خلال حفل وطن السلام.. السيسي: أكتوبر شهر النصر..اتخاذ القرار مسئولية وقضيتنا عادلة ولا نتعدى على حقوق الآخرين..ورفضنا تهجير الفلسطنيين    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت 25-10-2025 بعد الارتفاع الكبير    العلمين الجديدة تقترب من اكتمال البحيرات الصناعية بنسبة 94% على مساحة 820 ألف م2    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر ومواقيت الصلاة الجديدة (تفاصيل)    ترامب خلال توقفه في الدوحة: تميم من أعظم حكام العالم وقطر حليف عظيم لنا    دخول معدات وحفّارات من معبر رفح باتجاه كرم أبو سالم تمهيدا لدخولها قطاع غزة    محمد مصطفى يشارك في فعاليات الجمعية العمومية للاتحاد العالمي للتايكوندو في الصين    تزامنًا مع احتفالات مولد إبراهيم الدسوقي.. حملات تموينية مكثفة في دسوق بكفر الشيخ    تكريم خديجة حباشنة وكوثر بن هنية وجوسلين صعب في مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة    على طريقة الوسادة الخالية.. 4 أبراج لا تنسى حبها الأول أبدا    قافلة طبية بدمياط تقدّم فحوصات وتحاليل مجانية لأكثر من ألف مواطن بالكاشف الجديد    السكة الحديد تسيّر الرحلة ال28 ضمن مشروع العودة الطوعية للسودانيين    إصابة طالبين إثر تصادم دراجة بخارية في قنا    حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    بث مباشر مباراة الأهلي وإيجل نوار البوروندي في دوري أبطال إفريقيا (لحظة بلحظة)| الأهلي يسجل الأول    مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر لم تدخر جهدًا إنسانيًا أو لوجستيًا منذ بداية أزمة غزة    بنحبك يا ريس.. استقبال حافل للرئيس السيسي بفعاليات الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام»    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    إبراهيم ربيع يكتب: خربشة    الأرصاد الجوية تتوقع طقسًا خريفيًا وأمطارًا في هذا الموعد    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    شخصية المطر    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    طريقة تحضير الكوكيز في الميكروويف    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    هل تصل قراءة الفاتحة إلى الميت؟.. عالم أزهري يجيب    كيف يتعلق قلب المسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم؟.. عالم أزهري يجيب    «تعليم الغربية» تعلن جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 للمرحلة الابتدائية    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    فيديو.. إعدام رمزي لنتنياهو في ولاية طرابزون التركية    لاعب بتروجت: أتمنى الانضمام للأهلي.. وفخور بتشبيهي ب علي معلول    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    الوداد المغربي يحدد خططه لتجهيز حكيم زياش    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    بعد إعلان زواجهما.. منة شلبي وأحمد الجنايني يتبادلان رسائل الحب على السوشيال ميديا    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    أغرب وأجرأ إطلالات النجوم بمهرجان الجونة السينمائى.. من الافتتاح للختام    الحكومة المصرية تدير 7 مراكز لوجستية رئيسية لتعبئة شاحنات المساعدات إلى غزة    برينتفورد ضد ليفربول.. سلوت يشعل حماس محمد صلاح برسالة غير متوقعة    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    ريال مدريد ضد برشلونة.. البارسا يختبر كوندى فى مران اليوم    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    الاتحاد الأوروبى: ضم إسرائيل للأراضى الفلسطينية غير شرعى ولن نعترف بسيادتها عليها    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن البيان »المسئ«: التخوين في مواجهة المظلومية
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 07 - 2013

بدأ الأمر ببيان صاغه عدد من المثقفين بعنوان »الآن الآن وليس غداً، من أجل استكمال الثورة«. البيان أثار الكثير من الأرواح الشريرة بين المثقفين وبعضهم البعض. تحدث البيان عن رفضه لإقصاء فصيل سياسي بعينه من الحياة السياسية، والمعني بالطبع هو الإخوان المسلمين، أو بشكل أكثر عمومية، التيار الإسلامي بأكمله، كما تحدث عن عدم إمكانية كتابة دستور وسط هذه الأجواء المشحونة، وبالتالي فقد فُهم إنه مع الانتخابات أولاً. وهو ما أثار ضده الكثيرون. حملة الهجوم علي البيان كانت موحدة تقريباً، في الغالب لم تتم مناقشته بهدوء، وإنما عبر اتهامات تتصل بتاريخ الموقعين في دعم الإسلام السياسي أمام الدولة الأمنية، حيث الكثير ممن وقعوا البيان هم من الأكاديميين الذين دعموا المرشح الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح في المرحلة الأولي من انتخابات الرئاسة، بل ودعم بعضهم محمد مرسي رئيساً للجمهورية أمام أحمد شفيق، الاتهامات ضدهم تراوحت بين اتهامين »الموالاة للإسلاميين« و»تبني حس إنساني حكيم ومتعال رفيع لا يليق بوقت الحروب«. شحنة الغضب التي تم ضخها عبر هذين الاتهامين كانت هائلة.
