"رواية باب الخروج -وقد لا يصدقني أحد- ليست رواية سياسية".. هكذا فجّر الدكتور عز الدين شكري فشير -الروائي والدبلوماسي السابق- دهشة الجمهور، حيث أكد أن الرواية قماشتها سياسية، إلا أنها في النهاية تتحدث عن حالة إنسانية، فهي تتكلم عن العدل والسلطة والأب الغائب. وأوضح فشير أن الرواية تضع أمام القارئ الشكل النهائي لأفكاره الحالية لتواجهه بما يمكن أن تؤدي له، معلقا بأن الكثيرين طالبوا بمحاكمات ثورية أو ينتقدون السلفيين ويريدون الخلاص منهم على الساحة السياسية، ولذا فالرواية تضع لهؤلاء الشكل النهائي لما يمكن أن يحدث عند تحقق رغباتهم هذه. جاء ذلك في ندوة بدار الكتب بباب الخلق لمناقشة الرواية أمس (الأحد) بحضور الناقد محمد شعير والروائية شرين أبو النجا وإدارة للندوة من قبل د. إيمان عز الدين، رئيسة الدار. وقد طالب أحد الحضور د. عز الدين بأن "يصرف العفريت" حيث قال: "اللي حضّر العفريت يصرفه"، مؤكدا أن رواية "باب الخروج" تكاد تكون "كتالوج مستقبلي" يتنبأ بأحداث الثورة، وأن ما ورد في الرواية يتحقق الحدث تلو الآخر. وقد علق فشير ضاحكا: "أنا ماحضرتش العفريت، العفريت موجود من الأول.. أعتقد فقط أني شايف العفريت". مؤكدا أنه لو كان باستطاعته صرف العفريت لم يكن ليكتب الرواية من الأساس، قائلا: "العفريت لن ينصرف إلا بفعل على الأرض"، وطارحا فكرة أنه ربما لكل عفريت expired date (تاريخ انتهاء صلاحية) وله time life سينتهي بعدها. وحول شخصية علي شكري -أحد أبطال الرواية- ذكر فشير أن الحياد والشخصية الحيادية شخصية قاتلة، فهي لا تأخذ أي موقف في الحياة. موضحا أن بناء الشخصيات في الرواية ومع تقاربها مع شخصيته الحقيقية خاصة شخصية عز الدين فكري، رد فيشر بأنه "يسرق" الشخصيات من الواقع فهو يرى الشخصيات حوله فيقوم برسمها، موضحا بأنه يضع شخصياته على الورق أولا ويكتب لها قصة حياة كاملة قد لا يأتي ذكرها في الرواية، ولكنه يعرف أدق تفاصيل كل شخصية قبل كتابتها. وعلقت د.شيرين أبو النجا على شخصية "عز الدين فكري" بأنها ليست شخصية فشير بل إنها تحمل ملامح واضحة من التاريخ ومن شخصية ماكسميليان روبسبير -السياسي والمحامي الشهير أثناء الحملة الفرنسية- موضحة أن البدايات تتفق حيث يبدأ كلاهما (فكري وروبسبير) كثائر مدافع عن الحقوق وينتهي كسفاح ليُعدم الاثنان بالقانون الذي وضعاه، معلقة على عهد روبسبير بأنه قد سمي عهد الإرهاب، وهو ما حققه "عز الدين فكري" بالرواية. وأضافت أبو النجا أنها رغم ذلك ورغم كراهيتها لفكرة ربط الكاتب بأعماله، إلا أنها لا يمكنها أن تهمل خلفية فشير حيث عمل بالسلك الدبلوماسي، وكان قريبا من مطبخ صنع الأحداث، إلا أنه قرر الاستقالة وترك كل ذلك ليختار التفرغ للكتابة، ثم أوضحت كيف عاد فشير ليتولى منصبا بوزارة الثقافة ويقترب مرة أخرى من مطبخ صنع الأحداث، إلا أنه وللمرة الثانية وفي صمت يقرر أن يترك ما لا يرضيه ويقدم استقالته ليعود للكتابة. معلقة أن فشير ضد التيار دائما، قائلة إن الجميع كتب عن الثورة، سواء بصيغة الماضي حيث حكوا يومياتهم وذكرياتهم بال18 يوما، والقلة من تحدثت عن الثورة في زمن المضارع، إلا عز الدين فشير الذي كتب عن الثورة في زمن المستقبل. وتساءل الناقد محمد شعير: هل كون الرواية تتحدث عن أحداث مستقبلية يفقدها أهميتها في حالة عدم تحقق أحداث الرواية في الواقع؟ وأجاب شعير بأن ذلك غير متحقق، ذاكرا عددا من روايات "التاريخ المستقبلي" عبر الأدب العالمي والتي لم تتحقق ورغم ذلك لم تفقد أهميتها. وعقد شعير مقارنة بين "باب الخروج" وبين ثلاثية نجيب محفوظ، موضحا أن محفوظ قد عاد في ثلاثيته إلى الماضي مؤرخا لثورة 1919 من خلال تتبع عائلة السيد أحمد عبد الجواد، وأن محفوظا كان يحن إلى زمن الليبرالية المفتقد ما بعد ثورة 1952 لتنتهي الرواية بحفيدين أحدهما يساري والآخر إخواني، وكأنه يريد القول بأن المعركة القادمة بين اليسار والإخوان. بينما قام فشير باستقراء المستقبل لثورة 25 يناير موضحا العلاقة بين السلطة والمحكوم، ليدخل في مغامرة سياسية وفنية. وقد تساءلت إحدى القارئات حول إظهار فشير للشخصيات الإخوانية بالرواية بمظهر جيد خلافا لما هم عليه في الواقع، متسائلة: "كيف يكون الحل في اتحاد الشباب الثوري مع شباب الإخوان في حركة معا وكلنا يعرف ما يفعله الإخوان؟ وكيف يتم التماس الأعذار لأخطاء الرئيس بيومي حيث يكتشف القارئ أن ما حدث مؤامرة من اللواء القطان؟". وقد رد فشير ضاحكا بأنه معروف عنه ميله وانتماؤه للإخوان، مما دفع الحضور إلى الضحك. وفي النهاية فقد أوضح كل من محمد شعير ود.شيرين أبو النجا، أن الرواية تحوي أكثر من باب للخروج من المأزق وأن كل قارئ يمكنه أن يجد بابه، ورد فشير بأنه يسعده أن تُقرأ الرواية بعدة أشكال، وأنه بالفعل هناك أبواب عدة للخروج، ولكن الباب الرئيسي هو في العمل الجاد على إيجاد حد أدنى من التوافق بين الشباب وليس العجائز وكبار السن. جاء اللقاء كبداية لسلسلة ندوات أعلنت عنها د.إيمان عز الدين، تنوي دار الكتب عقدها شهريا في صالون ثقافي جديد لمناقشة الأعمال الثقافية والأدبية أيا كان توجهها. وكانت رواية "باب الخروج" قد صدرت في نهاية عام 2012، وتعتبر الرواية السادسة لكاتبها، وقد أثارت الرواية الانتباه بشدة بتناولها مستقبل الثورة حتى عام 2020 متخيلة المراحل التي يمكن أن يمر بها الوطن عبر رسالة يرسلها البطل "علي" -مترجم الرئيس المخلوع بالرواية- إلى ابنه في لحظات حرجة تحت عنوان "رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة". وقد نفدت نسخ الرواية من الأسواق في الوقت الحالي، وتستعد دار الشروق لعرض طبعة جديدة من الرواية في وقت قريب.