إن قالب "التربيع" في نظم الشعر -الفصيح منه والملحون- من القوالب، الشكلية التي استهوت القوّالين (أمي الشعراء)، وعلي الأخص القوالين في مجال الشعر الملحون.. فنظموا العديد من الفنون القولية الشعرية علي هذا البناء الشكلي الرباعي.. من هذه اللفنون: الموال الرباعي متحد القوافي ومنه. من يوم ماعدوا الغلابة.. مع المساكين عدوني عاشرت ناس.. أتْعبوا قلبي.. وعدّوني (عادوني في البحر عدوا..وأنا واقف..ما عدوني واديني صابر.. علي الخاين و..ع الدوني (الخسيس). ومنه الموال الرباعي ذو القافية الثالثة الحرة مثل قول كاتب هذه السطور: قطر الحبايب رسا.. بس الحبيب ماجا.. فيه ضحك عذولي.. وبصة عينه سامه جافيه (جوفه) وقال لي خلّك قدر.. ع البعد.. قلتله هو يجافيني.. لكنْ حالف أنا.. ما اجافيه ومنه الأزجال المعتادة التي تصاغ علي كل البحور الشعرية ومنها قول بيرم التونسي مخاطباً "غاندي" في مربعات فين تتحد قوافي الأشطر الثلاثة الأولي وتختلف قافية الشطر الرابع.. وقافية الشطر الرابع تتفق معها الأشطر الرابعة في كل رباعية تالية مثل: السلام ليك والسلامة من هنا ليوم القيامة يا اللي اظهرت الكرامة بعد عهد المرسلين الانجليز عايشين في لذة عندهم أسطول وعزة وانت تضربهم بمعزة سودة بنت أربع سنين وعلي هذا القالب الرباعي كتب صلاح جاهين رباعياته الشهيرة.. والتي تكون فيها الشطرة الثالثة حرة القافية.. في حين أن قوافي الشطرات الأولي والثانية والرابعة متفقة يقول صلاح جاهين في واحدة منها ليه ياحبيبتي ما بينا دايما سفر دا البُعد ذنب كبير .. لا يغتفر ليه ياحبيبتي ما بينا دايما بحور أعدي بحر ألاقي غيره اتحفر ومن الفنون القولية التي تضاع في قالب التربيع "فن العديد أو العديد أو العدودة، والتي تتسم بأن تقفيتها تشابه تقفية مايسمي "بالمزدوج" وهو مايعني أن تكون قافية الشطر الأول متفقة مع قافية الشطر الثاني، وكذا قافية الشطر الثالث تتفق مع قافية الشطرين الأولين مثلها في الشطرين الأخيرين.. والجدير بالذكر أن العدودة هي فن نسائي أي هو من إبداع النساء (وقد يكون سبب ذلك هو أن "الخنساء" الشاعرة القديمة هي أول من "عددت"- إذا جاز هذا التعبير - أي ذكرت مناقب أخيها "صخر" وناحت عليه).. وفن العديد لايقال إلا ملحنا، أي مموسقا، وحين نسمعه منهن في "الجنائز" لابد أن تفيض عيوننا بالدمع من شدة التأثر. ومنه العدوة التي تقول: بحري البلد ساعي معاه ورقة ياواد سلام ولاّ حبر غربة بحري البلد ساعي معاه جواب ياواد سلام ولاّ خبر غياب ونلاحظ علي صياغة العدودة عدم وجود الجناسات في التقفية.. إما لعدم وجود ثروة لغوية عند "المعددة" -لقلة ثقافتها، أو أن ذلك يعزي إلي النسيان -فهذا الفن هو أيضا فن شفاهي (أي غير مدون) ينتقل -عند النساء- من فم إلي فم ، ثم من مجموعة إلي مجموعة، ومن جيل إلي جيل.. وقد يعزي هذا التجاوز في القوافي إلي عدم الدقة في السماع. كما تضم أنماط الإبداع الشعبي في هذا القالب (التربيعي) فن "النميم"، وهو فن قولي شفاهي محله جنوب مصر، وفن النميم لايقال إلا مغني.. وهو عبارة مقطعات تكون الأشطر الأربعة في كل منها متحدة القافية.. وعادة تنظم علي بحر "الرجز" الذي كثيرا مايختلط ببحر "الكامل"..