«برج العرب التكنولوجية» تفتتح ثالث فروع جامعة الطفل بالشراكة مع نادي سموحة (صورة)    بالاسم ورقم الجلوس.. ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية ببنى سويف 2025    سعر الريال القطري اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 بالبنوك    وزير المالية: نستهدف خفض نسبة الدين ل82%.. ونتعامل مع تحدي استثنائي    وزير الخارجية والهجرة يستقبل وزيرة البيئة    «أدد العقارية» تتعاون مع مجموعة فنادق حياة لتوسيع استثماراتها في مصر    وكالة الطاقة الدولية تخفّض توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال 2025 و2026    قانون الإيجار القديم.. إجراء عاجل من مجلس النواب (تفاصيل)    إسرائيل تغتال رئيس هيئة أركان الحرب الإيراني بعد 4 أيام على تعيينه    ترامب يحذر إيران من استهداف المصالح الأمريكية ويتوعد برد حازم    موعد مباراة صن داونز وأولسان هيونداي في المونديال    خوسيه ريبيرو يستكشف بالميراس قبل المواجهة المرتقبة في المونديال    جدول مباريات اليوم: مواجهات نارية في كأس العالم للأندية ومنافسات حاسمة في الكونكاكاف    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    اتحاد الكرة يبحث عن وديتين قويتين لمنتخب مصر قبل أمم أفريقيا    تقارير: سانشو على طاولة نابولي    محافظ بني سويف يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 75.13%    طلاب الثانوية الأزهرية بالفيوم: "امتحان الفقه كان سهلًا ولم نتوقع هذا المستوى    28 ألف طالب يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الثانية بلا مخالفات في المنيا    ضبط 47.1 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط عناصر إجرامية بحوزتهم 666 كيلو حشيش ب 72 مليون جنيه    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    إقبال كبير على عروض مسرح الطفل المجانية    وزير الزراعة: المتحف الزراعي يقدم صورة مشرفة للتراث الزراعي المصري    محافظ أسيوط يستقبل سفير الهند بمصر لبحث سبل التعاون المشترك    فيلم سيكو سيكو يحقق 186 مليون جنيه في 11 أسبوعا    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    رئيس جامعة المنوفية يستقبل فريق تقييم الاعتماد المؤسسي للمستشفيات الجامعية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    "الصحة" تواصل تقييم أداء القيادات الصحية بالمحافظات لضمان الكفاءة وتحقيق الأهداف    إيران تطالب مجلس الأمن بإدانة العدوان الإسرائيلي    طلاب المنوفية يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الثانية وسط إجراءات مشددة    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    الصحة: لجنة تقييم أداء مديري ووكلاء المديريات تواصل إجراء المقابلات الشخصية للمرشحين للمناصب القيادية لليوم الثاني    عميد طب قصر العينى يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    