خبراء: ماسبيرو فى قلب الجمهورية الجديدة    الرسالة وصلت    أموريم: ما يهمني أننا لم نكن مملين أمام أرسنال    تدعيم الوسط مستمر.. أهلي جدة يستهدف صفقة سويسرية    لميس الحديدي تكشف تفاصيل غرق مدير التصوير تيمور تيمور    نادين الراسي في وصلة رقص وانسجام بحفل أصالة نصري | شاهد    الولايات المتحدة.. إطلاق نار في بروكلين يخلف 3 قتلى و8 جرحى    الولايات المتحدة تعيد تموضعها العسكري في العراق وسط تصاعد التوترات الإقليمية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 17-8-2025 بالصاغة (آخر تحديث رسمي)    الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي يتجاوز تريليونين و143 مليار دولار    بعثة المصارعة النسائية تصل بلغاريا للمشاركة في بطولة العالم    رئيس محكمة النقض يَستقبل رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات للتهنئة    إغلاق 8 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان والطب النفسي بالجيزة (تفاصيل)    نائب إيراني: أوروبا في مرمى صواريخنا وواشنطن ونيويورك ليستا ببعيدتين    الجوزاء والأسد.. 5 أبراج غيورة على شريكها (تعرف عليهم )    وصفات منعشة وصحية في الصيف.. طريقة عمل التين الشوكي عصير وآيس كريم (فيديو)    «صحة الإسكندرية»: إعداد خطط تطوير شاملة للمستشفيات وتفعيل غرف منسقي الطوارئ (صور)    جولات تفقدية لرئيس مياه الشرب والصرف بأسوان لمتابعة المحطات والروافع في ظل ارتفاع الحرارة    «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر أغسطس 2025    أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    مستشفى قها التخصصي ينقذ طفلة من فقدان ملامح أنفها بعد جراحة دقيقة    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    ريال مدريد يخطط لبيع رودريجو لتمويل صفقات كبرى من البريميرليج    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    وزير الثقافة يعلن عن بدء الاستعدادات لإطلاق مؤتمر وطني عن الذكاء الاصطناعي    وزير السياحة: ضوابط جديدة للمكاتب الصحية بالفنادق.. وافتتاح تاريخي للمتحف المصري الكبير نوفمبر المقبل    رئيس وزراء إسبانيا يقطع عطلته الصيفية لزيارة المناطق الأكثر تضررا من حرائق الغابات    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    فيضان مفاجئ في شمال الصين يخلف 8 قتلى و4 مفقودين    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن تفاصيل مسابقة «أبو الحسن سلام» للبحث العلمي    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    تعرف علي شروط الالتحاق بالعمل فى المستشفيات الشرطية خلال 24 شهرا    تعليق طريف من خالد الغندور على تألق محرف الزمالك    إصلاح الإعلام    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د .عز الدين شكري: الرواية هي الحل
نشر في أخبار الأدب يوم 15 - 10 - 2012

الخليفه السياسية تعطي ملمحا فريدا لأعمال عز الدين شكري، ففي رواياته الخمس السابقة يمزج ببراعة بين ما يعرفه فعلا من وقائع وأحداث سياسية نتيجة لعمله لفترة في السلك الدبلوماسي المصري وبين الخيال أو الفنتازيا، حتي يحار القارئ دائما في طبيعة عمل شكري نفسه! فالكاتب والروائي يقدم دائما تفاصيل وكواليس تكاد من فرط واقعيتها أن تكون حقيقية.
لكن تلك الخلطة فاقت الحد هذه المرة، هو نفسه يصبح شخصية روائية في أحدث رواياته »باب الخروج..رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعه «وفيها يكتب عن الثورة التي لم تحدث بعد، الثورة التي استفادت من أخطاء ثورة يناير، يكتب علي المترجم في رئاسة الجمهورية رسالة إلي ابنه من علي متن سفينة محملة بشحنة نووية يحكي له فيها كل ما حدث، الثورة وتوابعها، المحاكمات الثورية، صعود السلفيين، سيطرة الإخوان، الانقلاب العسكري، الصفقات السرية، والأحداث المصطنعة، يتطهر علي في رسالة طويلة كانت أول ردة فعل بعد صمت طويل.
تجربة تستحق التوقف ليس فقط لأن المؤلف كتبها ونشرها مسلسلة في جريدة يومية علي مدي 75 يوما وهي تجربة ربما لم تحدث من قبل، ولكن لان الأحداث التي تنبأ بها في الرواية بدأت في التحقق فعلا!
