاً، واتجه إلي الفيوم، وقام الأمير ردولف في أواخر القرن بزيارتها وإنما عن طريق القطار، وقال لين ان الفيوم تشتهر بالسمك الذي يصطادونه من بحيرة قارون، وكذلك تشتهر بماء الورد، كما لاحظ أن الأحجار المستخدمة في مبانيها ومساجدها مأخوذة من بقايا المدينة القديمة، أما ردولف فكانت رحلته الي الفيوم هدفها الصيد، لذا قام بملاحظة أنواع الطيور مثل الوروار، وأبو الطيط، والبلشون (مالك الحزين)، والزقزاق، والعقاب،والبجع، والبط البري، والغواص (الغطاس)، والنسور، والنورس، لاحظ أيضاً بعض الحيوانات أمثال ابن آوي، والضبع، والنمس، وذكر أن الفيوم هي أرض خصبة أحسن أهلها زراعتها، و يزرع أهلها قصب السكر حيث يوجد هناك مصنع للسكر حتي إن محطة الوصول كان اسمها معمل السكر.
بني سويف
قال عنها ليو1517م- إنها أرض واسعة صالحة لزراعة الكتان الذي يصدر لتونس لجودته، أما رحالة القرن الثامن عشر قالوا إنها لا تزرع غير القمح والخضراوات وتفتقر للأرز والسكر وأعجبوا بمبانيها ومساجدها، ولم يهتم رحالة القرن التاسع عشر بهذه المدينة فقيل عنها أنها مدينة صغيرة حزينة، وذكر فوربان أن محمد علي باشا قد نفي إليها الجنود الألبان الذين أثاروا الاضطرابات في القاهرة، إلا أنه يبدو أن في فترة حكم إسماعيل كان قد نال التطور من المدينة فوصفها فرومنتان بأنها مدينة هامة تمتاز بخصوبة أراضيها، وبها زراعة الزيتون، وبها مغازل القطن، وتباع بها السجاجيد، والأغطية.
حكت لنا إميليا عن "الشيخ قطن مبروك" الذي تقابله المراكب في طريقها قبل المنيا، وهو شاب في الثلاثينات من عمره له منزلة عند الناس، فهو يسبح في النهر، وعند مرور أحد المراكب يسمح له ملاحوها بالصعود ليبارك لهم طريقهم، وأن يحميهم من الحوادث في الطريق، ويقدم له البحارة أي شيء مثل التبغ والنقود.
المنيا
وصفها ليو1517م- بالجمال وأعجب بالحدائق التي تنتج فواكه تورد إلي القاهرة لجودتها كما أعجب بقصورها ومساجدها، وقال إن سكانها أغنياء لأن لهم تجارة مع أحد ممالك السودان، ووصفها رحالة القرن الثامن عشر بأنها أجمل مدن الصعيد وذكروا أن بها أجود الأواني الفخارية، وذكر سافاري في القرن الثامن عشر أن بها جمركا لتحصيل الرسوم علي المراكب المارة في النيل وتشتهر بالقمح والفول والذرة .
أما اميليا فكانت سيئة الحظ فقد زارت المدينة يوم السوق فكانت المدينة مزدحمة،ووصفتها بالكآبة والقذارة، ورأت شوارعها مليئة بالطين والتراب، وبيوتها أشبه بالسجون فهي من الطين وبدون شبابيك وأبوابها لاتطل علي الشارع الرئيسي إلا أنها أكدت علي تنوع المنتجات بالسوق فالمحلات عبارة عن دواليب يجلس بها التجار القرفصاء، ورفوفها مليئة بكل أنواع البضائع من أسماك، ونبيذ، وجبن، ومخللات، وسردين، ولحوم، وبسكويت، وشموع، وكبريت، وسكر، وملح، وحتي الأدوات المكتبية، ومطاعم المدينة يتهافت عليها الناس وتفوح منها روائح شوربة العدس و الكباب.