إعلام عبري: إيران أطلقت على إسرائيل 380 صاروخا باليستيًا عبر 15 هجوما    رئيس الأوبرا يشهد احتفالية ذكرى دخول المسيح مصر (صور)    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    ابن النصابة، تعرف على تفاصيل شخصية كندة علوش في أحدث أعمالها    تغييران منتظران في تشكيل الأهلي أمام بالميراس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    مسؤول أمريكي: ترامب يوجه فريقه لمحاولة ترتيب لقاء مع مسؤولين إيرانيين    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    «إسرائيل انخدعت وضربتها».. إيران: صنعنا أهدافا عسكرية مزيفة للتمويه    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصباح تنشر "أحد عشر كوكبًا" للراحل محمود درويش في ذكرى سقوط الأندلس
نشر في الصباح يوم 01 - 01 - 2013

تشارك الصباح قراءها في إحياء ذكرى سقوط دولة الأندلس، التى تمر على العالم العربي والإسلامي غدًا الموافق 2/1/2013، بما يحاكي، 2/1/1492، بعد أن شهدت أبَّهة حضارات العالم في ظل حكم العرب المسلمين لها، بقصيدة "أحد عشر كوكبًا على نهاية المشهد الأندلسي" للشاعر العربي الكبير الراحل محمود درويش. ................... في المساءِ الأخير ِ على هذهِ الأرْض نَقطَعُ أَيّامَنا عَنْ شُجيّراتِنا ، ونَعُدُّ الضُلوعَ الَّتي سَوفَ نَحمِلُها مَعَنا والضُلوعَ الَّتي سَوْفَ نَتْرُكُها هَهُنا ... في المَساءِ الأخيرْ لا نُودِّعُ شَيئا ، ولا نَجِدُ الوَقتَ كَيْ نَنْتهي ... كُلُّ شيءٍ يَظَلُ على حَالِهِ ، فَالمَكانُ يُبَدِّلُ أَحلامَنا ويُبَدِّلُ زوّارَهُ . فَجأةً لَمْ نَعُدْ قادرينَ على السُخريَة فَالمَكَانُ مُعَدٌ لِكَيْ يَستَضيفَ الهَباء .. هُنا في الْمَسَاء الأَخيرْ نَتَمَلى الْجِبالَ المُحيطَةَ بالْغَيْم : فَتْحٌ .. وَفَتْحٌ مُضادّ وَزَمانٌ قَديمٌ يُسَلِمُ هذا الزَمَانَ الجَديدَ مَفاتيحَ أَبوابنا فادْخلوا ، أَيُّها الْفاتِحونَ ، مَنازِلَنا واشربوا خَمرَنا مِنْ مُوشَّحنا السَّهل . فاللّيْلُ نَحنُ إذا انتَصَفَ اللّيْلُ ، لا فَجْرَ يَحْمِلُهُ فارسٌ قَادِمٌ مِنْ نَواحي الأَذان الأَخيرْ .. شايُنا أَخْضَرٌ سَاخِنٌ فاشْرَبوه ، وَفُستُقُنا طَازجٌ فَكُلوه والأَسِرَّةُ خَضْراءُ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ ، فَاسْتَسلِموا لِلنُعاسْ بَعْدَ هذا الْحِصارِ الطَّويلِ ، وَنَاموا على ريشِ أحْلامِنا المُلاءاتُ جاهِزَةٌ ، وَالعُطورُ على الْبابِ جاهِزةٌ ، وَالمرايا كَثيرة فَادخُلوها لِنَخْرُجَ مِنْها تَماما ، وعَمَّا قَليلٍ سَنَبْحَثُ عَمّا كانَ تاريخَنا حَوْلَ تاريخِكُمْ في الْبلاد الْبَعيدَة وَسَنسْأَلُ أَنْفُسَنا فِي النِّهايَة : هَلْ كَانَتِ الأَندلس هَهُنا أَمْ هُنَاكَ ؟ عَلى الأَرضِ ... أَمْ في الْقَصيدَة ؟ كَيْفَ أَكْتُبُ فَوْقَ السَّحابِ وَصِيَّةَ أَهْلي؟ وَأَهْلي يَتْرُكونَ الزَّمانَ كَما يَتْرُكونَ مَعاطِفَهُمْ في الْبُيوتِ وَأَهْلي كُلَّما شَيَّدوا قَلْعَةً هَدَموها لِكَيْ يَرْفَعوا فَوْقَها خَيْمَةً لِلْحَنينِ إِلى أَوَّلِ النَّخْل . أَهْلي يَخُونونَ أَهْلي في حُروبِ الدِّفاعِ عَنِ الْمِلْح . لكِنَّ غَرْناطَةً مِنْ ذَهَب مِنْ حَريرِ الْكَلامِ الْمُطَرَّزِ بِاللَّوْزِ, مِنْ فِضَّةِ الدَّمْعِ في وَتَرِ الْعود. غَرْناطَةٌ لِلصُّعودِ الْكَبيرِ إلى ذاتِها... وَلَها أَنْ تَكونَ كَما تَبْتَغي أَنْ تَكونَ: الْحَنينَ إلى أَيِّ شَيْءٍ مَضى أَوْ سَيَمْضي: يَحُكُّ جَناحُ سُنونوَّةٍ نَهْدَ امْرأَةٍ في السَّريرِ, فَتَصْرُخُ: غَرْناطَةٌ جَسَدي وَيُضَيِّعُ شَخْصٌ غَزالَتَهُ في الْبَراري, فَيَصْرُخُ؛ غَرناطَةٌ بَلَدي وَأَنا مِنْ هُناكَ, فَغَنّي لِتَبْنيَ الْحَساسينُ مِنْ أَضْلُعي دَرَجاً لِلسَّماءِ الْقَريبَةِ. غَنّي فُروسِيَّةَ الصّاعِدينَ إلى حَتْفِهِمْ قَمَراً قَمَراً في زُقاقِ الْعشيقَةِ. غَنّي طُيورَ الْحَديقَة حَجَراً حَجَراً. كَمْ أُحِبُّكِ أَنْتِ التَّي قَطَّعْتِني وَتَراً وَتَراً في الطَّريقِ إلى لَيْلِها الْحارِّ , غَنّي لا صَباحَ لِرائِحةِ الْبُنِّ بَعْدَكِ, غَنّي رَحيلي عَنْ هَديلِ الْيَمامِ على رُكْبَتَيْكِ وَعَنْ عُشِّ روحي فِي حُروفِ اسْمِكِ السَّهْلِ, غَرْناطَةٌ لِلْغِناءِ فَغَنّي لِيَ خَلْفَ السَّماءِ سَماءٌ لأَرْجِعَ ، لكنَّني لَا أَزالُ أُلَّمعُ مَعْدَنَ هذا الْمَكان ، وَأَحْيا ساعَةً تُبصِرُ الْغَيْبَ . وأَعرِفُ أنَّ الزَّمانْ لا يُحالِفُني مَرَّتَيْن ، وَأَعرِفُ أَنّي سأَخرُجُ مِنْ رايَتي طائِراً لا يَحِطُّ على شَجَرٍ فِي الْحَديقَةْ سَوفَ يَهْبطُ بَعْضَ الْكَلام عَنِ الحُبِّ في شِعْرِ لوركا الّذي سَوفَ يَسْكُنُ غُرفَةَ نَوْمي وَيَرى ما رَأيتُ مِنَ الْقَمَرِ الْبَدَويِّ . سَأَخْرُجُ مِنْ شَجَرِ اللَّوْزِ قُطناً على زَبَدِ . مَرَّ الغَريبْ حَامِلاً سَبْعَمائَةِ عامٍ مِنَ الْخَيْلِ . مَرَّ الْغَريبْ ههُنا ، كيْ يَمْرَّ الْغَريبُ هناك . سَأخرُجُ بَعْدَ قَليل مِنْ تَجاعيدِ وَقتي غَريباً عَنِ الشَّامِ وَ الأَنْدَلُسْ هذهِ الأَرضُ لَيْستْ سَمائي ، ولَكِنَّ هذا الْمَساءُ مَسائي وَ المفاتيحَ لي ، وَ الْمآذِنَ لي ، وَ الْمصَابيحَ لي ، وأَنا لِيَ أيْضاً . َأَنا آدَمُ الْجَنَّتَيْنِ ، فَقدتُهُما مَرَّتَينْ فَاطرُدوني على مَهَلٍ ، وَ اقْتُلوني على عَجَلٍ ، تَحْتَ زَيْتونَتي ، مَعَ لوركَا .. ...وأَنا واحِدٌ مِنْ مُلوكِ النِّهايَة...