لارا، دُمْيتي الصغيرة.. زهرتي البيضاء في وِعَاءِ المنافي وردتي الحمراء في ظروفِ الهوي لا تفرّي بعيدًا بروحِكِ عنّي لا تنامي.. انهضي وانظري، لارا وزّعتُ لكِ الشمعَ علي أرففِ النجماتِ فظلّي باقيةً لتُطفئيها معي فستانُك المغسول من عَرَقي نسجَتْه أنفاسي.. وطرّزَتهُ مدامعي اليوم، لارا، ازدهري تبرّجي بالزهو لأجلكِ، لارا ضفّرتُ من عَرائسِ البحرِ قبعةً بحجمِ رأسكِ الدمشقي الصغير وأصدافَ الدُّرِ، في مقاس خِصرَكِ الناحل ووددتُ، لأجلكِ لوْ أعَرتُك فمي، أحباليَ الصوتية، لعلكِ كلّ صباحٍ تُغنيّن علي نافذتي، كالبلابل ولعلكِ، مثلَ كُلِّ مَساءٍ: تقُصّين عليّ أحلامَكِ السرّية ترُدّين علي عُرْي ذاكرتي غِطاءَ طَلْعَتَكِ البَهيّة تمشّطينَ علي أُذْني الحواديت وتَسْندينَ رأسي لصَدرِك الذّابِلْ!
لا تنامي، لارا لدينا ما نشاطره معًا ثقوبَ العُمرِ في حِذاءٍ بائس وعجزي في صُنعِ مُعجزتي لانتشالِ قصائدي/ المفككةِ القوافي ومسح روَثِ الضّغينةِ عن بطنكِ المنزوعةِ الأحشاء عن وطنٍ أرْعن، .. ينحني كُرهًا لسيّاف عن صورتي المُكلّلةِ عارًا عن أشلاءِ فنجانِ قهوةِ الظهيرة عن لحنِ أوبرالي حَفظتِهِ عَن ظَهرِ قَلبٍ في أشْرطةٍ مُمغنطة مزقتها المدافعُ إربًا.. إربا وعن دفتر يومياتِ حزنِ عينيكِ الأليفْ!
النوافذُ، لارا: التي حطّموا ظلالها أعادوا شمسها المبجلة النبل: معقودة الحاجبين! العصافير التي سرّبوا أعشاشها خارج القارة الدمشقية، أُعِيد تَرْكيب مَناقيرِها لِتُغَرّد أنشودةَ موتِ الحرّية!
ويحك، لارا ! مُذْ متي، ونحن وقود الحرب ؟! أي حربٍ تلك، تقطع في جلودنا بالرصاصِ كلّ يومٍ من جُذورِ الأصابعِ حتي النخاعْ أيّ حَرْبٍ تلك، تَدُسُّ في لعنتها بَنينا تقُصُّ مِن كَرامَتنا وتعطي الفَخْرَ لجلّادينا تفرضُ طَوْقَ الموتِ علي دَمِنا.. علي عُلَبِ الّلونِ و كُرّاساتِ الرّسْمِ وتُحْيي أبدًا قَصّابينا! قُومي، لارا.. ذودي، عن وطنِ حمامٍ كان يغني فرحًا في صدرِك (وبعدكِ لارا، جفّ ينبوعُ الحمام!) ذُودي، عن حُزنٍ أبويٍّ تُسْعِفَهُ الأحلامُ علي صدرِك (وبعدكِ، غِيضَتْ كلّ الأحلام!) ذُودي، لارا.. الموتُ يُشيّعُ، جُثْمانَك فانتفضي.. قومي وامتثلي مكانك دمشقُ تناديكِ، د م ! ش ق ! لكنّك، لارا وجْهكِ منْسيٌّ في الصّمْتِ فنارُك يرْتد لسَقْفِ العرْش تُطَوّحهُ الرّيحُ، وتمضي،مفردها،دمشقُ الموسومة بالغدر، يغني حاديِ الموت: دمشقُ! دمشقُ! وهْي، دمشقُ، سريعًا تمضي... ينزّ من نهْدِ دمشقيّتِها الوطنُ المغموس الوحلَ الأسود.. ينزّ البؤس الكامن في اللمحات.
وطني، لارا، لم يعد وطني! أي وطنٍ، لارا، انغمستِ، طوعًا وكرهًا، في ملذّاتِ عشقه؟ صُغْتهِ مِن فَلَذاتِ شَوقكِ.. نحتَتْهُ يداك، في اليأسِ، أفواهَ الزنبقاتْ. أي وطنٍ سألتِ يومًا أباكِ عنه بحثتِ عنه قرونًا في عينيّ في خفقانِ البحر في هذيانِ الموج وسلسلةِ جبالِ القلب فوجدْتِهِ: سوي تِيهٍ من الأوطانِ في الطرقاتْ!