صبحى فحماوى في ديوانه (وحيداً سوي من قميص الأغاني) الصادر مؤخراً من الأردن عن دار فضاءات يقول الشاعر سعد الدين شاهين مفكراً بذاته التي لا يُقدِّرها حق قدرها أحد سواه، مثل باقي الكُتّاب المبدعين والمفكرين، الذين يشعرون بالغربة عن أوطانهم ومعارفهم وجيرانهم وأقاربهم: إذا مرّ عمرك دون التفات إليك.....فقبِّل يديك...لأن الذي ضاع رجع الصدي...والذي في القصائد أنت الوحيد...وأنت العشيرة...أنت الذي في المراجع....بعدك ما من أحد! وليس هذا هو آخر السطر في شعور الشاعر أو المبدع، بأنه نسيج نفسه، وأنه غريب الدار، حتي عن زوجته وأولاده ، منذ أن قال طرفة بن العبد: وظلم ذوي القربي أشد مضاضة....علي المرء من وقع الحسام المهند.. مروراً بهاملت (شكسبير) الذي قال: لقد أخطأ الآخرون في حقي، أكثر مما أخطأت في حقهم..وهذا يعني أن الإنسان يشعر بالعزلة عن الآخرين وبظلمهم له، ويري أن الآخرين أخطأوا بحقه، أكثر مما أخطأ بحقهم..ويستمر هذا التعبير الشعري عن الفردية، مرواً بنزار قباني الذي شعر بالغربة حتي عن محبوبته التي قال عنها: فمك المطيب لا يحل قضيتي، فقضيتي في دفتري ودواتي..كل الدروب أمامنا مسدودة ...وخلاصنا بالرسم بالكلمات.. فالكلمات هي الحل الوحيد للمبدع، وليس أهله وعشيرته، ولذلك قال الشاعر المقدسي، الأردني سعد الدين شاهين: وأن الذي في القصائد أنت الوحيد..وأنت العشيرة...أنت الذي في المراجع... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يشعر الشاعر أو المبدع بفرديته وبتميزه عن الآخرين ، بينما الآخرون لا يهتمون به الاهتمام الذي يليق بمقامه، أم إنهم لا يستفيدون من كتاباته التي يراها قيمة، ولا يقدرونها حق قدرها، فيشعر بالغربة عنهم، أو بظلمهم له، أو بوحدانيته داخل مجتمع يركض باحثاً عن لقمة عيشه وغير آبه بالأدب..ولهذا يعود الشاعر سعد الدين شاهين لنفسه يواسيها ويقول: إذا مرّ عُمركَ دون التفات إليك، فقبِّل يديك... وهذه دعوة لأن يرتد المبدع مكتئباً إلي نفسه فيعشقها، إذ لا يُقدِّر قيمة نفسِهِ إلا نفسهُ. وفي قصيدة أخري من ديوانه الجميل، والبالغ عدد صفحاته مائتين وأربعا وتسعين صفحة، قطع متوسط، بعنوان تدريب يقول سعد الدين شاهين عن مهنته: أُدرِّب الغيوم أن تنِزّ من ثقوب الأفق للحقول...أُدرِّب الفصول...أدرِّب الخيول..أدرِّب الصغار في بلادنا علي صدي الصهيل..من السهول في الجليل، إلي ضريح كل ثائر نعته أمه..وصار غابة من النخيل.. لاحظ الشاعرية الجميلة في وصف الغيوم التي تنزُّ من ثقوب الأفق لتروي الحقول...وتدريب الفصول لأن تتوالد..ونقرأ: أُدرِّب الخيول فنتذكر قوله تعالي: وأعدوا لهم ما استطعتم من رباط الخيل.. والنتيجة هي صهيل الخيول المطاردة في سهول وغابات جبال الجليل الفلسطينية، حيث يُرجع الصهيل صدي ضريح كل ثائر نعَتْه أمه، وصار غابة من النخيل الفلسطيني...وعن وضع الفلسطيني المثخن بالجراح هذه الأيام، التي يرتد فيها العرب علي أنفسهم، ليثخنوها بالجراح، يقول شاهين:في البنادق آخر الطلقات..قطف الأرجوان..ورمية الهدف الأخير...وليلنا المرصود، والخيل العتيقة، والهوية...والنزاع الطائفي، وفتنة المحيا...ومسائل الشرف التي تقتات مسحتنا..وأبواب الشهادة والسعادة..والممات علي حدود الدار والدول الشقيقة...والمراسي.. لا أريد الشرح، فالشعر لا يُشرح..افهمه كما تريد. هذا هو الشاعر سعد الدين شاهين الذي صدر له أكثر من عشرة دواوين، نذكر منها: - ديوان (البشري)- ديوان (واحة الأمل)- علي دفتر الحلم- مرتفعات الظل- أوبريت طيور الوحدة- عطش النرجسات- أوبريت الخصم والحكم- مراسيم لدخول آمن- بسمات مبكرة- أري ما رأته اليمامة- دوار الشمس-وغيرها من الدواوين والكتب ورواية بعنوان(التعفير) وحصل علي عدة جوائز شعرية، وله نشاطات شعرية في مختلف الأقطار العربية.