نقيب المحامين: هناك 232 مادة مستنسخة من قانون الإجراءات الجنائية القديم    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    انخفاض البتلو والضاني، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    تعرف على أداء البورصات الخليجية بتعاملات اليوم الأربعاء    السفير ماجد عبد الفتاح: ضغط دولي على واشنطن لدعم القضية الفلسطينية    البيت الأبيض: ترامب بعد فحص روتيني قد يتوجه للشرق الأوسط    بيان أمريكي مرتقب بشأن التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب في غزة    «أكسيوس»: إسرائيل طلبت استبعاد روبيو من اجتماع باريس حول مستقبل غزة    رياضة ½ الليل| مصر في المونديال.. العميد يكتب التاريخ.. الأهلي يفضح الجميع.. وأكتوبر وش السعد    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    خالد بيبو: كأس الأمم الإفريقية اختبار حقيقي لحسام حسن    شاهد، رقص محمد صلاح ابتهاجا بالتأهل ل كأس العالم (فيديو)    انخفاض كبير في درجات الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس    مصرع عنصر إجرامي وإصابة رئيس مباحث شبين القناطر في تبادل إطلاق نار بالقليوبية    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل عمه في جلسة صلح عرفية بالإسكندرية    رصاص الغدر لا يوقف الأبطال.. إصابة المقدم محمود إسماعيل أثناء مطاردة عناصر إجرامية    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة بيت المعمار لشباب المعماريين لإعادة تأهيل مراكز الإبداع    محمد رمضان يطرح أحدث أغانيه «واحد اتنين تلاتة»| فيديو    أخبار الفن اليوم: مي فاروق تحتفل بإطلاق أول ألبوماتها، محطات في حياة فارس السينما أحمد مظهر، أول ظهور لعمر زهران بعد أزمته مع زوجة خالد يوسف    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    سعد سمير: فتح استاد القاهرة مجانا أفضل احتفال بتأهل مصر للمونديال    «بي بي سي» تشيد بأداء صلاح ودوره في تأهل مصر إلى المونديال    مجلس التعاون الخليجي يدين اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين المسجد الأقصى    مروان عطية: فخورون بالتأهل لكأس العالم ونسعى لتحقيق الإنجاز في إفريقيا    وزير خارجية إيران ينفي لقاء ويتكوف    رمز القلم.. مرشحو مستقبل وطن على المقاعد الفردية بكفر الشيخ يتقدمون أوراقهم لانتخابات النواب 2025    برشلونة يكشف تفاصيل مواجهة فياريال في أمريكا.. وخصم لمن لا يستطيع السفر    محكمة الجنايات: المؤبد لمتهم بجلب 6500 كيلو جرام مخدرات فى الإسكندرية    «مبني على تجارب».. ضياء رشوان: تخوف الفلسطينيين من عدم التزام إسرائيل في محله    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    شيرين عبدالوهاب.. أبرز محطات في حياة صاحبة «الوتر الحساس» بعيد ميلادها ال45    «أرواح في المدينة» تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    نائب رئيس جامعة الإسكندرية يلتقى سفير باكستان بالقاهرة لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين في مصر بعد بيان المالية    تنظيم قافلة طبية بجامعة السادات ضمن مبادرة حياة كريمة.. ومشروع تنموي جديد ب «كفر العشري»    عضو الجمعية المصرية للحساسية: الوقاية والالتزام بالتطعيم هما الدرع الأقوى لمواجهة فيروسات الشتاء    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا الأربعاء 8 أكتوبر 2025    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    فوز «العنانى» التاريخى    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    الأمن العام بالقاهرة يضبط مرتكبي جرائم سرقة متعلقات وسيارات وهواتف محمولة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة:
الثقافة والفن شريكان في الحراك الثوري
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 12 - 2013

قبل أن يطوي العام أيامه الأخيرة، خرجت علينا وثيقة الدستور الجديد بفصل كامل عن »المقومات الثقافية« تتضمن لأول مرة عدة مواد عن الهوية والثقافة، وحق المواطن في الثقافة، وحرية التعبير للمبدع.
