وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    كيف يتعامل القانون مع صراعات رؤية الأطفال بين الآباء والأمهات؟    أسعار طبق البيض اليوم 10-8-2025 في قنا    تراجع معدل التضخم في مصر إلى 13.9% خلال يوليو    وزيرا البيئة والزراعة يبحثان التوسع في استخدام المخلفات الزراعية    سعر الذهب اليوم الأحد 10-8-2025 في الصاغة.. وعيار 21 بالمصنعية بعد ارتفاعه 30 جنيهاً    أردوغان: قرار إسرائيل فرض السيطرة العسكرية على كامل غزة مرفوض قطعا    جوتيريش يرحب بالإعلان المشترك الشامل بين أرمينيا وأذربيجان    إدخال 3 شاحنات وقود إلى قطاع غزة    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب الساحل الجنوبي الغربي ل غواتيمالا    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    هل ينجح صلاح في فك شفرة ويمبلي أمام كريستال بالاس؟    ريبيرو يبدأ دراسة فاركو بالفيديو    «الداخلية» تقرر السماح ل21 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    انطلاق امتحانات الدور الثانى للشهادة الإعدادية فى الإسكندرية    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    روكي الغلابة يتصدر شباك التذاكر ليلة أمس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    القبض على التيك توكر لوشا لاتهامه بنشر فيديوهات تنتهك القيم الأسرية    حرض على العنف.. السجن 20 عاما لرئيس وزراء تشاد السابق    بدء التسجيل الإلكتروني لرغبات الطلاب بجامعة القاهرة الأهلية (رابط معتمد)    وزارة الزراعة تعلن التشغيل التجريبى للمتحف الزراعى مجانا للجمهور    إيران تعليقا علي قرار الكابينت الاسرائيلى باحتلال قطاع غزة كاملا : يهدف لمحو هوية وكيان فلسطين    النائب العام يوفد 41 عضوًا إلى أوروبا والصين لتلقي دورات متخصصة    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    شكاوى من انقطاع التيار عن قرى بدير مواس وسمالوط بالمنيا وكفر الشيخ    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. ليفربول والدوري المصري    النصر السعودي يعلن التعاقد مع لاعب برشلونة    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    قروض السلع المعمرة بفائدة 26%.. البنوك تتدخل لتخفيف أعباء الصيف    خريطة الاستخدام الدولي لبطاقات الائتمان في 10 بنوك مصرية خلال موسم الصيف    وزير العمل يزف بشرى سارة للمصريين العاملين بالسعودية: لدينا تطبيق لحل المشاكل فورًا (فيديو)    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    «البرلماني والزعيم» و«الثقافوبيا»    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائية د . سهير المصادفة: تلقي القفاز في وجوه أصحاب اليقين
مأزقي: أنني ابنة حضارتين في لحظة أفول والعالم لايردلي إسهامي في مسيرته الآن
نشر في أخبار الأدب يوم 06 - 05 - 2013

د. سهير المصادفة شاعرة وروائية وباحثة ومترجمة مصرية، تتسم بالجدية والدقة الشديدة في بناء وتكامل أعمالها الإبداعية، هذا بالإضافة إلي نظرتها الفلسفية الوجودية التي نقرأها ونلمسها في ثنايا طرحها لرسائلها التي توجهها من خلال إبداعاتها، واضعة أمام نصب عينيها الإضافة الجيدة للمكتبة العربية، حتي لا تكون ضمن عدد فقط لاغير، لذلك هي تعمل علي مشروعها الإبداعي بدأب ودقة حتي ولو استغرق منها عدة سنوات، وهذا يجعلني أشير الي ما صدر لها من أعمال شعرية، لها ديوان بعنوان: اهجوم وديع»، وديوان بعنوان: افتاة تجرب حتفها»، ومن الروايات السردية لهو الأبالسة، وميس إيجبت، وحديثا صدر لها رواية رحلة الضباع..