أسيوط
قال عنها ليو إنها مدينة مدهشة لمبانيها القديمة الكبيرة إلا أنها في حالة من الخراب، وبها مائة بيت للأقباط و أربع كنائس وخارجها دير قبطي شهير يعيش فيه أكثر من مائة راهب لا يأكلون السمك أو اللحم ولكن يتغذون فقط علي الخبز والزيتون والخضر وهو دير غني ومن عاداته أن يكرم عابري السبيل ويقوم بضيافته ثلاثة أيام، وربما يقصد به دير العذراء درنكة أو دير المحرق.أما رحالة القرن الثامن عشر فوصفوها بالميناء الكبير، قال سافاري إنها مدينة بها الكثير من الحدائق وأنها تعتبر محطة للقوافل القادمة من سنار حيث تتجمع فيه البضائع الإفريقية.
أهم ما لوحظ بالمدينة هو أن بها مسجدين لهما مئذنتان جميلتان عاليتان لابد أن إحداهما هي التي بناها مهندس مدرسة السلطان حسن الذي قطع السلطان حسن له يده اليسري حتي لا يبني مئذنة مشابهة للتي في جامعه، إلا أن المهندس بني تلك التي في سملوط فقطع السلطان له يده اليمني، إلا أن المهندس قام ببناء أخري في أسيوط لذا قام السلطان بقطع رقبته وهي من الحكايات المشهورة.
وكان أهم ما يصنع بالمدينة هي الملابس القطنية، والكتان، وكذلك الأواني الفخارية، وبها سوق كبير متسع يباع فيه منتجات الهند والحجاز الآتية من قنا؛ فهي مركز تجاري ضخم لبضائع القوافل الآتية من دارفور، فيغادر أسيوط قوافل إلي دارفور محملة بالقطن، والكتان، والملابس الصوفية، وسجاجيد الصلاة، والسيوف الألمانية الصنع، والبارود، وبعض الأسلحة النارية، والأمواس،والمصنوعات النحاسية، والصابون، والقهوة، والسكر، وورق الكتابة؛ وتأتي تلك القوافل بالعبيد، وتراب الذهب، والعاج، وقرون وحيد القرن، والصمغ العربي، وريش النعام، والسياط.
جرجا
قال عنها ليو1517م- إنها كانت عبارة عن دير كبير فسيح يسمي سان جورج وكان يضم أكثر من مائتي راهب إلا أن الطاعون في إحدي السنوات هاجم مصر فمات كل الرهبان بالدير، وبقي المكان خالياً مدة ثلاث سنوات حتي أتي أحد الأمراء وسكنه، وعندما اشتكي الأقباط ذلك أقيم لهم دير آخر مكان المدينة القديمة ويعيش به ثلاثون راهباً، أما بالنسبة لرحالة القرن الثامن عشر فوصفوها بعاصمة الصعيد وأنها من أهم المدن في صعيد مصر، حيث إن كاشف المدينة يراقب السفن ووجهتها ولديه سفن حربية لتعقب السفن الهاربة، وقالوا إن أرضها شديدة الخصوبة فهي تنتج القمح والفول والحبوب وأشجار الفواكه والنخيل.
الأقصر
قالوا إن فيها أجمل المعابد، وقدموا وصفاً للمسلات الجرانيتية ذات الكتابات الهيروغليفية، وتعجبوا من جهل الشعب مقارنة بما فعله أجداده من معجزات، وذكروا آثار القرنة من تماثيل عظيمة وآثار مزدانة بالألوان المبهرة.
عندما وصلت صوفيا إلي الأقصر شاهدت من مركبها قمة بوابة فرعونية ونهاية أحد المسلات، وصفوف من الأعمدة نصف المدفونة، والمنازل البيضاء التي يقيم بها قناصل بريطانيا وأمريكا وروسيا، وفوق كل منزل علمه، كما ذكرت مشاهدتها لأبراج الحمام، وعند الرسو اندفع تجاههم زحام من الحمير، والأولاد الذين يسوقونها، والشحاذين،والمترجمين، وتجار العاديات.
