رغم ما تمثله هذه اللحظة الفارقة في مستقبل الفن التشيكلي بمصرحيث يتم تحديده بمعيار حجم إسهاماته في ثقل وإضافة للهوية الثقافية المصرية. إلا أن الفنانين والمؤسسات النقابية والحكومية والكليات المتخصصة في الفنون التشكيلية يحدوهم الأمل في حرية إبداع اكبر, ويستشرفون بأن حالة الضبابية والخوف التي كانت تنتشر في العام الماضي علي مستقبل الفن قد تلاشت مع قيام الثورة العائدة في30 يونيو لتنجلي أمام تاريخ وهوية الشعب القادرة علي هضم وتمصير كل الاتجاهات الفكرية والدينية.. أدي هذا إلي اتساع مساحة الحرية.. وقاد إلي الانتباه والتركيز في الشأن العام كما اتسعت الآفاق إلي هذا التطلع العالمي لمصر غير المسبوق.. ومن ثم حاولنا أن نتلمس أحلام وآمال الفنانين والجهات المسئولة عن الفن التشكيلي, وتصوراتهم لهذا المستقبل واحتياجاتهم الأساسية للنهوض بالفنون باعتبارها مرآة لقياس نهضتنا بين الأمم.. وتساءلنا عن ماهية المتطلبات خلال الفترة القادمة من لجنة الدستور للنهوض بالفن التشكيلي. يقول الدكتور أشرف رضا الأستاذ بكلية الفنون الجميلة والرئيس السابق لقطاع الفنون التشكيلية: يجب في المرحلة المقبلة ان يكون الاهتمام في اتجاه معالجة المشاكل الاجتماعية للفنانين والمبدعين لأن هناك الكثير من المبدعين يعيشون في ظروف اجتماعية صعبة تحتاج إلي وقوف الدولة بجوارهم ودعمهم لاستمرارية الإبداع والابتكار وتكريس أجهزة الدولة لخدمة السياسة الثقافية لتعود الريادة المصرية في المنطقة العربية كما كانت من قبل في ظل روادها منذ حوالي مائة عام, ويؤكد الدكتور اشرف رضا علي أهمية الدستور وانه يجب ان يخرج موائما لجميع الاتجاهات ويكون علي قدر كبير من الشفافية وينص علي عدم التمييز بين فئات الشعب. تأما الناقد صبحي الشاروني فيطالب بتعيين مستشارين من الفنانين وان ينظر نظرة احترام لنتاج المبدعين حتي اذا كان لدي البعض مواقف معارضة, فالمعارضة في الفن هي احد مواطن الإبداع ومن أسباب الإحساس بالروحانية والإعجاب فالفنان يقدم رأيه في أعمال فنية ويجب ألا يستخدم القهر مع المبدعين. كما يرجو أن ينص الدستور علي احترام حرية الإبداع واعتبارها ممثلا أصيلا للأمة المصرية أمام شعوب العالم وتأكيد دور الدولة في نشر الأعمال الفنية وإبداع الفنانين. أما الدكتور محمد إسحاق عميد كلية التربية الفنية بجامعة حلوان فيطالب الدولة ولجنة الدستور بتأكيد دعمهما لحرية الفكر والإبداع وإنشاء قناة للفن والإبداع وإعادة دور الفن والتربية الفنية في مؤسسات المجتمع الثقافية والتعليمية والإعلامية, فضلا عن إنشاء أكاديمية دولية للفنون وتحقيق معاش وتأمين صحي للفنانين والمبدعين. ويضيف الدكتور إسحاق ان الدستور يجب ان ينص علي حرية الفكر والإبداع فضلا عن مشاركة فعالة ممثلة من المبدعين والفنانين في مجالس الدولة المختلفة وتفعيل القوانين الخاصة بحماية حقوقهم في تنمية مؤسسات الدولة والمجتمع وتنميته فنيا وثقافيا. وتقول الدكتورة سرية صدقي أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية الفنية جامعة حلوان: ان العالم أجمع اعتبر القرن الحادي والعشرين أو الألفية الثالثة هو الزمن الذي سينتصر فيه الإبداع فتحقق الصناعات الإبداعية أعلي مستوي للعائد الاقتصادي للمجتمعات الواعية, فمن خلال تنمية الابداع لدي الطلاب في مراحل التعليم المختلفة نستطيع تأهيلهم ومساعدتهم علي إيجاد مهن, ومن هذا المنطلق نطالب بتأكيد وتفعيل دور الفنون من مرحلة الحضانة وحتي الجامعة كما نص قرار مؤتمر الأممالمتحدة الأول والثاني وذلك لتعزيز دور الفنون كأداة