كما تتسم د. سهير المصادفة بأنها صاحبة مشروع تنويري تعمل علي تنفيذه من خلال موقعها كرئيسة تحرير سلسلة الجوائز المترجمة، وهو إثراء ركن هام في المكتبة العربية من خلال ترجمة أصحاب نوبل والجوائز من الكتاب العالميين، بالإضافة لموقعها كمدير عام مركز تنمية الكتاب.. الذي تصفه بأنه يعاني من ارتباك في القراءة، وارتباك في توزيع الكتاب وصناعته، ويعاني من معوقات عديدة.. الأمر الذي جعلني أحاورها حول إصدارها الحديث الذي يحمل عنوان زرحلة الضباعس وعما يدور في سياقه عن أزمة الرجل المثقف وعلاقته بالمرأة، وعن ارتباك المشهد الثقافي بيننا وبين العالم الذي تتابعه باستمرار..
نتحدث من منطلق المحطة الأولي لك وهي أعمالك الشعرية التي تتمثل في ديوان هجوم وديع عام 1997 وديوان فتاة تجرب حتفها عام 1999 من تلك النقطة الإبداعية أين تقف د. سهير المصادفة من التجربة الشعرية خاصة بعد تحولك للرواية السردية..؟
- أنا رئيس تحرير سلسلة الجوائز أحرر السير الذاتية لكل مبدعي نوبل وأصحاب الجوائز الهامة، ومن خلال عملي أري أن كل مبدع كتب في سيرته الذاتية الشعر والأدب والمسرح، وأري خلال تحريري لسيرهم أن العبور بين الأجناس الأدبية يمر بسلاسة شديدة، بل يتميز من يكتب الشعر عندما يكتب الرواية بألق وقدرة علي التجديد السردي بشكل غير معقول، وأؤكد علي مقولة أن ما ليس بشعر لا يعول عليه الكثير، وأؤكد علي تلك المقولة بما فيها الكتب الجيدة مثل كتب الإمام ابن حزم وابن عربي، ونجد فيها الشعر هو السقف العلوي لهذه الكتابة سواء كانت كتابة سردية أو شعرية..
قف أيها الخائن
الحديث عن الشعر يجعلني أسألك وأنت تترجمين من الروسية الي العربية.. أليست الترجمة تفقد النص الشعري صوره الإبداعية والجمالية والاستعارات والرموز والوصف الدقيق للمعان المرجوة من القصيدة المترجمة نوعا ما؟
- بالتأكيد هذا الكلام صحيح.. لذلك الترجمة معناها باللغة الإيطالية قف أيها المترجم قف أيها الخائن.. لأنه يخون النص.. الترجمة خيانة.. لكن دائما أردد أنها الخيانة المشروعة في العالم حتي نتعرف علي أصوات أخري، لذلك يتحتم علينا متابعة المشهد وملاحقته.. فلا توجد طريقة أخري للوقوف علي إنجازات الآخرين سوي ترجمتها، ليست فقط الأدبية بل العلمية والفكرية لملاحقة حضارة لحضارة أخري.. لكن ما يؤلمني فعلاً هو ترجمة الشعر لأنه يفقد نصف مكوناته..
الشعر والأجناس الأدبية
إذا تحدثنا عن أعمالك الأدبية التي تناولت فيها السرد مثل رواية (لهو الأبالسة) عام 2003 الي (مس إيجبت) عام 2008 ثم (رحلة الضباع) لهذا العام.. فإننا نري من خلال تلك الأعمال أن الرواية تستوعب الشعر كنوع أدبي في سياقها.. هل هذا يجعلك تنحازين للرواية علي حساب الشعر..؟
- الرواية لا تستوعب الشعر فقط بل هي تستوعب جميع الأجناس الأدبية الأخري.. الرواية بها بناء معماري ضخم، ويجب أن يكون بها هارموني موسيقي، وممكن أن يكون بالرواية فن تشكيلي وسينما والعديد من الإبداعات.. لذلك الرواية تستوعب جميع الأجناس الأدبية والفنية لكن الشعر لا ينحاز إلا لنفسه.. الشعر يطرد ما عداه.. حتي عندما نتحدث ونقول إن هذا هو الشعر وليس له تعريف محدد، إنما نقول إن هذا هو الشعر عندما يتعرف علي نفسه وإذا دخل عليه شئ آخر يلفظه من فضائه علي الفور.. لأن الشعر لا يقبل إلا نفسه بينما الرواية متسامحة وتستطيع أن تقبل أجناساً أدبية أخري.. لكن أنا أكتب الشعر متي باغتني علي الفور، إذا كانت هناك قصيدة أكتبها.. وأنا أشعر بأسي من حال عشرات الدواوين التي لا تضيف للمكتبة العربية شيئا، ولن أكتب ديوانا إلا إذا كان به إضافة حقيقية بالفعل للمكتبة العربية، ومن ثم الشعر بطبعه قليل ولا أصدق أن شاعراً ما، يستطيع عمل عشرات الدواوين.. فلكل شاعر وصية أو وصيتان كبيرتان والباقي يكون ترديداً لأصداء الوصايا الشعرية الكبري .. هناك عدد كبير من الشعراء أنجزوا كما كبيراً من الدواوين ولم يتبق لهم إلا بضعة أبيات، وهذا هو طابع الشعر وليس عيباً فيهم.. فدائماً الشعر قليل.. لكني في الرواية أجد نفسي مجبرة علي فرض هذا العالم الموازي للعالم الموجود.. الذي يعتمد علي 50٪ إلهاما و50٪ من العمل الدءوب علي الشخوص ومطاردة الشخوص ومطاردة الأماكن، لكن القصيدة تأتي مكتملة مثل النيزك ولا تحتاج إلي عمل دائم مثل الرواية..