من أوائل ما يزوره الرحالة في الأقصر هو معبد الأقصر الذي كان مدفونا في الرمال والقمامة حتي أعلي من منتصفه، وتظهر بالواجهة تمثالان يمثلان رمسيس الثاني، وأمامهما مسلتان وكل هذا مدفون حتي منتصفه تقريباً بالرمال، وعندما أراد لين عبور البوابة ما بين التمثالين للوصول إلي الفناء الأول لم يستطع؛ لوجود منزلين يغلقان طريق المرور، وكان لابد من طلب الإذن، وبعد العبور وجدوا مسجد أبو الحجاج إلي اليسار، وكان يلاصقه مدرسة ابتدائية، والساحة مليئة بالبيوت وفي آخر الصالة وجدوا تمثالين آخرين مدفونين حتي الصدر في الرمال- وعند المرور وجد صفين من الأعمدة كذلك مدفونة إلي منتصفها وأعلاها أبراج حمام، ولكن لا يوجد العديد من البيوت في هذا الجزء وفي نهاية الصالة هناك بوابة مغلقة بالحجارة وعليها بقايا رسوم مسيحية لذا قاموا بالالتفاف من الخارج للدخول خلف تلك البوابة، وهناك كان قدس الأقداس، وبجانبه قاعة بها ستة أعمدة بني عليها مقر للقائد التركي وجنوده الأربعين.
ولم يتغير الحال كثيرا عندما زارت إميليا المعبد الذي حينها كان ما يزال جزء كبير منه مدفونا في الرمال، وذكرت إميليا أن المسلة الغربية قد قدمت لفرنسا كهدية من محمد علي باشا، وهي الآن بميدان الكونكورد بباريس، وعند عبورها المدخل لم تجد إلا"متاهة من الحواري والممرات المدخنة والقذرة والمعقدة، وأكواخ طينية، وأبراج حمام طينية، ومسجد بني من الطين، وجميعها متشابكة مثل أعشاش الدبابير في داخل وحول الأطلال، وكانت تحمل سقوف الأكواخ الحقيرة عوارض منقوش عليها الألقاب الملكية، وبرزت الأعمدة الفخمة من وسط الحظائر التي يظهر داخلها الجاموس، والجمال، والحمير، والكلاب، والكائنات البشرية، وكانت الديوك تصيح ،والدجاجات توقوق، والحمائم تهدل،والديوك الرومية تصيح، والأطفال تتجمهر، والنساء يخبزن الأرغفة ويثرثرن".
ولم تستطع بالطبع المرور إلي الصالة الأخري إلا بعد أن دارت حول المعبد من ناحية النيل لتصل إلي قدس الأقداس، وكان مفتاح المدخل يحمله أحد المواطنين، ونزلت إلي المعبد بمصاحبة مجموعة من المصريين الذين يحملون الشموع، وقالت إن فوق هذا الجزء بني بيت كبير جعل الرؤية صعبة، لذا فإن حال المعبد قد ساء علي مر الوقت، إتجه الرحالة بعدها راكبين الحمير إلي معبد الكرنك، وأول ما يظهر من المعبد هو البوابة الفرعونية ومن قبلها يري الزائر ما تبقي من طريق الكباش الذي كان يصل ما بين معبدي الكرنك والأقصر، ويمر الرحالة إلي الفناء المفتوح وعلي يساره معبد رمسيس الثالث الصغير، ثم يتجه إلي صالة الأعمدة الكبري المهدمة التي أبهرت الرحالة بحجمها، وعدد أعمدتها، ونقوشها الملونة، ومذابح تقديم القرابين، وتيجان الأعمدة المنحوتة علي شكل زهرة اللوتس المتفتحة بألوانها الزاهية وقد انبهرت إميليا بصالة الأعمدة الكبري فقالت"الحقيقة إنه لا يوجه مبني في هذا العالم الواسع نستطيع أن نقارنه به، فالأهرام أكثر عظمة، أما مسرح الكولوزيوم فيغطي مساحة كبري، أما معبد البارثينون فأكثر جمالاً،ولكن بهو الأعمدة يتفوق عليها جميعا من حيث عظمة الفكرة، وضخامة التماثيل، وجلال التنظيم الرفيع". ومنها يصل إلي حيث مسلتي تحتمس وحتشبسوت و بعدها قدس الأقداس، وخلفه معبد تحتمس الثالث، وإلي الجنوب نجد البحيرة المقدسة حيث يتجمع الصيادون نهارا،ً هناك قام ردولف بالصيد عدة مرات.