كنت تتساءل دائما أثناء الثورة وبعدها زما الذي يمكن أن نكتبه الآن؟ أعتقد بعد رواية بهذا الحجم أنك وجدت ما تكتبه، أم أن المأزق لازال مستمرا؟
- أتذكر أنني قلت لمكاوي سعيد في فبراير 2011 وكنا في الميدان وقتها أن العالم الروائي اختلف، ولم يعد يصلح أن نكتب الروايات نفسها التي كنا نكتبها، ليس العالم فقط بل والشخصيات كذلك، الشخصية المقهورة الممسوحة لم تعد تصلح الآن، هذه واحدة، أيضا كان من المبكر أن نفكر في كتابة الروايات، لأن الرواية تتناول شخصيات وأحداثاً، وكلاهما لم يستقر بعد، الواقع يتغير والكتابة في ظروف كتلك مغامرة كبري، لذلك كان رأيي وقتها أن ننتظر »سنتين.. تلاتة.. خمسة «حتي تتضح الأمور، ورغم ذلك انتابتني رغبة جامحة في كتابة هذه الرواية، وكنت مدركاً أثناء الكتابة أنها مغامرة علي مستويات كثيرة، من ضمنها أنني أكتب عن واقع لم يتشكل بعد، وشخصيات لم تستقر بعد، وبالتالي هناك احتمال أنه بعد سنوات قليلة تندثر الرواية ولا يبقي لها أي أثر.
سنوات؟! هذا ربما علي سبيل التفاؤل، لأن الرواية كانت معرضة لهذا بعد أيام من صدورها، خاصة وأنهاتتحدث عن المستقبل ؟
- ربما كان يمكن أن يحدث هذا علي مستوي الأحداث، لكني أعول أكثر علي الشخصيات، فالشخصية المصرية ليست سريعة التغير إلي هذه الدرجة، فعماد الرواية إلي جانب »الحدوتة« هو الشخصيات وهل هي شخصيات حقيقية أو قابلة للتصديق أم لا؟ مثلا شخصية عفاف أو ميرفت وقدرتهم علي التحدي والصلابة, هذه لم تكن شخصية هذه الفئة من
الشعب منذ عشر سنوات مثلا، في هذا التوقيت ستجد شخصيات منسحقة ك »ذات« مثلا في رواية صنع الله.
العنوان رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة أين هذه البهجة؟ ربما تكون فقط عند كاتب الرسالة وليس متلقيها؟
البهجة هي التحدي الآخر في الرواية، فوقت الكتابة كنت أنوي أن تكون نهاية الرواية سعيدة، وأنا أزعم أنها كذلك، والتحدي كان أن أكتب نهاية سعيدة ليست مفتعلة، خاصة وأن البطل التراجيدي في هذه الرواية يختار أن يخسر إما حياته أو مبادئه وشرفه، المعضلة كانت كيف يختار من بين هذه الاختيارات وفي الوقت نفسه يخرج منتصرا. وكان اختياره هو باب خروجه، كما أنه وجد فيه بابا للآخرين كذلك، وما يجعل البهجة غير متوقعة هو خروجها من رحم المأساة.
المخطوطة الصينية
دعنا لا نستبق الأحداث، نعود إلي البداية، لماذا قررت نشر هذه الرواية مسلسلة، وهل كانت جاهزة قبل نشرها؟
- كان عندي في صيف 2011 مشروع رواية ككل المرات السابقة، كان اسمها »المخطوطة الصينية« علي بطل الرواية كتبها بالصينية، وتم العثور عليها بعد انفجار الشحنة النووية التي تحدثت عنها في الرواية المنشورة الآن، وبدأنا في ترجمة المخطوضة، لكني تراجعت لأنها كانت سوداوية تماما.
