رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 9-6-2024 في البنوك    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    زعيم المعارضة الإسرائيلية: على حزب جانتس الانسحاب من حكومة نتنياهو الفاشلة    لابيد: حكومة نتنياهو تسمح بإرسال شاحنات المساعدات إلى غزة ثم يرسل الوزراء ميلشياتهم لاعتراضها في خروج كامل عن القانون    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    ردا على إطلاق بالونات القمامة.. كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي عبر مكبرات الصوت    «أبرزها إهانة إمام وجائزة القرن».. 9 قضايا أشعلت ظهور ميدو والقيعي    القنوات الناقلة لمباراة السنغال ضد موريتانيا في تصفيات كأس العالم    فرش وتجهيز لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. صور    «الأرصاد»: انكسار الموجة الحارة على محافظات شمال ووسط الصعيد    إصابة شخص بسبب حريق شقة سكنية فى حلوان    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    «مجدى يعقوب» و «السبكى» يشهدان توقيع بروتوكول تعاون لتدريب الأطقم الطبية بالهيئة    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    أسعار الفراخ والبيض اليوم 9 يونيو "خيالية".. الكل مصدوم    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المونتير» علاء عبد العزيز فى فخ ال «السى دى الجنسى»..سيناريوهات إسقاط وزير الثقافة الجديد
نشر في الأهرام العربي يوم 19 - 05 - 2013

سيد محمود حسن - حرب من نوع مختلف تشهدها الأيام المقبلة بين وزير الثقافة الجديد الدكتور علاء عبد العزيز وبين مجموعة من المثققين الذين فاجأهم اختيار عبد العزيز فى موقعه ، كما فاجأتهم قراراته المتلاحقة والتى شملت تغييرا فى مواقع قيادية بالوزارة، أبرزها تعيين الدكتور جمال التلاوى رئيسا لهيئة الكتاب، وإبعاد أحمد مجاهد من المنصب بعد نجاح لافت للنظر فيه، ومن وجهة نظر البعض فإن هذا التغيير كرس انطباعا بوجود خطة لتفكيك الوزارة، وهو أمر أشعل حرب البيانات بين المثقفين والوزير، الذى يؤكد البعض أن استمراره فى المنصب مرهون بقدرة الجماعة الثقافية على الحشد ضده، والسؤال الآن هل يملك المثقفون خطة لإقالة الوزير الجديد؟
سيناريو الفضيحة
وللإجابة عن السؤال لابد من العودة قليلا إلى الساعات الأولى التى أعقبت تعيين الوزير، حيث أعلن رئيس أكاديمية الفنون الدكتور سامح مهران أنه سلم «سى دى» يتضمن ما سماه «فضيحة جنسية» للوزير الجديد الذى يعمل مدرسا بأكاديمية الفنون، وسبق أن قاد اعتصامات ضد رئيس الأكاديمية، وقال مهران: إن هذا الشريط تم تسليمه لوزير الثقافة السابق الدكتور صابر عرب، لكنه لم يحقق فى الواقعة .
البعض اعتبر أن ما أعلنه مهران هو المشهد الأول فى خطوات إسقاط الوزير الذى قال ل «الأهرام العربى»: «إن هذا مستوى من الخلاف، لا يمكن الرد عليه».
مصدر آخر مقرب من وزير الثقافة السابق أكد أن د. صابر عرب تسلم بالفعل الشريط وطلب مشورة المستشار القانونى للوزارة لاتخاذ خطوات قانونية فى التعامل معه، وكان ذلك فى حضور مهران، وانتهى مستشار الوزارة إلى التأكيد بأن جهات التحقيق مع علاء عبد العزيز وبحكم عمله فى الأكاديمية التابعة للوزارة سيجد إجراء عقابيا يقتصر على الخصم والجزاء الإدارى أو تحويل الواقعة للنيابة العامة من خلال بلاغ من المتضرر، أكثر من ذلك أن محتويات (شات) على الفيس بوك بين الوزير والفتاة المتهمة فى الشريط الفضيحة تم تسريبه للصحف والمواقع الإلكترونية، وهو أمر واجهته الجماعة الثقافية بشىء من الغضب، ورأى البعض ومنهم الكاتب الصحفى أحمد عبد التواب أنه ينبغى التصدى برفض هذا الهجوم «الأخلاقى» على الوزير وصور ابتزازه بشريط فيديو لعلاقة جنسية مع فتاة راشدة لم تدّع أنه فرض عليها شيئاً، فالرجل مرفوض لأنه غير كفء فى عمله كمدرس وكمهنى، ولأنه أقل من أن يتحمل مسئوليات وزارة الثقافة، ولأن تعيينه يأتى فى إطار مشروع هيمنة الإخوان على الدولة فقط!