للتواصل الاجتماعي وللحفاظ علي الهوية أمام العولمة لخلق وإيجاد وابتكار مهن جديدة تنمي الاقتصاد سواء علي المستوي القومي أو العالمي. الفنان عصمت الدوستاشي يقول: إذا لم يتضمن الدستور حرية الفكر والإبداع وحرية الفنان فسنرفضه, وعلي نقابة الفنانين التشكيليين أن تصدر بيانا واضحا وصريحا لمطالبنا وضرورة ان يتضمنها دستور البلاد المقبل. لقد كانت ثورتا25 ينايرو30 يونيو ذات ملامح فنيه وإبداعية. فالفن هو روح الثورة ولن تتخلي عنه أبدا. ويقول الفنان هشام السعودي عميد كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية: كان لابد أن يمثل الفنانون التشكيليون بقوة في لجنة الدستور كطرف أساسي, فهم أصحاب الدور الحضاري المجتمعي في الارتقاء بالذوق العام وقيمة الصورة البصرية الجمالية... ومع ذلك لا أري اي داع للتخوف ولتطمئن نفوس الفنانين جميعا وأخص التشكيليين.فالفنون من أهم مفاخر وعزة الدول الحديثة كمولد للجمال والارتقاء بقيمته معبرا عن هويتها وموروثها من عمق محليتها لتصل إلي عالمية الحداثة, فلاشك أن مطالبهم لحماية الفنون والإبداع بل والاهتمام به والتعظيم من دوره المجتمعي سوف تصبح في دائرة الاهتمام إذا أدرك الجميع هذا الدور دون النظر إلي الأفكار المتطرفة التي تتناوله وتعود بنا إلي مصاف التخلف في ساحة العالم الحديث. ويقول الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة: وعي الشعوب بماهية الثقافة والفنون يتضح ويتبلور بمقدار تحضرهم و نهضتهم, و أن ما أتلمسه علي أرض الواقع اليوم هو التغير الجذري للشعب نفسه, فنستطيع أن نري الأثر المدهش للثورة العائدة في30 يونيو داخل نفوس المصريين بارتفاع نسبة إدراكهم وحواراتهم التي باتت تمتزج بالسياسة وشئون البلاد والرؤية البصرية وطرق لامتناهية من التعبير عنها وتسجيلها إما بالكلمة أو بالرسم أو بلقطات فوتوغرافية تلتسرد تاريخا سيبقي, فهذا وعي لم نكن نمتلك أدواته بالسابق, فأنا متفائل بمواطنين لن يتقبلوا الظلم والفساد مرة أخري, وهو جانب مشرق يجب أن نلتفت إليه, وعن مستقبل قصور الثقافة فأكد عبد الرحمن أنه علينا العمل للصالح العام وأن نتوسع في مجالات التبادل والتعاون مع كافة الجمعيات والمؤسسات لإعلاء قيمة المواطن ومده بالوعي والرعاية كأساس للتقدم مع الحفاظ علي نسيج الشعب المصري خاصة بالمناطق المتعطشة للشعور بملامح الوعي والنهضة بشكل واقعي بالقري و النجوع تالمصرية, وبالطبع أتمني زيادة مواقع وقصور الثقافة لنتمكن من خدمة جميع المناطق الجغرافية والتواصل مع الجمهور, أما عن التأسيسية فأشار عبد الرحمنت إلي أنه ضد عملية الإقصاء التي حدثت مع الكثير من رموز هذه الأمة ممن يمثلون عقلها ووجدانها, فكان يجب أن يتراجعوا عن الفكر المنغلق والاستحواذ لصالح فئة واحدة, دون باقي فصائل وطننا مما يعلن مسبقا عن دستور مصاب بعوار, بعيدا عن أصحاب الرأي وفقهاء الدستور والحكمة. ويقول الدكتور حمدي أبو المعاطي نقيب الفنانين التشكيليين: يجب الإسراع بإجراءات أكثر تطبيقا ونتمني أن نجد رعاية واهتمام بالحركة التشكيلية المصرية وتحريك المياه الراكدة لرفع مستويات الحريات الثقافية والإبداعية المتردية عبر الأجيال السابقة, ونطالب بدعم لفئات المثقفين فهم عقول الأمم ومدبرو تطلعاتها المستقبلية تودعم النقابات, ويجب التواصل مع المؤسسات التنفيذية والأهلية بالمجتمع بهدف الارتقاء والتقدم في وحدة تشمل الجميع, وأجد تفي التعليم مشروعا قوميا, يحتاج تللتعاون والجهد الصحيح, فلا نهضة دون ثلاثة أسس أولها االتعليم ثم الصحة تليهما الثقافة والإبداع.