ابنة حضارتين منتهيتين
أنت من الكاتبات اللواتي يجدن تطويع النص الأدبي لتوصيل رسائل فكرية مهمة لكن الرواية تأخذ منك سنوات لكتابتها.. أليس هذا يجعلك تبذلين جهداً أكثر حتي تكون الرسائل مواتية لزمن الإصدار..؟
- الرسائل التي أريد توصيلها في رواياتي ليست رسائل مباشرة، قد تبدو رسائل بها قدر من المباشرة.. لكنها رسائل تخص أزمات وجودية لكل زمان ومكان.. رسائل تخص مأزقي الوجودي كمصرية، وهنا أستطيع أن أقول مثلما قال نجيب محفوظ انه ابن حضارتين، وهذا هو الأرق الذي يستوعبني الآن.. أنا مثل نجيب محفوظ ابنة حضارتين.. حضارة فرعونية وحضارة إسلامية وكلتا الحضارتين تعانيان من لحظة أفول.. منتهيتان.. هاتان الحضارتان أضافا إلي العالم وأسهمتا إسهاما بالغاً في مسيرة العالم المتحضر.. لكن مأزقي الوجودي الآن هو أن العالم لا يرد لي إسهامي في الحضارة العالمية الآن.. ويصنفني علي إني دولة متخلفة من دول العالم الثالث ومستهلكة لما تنتجه الحضارة الأوروبية الحديثة، لا تريد أنا أساهم مساهمة فعالة.. دائمة لا يريدون هذه المشاركة أو المساهمة ولا يعترفون بها.. هذا مأزق وجودي وهو لا يخصني وحدي وإنما يخص وجودي بشكل عام كمصرية وعربية وصاحبة إسهامات كبري في الحضارة الحديثة ومهمشة أيضا في هذه الحضارة، أصنف دائماً في خانة المستهلكين الذين يحافظون عليهم كسوق لهم..
شيزوفرينيا عربية
من خلال إصدارك الأخير .. رحلة الضباع.. وجهت سهاماً لصدر المثقف تدينه بشكل أو بآخر بأنه يتخذ من الثقافة ديكوراً ليس إلا.. دون عمق داخلي للإنسان المثقف المتحضر الذي يحترم ذاته ويحترم الآخر.. فكيف ترين الساحة الثقافية المصرية الآن ودور المثقفين منها..؟
- المثقف جزء من هذا المجتمع بشكل عام وأنا لن أتبرأ من هذه التهمة.. المثقف العربي الشرقي بشكل عام يعيش من حالة الشيزوفرينيا.. وهي حالة نعرفها جميعاً.. المثقف من المفترض أن يحارب ويتمرد علي الموروث البالي المتخلف ويقضي عليه ويتخلص منه وينطلق للأمام ولكن لا يفعل ذلك إلا القليل جداً منهم، فهو مطالب أن
يكتب جيداً عن كل الأفكار التقدمية والثورية، لكن عليه أيضا أن يحافظ علي حتمية حياته دون أن يتمرد علي هذه الأفكار، فهو يريد أن تكون المرآة في اليوتوبيا التقدمية والتحررية، وهو يعي تماما إنها إضافة وإنها هي صانعة الحياة وحاضنة الحياة، هي التي تحرس المحبة بشكل عام والسلام.. هو يعرف هذا جيداً.. لكنه لا يريد أن يقدم زوجته أو أخته كما فعل الأوربيون
في خطوة للأمام لكي يثبت هذا ويعمل عليه ويواصل دوره، فهو يجلس تحت خيمته بالغة الحفاظ علي الموروثات البالية، وكأنها صوبة تنمي أفكاره وتحافظ علي حتمية المواريث التي يريد التخلص منها وفي ذات الوقت يحافظ عليها في خيمته، وفي مداد قلمه يقول ما يقول، ولا علاج لتلك الشيزوفرينيا سوي أن نضع المرايا طوال الوقت أمام المجتمع حتي نعالج تلك البثور والنتوءات والأمراض التي يجب أن يبرأ المجتمع منها، نضعها أمام من هم ضد المحبة والسلام والخير، وأكون بذلك قدمت للرجل خدمة كبري حتي ننهض معاً..