وأما تبنى أفكار ومنطق الإخوان والسلفيين فى تصنيف الناس وتقويمهم، وفرض الوصاية على حياتهم الخاصة، فهذا توجه مخيف يدعم أفكار التيارات الدينية التى تريد أن تقتحم الحياة الخاصة للجميع!
وكل هذا لا يتعارض إطلاقا مع ضرورة العمل بكل السبل السياسية المحترمة لإلغاء قرار تعيينه وزيراً، فهذه مسألة مفروغ منها .
سيناريو الإعلان الدستورى
المنتج السينمائى محمد العدل، الناشط فى جبهة الإبداع يقول: إن الجبهة لا يعنيها التفتيش فى الحياة الخاصة لوزير الثقافة قبل تعيينه ،فهذا أمر لا ينبغى الخوض فيه.
وشدد العدل على أن هناك جملة من الإجراءات لعزل الوزير أو إسقاطه، أولها سلسة من الوقفات الاحتجاجية بدأت الاثنين الماضى فى أكاديمية الفنون ودار الأوبرا، احتجاجا على اختيار وزير بلا سيرة مهنية لها علاقة بالثقافة، بالإضافة إلى ذلك تسعى الجبهة إلى تمكين المواطنين فى الأقاليم من استلام المواقع الثقافية التابعة لهيئة قصور الثقافة بدلا من إغلاقها، والتأكيد أن الفعل الثقافى ينبغى تحريره من سلطة الدولة، وهو أمر تعمل الجبهة على تطويره من خلال التحضير لمؤتمر كبير يبحث مستقبل الثقافة فى مصر من خلال أوراق عمل وتصورات حول تبنى سياسة ثقافية جديدة.
اللافت للنظر أن محمد العدل يتوقع ألا يستمر الوزي
ر الجديد فى منصبه لأكثر من أسبوعين، مشيرا أن دوره فى الوقت الراهن لا يختلف عن دور الإعلان الدستورى الذى ألغاه الرئيس وبقيت آثاره، فسوف يرحل عبد العزيز وتبقى آثاره فى تفكيك الوزارة وإشعال الحرائق فى هيئاتها عبر صياغة معادلة “ الإخوان فى مواجهة الفلول»، وهى معادلة تم تطبيقها فى مؤسسة القضاء بكفاءة .
سيناريو إلغاء الوزارة
يتحمس الكاتب إبراهيم عبد المجيد لتفعيل مقترح “إلغاء وزارة الثقافة “، بحيث ينحصر دورها فى دعم المجتمع المدنى من خلال صناديق التمويل، بعد أن تتحول إلى وزارة دولة أو هيئة داعمة للنشاط الثقافى وتباع كل هيئاتها للعاملين فيها، بحيث لا يبقى فى يد الدولة إلا دار الكتب والوثائق وربما الجوائز، حتى نعطيها أسماء أخرى وتجد لها تمويلا آخر، ويقوم المجتمع المدنى بدوره الثقافى، كما كان الأمر قبل يوليو 1952 . فوزارة الثقافة فى فرنسا مثلا لا تطبع ولا تمثل ولا غيره . تدعم المجتمع الأهلى والكل أمامها سواء . دولة المشروع الحر لا تكون بها ثقافة مركزية . لأن وزارة الثقافة فى النهاية تنفق من أموال الضرائب . لكن أى حزب حاكم سيجعلها أداة لأفكاره .