قام الرحالة بزيارة معبد الرامسيوم، وهو المعبد الجنائزي لرمسيس الثاني وكان به تمثال عملاق لرمسيس الثاني، ولكن الايطالي بلزوني قام بنقله للمتحف البريطاني عام 1518م وهناك في ذلك المعبد تناول الروسي نورف إفطاره في منتصف القرن التاسع عشر، وحكي لنا ما سمعه عن بلزوني الذي قام بالاستعانة بمائة وثلاثين رجلا لنقل رأس تمثال رمسيس الثاني إلي شاطئ النيل تمهيداً لنقلها إلي لندن.
علق الرحالة علي عمليات التنقيب بالبر الغربي، فكان لمتحف بولاق جماعة من الحفارين المدربين الذين يعملون دائما في الأقصر، ويشرف عليهم الحاكم، و ترسل كل مومياء مكتشفة مغلقة إلي المتحف. إلا أن إميليا وصفت مجتمع الأقصر بأنه جزءين، جزء يبيع الآثار التي معظمها مقلد، وهناك مجموعات كبري تعمل علي صنع هذه التماثيل المقلدة؛ لتخدع السائح وقد زارت أحد بيوت التجار للتماثيل المقلدة، وعرفت أن التماثيل الخشبية كانوا يصنعونها من خشب التوابيت حتي يظهر أن الخشب قديم، ولا يكتشف السائح الزيف، والجزء الآخر من أهل الأقصر يتمركزون في البر الغربي يقومون بعمليات التنقيب ليعثروا علي الكنوز وهناك العديد من العائلات تعيش علي هذا النوع من الرزق، وهذا كله بالرغم من أن التنقيب الخاص محظور.
لذا فالذي يبيع الآثار المزيفة يخاف من السائح أن يكتشف التزوير، والذي ينقب يخاف من الحاكم، وذكرت أيضا أن أحد رفقائها في الرحلة قد اشتري مومياء، إلا أنهم لم يستطيعوا تحمل الرائحة ليلة واحدة، فألقوها في النيل.
إدفو
هي مدينة كبيرة جزء منها مبني علي سطح المعبد؛ هكذا وجد لين القرية حين زارها، فبني علي سطح المعبد وحوله وامامه بيوت بعضها ذو شكل جميل، وعندما عبر من بين صرحي المعبد إلي الفناء المفتوح، وجد أنه يُستغل كمخزن للحبوب لذا قد أزيلت عنه القمامة والرمال ووضع القمح، وفي آخر الفناء مدخل صالة الأعمدة الأولي الذي وجدها مردومة تقريبا بالرمال، ولا يظهر منها سوي تيجان الأعمدة ومدخل صالة الأعمدة الثانية مغلق تماما بسبب الرمال فما كان منه إلا أنه دخل المعبد من خلال أحد البيوت المبنية فوقه، ولديها فتحة في سقف المعبد فزحف في تلك الفتحة حتي استطاع أن يري الصالة الأخري التي كان بها إثنا عشر عموداً، وللوصول للصالات الأخري كان لابد أن يمروا ببعض الأسرات الذين سمحوا له بالمرور بعد إهدائهم هدية، ووجد هناك سلما وإستطاع النزول حتي أرضية المعبد.
وكانت إميليا أسعد حظاً من لين لأنها وقت زيارتها للمعبد كان مارييت باشا قد قام بتنظيف المعبد، فقد هدم أربعة منازل كانت فوق سطح المعبد، وكذلك أزال أكثر من ثمانية وعشرين منزلاً كانت تحيط بالمعبد، وقامت بشرح للمعبد في شكله الجديد، وأعجبت بتناسق النسب و قوة أجزائه، وكمال تنفيذه وقدمت مقارنة بين هذا المعبد ومعبد دندرة، وذكرت أن الحواجز العليا للبرجين مليئة بأسماء الرحالة الذين زاروا المكان حينما كان مردوماً، ومنهم أسماء جنود الحملة الفرنسية.