توجهات وأسباب
أري أنك وجهت إدانه قوية للمرأة علي صبرها وتحملها للقهر دون مقاومة حتي أتتها الحرية التي كانت تعد لها بالكتابة، وكان
من الممكن أن تعيش مقهورة ولا تتمرد علي رجل فظ لمجرد انها تعشقه.. أليس هذا اتهاما للمرأة وتقليلاً من شأنها؟
- ليست الزوجة فقط التي تتحمل القهر، بل الأم أيضا التي جعلت من أختيه خدماً له وربت فيه تلك العادات وأصلتها فيه طول الوقت، تسأل عن ماذا أكل وماذا شرب وكيف نام ولا تسأل عن الأختين ماذا فعلتا، بل من الواجب عليهم جميعا خدمته طول الوقت.. لكن أنا منحازة للمرأة.. إذا كانت المرأة تقدم للآخرين فهذا لأنها مجبوله علي العطاء، وكل ما أشير إليه في هذه الرواية، إذا ظن الرجل أن المرأة حق من حقوقه ويجب أن تجلس جانباً وترضي بالتهميش وتصبر هذا العطاء برغبة منها، فهي ليست بالأقل أو الأدني، وكل واحد مخلوق بجينات وتوجهات وأسباب.. انتم الاثنان من المفترض أن يحترم الطرف الطرف الآخر، وإذا كانت تقدم هي هذا العطاء يجب أن تحترم وترفع فوق الرأس ويجب أن تتميز لأنها همشت لسنوات كثيرة لأنها معطاءة تستطيع أن تمنح الآخر، وللأسف مقابل هذا العطاء تم تكبيلها لقرون طويلة في الحرملك، والسؤال لماذا لم تقدم لها أنت مسارات أخري أو طرق أخري أو تمد يدك لها لتعلمها القراءة والكتابة لكي تأخذ بيدها فهي لديها عقل ويجب أن تطور من ذاتها، تلك هي مفارقات الرواية لكن ليس في الرواية أي رسائل أن المرأة لا تحتمل أو أنها تهرب من مسئولياتها.. لان المرأة ستظل تمنح وتعطي ومن العار أن يقابلها من تمنحه بعطاء أقل.
ارتباك في المشهد
ترأست تحرير سلسلة كتابات جديدة وأنت الآن رئيسة تحرير سلسلة الجوائز وهذا يفتح أمامك الآفاق علي المشهد الروائي والمحلي والعالمي.. أين تقف مصر من هذا المشهد وما مدي المنافسة بينهما..؟
- أقرأ المشهد العالمي وكذلك المشهد المصري والعربي أيضا، بيننا وبين السرد الأجنبي مسافات ليست بالطويلة، لكن هم بدأوا قبلنا وخطوا خطوات في السرد ونحن مازلنا في بداية الخطوات، ولدينا ارتباك في المشهد وفي تقييمه وتقديره، وكيفية الدفع بالجيد منه ليحقق خطوات أكثر إبداعاً، لدينا ارتباك في القراءة، لدينا ارتباك في توزيع الكتاب وصناعته، فما بالك بتوزيع جزء من هذه الصناعة، فما بالك بدعم الروائي حتي يكتب من خلال صناعة الكتاب التي لا تزال بدائية، وتعاني من معوقات تجعل الكثير من الكٌتاب من يملكون الموهبة تركوا الساحة الأدبية ولم يكملوا المشوار بسبب هذه المعوقات، فإذا علمت أننا نوزع من الكتاب علي الأكثر ما يقرب من 1000 نسخة وهذا قدر قليل جداً من النسخ، لذلك نحن لا نملك استراتيجية ثقافية من أجل الارتقاء بصناعة الكتاب العربي بشكل عام، لأن ليس هناك خيال إداري إبداعي يؤدي الي طفرة في الكتابة بشكل عام، هذا كله يؤدي إلي إننا إذا خرج منا نجيب محفوظ جديد فيكون ذلك أشبه بالمعجزة..
معرفة الأصول والتراث
كيف استفدت من رئاسة سلسلة الجوائز العالمية علي المستوي الروائي والأدبي ككاتبة وروائية؟ وما هو الكاتب العالمي الذي يؤثر فيك؟ وبمن تقتدين من كتاب المكتبة العربية.؟
- أتأثر بالسير الذاتية للأدباء العالميين.. لكن قمة الصدق أن أكتب عالمي ومفرداته، أكتب ما أنفعل به.. أكتب مشكلتي الكبري، ومآزقي الوجودية، كل هذه الأمور بالضرورة تختلف عنهم تماما، تفاصيل العوالم بيننا وبينهم مختلفة، فلا أستفيد منهم إلا في العام، بمعني أني أستفيد من مدي احترامهم للعمل، أستفيد من أنهم لا يدفعون بالعمل للنشر إلا بعد أن يضعوا النقطة الأخيرة علي هذا العمل، والنقطة الأخيرة تعني أن لا أحد يستطيع حذف أو إضافة شئ منه، وأنه عمل متكامل وبنيته متينة ومتكاملة، وليس عملاً من أجل إضافة عدد في كتب المكتبة عندهم فقط لا غير.. لكن إذا تحدثت عن أدبائنا المصريين فأنا أستفدت منهم جميعاً، لقد قرأت في سني المبكرة لكل أعمدة المكتبة العربية، مثل الأصفهاني، الإمام ابن حزم، الجبرتي، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، قاسم أمين، طه حسين، العقاد، صلاح جاهين والكثيرين، نحن نملك مكتبة عربية بالغة الجمال والثقل والعظمة، ربما لهذا كله لا تقبل إلا ما هو علي مستوي راق مثلها، قرأت أيضا من خلالها كل بدايات السرد في أوائل القرن العشرين، ولم أترك اسما كبيرا إلا وقرأته واستفدت منه، وفهمت أشياء منه وأحياناً يحيلني إلي قراءة الأصول الأولي لأعرف تراثي منه..
الرجل صاحب يقين
الشئ بالشئ يذكر.. ذكرت من قبل أنك تكرهين أصحاب اليقين .. كما تكرهين من يتوهمون أنهم يمتلكون وحدهم الحقيقة المطلقة واليقين، وبالرغم من هذا صورت روايتك » رحلة الضباع « الرجل يأتي بحقيقة غير يقينية عكس المرأة التي تأتي بمعلومات يقينية كيف ذلك؟
- لان أصحاب اليقين مسئولون عن كل الحروب الدموية علي مر الزمان، مثلا ذلك واضح عندما يستيقظ رجل مثل هتلر وقد وصل إلي يقين بأنه الأسمي والأفضل والمختار، وقس هذا علي إسرائيل وقسه علي أي آخر يمتلك هذا اليقين، ويمثل هذا اليقين أن لا سبيل من قتل الآخرين، حتي عندما يتضح انه علي خطأ فيذبح من يسخر منه ونظل في قتل ودماء طوال الوقت بسبب أصحاب اليقين.. لكن المرأة لم تؤكد أبداً أنها تمتلك اليقين، بل هي غير متفرغة لذلك، بل هي مندهشة من قدرة الآخر علي امتلاك اليقين، لأنها متفرغة لامتلاك أي يقين للعطاء، من يموت تأخذه وتدفنه وهي تبكي وتولول، حتي من يذهب للحرب تحاول منعه حتي لا يذهب للحرب لأي سبب ما، الذي يمتلك اليقين، هو من يقول إننا علي حق وأنتم علي باطل، وإننا يجب علينا أن نجاهد ونقتل هؤلاء ونغزو الأرض ونعيث فيها فسادا واحتلالاً إذا جاز التعبير، وهي تدعو طول الوقت للسلمية لا الحرب ولا للعنف في سبيل أية فكرة، بداخلها يقين واحد أنها صانعة الحياة.. تقول عليكم إذا ردمتم بئراً أن تحفروها، ولا تأخذوا أراضي الغير، تحث علي العمل، فهي لا تفهم هذا اليقين الذي يملكه الرجل طوال الرواية لماذا تخشون رؤوس بعضكم البعض؟!