ولكن اللافت هو عدد من الردود الموضوعية التي لاقاها البيان، المؤرخ شريف يونس يكتب مثلا عن حديث الموقعين باسم الجموع، وذلك استنادا لجملة وردت بالبيان وهي أن المطالب الاجتماعية والاقتصادية كانت هي المحرك الرئيس لغضب جموع الشعب في 30 يونيو 2013، وهي الجملة التي تخطئ قراءة مشهد 30 يونيو بشدة، حيث خرجت الجموع بوضوح ضد حكم الإخوان المسلمين. البيان أيضاً وقع عليه الكثيرون، ولكن في خضم التوقيعات عليه فقد تم ذكر الأسماء الأبرز، مثل الباحثين دينا الخواجة وخالد فهمي والحقوقيين مثل حسام بهجت والسيناريست بلال فضل والمخرجة نادية كامل. ثم تمت إضافة جملة »وآخرين كثر«، أي أنه بدا وكأنه يحتمي بالسلطة الرمزية للموقعين عليه، سواء سلطتهم في العمل الأكاديمي أو في منظمات المجتمع المدني. أما الباحث عمرو عبد الرحمن فيكتب عن موضوع الإقصاء مسترجعا من التاريخ أنه لا يمكن محاربة فصيل فاشي عبر الآليات الديمقراطية، وأنه لابد من كسر أسلحته أولاً ثم تبدأ بعد ذلك إجراءات دمجه في الحياة الديمقراطية.
الاستقطاب شديد الحدة الآن، وهو لا يفرق بين الدين والطبقة والثقافة فعلياً. علي هامش هذا الاستقطاب هناك عدة ملاحظات يمكننا استنتاجها من معركة البيان.
1- نحن، المثقفين، لسنا واحداً، هناك منا من يميل للتصالح مع الإخوان ومن يميل لإبعادهم عن الحياة العامة. هذا هو اكتشاف العام الماضي، بعد المعركة حول ترشيح عبد المنعم أبو الفتوح رئيساً للجمهورية، ثم توالت مع المفاضلة بين محمد مرسي وأحمد شفيق لمنصب رئيس الجمهورية.
2- لقد انهارت الرموز حقاً، ظل هدف الهجوم في المعركة الأولي، معركة مرسي أمام شفيق، هو مثقفين مثل بلال فضل وعلاء الأسواني والمخرج عمرو سلامة، ممن دعموا، كما أسلف، الإسلام السياسي في مواجهة الدولة الأمنية، أما الهدف في هذه المعركة فقد أصبح مثقفي الجامعة الأمريكية، وهو من كانت تحميهم سلطتهم الرمزية والعلمية من الانتقاد بوضوح. لم يعد أحد آمناً من الهجوم عليه، وهذا شيء إيجابي تماماً.
