تُسابق إسرائيل، الزمن، لقطع الطريق على حملة الاعتراف بالدولة الفلسطينية التى ستنطلق مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر، وذلك عبر إجراءات تجعل إقامة دولة فلسطينية فى حكم المستحيل والحديث عنها عبث، وهى تسير بهذه الإجراءات بالتوازى فى غزةوالقدس والضفة الغربية. ففى غزة تواصل ضغطها العسكرى لإجبار الفلسطينيين على التهجير القسرى، بالتوازى مع عملية احتلال القطاع وإعادة تشكيل جغرافيته بشكل يتيح لسرطان «الاستيطان» التوغل هناك، وفى القدس والضفة أحيت مشروعًا استيطانيًا خطيرًا لبناء 3400 وحدة استيطانية بين القدس ومستوطنة «معاليه أدوميم»، بهدف خنق القدس وابتلاع ما تَبَقَّى من أراضٍ فى محيطه وتغيير الوضع الديموغرافى للضفة، حيث ستفصل هذه البؤرة الاستيطانية شمال الضفة عن جنوبها.. والمشروع إعادة تفعيل لمخطط «E1» الذى كشف عنه عام 1990، عندما عُرضت لأول مرة خطة لبناء 2500 وحدة لربط «معاليه أدوميم» بالقدس وفصلها عن محيطها الفلسطينى، وقامت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بتطوير الخطة دون التمكن من تنفيذها بسبب ضغوط دولية وأمريكية من الإدارات السابقة، وهو ما دفع البعض للتيقن من حصول نتنياهو أخيرًا على الضوء الأخضر من ترامب لابتلاع الضفة، خاصة فى ظل ضغوط المسيحيين الإنجيليين على ترامب لرد جميل وقوفهم معه بالانتخابات والسماح بضم الضفة، والرشاوى التى تلقاها فى شكل تبرعات انتخابية من نُخب إسرائيلية على رأسهم ميريام أديلسون «أغنى إسرائيلية فى العالم وخامس أغنى امرأة بأمريكا» والتى عرضت أن تكون أكبر متبرعة لترامب شريطة قبوله بضم الضفة. هذه الخطط لا تقوض فقط أى إمكانية لدولة فلسطينية متصلة فى غزة والضفة عاصمتها القدسالشرقية، ولكنها تخدم أيضًا مشروع «إسرائيل الكبرى» الذى يرى نتنياهو أن الوقت مناسب لتدشينه فى وجود ترامب، وفى خِضم السيولة السياسية بالمنطقة والعجز المشين للمجتمع الدولى الذى باتت أقصى طموحاته إقناع إسرائيل بإنهاء المأساة الإنسانية فى غزة.