كيف نُقَيّم العام المنقضي - 2013 - في مجال الثقافة والفن؟
أري أنه كان عاما مفعما ببشائر صحوة ثقافية غير مسبوقة، علي مستوي المثقفين والفنانين وعلي مستوي المجتمع في الوقت ذاته، فلأول مرة منذ عقود ممتدة يشعر المبدعون في جميع مجالات الفن والأدب والفكر بأن لهم مكانة مرموقة علي مستوي الرأي العام وعلي مستوي القدرة علي التغيير الثوري، وبأنهم يتخذون موقف المبادأة والقيادة للرأي العام، للوقوف ضد حكم الإخوان المسلمين بكل غبائه وصلفه واستبداده خلال العام الذي قفزوا فيه علي حكم مصر في غفلة من الزمن، وفي ظل حالة من خديعة الوعي الشعبي، ومن اهتزاز البوصلة لدي المجلس العسكري ولدي بعض رموز النخبة السياسية، ومن التآمر الدولي لتمكينهم من الحكم، وذلك في معركة الاعتصام الشهيرة للمثقفين طوال شهر يونيو 2013 بمكتب وزير الثقافة اعتراضا علي بقائه في الحكومة الإخوانية ومحاولته الانحراف بمسار الثقافة المصرية في اتجاه سياسة تنظيم الإخوان المسلمين بعيدا عن الهوية الوطنية وفكر الاستنارة والتقدم، وهي عملية أقرب ما تكون إلي عملية تغيير مسار نهر النيل، بكل ما يحمله من معاني حضارية وأبعاد ثقافية تمثل درع المقاومة الصلب للشعب المصري عبر التاريخ، في مواجهة كل موجات الاستعمار والاستبداد والتذويب والاستلاب لهويته، وأثبتت التجربة أنها عملية مستحيلة.
المعجزة الحقيقية التي تحققت بهذا الاعتصام، هي أنه انتقل من مجرد موقف معارضة فئوية من بعض المثقفين ضد وزير، إلي قضية رأي عام، وإلي موقف ضد النظام كله تبنته قوي المعارضة الشعبية قبل أن تتبناه نخب المعارضة السياسية لوجود النظام الإخواني برمته، حتي احتشدت الجماهير في عدة محافظات أمام مقار المحافظين الإخوانيين ومنعتهم من دخول مكاتبهم، إلي أن سرت الدعوة ضد حكم الإخوان في جميع المحافظات والكتل الجماهيرية كالنار في الهشيم، وتلاحمت مع دعوة حركة »تمرد« الشبابية للمطالبة بسقوط حكم المرشد ودعوة قائد الجيش لتحقيق إرادة الشعب، وهو ما حدث بالفعل وأدي إلي ثورة 30 يونيو التاريخية.
وفي شهر أكتوبر أقيم مؤتمر عام للمثقفين بالمجلس الأعلي للثقافة تحت عنوان: »الثقافة في المواجهة« استمر ثلاثة أيام وتبني أفكارا وأحلاما جديدة / قديمة، تلبي مطالب الثورة وتتفاعل مع الجماهير العريضة المحرومة من الثقافة في كل مكان علي أرض الوطن، وتحقق من خلال قوافل الثقافة - التي دعت إلي تفعيلها - رسالة الثقافة والوعي والهوية والنهضة، ليس بمفهوم »الإخوان« للنهضة بل بمفهوم البناء النهضوي للوطن تنفيذا لمبادئ 25 يناير بشأن الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مضافا إليها ترسيخ قيم الجمال وإشاعة الذوق والاستمتاع بثمار الإبداع بكل أنواعه.
وقبل أن يطوي العام أيامه الأخيرة، خرجت علينا وثيقة الدستور الجديد بفصل كامل عن »المقومات الثقافية« تتضمن لأول مرة عدة مواد عن الهوية والثقافة، وحق المواطن في الثقافة، وحرية التعبير للمبدع.. فتقول المادة 47: »تلتزم الدولة بالحفاظ علي الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية والمتنوعة« وتقول المادة 48: »الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب (....) وتولي اهتماما خاصا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجا«.
وتقول المادة 50: »تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبري - المصرية القديمة والقبطية والإسلامية - ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافي المعاصر، المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، والاعتداء علي أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون«. وتقول المادة 67: »حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوي لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها.. إلا عن طريق النيابة العامة«. وبالرغم مما أثاره الاستثناء الوارد في ذيل هذه المادة من حق النيابة العامة في تحريك الدعوي فيما يتعلق بالتحريض علي العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد من اعتراضات من جانب المثقفين، فإن مجمل ما تحمله المواد المذكورة من حقوق يعد تلبية لما نادوا به طويلا، وليس آخره ما طالبت به حركة الدستور الثقافي عام 2011، ومؤتمرات المثقفين المتتالية حتي مؤتمر 2013، وذلك يعد انتصارا تاريخيا لنضال هؤلاء المثقفين طوال عدة عقود مضت، ويبقي الأمل معقودا علي تفعيل هذه المواد في قوانين ملزمة للدولة.
وعلي نطاق حركة الفنون التشكيلية شهد العام المنصرم تطورات ملحوظة في اتجاه خروج الفن إلي الجماهير العريضة وتعبيره عن الحراك الثوري، تتمثل أولا في تصاعد التواجد بين الجماهير بأعمال الجرافيتي لشباب الثورة، ليس في الشوارع المطلة علي ميدان التحرير فحسب، بل كذلك علي جدران العديد من المباني المتاحة بمختلف الشوارع والميادين بالقاهرة والمحافظات، وقد تخطتها إلي الرسم فوق الأرصفة في أكثر من مكان، وهو تطور كيفي نحو دخول الفن في الحياة السياسية واليومية للمواطنين ،حتي لقي قبولا واسعا، ما جعل أعمال الفن تتجاوز عزلتها التاريخية عن المجتمع وتتمكن من مخاطبة الكتل العريضة من المواطنين وتشكل ذائقتهم الجمالية، فوق دفعها لحالة المشاركة الشعبية في مسار الثورة.