أسوان
قال عنها ليو1517م- أنها مدينه كبيرة وقديمة وحولها أراض صالحة لزراعة الحبوب وهي عامرة بالسكان، بها تجارة رائجة خاصة تجارتها مع الممالك النوبية،لكن درجة الحرارة عالية جداً في الصيف، وقال إنه وراء أسوان لا يوجد مكان مأهول يستحق الذكر. أما رحالة القرن الثامن عشر قالوا إن أهلها يتحدثون لغة غير اللغة العربية لاختلاطهم بالنوبيين والإثيوبيين، وظلت في القرن التاسع عشر مدينة هامة، وحين يصل الرحالة إلي أسوان عليه أن يسرع إلي الأغا ليسجل أوراقه للاتفاق مع"شيخ الشلال" الذي يرشد المراكب، ويجرها رجاله لعبور الشلال الأول، ولمعرفة كم سيكلفه هذا الأمر. أخبرنا الرحالة بوجود مقابر ممتدة بالمدينة، كما أن إلي الشرق هناك معسكر للجنود، وأضاف لين أن مدينة أسوان القديمة تقع إلي الجنوب من المدينة الجديدة، وبها بقايا معبد وتلال قديمة، كما وجد بها عملات إسلامية قديمة وموازين، وإلي الجنوب منها يوجد مقابر تسمي "مقابر الصحابة"، وشواهد القبور أخبرنا لين انه كتب عليها البسملة، واسم المتوفي، وتاريخ الوفاة،وأنها تعود للعصر الفاطمي.
وذكرت إميليا أن المدينة عبارة عن منازل متناثرة وشواطئها مليئة بالبضائع والأشخاص والتجار، وهم يبيعون بيض، وريش النعام، والحلي النوبية، والرماح، والأقواس، والسهام، والدروع، والأساور العاجية المشغولة، وقد فعلت كما فعل لين قبلها، فقامت بتسجيل أوراقها، واتخذت "شيخ الشلال" ليرشدهم ويعبروا الشلال، كما زارت المسلة الناقصة ومحاجر الجرانيت ومرت علي المقابر الفاطمية، وزارت كذلك جزيرة إلفنتين التي لم يكن بها سوي بعض أطلال المعابد ومقياس النيل الفرعوني .
وبعد جزيرة إلفنتين كان هناك قرية تسمي "المحط" حيث ينزل الراكبون ويُحَمل متاعهم علي الجِمال حتي ما بعد الشلال، وفي ذلك الوقت يقوم شيخ الشلال بعمله هو ورجاله لعبور الشلال، وقدر لين زمن هذه العملية بست ساعات، بعدها يستقلون المركب للوصول إلي جزيرة فيلة التي مكث بها أربعة أيام ليصف كل ما بها. و زار فيله أيضا نورف - وذكر أن حاكم أسوان أزال الكثير من الأطلال لعمل مخزن علي الجزيرة، قامت اميليا- بوصف لأثار جزيرة فيله خاصة كشك تراجان، كما وصفت الكنيسة التي أقيمت داخل المعبد بعد إهماله.
اما في بدايات القرن العشرين فقدت المدينة أهميتها القديمة لتكتسب أهمية سياحية عظيمة فهي المكان المثالي لقضاء الشتاء، ويزورها أعداد غفيرة من السائحين خاصة الإنجليز والأمريكان، حتي إن فنادقها بدأت أن تبني ملاحق لها لتغطي ضغط السائحين.
و تحدث جيريفيل عن الفنادق أكثر ما تحدث عن المدينة فذكر وجود ثلاثة فنادق علي درجة عالية أولهما هو فندق "كتاركت" المملوك لكوك وبه أثاث جميل،وهو فندق كبير وواسع ومنظم ومطعمه يضارع مطاعم فرنسا وأسعاره معقولة. والفندق الثاني يقع علي جزيرة إلفنتين وله حديقة كبيرة، ويسمي "سافوي" وهو مملوك للشركة الانجلو-أمريكية ، أما الفندق الثالث فيقع داخل المدينة ويسمي"جراند هوتيل دي أسوان"، وهو أقل تكلفة من الاثنين الآخرين، إلا أن له نفس الكفاءة ففي النهار توجد الرياضات المختلفة مثل التنس والكروكية، وبالمساء يوجد حفلات موسيقية وطاولات للعب البريدج، وهو ما يوجد في الفنادق الأخري.
