تعليم قنا يتابع فعالية البرنامج القومي لتنمية مهارة اللغة العربية    الرميان: صندوق الاستثمارات العامة السعودي يقترب من تحقيق تريليون دولار بنهاية 2025    نيسان قشقاي e-POWER تواصل ريادتها العالمية بحصدها جائزة "أفضل سيارة كهربائية" للعام الثاني على التوالي    ب«22 شاشة عرض».. الإسكندرية تعلن أماكن تركيب شاشات نقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير (صور)    رئيس الوزراء يستقبل نظيره الكويتي بمطار القاهرة الدولي (صور)    ثورة في الفضاء: ابتكارات جديدة تمهد لعصر ازدهار خدمات الأقمار الصناعية    وزيرة الخارجية الفلسطينية: خطة السنوات المقبلة ترتكز على تقوية الصفة القانونية للدولة    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    الولايات المتحدة تبدأ تقليص قواتها في رومانيا    نجم إسبانيا السابق منتقدًا فينيسيوس: لم يعد طفلًا ومسيرة يامال في خطر    منتخب مصر الثانى يضم النني وأكرم توفيق لمعسكر نوفمبر استعدادا لكأس العرب    جوميز يصطدم بالهلال.. واتحاد جدة يواجه الشباب في ربع نهائي كأس ملك السعودية    مصرع 4 أشخاص صعقا بالكهرباء في مزرعة بقنا    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    الاتصالات: إصدار طوابع بريد تذكارية لتوثيق افتتاح المتحف المصري الكبير    الفيلم الفلسطيني بايسانوس ينافس في مسابقة الأفلام القصيرة بالقاهرة السينمائي    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    إطلاق مبادرة «حضارتنا في متحفنا» بأسيوط تزامنًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير    الشيخ خالد الجندى: الغنى الحقيقى هو من يملك الرضا لا المال    الجيزة تصدر لائحة تنظيم العمل بمراكز وحدات الغسيل الكلوي بالمحافظة    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين إثر انقلاب سيارة بطريق الخارجة - أسيوط    أحمد السيد: زيزو أفضل من تريزيجيه.. وجراديشار ليس على مستوى الأهلي    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    رئيس جامعة حلوان: الاستثمار في التكنولوجيا استثمار بالمستقبل    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    10 مشروبات طبيعية لعلاج الأرق وصعوبة النوم    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    رئيس اتحاد الناشرين العرب: المبادرات الثقافية طريقنا لإنقاذ صناعة الكتاب العربي    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    تعرف على الوظائف المطلوبة بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باب الخروج..
الرواية ك "وهم"!
نشر في أخبار الأدب يوم 05 - 10 - 2013

الكتاب :» باب الخروج« المؤلف: عز الدين شكرى الناشر: الشروق
في الأيام الأخيرة لمرسي، زاره أحد الوسطاء في محاولة لاقناعه بالبحث عن حلول للأزمة. لم يكن مرسي يري فيما يجري في مصر أي أزمة.. ولكن سحابة سرعان ما ستمر، وبعد جدل ونقاش سأله الوسيط:سيادة الرئيس هل قرأت رواية اب الخروجب؟ فرد مرسي »آه« فكرّر الوسيط السؤال: اهل قرأت رواية عزّ الدين شكري؟ فردّ مرسي: »لا« عندها، قال له الوسيط: خلاص بقي مفيش فايدة! هذه واحده من الحكايات التي ارتبطت بالرواية التي صدرت بعد 25 يناير، حكاها الكاتب الصحفي عماد الدين حسين ، الرواية التي يتخيل كاتبها الدكتور عزالدين شكري سيناريوهات المستقبل (التي قد تحدث أو لا تحدث) تجاوز نقادها أو معظمهم الحديث عن جمالياتها الفنية، ليتعاملوا معها كأنها بلورة سحرية يمكن النظر فيها لمعرفة ما سيجري، وامتلأت ساحة "التواصل الاجتماعي " بنقاشات لا عن قدرة الكاتب علي التخييل السياسي .. بقدر ما قد يعرفه الكاتب بحكم " منصبه الدبلوماسي؟
