د.يحيى الرخاوى حتي لو لم يخرج التشكيل شعرا، قد يكتشف الكاتب نفسه وهو يكتب الموضوع الذي حسب أنه كان ينوي كتابته، قد يكتشف نفسه من خلال ما يكتب، كما قد يكتشف مكنونه، وقدراته. كثيرا ما هممت أن أكتب في موضوع جمعت أطرافه، ووضعت عناصره، وألممت بمفرداته، حتي لو كان علما أو مقالا، ثم إذا بي أثناء الكتابة تتفتح لي تفاصيل وتراكيب ورؤي لم تكن في بالي أثناء الإعداد، وأشعر ساعتها أن القلم أصبح له دفع ذاتي، وأنه هو الذي يكتبني وليس العكس، بل إن الكلمات قد تستقل عن القلم وعني وتصبح هي الرائدة في التشكيل الشعري الذي لا يقتصر علي كتابة القصيدة، بل يكتب الشاعر كما اكتشفت ذلك في قصيدتي »يا ليت شعري لست شاعرا« حين قلت:.. تدقُّ بابي الكلمة، أصدّها، تُغافل الوعي القديم، أنتفضْ. أحاولُ الهربْ، تلحقنُي. أكونُها، فأنسلخْْ. أمضي أصارعُ المعاجِمَ الجحافلْْ، بين المَخاضِ والنحيبْ، أطرحُني: بين الضياع وَالرُّؤي، بين النبيَّ والعدَمْ، أخلّق الحياةَ أبتعثْ. أقولُني جديدا، فتولًدُ القصيدةْ. وفي ديواني »أغوار النفس« أصرّ القلم أن يكتب بالعامية متحديا: »أصل العملية المرّادي كان كلها حسّ، والحس طلعلي بالعامي بالبلدي الحلو، والقلم استعجل، مالحقشي يترجم أيُّها همسهْ أو لمسهْ أو فتفوتة حسّ، « فانطلق يقول (مقتطفات): كل القلم ما اتْقصف يطلعْ لُه سِنّ جْديدْ، »وايش تعمل الكلْمَةْ يَابَا، والقدَرْ مواعيد«؟ خلق القلم مِالعَدَمْ أوراقْ، وِ.. مَلاَهَا، وانْ كان عاجبْنٍي وَجَبْ، ولاّ أتنّي بعيدْ. قلت انَا مشْ قدّ قَلَمِي. قلت انا يكفينيِ أَلَمِي. قلت أنا ما لي، أنا اسْترزَقْ واعيشْ، والهربْْ في الأسَْتذَةْ زيُّهْ مافيشْْ، والمراكزْ، والجوايزْ، والَّذي ما بْينِْتهيشْ بصّ ليِ »صاحْبَك« ولعَّب ليِ حواجْبُهْ، قال: وقِعْت. والقلم كَمّل كإِني لم وِقفْت : القلم صحصح ونطّ الحْرف مِنُّه لْوَحدُه بِيخزّق عِينَيَّا، وابْتْدا قَلمِي يِجَرّحْني أنا. ..، قالِّي: بالذمَّةْْ ، لو كنت صحيح بنِي آدمْْ،.. بِتْحِسْ، والناس قدامك في ألَمْهُمْ، وفْ فَرْحِتهُمْ، وفْ كسْرتْهمْ، وفْ ميلة البخْتٌ، مشْ ترسِمْهُم للناسْ؟ الناس التانيهْْ؟ إٍللي مِشْ قادْرَهْ تقولْ »آه« عَنْدِ الدَّكْتورْْ؟ أصل »الآه« الموضَهْ غاليهْ، لازم بالحَجْزْ، لازم بالدورْ. مش يمكن ناسْنا الَغْلبَانَهْ إِللي لِسَّه »ما صَابْهَاشِ« الدورْ؛ ينتبهوا قبل الدُّحْدِيرَةْ - قبل ما يغرقُوا في الطينْ. ولاّ السَّبُّوبه حَاتتعْطَّلْ لَو ذِعْت السِّر؟ ولاّ انْتَ جَبَان؟ بصراحة انا خفت. خفت من القلم الطايح في الكل كليلة. حيقولُوا إٍيه الزُّمَلاَ المِسْتَنِّيَهْ الغلْطَهْ؟ حيقولوا إيه العُلَماَ المُكْنْ (بِسْكون عَالْكَافْ .. إِوعَكْ تغْلَطْ) علي عالِم، أو مُتَعَالم: بيقولْ كَماَ راجِل الشَّارع القلم اتهز فْ ايدي، طلّعْ لي لسانُهْ،.....، ما يقولوا!! حدّ يقدر يحرم الطير من غُنَاه؟! من وليف العش، من حضن الحياةْْ؟! تطلع الكلمة كما ربِّي خلقْها، تطلع الكلمةْْ بْعَبلْها، تِبْقَي هيَّ الِكْلمة أَصْل الكُونْ تِصَحِّي المِيِّتِيْن. والخايفْ يبقي يوسَّعْْ، أَحْسن يطَّرْطَش، أو تيجي فْ عينه شرارة، أو لا سَمَحََ اللّه : يِكْتِشِفِ انُّه بِيْحِسْ !