زار جيريفيل بأسوان محاجر الجرانيت القديمة حيث يوجد المسلة الناقصة، وزار معبد فيلة المغمور بالمياه بسبب إنشاء خزان أسوان وأعجب بالمناظر الخلابة في أسوان وقال إن أجمل منظر طبيعي في جنوب مصر هو في أسوان.
النوبة
معظم الرحالة الذين زاروا النوبة كان هدفهم الأساسي هو زيارة معبدي أبو سمبل بعدما اكتشفه الرحالة بوركهارت عام 1813م، ونظف مدخله بلزوني 1815م، وفي الطريق إلي أبو سمبل يمر الرحالة بالعديد من القري مثل قرية "تافتا" التي هي من أكبر قري النوبة، و يفخر سكانها أنهم من العرب، ووجد بها لين مقابر عربية قديمة بها شواهد قبور مكتوبة بالخط الكوفي ما بين 40-60ه، كما وجد بها لين معبدين رومانيين صغيران بأحدهما رسومات مسيحية، وهناك معبد حالته أحسن من الآخر.
يصل بعدها الرحالة إلي قرية "بيت الوالي" التي وجد بها أمبير بعض الآثار المنحوتة في الصخر وتماثيل لرمسيس الثاني، وبعدها يمر الرحالة بوادي دابود التي وجد به لين معبد محاطا بحائط من الحجر، ولكن المعبد في حالة متهدمة وأجزاء منه غير مكتملة وهو يعود للعصر الروماني. ومن بعدها زار الرحالة معبد كلابشة ومعبد دندور، ومعبد جرف حسين ومعبد وادي السبوع، ومعبدا عمدا والدر حتي يصلوا إلي قرية إبريم القديمة. في كل هذه القري رأي الرحالة معابد فرعونية ويونانية رومانية، ولكن لم يولوها أي اهتمام؛بل منهم مَن الرحالة من لم يقف بأي منها، وإدخر وقته كله ليقضيه عند معبدي أبو سمبل.
أبو سمبل
صادف لين 1825م - الحظ العاثر لأنه عندما وصل إلي أبو سمبل وجد أن مدخل المعبد الكبير الذي كان قد نظفه بلزوني قد مليء بالرمال مرة أخري ولم يستطع الدخول، وإنما إستطاع دخول المعبد الصغير المكرس للمعبودة حتحور والملكة نفرتاري، وقدم وصفا للمعبد الصغير. إلا أن اميليا حالفها الحظ عند زيارتها فقد استطاعت الدخول إليه، وقد قيل لها إنه في عام 1869م عندما إفتتحت قناة السويس نظفت الواجهة نظفت تماماً من الرمال؛ إلا أنها عندما وصلت كان جزء كبير مردوم بالرمال تاركاً جزءا من المدخل، فاستطاعت الدخول
اعتبرت إميليا معبد أبو سمبل الكبير أروع سجل تاريخي في عصرها، وأعجبت بالتماثيل التي في الواجهة من حيث الحجم ودقة رسم الأشخاص، وقدمت وصفاً شافياً للمعبد والرسوم الموجودة علي جدرانه ، كما قامت بالتنقيب داخل المعبد، واكتشفت ومَن بصحبتها بعض الحجرات في المعبد، كما أنها هي أول مَن لاحظ تخلل شعاع الشمس إلي قدس الأقداس فيما يعرف بتعامد الشمس علي وجه رمسيس الثاني- فقالت إنه في أيام معينة من السنة عند طلوع الشمس "يدخل شعاع طويل من المدخل، ويشق الظلام الداخلي مثل السهم ويتسلل إلي الهيكل، ويسقط مثل النار النازل، ومن السماء علي المذبح إلي عند أقدام الآلهة ولا يشك أحد من الذين شاهدوا نزول هذا الشعاع من ضوء الشمس انه يعطي تأثيراً محسوباً، وأن الحفر اتجه مباشرة بزاوية خاصة بحيث يسمح بمثل هذا الحدث".