ربما كانت هذه النقطة هي مشكلة تلقي هذا النوع من الروايات، أو تعامل البعض معها باعتبارها " بلورة سحرية" ننظر فيها لنري ما يمكن ان يحدث في المستقبل، وخاصة ان كثيرا من احداثها تكررت، وكأننا أمام سيناريو محكم ودقيق. كان مدهشا أن كثيرا من التيارات السياسية حاولت توظيف الأحداث الخيالية في الرواية لتطابق واقعا لم يحدث بعد، حاولت استنساخ الخيال. بعد أن صدر حكم القضاء ضد قتلة " التراس" أهلاوي، اجتموا ليحددوا موقفهم من الحكم. تشاور قادة المجموعة هل يكتفون بالحكم أم لابد من التصعيد. قال أحدهم أن في هذا الحكم إدانة لضابط الشرطة، وهذه هي الادانة الوحيدة لهم بعد الثورة، لكن خرج أحد افراد المجموعة ليقرأ مشهد لقصاص الألتراس من " باب الخروج"..مؤكدا هذا هو الحل. كان المشهد عن الحكومة التي استيقظت في أحد الأيام علي خبر مقتل عدد من الضباط بكوفيات مكتوب عليها شعار الرابطة، اعتراضًا علي صدور أحكام البراءة،لابد من القصاص إذن. عز شكري نفسه أدهشه استخدام روايته في مثل هذا الموقف..كتب علي موقع التواصل الاجتماعي " تويتر" رسالة إلي الألتراس: كان أملي ان تروا في "باب الخروج" مثالاً علي فشل فكرة الانتقام، وعاقبة استدراجكم لدائرة العنف المفرغة، الانتقام لا يفيد، ولن يريحكم حتي لو قتلتم القتلة. هناك طرق لمعاقبة القتلة والمتآمرين خير وأبقي من القتل، هناك طرق تخلد ذكري الشهداء وتحافظ علي حياتكم، وتفضح من شارك وحرض وقتل وتنزل به العقاب - دون أن تلوثوا أيديكم ونفوسكم بالدم". وفي مشاهد أخري تتصاعد " الفتنة الطائفية"..أو يسقط الرئيس " بيومي" الإخواني، وغيرها من أحداث..
وهكذا يتحول الخيال إلي واقع أحيانا، بل يسبق الواقع الخيال بدرجات. لكن السؤال الأهم : ماذا لو أن بعض احداث الرواية لم يتكرر في الواقع؟ هل سينقص ذلك من أهمية الرواية؟
ربما قبل الإجابة علينا أن نطرح سؤالا آخر: هل ما فعله "علي" بطل رواية " باب الخروج" للروائي المصري عز الدين شكري يعد خيانة للوطن؟ ربما كان السؤال واحدا من الأسئلة الهامة التي تطرحها الرواية التي صدرت عن دار الشروق. في مشهدها الأخير يقرر بطلها مترجم الرئاسة إبلاغ الإدارة الأمريكية عبر صديقة له عن اعتزام قيادات مصرية استيراد شحنة رؤوس نووية ستوجهها لتدمير إسرائيل. ورغم أن البطل يسرد في رسالة طويلة لأبنه (هي الرواية) مبرراته لقيامه بهذا القرار " الحكيم" إلا أنه كان يتوقع أيضا عواقب قراره:" حين تصلك رسالتي هذه بعد يومين بالضبط من الآن، سأكون سجينا أو جثة. وإما سيقولون لك إن أباك مات بطلا، وإما ستقرأ في الجرائد نبأ خيانتي الكبيرة والقبض عليَ. أنا الذي شاهدت بأم عينيَ صنوف الخيانة كلها سيرمونني بدائهم وينسلون كما فعلوا من قبل عشرات المرات". ربما كانت أهمية رواية شكري انها تحرر المفاهيم القديمة من صياغاتها المتعارف عليها، صياغات إبراء الذمة المريحة، تطرحها في إطارها الأوسع. ربما في طموحها الأهم أنها رواية بحث عن إجابات جديدة للأسئلة القديمة. ما الخيانة؟ ما الوطنية؟ متي يمكننا أن نصف شخصا بأنه خائن أو متي يمكن أن نصفه بالوطنية؟ هذا النوع من الأسئلة هو مركز حكايات الرواية المتشابكة والمعقدة. وهل كانت الثورة سوي محاولة لتحرير اللغة والخيال من قيودهما..والإبحار بعيدا عن " الصياغات المريحة".
