التقرير الأول: "1- القصة تقع في خمسمائة واثنتين وخمسين صفحة من القطع الكبير.وهي من القصص الرمزية التي تتناول تاريخ البشرية ابتداء من آدم وما وقع له ولابنيه، وبعثة الرسل: موسي وعيسي ومحمد إلي وقتنا هذا، وما يظهر كل يوم من جديد في التقدم العلمي 2- وقد رمز الكاتب إلي كل حادثة مشهورة وشخصية معروفة، وأضفي عليها من التصوير ما يحدد معالمها ويدل عليها، وإن لم تكن في الإطار التاريخي لها. فرمز للإله "بالجبلاوي"، والجنة "بحديقة القصر"، وآدم "بأدهم"، وإبليس "بإدريس"، وموسي "بجبل"، وعيسي "برفاعة"، ومحمد "بقاسم"... إلي آخر الرموز التي استخدمها في تصوير الأحداث. 3- وقد أخطأ التوفيق الكاتب في تناوله للإله والرسل. فبالنسبة للإله: جسّد الإله ونعته بصفات مفزعة سواء علي لسان إبليس أو قدري الابن العاصي من ولدَيْ آدم أو الفتوات، وفي بعض الأحيان علي لسان الرسل، والبعض الآخر عند تصويره هو لبعض المواقف. وصفه علي لسان إبليس بأنه قاطع طريق في القديم، وعربيد أثيم في المستقبل، ووصف تقاليد أسرته بالسخف والجبن المهين، وأنه يغير ويبدل في كتابه كيف شاء له الغضب والفشل. ووصفه علي لسان قدري ابن آدم بأنه لعنة من لعنات الدهر، وأنه البلطجي الأكبر. ووصفه علي لسان أحد الفتوات بأنه ميت أو في حكم الميت. ووصفه علي لسان ناظر الوقف بأنه قعيد حجرته، ولا يفتح بابه إلا عندما تُحْمَل إليه حوائجه. ووصفه علي لسان أحد تلاميذ عيسي بأنه عاجز وأنه لو كان في قوّته الأولي لسارت الأمور كما يشاء. ووصفه علي لسان عرفة رَمْز العلم بأنه نائم غير دارٍ بجريمته. ثم يختم قصة الرسالات بموت الجبلاوي. يراجَع في ذلك الصفحات التالية من الكتاب: 23، 25، 29، 51، 55، 56، 65، 66، 71، 86، 95، 230، 237، 274، 289، 410، 484، 492، 497، 499. بالنسبة للرسل: صوّرهم جميعا في صورة من يرتاد "الغُرَز" ويتعاطي المخدرات، وهذا أخف ما وُصِفوا به فيما كتب. عيسي: وصفه علي لسان أحد الفتوات بأنه خنثي. يقول بطيخة أحد الفتوات ص 275: فتوات الحارة تجتمع من أجل مخلوق لا هو ذكر ولا هو أنثي. ويصوره علي لسان نفسه وتلاميذه بأنه سكير حشاش: ففي ص 288 يقول رفاعة "عيسي": الخمر توقظ العفاريت، ولكنها تنعش من تخلَّص من عفريته. وفي ص 291: وتساءل كريم، وهو أحد أعوان رفاعة: هل أُعِدُّ المجمرة؟ فقال رفاعة بحزم: نحن في حاجة إلي وعينا. وينسب إلي رفاعة الزواج من عاهر وإن لم يَقْرُبها، مع أن عيسي لم يتزوج بنص القرآن. وقد ناقض الكاتب نفسه حين جعل بعض أتباعه يتجنبون الزواج حبا في محاكاته. وجعل ولادة عيسي عن زواج، وذلك خلاف ما نص عليه القرآن. ويتنافي ختام حديثه عن عيسي مع ما جاء به القرآن من أنه لم يُقْتَل، ولكنه جعل نهايته القتل كما جاء في الصفحات من 292 إلي 295. ج- بالنسبة لمحمد المرموز إليه بقاسم: 1- وصفه بارتياد القهاوي وتعاطي الجوزة والشراب وأنه مولع بالنساء يترصدهن بالخلاء عند المغيب كما جاء في الصفحات 318، 322، 338. وفي ص 341 عند الحديث عن زواجه من قمر "خديجة": اقترب منها بجلبابه الحريري، وجسده ينفث حرارة ممزوجة بسطول حتي وقف أمامها ينظر من عَلِ... إلخ. 2- ومن الألفاظ المقذعة الخارجة التي جاء بها الكاتب علي لسان أحد البلطجية في النَّيْل من قاسم: عرف ابنُ الزانية كيف يفسد بيننا. 3- بل من أفحش الفحش ما سرده من تعليل لزواج قاسم المتعدد ص 443، إذ يقول: لم يتغير من شأنه شيء، اللهم إلا أنه توسع في حياته الزوجية كأنما جري فيها مجراه في تجديد الوقف وتنميته. ثم يقوم بسرد التعليل عن زواجه فيقول: "إنه يبحث عن شيء افتقده منذ فقد زوجته الأولي قمر"، أو "إنه يريد أن يوثّق أسبابه بأحياء الحارة جميعا"، أو "إذا كانت الحارة أُعْجِبَتْ به لأخلاقه مرة فقد أُعْجِبَتْ به لحيويته مرات"، و"إن حُبّ النسوان في حارتنا مقدرة يتيه بها الرجال ويزدهون، ومنزلته تَعْدِل في درجاتها الفتونة في زمانها أو تزيد". وينتهي الكاتب من قصته إلي أن التقدم العلمي وتطوره بهذه الصورة إرهاص بانقراض الرسالات وانقضاء أثرها، وأن ذلك أثر من أثار شيخوخة الإله ثم موته. هذه جوانب المؤاخذة في القصة، ولا يخفف من وقعها الانتقال من الأحداث الطبيعية وشخصياتها إلي أحداث دالة وشخصيات رامزة، فإن ذلك كله لا يخفي الوجه الحقيقي لكل حادثة ولكل شخصية. كما لا يخفف من وقع هذه المؤاخذات أن ما قدمه الكاتب من حيث هو- بعيدا عن المعتقدات والمقدسات - عمل فني ممتاز، وقد كان في مقدور الكاتب أن يخرج عمله الفني بعيدا عن هذا السقوط. لهذا أُوصِي بعدم نشر القصة مطبوعة أو مسموعة أو مرئية. والله الموفق". 12-5-1968 أول تقرير لمجمع البحوث الإسلامية