وامتداداً لهذه الحركة تشكلت بالمجلس الأعلي للثقافة لجنة جديدة باسم »الفن والمجتمع« منبثقة عن لجنة الفنون التشكيلية، مهمتها اقامة ورش عمل للإبداع الجماعي وسط الجماهير في الأحياء الشعبية والمحافظات المختلفة،تحت اشراف ومشاركة فنانين من أعضاء اللجنة الأم، وأقاموا خلال العام أكثر من مهرجان ومن ورشة عمل شارك في كل منها عشرات الفنانين الهواة في ست محافظات شهدت كثافة جماهيرية عالية، وكشفت عن مواهب جديدة في كل موقع أقيمت به.
وفي اتجاه نشر الثقافة التشكيلية علي نطاق جماهيري واسع، تم اعتماد سلسلتين من الكتب عن الفنون التشكيلية احداهما تصدر من هيئة قصور الثقافة بعنوان »آفاق الفن التشكيلي« والحق أنها سلسلة قديمة/ جديدة، حيث سبق للهيئة أن أصدرتها منذ أواخر التسعينيات ثم توقفت عام 2007 والثانية هي »ذاكرة الفن« تصدر عن الهيئة العامة للكتاب، وتهتم بإزاحة النسيان والتعتيم عن قامات عالية من الفنانين تجاهلتهم أقلام النقاد وأضواء الإعلام والصحافة واهتمام الدولة، وكلتا السلسلتين تضم - إلي جانب النصوص النقدية - ما يصل إلي نصف عدد الصفحات من اللوحات الملونة المطبوعة علي ورق فاخر، بما يجعل من كل كتاب مرجعا ومتحفا ورقيا بأسعار زهيدة في متناول المواطن البسيط.
وفي اتجاه وضع المشروعات والخطط أمام وزارة الثقافة لتحقيق انطلاق الفن إلي القواعد الجماهيرية والتفاعل مع المجتمع، تعكف لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلي للثقافة - في دورتها الجديدة التي بدأت مؤخرا - علي وضع مشروع متكامل يتضمن سبل تفعيل الأنشطة الفنية في المدارس بمراحل التعليم المختلفة، وفي مراكز الشباب والجمعيات الأهلية، وفي قصور الثقافة بجميع المحافظات، وفي الشوارع والساحات والحدائق والميادين، بإدخال اللوحات الجدارية والتماثيل فيها، وإزاحة مظاهر القبح والعشوائية عنها، ومد جسور التواصل بين قمة الهرم التشكيلي وقواعد المجتمع، لرفع الذائقة الجمالية والكشف عن المواهب الفنية، وربط طاقات الابداع بأهداف ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013.
وعلي الطريق ذاته تم تدشين البرنامج التليفزيوني »الأتيليه« علي قناة النيل الثقافية بإقامة الاحتفال بصالونه الأول بدار الأوبرا في 18 ديسمبر متضمنا معرضا كبيرا لكبار وشباب الفنانين، وتم تكريم عدد ممن ساهموا بجهودهم في نجاح التجربة التي قامت علي أكتاف الفنان ذي الجماهيرية الواسعة طه القرني علي امتداد عام ونصف العام من انطلاقها، حتي حققت في هذا العام أكبر مشاركة في عضوية الموقع الالكتروني للبرنامج بلغت 16000 من الفنانين ومحبي الفن، وساعد البرنامج علي ملء الفراغ المزمن الناتج عن غياب الثقافة التشكيلية، وعلي خروجها من النطاق النخبوي الذي ظلت الحركة الفنية حبيسة فيه منذ نشأتها إلي النطاق الجماهيري العريض، وكان حضور كل من وزيرة الإعلام درية شرف الدين ووزير الثقافة ود.صابر عرب هذه الاحتفالية يحمل اشارة قوية إلي تبني الدولة لهذا المشروع الحضاري، ووعدا بتدعيمه بإمكانات أكبر.
هكذا كان عام 2013 عاما استثنائيا للثقافة والفن، واعدا بثورة ثقافية كفيلة بأن تجعل الثقافة حائط صد في مواجهة ظواهر التخلف والإرهاب، وعمود ارتكاز للهوية الثقافية ولبناء المواطن بالقيم الرفيعة والوعي الخلاق والذوق السليم.
ويبقي أن نواصل ش من أجل تحقيق هذه الوعود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.