من ناحية أخرى تبدو سيناريوهات إدارة أزمة المثقفين مع الوزير الجديد غير مبشرة من وجهة نظر الكاتب يوسف القعيد، الذى يرى كذلك أن المشكلة سببها أن الجماعة الثقافية منقسمة ونفسها غير طويل، فهى تواجه الوزير بحماسة سرعان ما سيتراجع لأسباب مختلفة، غير أن صاحب “ يحدث فى مصر الآن “ يؤكد كذلك أن ارتباك الوزير فى قراراته الانفعالية والقائمة غالبا من مساحة رد الفعل على رد الجماعة الثقافية له قرارات غير مدروسة، وبالتالى ستخلق آثارا جانبية لن تكون فى صالحه أو صالح الحكومة التى اختارته، فهو أول وزير لا يجتمع بقيادات الوزارة قبل إعلان قراراته، كما لم يجتمع بلجان المجلس الأعلى للثقافة لإعلان تصوراته على الجماعة الثقافية، وذهب مباشرة لتنظيم لقاء موسع مع الأحزاب السياسية ليضمن دعم نحو 16 حزبا إسلاميا يرى قادتها أن أغلب أنشطة وزارة الثقافة “حرام “ ومن ثم ينبغى تغيير قياداتها وهو أمر يسهل مهمة الوزير فى إدارة صراعاته .
سيناريو (مرسى- شفيق) فى الثقافة
يرى الناقد الدكتور يسرى عبدالله الناشط فى تيار الثقافة الوطنية, أن الثورة المصرية سعت لأن تصبح – وبامتياز- تعبيرا جليا عن أفق مغاير، حداثى الطابع، ينتصر لكل ما هو إنسانى، ووطنى، ونبيل، وحر، وتقدمى، يحتفى بقيم العلم، والاستنارة، والحداثة، غير أننا الآن بإزاء لحظة دالة وفارقة فى عمر الثورة المصرية، حيث يجهض الحراك الثورى عبر القوى الرجعية بمحاولاتها التى لا تنقطع للاستيلاء على مقدرات الدولة المصرية، ومن بينها الثقافة بوصفها أداة مركزية لتشكيل الوعى.
ويلفت عبد الله النظر أن الثقافة المصرية فى اللحظة الراهنة أشد ما تكون بحاجة لأن تصبح تعبيراً جلياً عن جذورها الحضارية المختلفة (الفرعونية، والقبطية، والعربية، والإسلامية) بما تحويه من تنويعات مختلفة، وصولاً إلى الجذر الحديث الذى يشكل جماع الشخصية المصرية، ويحدد هويتها المتراكبة التى لا يمكن اختزالها بحسب البعض، فى تيار بعينه، أو فصيل سياسى دينى محدد يدعى وصلاً بالثقافة، عبر اختياره وتحفيزه لشخصيات تنتمى إليه بحكم التاريخ أو الممارسة الثقافية، أو المداهنة الممجوجة، وفى هذا السياق يجىء تعيين الدكتور علاء عبدالعزيز وزيراً للثقافة، وبما يعد امتداداً وتكريساً لتلك السياسات المخزية للاستبدادين السياسى والثقافى، والتى تتوسل الآن باسم الدين، بعد أن كانت فى عهد الطاغية مبارك تتوسل بالدولة البوليسية القمعية، لنصبح أمام إعادة إنتاج للثنائية التعيسة (امتدادات دولة مبارك وفلوله، أو مثقفو الإسلام السياسى الجُدد) وهذا ما ينبغى رفضه شكلا وموضوعا.
ويتابع عبد الله القول: “ليس من عجب فى إطار اتباع الممارسات السياسية ذاتها للنظام البائد، أن تتفتق ذهنية ممثلى أنصار الإسلام السياسى عن اختيار عبدالعزيز الذى دبج المقالات امتداحا فى النظام القائم, وهجوما على المعارضة عبر مقالاته فى بوابة الحرية والعدالة، وبما يعنى تفضيل وتغليب معيار أهل الثقة على أهل الكفاءة فى حكومة التكنو-إخوان الجديدة.
و"تيار الثقافة الوطنية" المصرية - بحسب عبد الله - أعلن من قبل أنه يرفض وباختصار أيّا من ممثلى النظام القديم بفساده واستبداده، وفلوله من المخبرين والمتواطئين، والمؤلفة قلوبهم. كما يرفض بالقدر ذاته أيّا من ممثلى الإسلام السياسى والمتأخونين ليصبح وزيراً للثقافة المصرية، التى لن تعرف أبداً السقوف أو المتاريس، مهما حاول البعض من أنصاف المثقفين أخونة الثقافة المصرية وأسلفتها، ويؤكد التيار أنه سيتم التصدى لذلك دفاعا عن الثقافة المصرية فى لحظتها المأزومة هذه والمرتبكة، وسنبقى دائماً فى خندق الحرية والتقدم والاستنارة والحداثة والإبداع، ومنتصرين للوجه الطليعى الجديد فى الثقافة المصرية.