3- أصبح شائعاً جدا في مجتمعنا، مجتمع المثقفين والمهتمين بالشأن السياسي، اللجوء لآلية التخوين في الرد من جانب مهاجمي البيان، والاحتماء ب بالمظلومية، من جانب المدافعين عن البيان: بمعني »نحن غير قادرين علي النقاش وسط هذا الجو المشحون ووسط جميع اتهامات التخوين هذه«. النقاشات الجادة حول البيان كانت قليلة للغاية. اللحظة الآن شعبوية للغاية، ربما يكون سببها أن نقاشات المثقفين المغلقة حول السياسة قد خرجت للعلن بعد الثورة. كان المثقفون طول الوقت متورطين في السياسة، والآن تورط الشعب، فتم صبغ النقاشات السياسية بالشعبوية. بالمناسبة، هذه الشعبوية لها كلمة أخري، الديمقراطية. ربما يكون هذا أفضل ما حدث بعد ثورة 25 يناير، كون السياسة قد أصبحت ملكاً للجماهير، وأصبح خطاب المثقفين خطاباً جماهيرياً بالتالي، الديمقراطية لها أنياب، ومعني الديمقراطية هو التورط في »ديماجوجية« الشعوب، الديمقراطية نقيض الحكمة.
4- نحن في لحظة فارقة ومختلفة عن كل التاريخ الذي نعرفه، وهي لحظة تصبح فيها مواجهة الإسلام السياسي قادمة من أسفل، من عمق المجتمع، وهي لحظة لم يتعود المثقفون علي تحليلها وبناء مواقفهم الأخلاقية علي أساسها.
5- انطلاقاً من النقطة الأخيرة، هذه واحدة من مشاكل البيان: من يخاطب، إذا كان العنف ضد الإخوان قادماً من أسفل، فهل توجه كلامك للجماهير الهائجة ضد الإخوان؟ البيانات لا توجه للجماهير. هذا غير منطقي، هل توجه كلامك للسلطة؟ إذن ما آليات المصالحة التي تطرحها؟ مشكلة البيان إنه يتحدث عن المصالحة كحكمة أخلاقية، وبالتالي فقد تعالي علي السياسي والإجرائي تماماً، وتورط في الحكم الأخلاقي. البيان أصبح مثل فيروز وهي تغني لجميع الفصائل المتناحرة في الحرب الأهلية اللبنانية تدعوهم لنبذ العنف، تقول كلاماً صحيحاً ولكنها لا تفكر في الآليات، وبالتالي فهي، مع كل سلطتها الرمزية، غير قادرة علي إنهاء الحرب. ولكن في نفس الوقت فهذا الكلام الصحيح الذي يقوله البيان، لم يكن يستحق مثل هذا الهجوم الكاسح، فلا أحد من المهاجمين يعبر مثلاً عن رغبته في »قتل الإخوان المسلمين واحداً واحداً في الشوارع«، وإنما يعي الجميع أن الأفضل بالنسبة لأي مجتمع هو دمج كل فصائله سوياً، كما أن صائغي البيان، في المقابل، لم يعبروا عن رغبتهم في إدماج أعضاء مكتب الإرشاد في الحياة السياسية، وبالتالي فالخلاف حول »لا للإقصاء«، ليس مفهوماً طالما أنه لم يوضع تعريف محدد لما هو الإقصاء وما هو الدمج، ولا من المقصود بكليهما، وهو التعريف الذي لم يتقدم به البيان.
في النهاية، فالبيان لم يعبر عن شيء، إلا حكمة أخلاقية متجردة، ولكن المعركة حوله تكشف عن كثير من الانشقاقات التي بين جموع المثقفين والنشطاء والحقوقيين وبعضهم البعض. نحن لسنا واحداً، وربما لم نكن واحداً أبداً، وما نفعله هو أننا فقط نعيد اكتشاف هذا في كل حرب نخوضها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.