وفي 2012 بدأ ما فكرت في كتابته يحدث فعلا، ولم أكن قد كتبت شيئا بعد، فشعرت أن الواقع سيسرق الرواية، ولو انتظرت الدورة الطبيعية للكتابة والنشر فستضيع فكرة الرواية التي تتحدث عن المستقبل أساسا، فبدأت أفكر في الرواية المسلسلة وكنت أفكر في نشرها أسبوعيا، كانت حالة نفسية ربما، شعرت انني أريد أن أكتب وأنشر في الوقت نفسه، تحدثت مع إبراهيم المعلم وقلت إن لدي هذه الفكرة الجنونية، ورد بأن إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ سبقوني في هذه التجربة، وكانت مفاجأة الحقيقة لأني كنت أعتقد أنهم كانوا ينشرون كتبا منتهية، ولم أتصور أنهم كانوا يكتبونها قبل النشر مباشرة، المشكلة أنهم أقنعوني بأن النشر الأسبوعي سيكون صعباً جدا، لأن القارئ لن يتابع الأسبوعي ولن يتذكر القصة، كما أن الحلقات ستطول جدا، فكان النشر اليومي، وهو تحد كبير في الحقيقة، كنت أفكر طوال الوقت ماذا لو توقفت، ولم استطع الكتابة، مرضت، اي شيء يعيق الاستمرار، لكني عشت 75 يوماً داخل الرواية، وأنا فخور فعلا بهذه التجربة.
نشرت الرواية كما نشرت مسلسلة في التحرير، لو كان لديك إمكانية التغيير هل كنت ستغير؟
- كان لدي بالفعل هذه الإمكانية، لكن المسألة بالكامل كانت تحدياً، وأردت خوضه للنهاية. قلت لنفسي » ياأخي فيه ثورة في البلد أنت خايف من إيه، افرض باظت يعني.. تبقي رواية وباظت وخلاص«!
هذا لا يمنع من وجود بعض المشاكل، يمكن أن نقول مثلا إن الحبكة الروائية ضعيفة إلي حد ما، هل كنت تتصور أن القارئ سيتسامح علي اعتبار أنها فانتازيا؟
- أنا أتصور أن القارئ متعاون مع الكاتب، وبيننا عقد من البداية أنها رواية وليست حقيقة، فأنا أكتب للقارئ الذي يريد أن يلعب، وتعليقاتهم وقت كتابة الحلقات كانت مهمة جدا، لكن كانت هناك بعض الآراء الغريبة.. مثلا في النهاية كتب أحد الأشخاص أن الرواية عدد كلماتها كذا، ولو افترضنا انه يكتب بسرعة كذا فلا يمكن أن تكون الرسالة مكتوبة في يوم واحد!! هذا محاسب وليس قارئا، هذا قارئ »ثقيل«أنا أعول علي تعاون القارئ طالما في حدود، وطالما أنه ليس هناك خلل في بنية الرواية.
بعض الفصول كانت مقالات سياسية مطولة، هل يمكن أن نقول أنك تمرر أراءك السياسية عبر الشخصيات الروائية؟
- لا. فقط الآراء المعبر عنها في الرواية كنت أفضل أن تكون في صورة روائية وليست مقال رأي، وإذا شعر قارئ أنه يقرأ مقالات فأنا فشلت معه في هذه الجزئية. فالرواية ليست علي الإطلاق وسيلة للتخفي.
في بداية الرواية أعطيت السلفيين حجما أكبر من حجمهم الحقيقي، هل كنت متأثرا بالأحداث الجارية وقتها؟
- الرواية بالطبع تأثرت بالأحداث، ولكن حتي بدأت الكتابة، بمجرد أن بدأت الكتابة دخلت في منطق داخلي للرواية ليس له علاقة بما يحدث.
رغم أن وقت الكتابة كانت به أحداث كثيرة، وربما بعضها كان مغريا، فهل فكرت في الإضافة أو التغيير؟
حدثت بالفعل أحداث لكن لم أفكر في التغيير أو الإضافة، أنا بشكل عام لم أعط اهتماماً كبيراً للمرحلة الانتقالية، كنت أريد أن تكون قصيرة، لأني كنت »بمخنوقاً« منها، ولم أتحدث في التفاصيل إطلاقا، تفاديت الأحداث الجارية أثناء الكتابة قدر الإمكان.
المستقبل والواقع
كثير من المطروح في الرواية يحدث فعلا في أرض الواقع الآن، وهذا شيء مذهل في الحقيقة..