أَقْفِزُ عَنْ فَرَسي في الشِّتاءِ الأَخيرِ, أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْ لاَ أُطِلُّ على الآسِ فَوْقَ سُطوحِ الْبُيوتِ, ولا أَتَطلَّعُ حَوْلي لِئَلا يَراني هُنا أَحَدٌ كانَ يَعْرِفُني كانَ يَعْرِفُ أَنّي صَقَلْتُ رُخامَ الْكَلامِ لِتَعْبُرَ امْرأَتي بُقَعَ الضَّوْءِ حافِيَةً, لا أُطِلُّ على اللَّيْلِ كَيْ لا أَرى قَمَراً كانَ يُشْعِلُ أسْرارَ غَرْناطَةٍ كُلَّها جَسَداً جَسَداً. لا أُطِلُّ على الظِّلِ كَيْ لا أَرى أَحَداً يَحْمِلُ اسْمي وَيَرْكُضُ خَلْفي : خُذِ اسْمَكَ عَنّي وَاعْطِني فِضَّةَ الْحَوْرِ. لا أَتلَفَّتُ خَلْفي لِئلا أَتَذَكَّرَ أَنّي مَرَرْتُ على الأَرْضِ, لا أَرْضَ في هذهِ الأَرْضِ مُنْذُ تَكَسَّرَ حَوْلي الزَّمانُ الشَظايا لَمْ أَكُنْ عَاشِقاً كَيْ أُصَدِّقَ أَنَّ الْمِياهَ مَرايا مِثْلَما قُلْتُ لِلأَصْدِقاءِ الْقُدامى, ولا حُبَّ يَشْفَعُ لي مُذْ قَبِلْتُ ((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)) لَمْ يَبْقَ لي حاضِرٌ كَيْ أَمُرَّ غَداً قُرْبَ أَمْسي. سَتَرْفَعُ قَشْتالَةُ تاجَها فَوْقَ مِئْذَنَةِ اللهِ. أَسْمَعُ خَشْخَشَةً لِلْمَفاتيحِ في بابِ تاريخنا الذَّهَبيِّ, وَداعاً لتِاريخنا, هَلْ أَنا مَنْ سَيُغْلِقُ باب السَّماءِ الأخيرَ؟ أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْ ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ ... رّصيفِ الْغَريبَة لَمْ أَكُنْ نَرْجِساً ، بَيْدَ أَنّي أُدافِعُ عَنْ صُورَتي في الْمَرايا. أَما كُنْتَ يَوْماً ، هُنا ، يا غَريبْ ؟ خَمْسُمائَةِ عامٍ مَضى وَانْقَضى ، وَالْقَطيعَةُ لَمْ تَكْتَمِلْ بَيْنَنا ، هاهُنا ، والرَّسائِلُ لَمْ تَنْقَطِعْ بَيْنَنا ، وَالْحُروبْ لَمْ تُغَيِّرْ حَدائِقَ غَرْناطَتي . ذاتَ يَوْمٍ أَمُرُّ بِأَقْمارِها وَأَحُكُّ بِلَيْمونةٍ رَغْبَتي ... عانِقيني لأُولَدَ ثانِيَةً مِنْ رَوائِحِ شَمْسٍ وَنَهْرٍ على كَتِفَيْكِ ، وَمِنْ قَدَمَيْنْ تَخْمُشانِ الْمَساءَ فَيَبْكي حَليباً لِلَيْلِ الْقَصيدَةْ .. لَمْ أَكُنْ عَابِراً في كَلامِ المُغَنّين ... كُنْتُ كَلامَ المُغَنّينَ ، صُلْحَ أَثينا وَفارِسَ ، شَرْقاً يُعانِقُ غَرْباً في الرَّحيلِ إلى جَوْهَرٍ واحِدٍ . عانِقيني لأُولَدَ ثانِيةً مِنْ سُيوفٍ دِمَشْقِيَّةِ في الدَّكاكينِ . لَمْ يَبْقَ منّي غَيْرُ دِرْعي الْقَديمَةِ ، سَرْجِ حِصاني الْمُذَهَّبِ . لَمْ يَبْقَ مِنّي غَيْرُ مَخْطوطةٍ لاِبْنِ رُشْدٍ ، وَطَوْقِ الْحَمامَةِ ، والتَّرْجَمات ... كُنْتُ أَجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ على ساحَةِ الأُقْحُوانَة وأَعُدُّ الْحَماماتِ: واحِدةً، اثْنَتَيْنِ، ثَلاثينَ ... وَالْفَتَياتِ اللَّواتي يَتَخاطفْنَ ظِلَّ الشُّجَيْراتِ فَوْقَ الرُّخامِ ، وَيَتْرُكْنَ لي وَرَقَ الْعُمْرِ ، أَصْفَرَ . مَرَّ الْخَريف عليَّ وَلَمْ أَنْتَبِهْ مَرَّ كُلُّ الْخَريفِ ، وَتاريخُنُا مَرَّ فَوْقَ الرَّصيفِ ... وَلَمْ أَنْتَبِهْ ! لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ وَالثَّلْجُ أَسْوَدُ فَوْقَ مَدينَتِنا لَمْ نَعُدْ قادِرينَ على الْيَأْسِ أَكْثَرَ مِمّا يَئِسْنا, وَالنِّهايَةُ تَمْشي إلى السّورِ واثِقَةً مِنْ خُطاها فَوْقَ الْبَلاطِ الْمُبَلَّلِ بِالدِّمْعِ, واثِقَةً مِنْ خُطاها مَنْ سَيُنْزِلُ أَعْلامَنا: نَحْنُ, أَمْ هُمْ ؟ وَمَنْ سَوْفَ يَتْلو عَلَيْنا((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)), يا مَلِكَ الاحْتِضار؟ كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ لَنا سَلَفًا, مَنْ سَيَنْزِعُ أَسْماءَنا عَنْ هُوِيَّتِنا: أَنْتَ أَمْ هُمْ؟ وَمَنْ سَوْفَ يَزْرَعُ فينا خُطْبَةَ التّيهِ: (( لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَفُكَّ الْحِصار فَلْنُسَلِّمْ مَفاتيحَ فِرْدَوْسِنا لِوَزيرِ السَّلامِ, وَنَنْجو...)) لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ, كانَ الشِّعارُ الْمُقَدَّسُ سَيْفاً لَنا وَعَلَيْنا, فَماذا فَعَلْتَ بقَلعَتِنا قَبْلَ هذا النَّهار؟ لَمْ تُقاتِلْ لأَنَّكَ تَخْشى الشَّهادَةَ, لكِن عَرْشَكَ نَعْشُكْ فاحْمِلِ النَّعْشَ كَيْ تَحْفَظَ الْعَرْشَ, يا مَلِكَ الاْنتِظار إِنَّ هذا السَّلام سَيَتْرُكُنا حُفْنَةً مِنْ غُبار... مَنْ سَيَدْفِنُ أَيّامَنا بَعْدَنا: أَنْتَ...أَمْ هُمْ؟ وَمَنْ سَوْفَ يَرْفَعُ راياتِهِمْ فَوْقَ أَسْوارِنا: أَنْتَ ...أَمْ فارِسٌ يائِسٌ؟ مَنْ يُعَلِّقُ أَجْراسَهُمْ فَوْقَ رِحْلَتِنا أَنْتَ...أَمْ حارِسٌ بائِسٌ؟ كُلُّ شَيّءٍ مُعَدٌّ لَنا فَلِماذا تُطيلُ التَّفاوُضَ, يا مَلِكَ الاحْتِضارْ؟ بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة ؟ مَن أَنا بَعدَ ليلِ الغَريبةِ ؟ أَنهَضُ مِنْ حُلُمي خَائِفاً مِنْ غُموضِ النَّهار عَلى مَرْمَرِ الدّارِ ، مِنْ عَتْمَةِ الشَّمسِ في الْوَرْدِ ، مِنْ مَاءِ نَافورَتيِ خَائِفاً مِنْ حَليبٍ عَلى شَفَةِ الْتّين ، مِنْ لُغَتي خَائِفاً ، مِنْ هَواءٍ يُمَشِّطُ صَفْصَافَةً خَائِفاً ، خَائِفاً مِنْ وُضوحِ الْزَّمانِ الكَثيفِ ، وَمِنْ حَاضِرٍ لَمْ يَعُدْ حَاضِراً ، خَائِفاً مِنْ مُروري على عَالمٍ لَمْ يَعدْ عَالمي . أَيُّها اليَأس كُنْ رَحْمَةً . أَيُّها الْمَوْتُ كُنْ نِعمَةً للغَريبِ الَّذي يُبصِرُ الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ وَاقِعٍ لَمْ يَعُدْ واقِعاً . سَوْفَ أَسقُطُ مِنْ نَجمَةٍ فِي السَّماءِ إلى خَيْمَةٍ فِي الطَّريقِ ... إلى أَيْن ؟ أَيْنَ الطَّريقُ إلى أيِّ شيءٍ ؟ أرى الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ شارعٍ لَمْ يَعُدْ شارِعي . مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةْ ؟ كُنتُ أَمْشي إلى الذّات في الآخَرينَ ، وَها أَنَذا أَخسَرُ الذّاتَ والآخَرينَ . حِصَاني على سَاحِلِ الأَطلَسيَّ اخْتَفى وَحِصاني على ساحِلِ المُتَوَسِّطِ يُغْمِدُ رُمْحَ الصَّليبيِّ فيّ مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةِ . لا أَستَطيعُ الرُّجوعَ إلى إخوَتي قُرْبَ نَخْلَةِ بَيْتي القَديم ، ولا أَستَطيعُ النُّزولَ إلى قَاع هاويَتي . أَيُّها الْغَيْبُ ! لا قَلْبَ لِلْحُبِّ ... لا قَلْبَ لِلْحُبِّ أَسْكُنُهُ بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ؛ قَدْ وَصَلَ الْفاتِحون وَمَضى الْفاتِحون الْقُدامى. مِنَ الصَّعْبِ أَنْ أَتَذَكَّرَ وَجْهي في الْمَرايا. فَكُنْ أَنْتَ ذاكِرَتي كَيْ أَرى مافَقَدْت... مَنْ أَنا بَعْدَ الرَّحيلِ الْجَماعِيَّ؟ لي صَخْرَةٌ تَحْمِلُ اسْمِيَ فَوْقَ هِضابٍ تُطِلُّ على ما مَضى وانْقَضى...سَبْعُمائَةِ عامٍ تُشَيِّعُني خَلْفَ سُورِ المَدينَة... عَبَثاً يَسْتَديرُ الزَّمانُ لأُنقِذَ ماضِيَّ مِنْ بُرْهَةٍ تَلِدُ الآنَ تاريخَ مَنْفايَ فِيَّ... وَفي الآخَرين... كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ, قَدْ وَصَلَ الْفاتِحون وَمَضى الْفاتِحونَ القُدامى جَنوباً شُعوباً تُرَمِّمُ أَيّامَها في رُكامِ التَّحَوُّلِ: أَعْرِفُ مَنْ كُنْتُ أَمْس, فَماذا أَكُونْ في غَدٍ تَحْتَ رَاياتِ كولومبسَ الأَطْلَسِيَّةِ؟ كُنْ وَتَراً كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْمَاءُ. لامِصْرَ في مِصْرَ, لا فاسَ في فاسَ, وَالشّامُ تَنْأَى. لا صَقْرَ في رايَةِ الأَهْلِ, لانَهْرَ شَرْقَ النَّخيلِ الْمُحاصَرْ بِخُيولِ الْمَغولِ السَّريعَةِ. في أيِّ أَنْدَلُسٍ أَنْتَهي؟ هاهُنا أمْ هُناكَ؟ سأَعْرِف أَنّي هَلَكْتُ وأَنّي تَركْتُ هُنا خَيْرَ مافِيَّ: ماضِيَّ. لَمْ يَبْقَ لي غَيْرُ جيتارتي كُنْ لِجيتارَتي وَتراً أَيُّها الْماءُ. قَدْ ذَهَبَ الْفاتِحون وَأَتى الْفاتِحون... في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أَحِبُّكِ أَكْثَر ، عَمّا قَليْلْ تُقْفِلينِ المَدينَةَ . لا قَلْبَ لي في يَديكِ ، وَلا دَرْبَ يَحمِلُني ، في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أُحِبُّكِ أَكْثَرْ لا حَليبَ لِرُمّانِ شُرفَتِنا بَعْدَ صَدْرِكِ . خَفَّ
النَّخيلْ خَفَّ وَزنُ التِّلال ، وَخَفَّتْ شَوارِعُنا في الأَصيلْ خَفَّتِ الأرضُ إذْ وَدعَتْ أَرضَها . خَفَّتِ الْكَلِمات والْحِكَاياتُ خَفَّت على دَرَجِ اللَّيل . لَكِنَّ قَلْبي ثَقيلْ فَاترُكيهِ هُنا حَولَ بَيْتكِ يَعوي وَيَبكي الزَّمانَ الْجَميلْ ، لَيْسَ لي وَطَنٌ غَيْرَهُ ، في الرَّحيل أُحِبُّكِ أَكْثَرْ أُفْرِغُ الرّوح مِنْ آخِر الْكَلِمات : أُحِبُّكِ أَكْثَر في الرَّحيلِ تَقودُ الْفَراشاتُ أَرواحَنا ، في الرَّحيلْ نَتَذَكَرُ زِرَّ الْقَميصِ الّذي ضاعَ مِنّا ، وَنَنْسى تاجَ أَيامِنا ، نَتَذَكَرُ رائِحَةَ الْعَرَقِ الْمِشمِشيِّ ، وَنَنْسى رَقصَةَ الْخَيْلِ في لَيْلِ أَعْراسِنا ، في الرَّحيلْ نَتَساوى مَعَ الطَّيْر ، نَرْحَمُ أَيامَنا ، نَكتَفي بِالْقَليلْ أَكتَفي مِنْكِ بالْخَنْجَرِ الذَّهبيِّ يُرَقِّصُ قَلْبي الْقَتيلْ فاقْتُليني ، على مَهَلٍ كَيْ أَقولَ : أَحِبُّكِ أَكْثَرَ مِمّا قُلْتُ قَبْلَ الرَّحيلِ الْكَبير . أُحِبُّكِ . لا شَيءَ يوجِعُني لا الْهَواءُ ، وَلا الْماءُ ... لا حَبَقٌ فِي صَباحِكِ ، وَلا زَنْبَقٌ في مَسائِكِ يوجِعُني بَعْدَ هذا الرَّحيلْ ... لا أُريدُ مِنَ الْحُبِّ غَيْرَ الْبِدايَةِ, يَرْفو الْحَمام فَوْقَ ساحاتِ غَرْناطَتي ثَوْبَ هذا النَّهار في الْجِرارِ كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ لِلْعيدِ مِنْ بَعْدِنا في الأَغاني نَوافِذُ تَكْفي وَتَكْفي لِيَنْفَجِرَ الْجُلَّنار أَتْرُكُ الْفُلَّ في الْمَزهَرِيَّةِ, أَتْرُكُ قَلْبي الصَّغير في خِزانَةِ أُمِّيَ, أَتْرُكُ حُلْمِيَ في الْماءِ يَضْحَك أَتْرُكُ الْفَجْرَ في عَسَلِ التّين, أَتْرُكُ يَوْمي وأَمْسي في الْمَمَرِّ إلى ساحَةِ الْبُرْتُقالَةِ حَيْثُ يَطيرُ الْحَمام هَلْ أَنا مَنْ نَزَلْتُ إلى قَدَمَيْكِ, لِيَعْلُوَ الْكَلام قَمَراً في حَليبِ لَياليكِ أَبْيَضَ... دُقّي الْهَواء كَيْ أَرى شارِعَ النّايِ أَزْرَقَ... دُقِّي الْمَساء كَيْ أَرى كَيْفَ يَمْرَضُ بَيْني وَبَيْنَكِ هذا الرُّخام. الْشَّبابيكُ خالِيَةٌ مِنْ بَساتينِ شالِكِ. في زَمَنٍ آخَرٍ كُنْتُ أَعْرِفُ عَنْكِ الْكَثيرَ, وَ أَقْطُفُ غاردينيا مِنْ أَصابِعِكِ الْعَشْرِ. في زَمَنٍ آخَرٍ كانَ لي لُؤْلُؤٌ حَوْلَ جِيدكِ, وَاسْمٌ على خاتَمٍ شَعَّ مِنْهُ الظَّلام لا أُريدُ مِنَ الْحُّبِ غَيْرَ الْبِدايَةِ, طارَ الْحَمام فَوْقَ سَقْفِ السَّماءِ الأَخيرةِ, طارَ الْحَمامُ وَطار سَوْفَ يَبْقى كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ. مِنْ بَعْدِنا, في الْجِرار وَقَليلٌ مِنَ الأَرْضِ يَكْفي لِكَيْ نَلْتَقي, وَيَحُلَّ السَّلام. الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ الكَمَنجاتُ تَبْكي على زَمَنٍ ضائِعٍ لا يَعودْ الكَمَنجاتُ تَبْكي على وَطَنٍ قَدْ يَعودْ الكَمَنجاتُ تُحْرِقُ غَاباتِ ذاكَ الظَّلامِ الْبَعيد الْبَعيدْ الكَمَنجاتُ تُدْمي الْمُدى ، وَتَشُمُّ دَمي في الْوَريدْ الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ الكَمَنجاتُ خَيْلٌ على وَتَرٍ مِنْ سَراب ، وَماءٍ يَئِنُ الكَمَنجاتُ حَقْلٌ مِنَ اللَّيْلَكِ الْمُتَوَحِّشِ يَنْأى وَيَدنو الكَمَنجاتُ وَحشٌ يُعَذِّبُهُ ظُفْرُ إمْرأةٍ مَسَّهُ ، وَابتَعَدْ الكَمَنجاتُ جَيْشٌ يُعَمِّرُ مَقْبَرَةً مِنْ رُخاَمٍ وَمِنْ نَهَوَنْدْ الكَمَنجاتُ فَوْضى قُلوب تُُُُجَنِّنُها الرِّيحُ في قَدَمِ الرَّاقِصةْ الكَمَنجاتُ أْسْرابُ طَيْرٍ تَفِرُّ مِنَ الرَّايَةِ النَّاقِصَةْ الكَمَنجاتُ شَكوى الْحَرير المُجَعَّدِ في لَيْلَةِ الْعَاشِقَِةْ الكَمَنجاتُ صَوْتُ النَّبيذِ الْبَعيدِ على رَغْبَةٍ سابِقَةْ الكَمَنجاتُ تَتْبَعُني ، ههُنا وَهُناكَ ، لِتَثْأرَ مِنِّي الكَمَنجاتُ تَبْحَثُ عَنِّي لِتَقْتُلَني، أَيْنَما وَجَدَتْني الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.