الاحتفالات
تحدث الرحالة عن العادات والتقاليد وعن الاحتفالات ايضا ولعل اهم احتفالين اهتم بهما الرحالة هما احتفال المحمل و الدوسة.
المحمل
وقبل أن نترك القاهرة يجب أن نذكر أحد أهم الاحتفالات التي كانت تجري بالمدينة، و هي الاحتفال برحيل قافلة الحج والمحمل حيث إنه من الأشياء التي أثارت إعجاب الرحالة، وذكرها معظمهم في كتبهم، ولعل أبلغ مَن وصفت هذا الاحتفال كانت إميليا التي كانت قد تحضرت له جيداً من الصباح الباكر حين ذهبت عند باب النصر حيث تمر القافلة في إتجاه بركة الحج و مرت عليها القافلة بأكملها، وأول ما ظهر كانت الجِمال التي تحمل أثاث الخيام، وخلفها حوالي مائتين من الحجيج سائرين، يتبعهم كتيبة من المشاة المرتدين للزي العسكري ذو اللون الأبيض، يليهم مجموعة من الحجيج وراءهم الدراويش الحاملون للأعلام الخضراء، ثم فرقة موسيقية يتبعها فرقة من الفرسان، يرأسها لواء وأربعة ضباط كلهم في حلل فخمة مطرزة بالذهب، ثم فرقة مشاة أخري يتبعها كتيبة من حاملي الرماح يمتطون الجياد ورماحهم تعلق بها أعلام صغيرة حمراء وخضراء.
تلي ذلك كله مجموعة كبيرة من الحجاج يليهم الدراويش ثم مشايخ الطرق الصوفية مرتدين عباءات زاهية الألوان مطرزة بخيوط من الذهب راكبين الخيول، ثم أتي شيخ جامع الحسين راكبا حصانه ثم يصل أهم شخصيات الموكب وهو الشيخ البكري رئيس جميع الدراويش راكباً حصانه الأبيض المكسو بكسوة مشغولة بخيوط ذهبية، ثم يتبعه رئيس رابطة صناع الكسوة راكبا جملاً.
بعد ذلك يهلل الناس فرحاً لوصول "شيخ الجمل" وهو شخص مفتول العضلات شعره أسود في شكل خصلات، ولا يرتدي سوي سروال ابيض واسع، يركب جملاً هزيلاً فكان وصوله إشارة إلي وصول جمل المحمل الذي يحمل الكسوة الشريفة للكعبة المصنوعة في القاهرة، والتي تهدي للحجاز كل عام- الذي كان يتقدمه مجموعة من ضباط الفرسان وعندما يمر المحمل يستقبل بحفاوة من الناس، ويلوح له الناس بالمناديل والعمائم، ويكون الجميع في حالة سعادة و ينتهي الاحتفال بذلك وذكرت لنا إميليا أن هذه القافلة هي القافلة الرسمية، وإنما قافلة الحجيج ترحل بعدها بيومين وتكون أعداد الحجاج أكبر، والحامية العسكرية أصغر.
ذكر بيرتون 1857م- أن الحجاج يقسمون إلي ثلاث مجموعات مجموعة تتخذ طريق السويس، وأخري تتخذ طريق القصير، والثالثة تأخذ طريق الحج البري حول خليج العقبة. كما احتفل الأهالي بعودة الحجيج من الحجاز، والتي تكون عادة في نهاية شهر صفر إلا من يعودوا عن طريق البحر فيصلون إلي القاهرة أسرع من قافلة الحج ، ويسبق وصولهم بأربعة أو خمسة أيام يصل "شاويش الحج" بصحبة اثنين من رفقائه ليعلن عن وصول الحجيج ويحضر رسائلهم إلي ذويهم، ويجوب هو ومرافقوه الشوارع منادين "بارك الله علي الرسول" فيجيب المسلمون "اللهم بارك عليه"، وينطلقوا إلي القلعة ليبلغوا الباشا.