-لهذا السبب بالتحديد كنت أتعجل الكتابة وإصدار الرواية، أنا أعمل في العلوم السياسية، شغلتي هي التحليل، الفاعلون السياسيون يطرحون رؤاهم، وأرد طوال الوقت بأن هذه المطالب ستقود في النهاية إلي كذا وكذا فاكتشف أنهم لا يلتفتون، فشعرت بعبث الكلام وأوقفت المقالات، واعتقدت أن الرواية هي الحل، أستطيع فيها أن أرسم هذه السيناريوهات، مثلا يطالب البعض بمحاكم ثورية، فارسم في الرواية سيناريو متكاملا لما يمكن أن تؤدي إليه هذه الأفكار، وهكذا. البعض يطالب رئيس الوزراء مثلا بان يفعل كذا ويحل كذا وإذا تولي الشخص نفسه الحكومة غدا لن يستطيع أن يفعل اي شيء مما يطالب به، لأنه إما لا يعرف العراقيل، أو لأنه يتجاهلها، مثلا يتحدثون الآن عن فتح الحدود مع غزة، ستصبح أمام العرب بطلا، لكن بعد فترة ستبدأ مشاكل لا قبل لنا بها، مثلا هناك بعض الجماعات في غزة تتخذ من المقاومة المسلحة منهجا، هذه الجماعات لن تتوقف عن المقاومة، والعدو الصهيوني لن يستقبل فقط، سيهاجم أيضا، فما العمل هنا، هل ستساعد أخاك أم تسلمه للعدو؟! إذا ساعدته فأنت في حرب مباشرة، وإذا سلمته فأنت خائن وعميل. هذه هي الطريقة التي استخدمتها في الرواية مجموعة من المقدمات تقود إلي نتائج حتمية والواقع لا يختلف كثيرا عن هذه السيناريوهات فقط يحتاج إلي بعض الملاحظة والتحليل. والكتابة عن المستقبل هي تضفير لما يحدث في الواقع.
الرواية سياسية بالكامل
-أنا ازعم أنها ليست رواية سياسية هي عن مأزق إنساني نعيش فيه، العجينة سياسية، أملي أن القارئ لا يعاملها باعتبارها مقالاً سياسياً، كنت مقررا من البداية أن تكون هكذا ، كنت فقط أحب أن افرد الجانب الانساني في الشخصيات، لكن هذا كان سيجعل الرواية أضعاف ما ظهرت به. هي كراويات الحرب، مثل البحر الذي يغرق كل شيء، وهذا ما فعلته الثورة.
شخصية عز الدين، لماذا أقحمت نفسك في الرواية؟
-كانت فرصة أني »أتريق علي نفسي« وهذا جزء عرضي، لكن الفكرة الأساسية كانت البحث في شخصية الديكتاتور ابن الثورة وليس القديم، السفاح الرومانسي إذا جاز التعبير، والخط بينهما في السياسة رفيع جدا، الدخول علي السياسة برؤي متكاملة تعلي شأن الرؤية عن الواقع وتريد إعادة هيكلة الواقع بحيث ينطبق علي الرؤية هذه هي الفاشية، وفي الثورات تنتشر هذه الأفكار، مثل ماكسميليان روبسبير في الثورة الفرنسية صاحب فكرة الإعدامات والمقصلة، الذي كان في البداية ضد عقوبة الإعدام!! وهذه هي الشخصيات الروائية التي تستهويني.
الرغبة في الحرية
كنت أمينا عاما للمجلس الأعلي للثقافة، لكنك حتي الآن لم تتحدث عن كواليس اقتربت منها، يمكن أن نقول إنك تعاملت ربما لأول مرة مع دولاب العمل الثقافي الرسمي، متي سيظهر هذا الجانب وهل ستكتبه في مقالات أم رواية؟
- عندي مشروع رواية لم أكتبها، ولا أعرف في الحقيقة هل سأكتبها أم لا.
كيف تري ميدان التحرير الآن؟
- اعتقد أنه نجح ونجاحه يجعل دوره غير ضروري.
بمعني؟
- الميدان ظهر أصلا لأن النظام السياسي كان معطلا، وقنوات الصراع السياسي كانت مغلقة، فانفجر الميدان في شكل ثورة، نجح في أن يخلق قنوات للصراع السياسي، ليست قنوات مثالية، لكن أدت الغرض، لو قويت وأدت أدوارها بشكل سليم سيكون الميدان كبؤرة للتعبير السياسي غير ضروري، لكن لو سدت هذه القنوات سيعود مرة أخري.
عيش.. حرية..عدالة اجتماعية، هل تحقق أي من ذلك؟
- هناك حرية فقط. بدايات جيدة جدا للحرية.