سيناريو التقسيم وإعادة إنتاج الفساد
اتساقا مع هذه الرؤية يرى الشاعر محمود قرنى، المؤسس لحركة “ شعراء الضمير “ أن الانحيازات التى تقف وراء اختيارات السلطة السياسية فى التعديل الوزارى الأخير، لاسيما فيما يتعلق بموقع وزير الثقافة، مثيرة للتساؤلات فالرسائل التى تبعثها تلك الاختيارات تبدو تجلياتها السالبة متجاوزة لأفق التوقع، فى الوقت نفسه أصبح القبول بالتكلس والفساد اللذين تعجان بهما وزارة الثقافة منذ عشرات السنين أمرا غير ممكن . ما يعنى أن المثقف المصرى يوضع بين شقى رحى . فالفساد المستشرى لابد من وقفه، والوزير الجديد لا يملك، فيما يبدو، تصورا للمستقبل يمكن النقاش حوله . من هنا يبدو التغيير، على هذا النحو، قفزة نحو المجهول، ويصب عادة فى سياقات لا تستهدف الارتقاء بالثقافة قدر استهدافها تغيير هويتها وتوجيه انحيازاتها التاريخية. وبالتالى فإن اختيار وزير الثقافة الجديد يصب فى طريق تغيير الهوية الثقافية للبلاد، وهو أمر أظنه أكبر من الوزير وأكبر ممن وراءه . وظنى أن هذا الاختيار سيكون بداية تقسيم الواقع الثقافى المصرى، ودخوله حالة من الاستقطاب الحاد الذى يسيطر على المشهد المجتمعى برمته .
فالوزير الجديد -يقول قرنى - الذى يتولى مهامه فى أعقاب ثورة كبرى، لا يملك من المؤهلات أو من التاريخ ما يشير إلى ثمة كفاءة من أى نوع، لا سيما وأنه منذ يومه الأول تطارده العديد من الأخطاء الأخلاقية التى لو صحت لأطاحت بحكومة كاملة . كما أن أطروحاته وتصريحاته حتى الآن لا تعبران عن امتلاك رؤية يمكن الاختلاف أو الاتفاق حولها، ومن ثم يبدو اختياره تعبيرا عن تمكين أهل الثقة، ما يعنى العمل تحت وطأة آليات النظام القديم بتحالفاته مع الرجعية والفساد.
وأخيرا ومن وجهة نظرى قرنى لا يبدو أن هذا الوزير هو التعبير الأمثل عن اللحظة الثورية التى تتطلب كفاءة معرفية وأخلاقية وإدارية . من هنا يتوقع أن يعيد الوزير إنتاج آليات الفساد نفسها وإن كانت بوجوه جديدة، الإضافة المتوقعة لرصيد هذا الفساد ستتمثل فى إحيائه التحالف التاريخى مع الرجعية لنعود إلى سؤال البدء : هل المعرفة حلال أم حرام ؟!
سيناريو المؤتمرات والضغط الشعبى
يطرح الناقد أسامة عفيفى الذى استقال من رئاسة تحرير مجلة المجلة التابعة للوزارة احتجاجا على قرارات الوزير، تصورا يقوم على عقد مؤتمر عام كبير للمثقفين يطالب بإقالة الوزير الجديد وإلغاء قراراته كجزء من مطلب الحركة الوطنيه برفض حكومة هشام قنديل التى تسعى للإقصاء والتمكين.
ويرى عفيفى أن المؤتمر الذى يعقد اليوم بنقابة الصحفيين سيفرز آلية لتصعيد الموقف فى هذا الاتجاه، وفى اعتقادى أننا مطالبون بملاحقته بوقفات احتجاجية فى أى نشاط يذهب اليه لإعلان رفض وجوده ومخاطبة الرأى العام لتوضيح خطورة برنامجه للأخونة، على العقل والوعى والوجدان وحرية التعبير وخطورة ذلك على الثقافة الوطنية خصوصا أن برنامج حزب الحرية والعدالة"الثقافى “ نشر فى أخبار الأدب بعد توليه الوزارة بيوم واحد، وهو برنامج يكرس للرقابة على الفكر والعقل، ويكرس لمحاكم التفتيش الفكرية ويطلق يد أى عابر سبيل فى مقاضاة أى مبدع تحت دعوى الحفاظ على الأخلاق العامة، حيث اشترط البرنامج ضرورة التزام المبدع بالأخلاق والقيم وهو أمر خطير, لابد من اتحاد المثقفين فى مواجهة تفكيك وتفخيخ الثقافة الوطنية ومواجهة المجزرة المعدة للمثقفين.
