انطلقت في السادسة من مساء أمس الخميس بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة أولى فعاليات مؤتمر "تراث البحر الأحمر" الذي تنظمه الجمعية المصرية للحفاظ على التراث، والذي يستمر حتى يوم 16 من الشهر الجاري. افتتح المؤتمر بتكريم كل من الأنبا صموئيل "أسقف شبين القناطر"، ود. فايزة هيكل "أستاذ الآثار المصرية القديمة"، ومحمود عيسى "المشرف على وكالة الغوري وفرقة التنورة". في الجلسة الأولى من المؤتمر تحدث الأنبا "مارتيروس" عن الرحالة الأجانب لدير الأنبا أنطونيوس من القرن الرابع عشر وحتى القرن التاسع عشر، حيث قال إن ظاهرة الرحالة زادت في هذه الفترة الزمنية بسبب النشاط الزائد للكنيسة الرومانية في ذلك الوقت؛ لرغبتها في تغيير الفكر الأرثوذكسي إلى الكاثوليكي، وأضاف "في منتصف القرن الخامس عشر خرب هذا الدير بسبب قيام بدو الصحراء بقتل جميع الرهبان، واستمر لمدة 80 عامًا خاليًا يسوده الدمار والخراب؛ بسبب رغبة البدو في السيطرة والاستيلاء عليه والبقاء فيه"، كما ذكر أن عدد الرحالة الذين زاروا الدير وصل إلى 35 راهبًا جاءوا من إيطاليا- ألمانيا- فرنسا- روسيا"، مشيرًا إلى ما قاموا به من رصد وتوثيق ووصف للدير في الكثير من المؤلفات والكتب التاريخية، وتابع قائلاً "الرحالة الأجانب أعطوا تفاصيل كثيرة عن الدير، ولكنهم قاموا بسرقة أغلب المخطوطات في وقت كانت تعاني فيه الثقافة المصرية من الضعف والانهيار، بينما كانت الثقافة الأوروبية على أعتاب النهضة". وفي ورقته البحثية حول طبيعة السكن في منطقة البحر الأحمر قال المهندس الأثري عماد فريد "رغم أن منطقة البحر الأحمر من أغنى المناطق في العالم التي تحمل تراثًا طبيعيًّا، إلا أن هذا التراث تم تدميره بسبب النمو السرطاني لنوع غبي من التعمير الذي قضى على آلاف الآثار في البحر الأحمر"، وأضاف أن سكان منطقة البحر الأحمر التقليديين على مدار السنين احترموا هذا التراث الطبيعي الإنساني إلى أن جاءت عملية النمو العشوائي لتدميره، ومن هنا خسرنا تراثًا إنسانيًّا راقيًا لا تعوضه آلاف السنين. كما أشار إلى أن هذه المنطقة أصبحت تحمل طابعًا محددًا لدى المجتمع المصري، وهو أنها عبارة عن مجموعة من الفنادق على طول الساحل، لافتًا إلى أن تصدير هذه الفكرة إلى المجتمع الخارجي جعل المنطقة ترتبط بنوع واحد من السياحة وهي السياحة الشاطئية التي يأتي إليها فقراء أوروبا. وأكد فريد أن البحر الأحمر أصبح خاليًا من السمك؛ بسبب مخلفات البناء، حيث انتهت الثروة السمكية تمامًا؛ ولذلك فقدت المنطقة سكانها الأصليين، كما فقدت أيضًا مجتمعًا إنسانيًّا لا يتكرر، بحسب قوله. وتابع قائلاً "كان هناك كم من الصناعات والحرف التقليدية التي يشتهر بها سكان البحر الأحمر، ولكن للأسف الشديد اندثرت هذه الحرف وفقدت المنطقة وجهها التراثي والثقافي كما فقدت أجمل الأودية وفقدت أيضًا الكثير من الأبنية ذات الطراز المعماري الفريد". وذكر فريد بعض المعالم والآثار التي تتميز بها منطقة البحر الأحمر منها الأديرة التي لا يراها ترتبط بالعقيدة المسيحية فقط بل حافظة للتراث الإنساني المصري، ومن بين ما ذكره أيضًا مدينة القصير موضحًا تعاون المصريين والإيطاليين قبل الثورة الفرنسية على بناء هذه المدينة من بقايا الشعب المرجانية المتحجرة والمليئة بالفراغات والتي تشكلت منها مجموعة من أجمل البيوت المصرية. من جانبه قدم د. حجاجي إبراهيم أستاذ الآثار دليلاً لآثار البحر الأحمر، موضحًا أن منطقة البحر الأحمر بها آثار تعبر عن جميع الفترات التاريخية: ما قبل التاريخ- عصر الأسرات- آثار مصرية قديمة- فارسية- يونانية رومانية- مسيحية- إسلامية، حتى توقيع الأباطرة والآلهة، مثل حتحور وإيزيس. ومن بين الآثار والمعالم التي ذكرها إبراهيم "رأس غارب، وهو أعلى مكان في محافظة البحر الأحمر وبه دير الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا، ومنطقة الجونة وبها قلعة القيصر، ومنطقة القصير، وتضم الكثير من المعابد والمحاجر".