عشوائيات الترجمة
ما الدور الذي تقوم به المراكز الثقافية المنتشرة في بلدان الوطن العربي والتابعة لكثير من دول العالم الغربي في النهوض بالترجمة؟ وحدثينا عن المعوقات في هذا المشروع بالعالم العربي وكيفية القضاء علي تلك المعوقات؟
- لا أبالغ عندما أقول إننا نمتاز بعشوائية منقطعة النظير في التعاون مع دول العالم العربي، وهذه العشوائية جعلت من أصغر دولة ليست علي مستوي العالم فقط بل علي مستوي الشرق الأوسط دولة صغري مثل إسرائيل أن تترجم ثلاثين مرة ونصفاً مثلنا في العام، وهذا لأننا لا ندعم الترجمة ولا ننفق عليها بشكل كاف، نحن حتي عندما نترجم نعيش في جزر منعزلة، لأنّ لا يوجد مركز أكبر في العالم العربي ينظم ويمنهج وينظم لكي ننهض بعشرات العناوين التي لم تترجم بعد، بل علي العكس العشوائية أدت بنا لتبديد جهود المترجمين المختلفين، وإعادة طبع عنوان أكثر من مرة.. عدم التنظيم أدي بنا إلئ أننا حتي لا نعرف ما العناوين الموجودة عندنا التي يجب أن تترجم..
الرجل وتقدم المرأة
وأنت روائية وشاعرة ومترجمة وصاحبة مشروع تنويري كيف ترين الكتابات النسوية في الماضي والحاضر والمستقبل.. هل استطاعت المرأة أن تعبر عن ذاتها؟ .. هل استطاعت أن تخرج من القمقم الذي عاشت فيه.. وما الدور الذي يجب أن تقوم به الآن؟
- نعم المرأة استطاعت.. لكن الحديث عن المرأة يأخذني لصعيدين أولا المرأة الأجنبية بشكل عام، الكاتبة هناك تلقي دعماً غير مسبوق، من عشرات الجوائز الكبري المخصصة للمرأة، والدعم غير المتروك من جميع المؤسسات ودور النشر، حتي أن المرأة الكاتبة أصبحت أكثر توزيعاً في الغرب من الكاتب الرجل، فكرة أن للمرأة دورا ويجب الأخذ بيدها لأنها إضافة، هي لا تكتب بالموازاة مع الرجل منذ البداية لذلك هي تملك الكثير لكي تكتبه الآن، فحين تكتب المرأة في العالم العربي عليهم أن يمنحوها أدوات الكتابة والدعم لكي تكتب مثلما دعموها في الغرب وخصصوا لها عشرات الجوائز كل عام وعشرات الاحتفاءات والتحمس لها والأخذ بيدها نقدياً إلي آخره الي مظاهر الاحتفاءات، لان المرأة كلما تقدمت تقدم الرجل أيضا، لأنه عندما يأخذ بيدها ستساهم المرأة مساهمه غير مسبوقه لدعمه، كلما ازدادت رقياً وتقدماً، ستدعمه أكثر لكي يتقدم، حتي لا يظل جمود اللحظة لأبد الآبدين.. لكن علي المرأة أن تقوم بدورها وعليها أن تحافظ علي مكتسباتها التي تتعرض لتهديد قاتل الآن، يجب أن تحافظ علي كل ما اكتسبته منذ بداية القرن العشرين ولا تفرط وعليها أن تطور آدائها لا أطلب دعم من الرجل المتفوق إجتماعيا علي حساب الا تكون موهوبة أو أن تعمل كثيرا جدا لكي يكتمل هذا المشروع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.