سيناريو الدوامة والعصيان الثقافى
وضع الفنان التشكيلى حازم المستكاوى الذى كان من أوائل من وضع تصورات لإعادة هيكلة وزارة الثقافة بعد الثورة تصوره عن المستقبل فى مجموعة من الأسئلة منها: هل أزمة الثقافة المصرية ووزارتها الرسمية تنحصر فى شخص الوزير الجديد د. علاء عبد العزيز (الذى لا يعرفه أحد من العاملات والعاملين بوزارة الثقافة ولم يسمع عنه أى من المثقفات والمثقفين الفاعلين فى الحركة الثقافية المصرية؟ متسائلا عن معايير الحكم على كفاءته: ثقافى (كمثقف غير فاعل) أم إدارى (بلا خبرة إدارية تذكر) أم أخلاقى (قصة تحرش أستاذ جامعى بطالبة) أم سياسى (حيث إنه ينتمى للإسلام السياسى الكاره والمعادى للثقافة)؟
كذلك يتساءل المستكاوى، هل أزمة الثقافة المصرية تكمن فى مثقفيها وعلاقتهم بالثقافة والمؤسسات الثقافية؟ الأهم من ذلك ما يشير إليه من أن الوزير لو كان أطاح بأى من قيادات الوزارة فى أى قطاع آخر غير القطاع الأدبى كالفنون البصرية أو الأوبرا أو غيرها من الفنون التى لا تنتمى لعالم الثقافة الشفاهية، هل كان هذا سيثير حفيظة ويستفز مشاعر المثقفات والمثقفين المصريين ؟ وأخيرا هل تستطيع الحركة الثقافية المصرية الآن وبالكامل (الرسمية وغير الرسمية) القيام بفرض حالة من العصيان المدنى اعتراضاً على تعيين الوزير الجديد من خلال: وقف النشر الأدبى والفكرى - إغلاق المسارح ودور العرض السينيمائى - وقف العروض البصرية فى قاعات عروض الفنون التشكيلية وإغلاق المتاحف الفنية وتوقف عروض الأوبرا والحفلات الموسيقية والفنون الاستعراضية وتسويد الصفحات الثقافية فى الصحف والمجلات.......إلخ؟ والإجابة عن الأسئلة التالية:
هل سيؤثر غياب الثقافة فى الشارع؟ هل سيدرك المواطنون المواطنات أهمية الثقافة وخطورة غيابها؟ أم سيدرك المثقفون والمثقفات أن الثقافة المصرية محصورة فى إنتاج المثقفات والمثقفين منهم ولهم وفقط؟
وفى حالة ما يتفق (كفى الله الشر) المثقفات والمثقفون على الإضراب والاحتجام الثقافى على سبيل المثال، هل يستطيع العاملات والعاملون كموظفات وموظفين فى وزارة الثقافة من المنتمين للعمل الثقافى الإبداعى (وما أكثرهم) رفض السيد الوزير والاعتراض عليه بالمشاركة فى هذا الإضراب؟ أم ستغلب عليهم مهنة موظف الدولة الرسمى المحترف؟!
يظن المستكاوى أن على المثقفات والمثقفين المصريين تحديد دورهم، وبالتالى موقفهم بوضوح من الثقافة والإجابة عن التالى: هل هو دور المثقف المبدع الفاعل الإيجابى فى الحياة العامة أم أنها مجرد وسيلة لكسب الرزق والعيش كمهنة أم هى وظيفة حكومية آمنة وسبوبة للاسترزاق من مؤسساتها الرسمية التى يطالبون بإغلاقها وتفكيكها (النمط الأمريكى الذى لا نملك مقوماته)؟ وفى نفس الوقت يتمرغون فى ترابها الميرى للحصول على رواتبها أو يتحايلون للحصول منها على الدعم والمنح، أو يقتتلون للحصول على جوائزها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.