هذا عكس ما يحدث علي الساحة الآن؟
-هناك صراعان؛ صراع مع الاستبداد القديم وصراع مع الاستبداد باسم الدين، الأول انتهي، الثاني هو ما يجب أن نستعد له، سيكون بالتأكيد هناك صراع علي حرية الرأي، أنا منتظر حدوثه، لأني مقتنع بأننا سنكسبه، وكل من يتبني رؤي معادية لحرية الرأي هم في معسكر الأقلية ومعسكر الماضي وسيهزم، هذا أساس الثورة، ولم تكن لتحدث سوي بتغيير ثقافة الناس، اغلبية الشعب تفكيره اختلف، هناك ميل تلقائي للحرية، نحن فقط ننظر علي الطرف الآخر ولا ننظر لأنفسنا. وهذا هو الصراع الذي سيحسم شكل مصر في المرحلة المقبلة.
حتي مع الاتجاه لوضع مواد مقيدة للحرية في الدستور؟
-فليفعلوا ما يشاءون وفي النهاية الناس هي التي ستقرر، هناك قيادات في الإخوان تعمل بعقلية حسني مبارك، وتظن أن الدولة »بدله« تغير مرتديها، لتفعل الأشياء نفسها، هؤلاء لا يفهمون أن الثورة لم تكن فقط علي الشخص بل بالأساس علي التصرفات التي يحاولون تقليدها الآن. انظر حولك للناس العادية في الشارع.
الحقيقة أن الناس العادية لا تفكر كثيرا في قضايا الرأي..
-انطباعي الشخصي أن الناس تعبت من الكلام، لكن بمجرد أن تهدأ الأمور سيكون لديهم رد فعل مختلف، الباعة الجائلون يتصدون للدولة ليطالبوا بحقوقهم، أنا لا أقلق علي مجتمع »يتعارك« فيه المواطن العادي مع الدولة.
أنت لا تعول علي النخبة؟
-إطلاقا. لا أعول علي النخبة القديمة مطلقا، كل طرف فيهم سيواصل عمل ما كان يفعله، الأحزاب ستواصل ما كانت تفعله، ومستمر بالتأثير نفسه ، لكني أعول علي التكوينات الجديدة. ستخطئ لكنها في النهاية مصدر النور.
تقول سيرتك الذاتية إنك عملت في إسرائيل، هل فكرت في كتابة هذه التجربة؟
-هذه رواية مكتملة وبالتأكيد سيأتي وقتها.
هل يمكن أن تكرر التجربة؟
-لا أعتقد. هي تجربة غنية، لكنها مرهقة جدا، خاصة لو لشخص عنده عين ومشاعر، لأنك ستري الموجود، وستفكر في الطبقة السفلي، مثلا جامعة تل أبيب، مثل أي جامعة أخري، لكني كنت أسأل نفسي طوال الوقت هذه المباني الحديثة مبينة علي ماذا؟ ثم أكتشف أنها مبنية علي أنقاض قرية كاملة، أهلها »بطفشوا أو طفشوهم« خافوا أو خوفوهم، وأزالوها بالكامل باستثناء بيت وحيد استغلوه أيضا ضمن مباني الجامعة، وقس كل شيء علي هذا الأساس، فأنت هناك تعمل تتعامل مع البائعين وكل شيء، تجربة مرهقة، أعتقد لا يمكن تكرارها.
هل حدثت أي مضايقات في مصر؟
-أنا نفسي»اتخضيت« في البداية، لأنه لم يكن يوجد في ملف خدمتي ما يوحي باهتمامي بهذا الملف، كنت أعمل علي مياه النيل مع بطرس غالي، ثم إفريقيا، وفي كندا درست النظام العالمي والبيئة، أمي قالت لي كلمة واحدة: »يانهار اسود، هنقول للناس إيه؟«
من 2011 وحتي الآن هل عرض عليك مناصب؟
-لا. لم يحدث
لو عرض تقبل؟
-لا. لأني لا أريد أن أعمل في شيء تنفيذي.
أم لأنك لا تريد العمل مع الإخوان؟
-لاولكن لأني عملت مع تنفيذيين كبار، وعرفت أن هذا لا يصلح لي، ليست هذه هي الحياة التي أريدها.
من يناير 2011 وحتي الآن هل بحثت عن باب للخروج؟
-الحقيقة فكرت في أوقات معينة، لكن الخلاصة كانت أن هذا أيضا ليس لي، فأنا ربما أحتاج إلي إجازة لكن ليس هروباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.