باختصار هل نحن أمام " مغامرة فنية" أم مغامرة سياسية؟ تنتمي " باب الخروج" إلي ما يمكن تسميته رواية "التاريخ البديل" وهو مصطلح نقدي ظهر لتوصيف اعمال فنية تتناول " التأريخ للمستقبل" ولكن لا تنتمي هذه الأعمال إلي " الخيال العلمي"..وكان الأديب الإنجليزي جاك لندن من أشهر من كتب هذا النوع من الأدب وخاصة روايته " غزو لا مثيل" التي صدرت عام 1914 وتتناول احداث حرب تقع بين الغرب والصين عام 1975، وتنتهي بإبادة كاملة للصينين. كما كتب ج. ه ويلز عام 1933 روايته " شكل الأشياء القادمة " والتي يحددها ويلز بأنها مذكرات دبلوماسي سابق يدعي فيليب يتنبأ فيها بما سيمر به العالم من أحداث وصولا إلي العام 2106، ولإضفاء الاحساس بالواقعية يستخدم ويلز في الرواية مراجع تاريخية ( متخيلة) وينقل عن مؤرخين في القرن العشرين شهدوا حروبا ستقع بين المانيا وبولندا في الأربعينات، وبين فرنسا وروسيا، وكما تتأسس شرطة جوية مهمتها مطاردة المتدينين، وهدم أماكن العبادات والإبقاء فقط علي بعض المباني ذات الطرز المعمارية المتميزة من كنائس ومساجد، يحدث في العالم ما يسميه صاحب "سفينة الزمن" " ديكتاتورية الهواء" والمفارقة أن شيئا مما تنبأ به ويلز لم يتحقق حتي الآن ولكن ظلت الرواية كقيمة فنية تطرح سؤال الدين في حياة الإنسان. علي هذا المنوال يمكن اعتبار رواية شكري هي " الثورة التي لم تقع بعد" او رواية " الحكاية كوهم " وهي تقنيات ما بعد حداثية في مقابل تقنيات الحداثة التي استخدمتها رواية أخري تؤرخ لثورة حدثت وانتهت بالفعل. واقصد " ثلاثية" نجيب محفوظ..التي تعتبر هي رواية ثورة 19 بإمتياز.
محفوظ كتب روايته في أوائل الخمسينيات، وأصدرها عام 1956- 1957.. وتناولت فترة زمنية امتدت من عام 1917 وحتي 1944 كانت رواية عن " الثورة التي كانت"، كانت عن عالم يتلاشي ويحل محله عالم آخر، رواية محفوظ جاءت بينما تنشأ دولة الضباط الأحرار بعد انقلاب عسكري أو ثورة في نظر البعض..تتناول سيرة حياة أسرة السيد احمد عبد الجواد ومصائر شخصيات العائلة وتقاطعاتها. وينهي محفوظ روايته بحفيدي السيد عبدالجواد الذي ينتمي احدهما إلي جماعة الإخوان، وينتمي الآخر إلي " اليسار المصري"... إذن نحن أمام رواية حنين لعالم يتبدد ويغيب تحت معاول عالم آخر، بينما يكتب عز شكري روايته في لحظة افول دولة "الضباط" التي أقلقت محفوظ، يكتب فيها سيرة فرد ومصيره وهواجسه، هي رواية "محاكمة" إذن لا "حنين"، يطلق فيها العنان لألعاب المخيلة، ويصبح فيها التاريخ مجرد وقائع فلسفية.
كان شكري إذن علي وعي تام بأنه يكتب تاريخا لم يحدث، وثورة لم تأت بعد.. ليس مهما الأحداث ولا مطابقتها للواقع، لسنا أمام حدوتة سياسية، بل أمام خيال صرف قد يطابق الواقع لصدفة خاصة، وقد ينفصل عنه تماما..هذا الوعي هو الذي جعل شكري يكتب رؤاه للثورة في كتاب آخر نثري بعنوان " في عين العاصفة"..ويكتب شهادته عما جري من وقائع كشهادة بعنوان " ثلاثية التحرير"..لكن الرواية شيء آخر، مختلف بالقطع، عالم مستقل بذاته فيها الكتابة مجرد " اقتراح" فني قد يكون بلا وصاية او رسالة محددة، وإنما يمكن للقارئ أن يحدد الرسالة التي يصل إليها. هذا الوعي هو الذي جعل البطل يكتب رسالته/ روايته مدركا ما فيها من نقائص، محددا للقاريء العيوب الفنية التي يمكن أن يقابلها وهو يقرأ النص. يكتب علي لأبنه في الصفحة الثانية من الرواية:" ستجد رسالتي مشوشة بعض الشيء، ومؤكدا انني سأكرر بعض الأشياء، واطيل حين تظن أن عليَ الإيجاز، وأوجز حيث ينبغي الإطالة، سامحني لو كان الوقت يسمح لكنت راجعت هذا الخطاب بعد إنهائه، شذبته لكي يصبح نصا متماسكا منمقا كما اعتدت أن أفعل..ولكن لم يعد هناك وقت لأي من هذا..". هذا الوعي هو الذي يصنع الرواية ويجردها من كونها خطابا سياسيا..لتصبح سؤالا مفتوحا حول القيم الجديدة التي ينبغي أن تطرحها الثورة. وبالتالي سنجد أنفسنا امام "أبواب" للخروج لا باب واحد.. وعلي القاريء أن يختار الباب الذي يريحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.