في حين يخرج البعض في رحلة تستمر يومين أو ثلاثة لملاقاة الحجيج مبكراً، وتحمل لهم الفاكهة والمأكولات والثياب. أما معظم الناس فيذهبون بعد ذلك بيومين إلي بركة الحج لانتظار وصول القافلة ومنهم من يصطحب معه فرقة موسيقية للإحتفال بوصول الحجيج وعند قرب القافلة يجري الناس يبحث كل واحد عن ذويه منهم من يجده فيفرح للقاءه، ومنهم من لا يجده و يعلم أنه توفي في الطريق من شدة الجوع أو الحر.
ووصف لين - هذه اللحظات السعيدة علي البعض والقاسية علي الآخرين قائلاً "كثيرات هن النساء اللواتي ينطلقن لملاقاة أزواجهن أو أبنائهن فيتلقين الانباء المحزنة بأن مسافريهن ذهبوا ضحية الحرمان والتعب. ويطفقن عائدات بخفي حنين إلي المدينة فيشق صراخهن السماء ويطغي علي قرع الطبول وأصوات المزامير المعبرة عن فرحة الآخرين"، ويكمل لين الموكب شارحاً أن بعد دخول قافلة الحج إلي المدينة يتقدمها مجموعة من العساكر المشاة بعدها يدخل جمل المحمل، يتبعه "شيخ الجمل" يليه الخيالة الأتراك والعديد من الجمال ذات السروج المزينة، ويسير الموكب إلي ميدان الرميلة، ويدخل إلي القلعة ليستقبله الباشا.
ومما ذكره لين عن كيفية استقبال الحاج في بيته أن أهل الحاج يزينون مدخل البيت وواجهته قبل وصوله بعدة أيام، فيطلون الواجهة باللونين الأحمر والأبيض، ويرسمون جمالاً وأشجاراً، ويقيم الحاج في الليلة التالية لوصوله حفلة لأصدقائه تسمي "حفلة النزلة"، ويبقي ببيته أسبوعاً، وفي سابع يوم يقيم حفلة أخري تسمي "حفلة السبوع" التي تنتهي بذكر أو ختمة للقرآن.
الدوسة
ومن أهم الطقوس التي كانت تجري بالقاهرة وبالأخص في الازبكية هو "طقس الدوسة"، حيث تقريباً لم يخل كتاب رحالة من وصفه، فوصفه كل من لين، وجيرار، وإميليا، وغيرهم؛ فحدثنا لين أن هذا الطقس كان يقام قبل ليلة الاحتفال بالمولد النبوي بيوم واحد، حيث يخرج شيخ الطريقة السعدية بعد صلاة الظهر في جامع الحسين، وينطلق علي ظهر جواده مصحوباً بالدراويش السعدية أتباعه إلي بيت الشيخ البكري شيخ كل طبقات الدراويش في مصر في الأزبكية؛ حيث ينتظر جموع من الناس وصوله، ويتوقف الموكب علي مسافة قريبة من منزل الشيخ البكري وعندها تطرح الدراويش أرضاً جنباً إلي جنب متلاصقين متراصين ظهورهم مستقيمة وأرجلهم مفرودة وأذرعهم مضمومة تحت وجوههم التي واجهت الأرض يرددون لفظ الجلالة، ثم يقوم إثنا عشر درويشاً بالمرور علي ظهور رفاقهم هاتفين باسم الجلالة، ثم يعبر الشيخ بحصانه الذي يقوده اثنان يسيران أحدهما علي يمينه يسير علي أرجل الممددين، والآخر علي يساره يخطو فوق رؤوسهم، ويسيرون هكذا حتي يدخل والحصان إلي منزل الشيخ البكري حيث يستكمل الاحتفال بحلقات الذكر وقراءة القرآن، إلا أن اميليا ذكرت أن الخديوي توفيق أصدر أمراً بمنع هذا الطقس.
بعد تلك الرحلة في تاريخ مصر الحديث من خلال ما سطره الرحالة في كتبهم تجعلنا نسترجع كم كانت بلادنا مبهرة وكم كانت تضارع بلدان العالم في التطور والجمال، مما يدفعنا الي محاولة صادقة لتعود بلادنا مرة آخري كيفما كانت ويدفعنا الي الحفاظ علي آثارها وتراثها الذي لا يعوض والذي بعضه أصبحنا فقط نقرأ عنه في الكتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.