مقتل شيكوريل لأكثر من مرة تحدث الفنان عزت أبو عوف وشقيقاته في برامج تليفزيونية عن الفيلا التي عاشوا فيها مع والدهم الضابط أحمد شفيق أبو عوف ووالدتهم بشارع سيريلانكا بالزمالك، واكدوا جميعا أن الفيلا "مسكونة" وشاهدوا بها "شبحا" لشخص يتحرك في أدوارها وطرقاتها كل ليلة بعد أن تأوي الأسرة إلي غرف النوم، لكنهم تعايشوا معه بمرور الوقت. والفنانة يسرا انتابها الرعب عندما باتت ليلة في هذه الفيلا بدعوي من صديقتها مها أبو عوف، فقالت في مقابلة تليفزيونية: " كنت معزومة في فيلا صديقتي مها أبوعوف، تناولنا العشاء وامتدت بنا السهرة فأصرت "مها" علي أن أبيت معها، غيرت ملابسي ومكثنا نتحدث حتي شعرنا بالرغبة في النوم، وكانت الساعة قد تجاوزت الثالثة فجرا، أطفأنا الأنوار وبدأنا في النوم، وفجأة بدأت أسمع صوت خطوات خارج الحجرة، أشبه ما تكون بخطوات جندي في عرض عسكري، أرهفت السمع، فتأكدت أن الصوت يقترب من حجرتنا، انتابني إحساس رهيب بالخوف، لأني كنت أعلم أنه لا أحد في الفيلا سوانا، وبهدوء اعصاب باردة قالت لي مها "ماتخافيش ده شبح ساكن الفيلا من زمان، وتعودنا عليه" وأرادت أن تروي لي التفاصيل لكني لم أتمالك نفسي وقفزت من النافذة، حافية القدمين مسرعة إلي شقتي". الفيلا التي يتحدثون عنها هي فيلا "سلامون شيكوريل" صاحب محلات شيكوريل الشهيرة، وقد قتل الرجل داخل الفيلا في جريمة هزت كل ربوع مصر وقت وقوعها في عام 1927، وقد تم بيع الفيلا وخرج منها " آل أبو عوف " وتحولت إلي مبني إداري للملحقية الأقتصادية لدولة فرنسا، لكنها ظلت تحمل إلي الأن اسم فيلا " الخواجه شيكوريل "، ومازالت الروايات التي تحكي عن شبحه مازالت متداولة بين الناس في حي الزمالك، فمن هو " سلامون شيكوريل " ومن هم القتلة، ولماذا قتلوه ؟ لكي نعرف كل هذه الاجابات رجعنا للصحف والمجلات التي تناولت الحادث وقت وقوعه وتابعت الواقعة حتي تم القاء القبض علي القتلة وقدمتهم النيابة العمومية للعدالة، وقد روت مجلة "اللطائف المصورة" تفاصيل الجريمة التي راح ضحيتها الخواجة اليهودي الثري شيكوريل فقالت: " مما يزيد في فظاعة هذا الحادث أن قاتليه اثنان آواهما في داره، وأستأمنهما علي نفسه، وأسكن أحدهما في منزله، فاقترنت جناية القتل والسرقة، بجناية الخيانة، وقد جرأ اللصوص علي فعلتهم الشنيعة، طيبة نفس القتيل، وعدم اكتراثه بما حدث في منزله من سرقات، مع ارتيابه في أمر سائقه، فتركه يستوطن منزله.حتي كان ما كان ". أما مجلة "المصور" فقد تناولت الحادث المروع بكافة تفاصيله، وتناولت لحظات الرعب التي عاشتها زوجة "الخواجة شيكوريل" حين هجم المتهمون علي حجرة النوم ورأتهم وهم يقتلون زوجها أمام عينيها لأنه قاومهم، وحددت المجلة جنسيات القتلة الاربعة والاتهام الموجه لكل منهم والدور الذي قام به في الجريمة واعمار كل منهم فقال : " ان المتهم الأول في القضية هو الايطالي الجنسية " ادواردو موراماكو " سائق سيارة المرحوم "سلامون شيكوريل" وهو الذي فتح لشركائه القتلة باب المنزل وارشدهم إلي المجوهرات التي سرقوها ويبلغ من العمر 35 سنة، والمتهم الثاني هو الايطالي الجنسية " داريو جاكويل " من رعايا الحكومة المحلية، وقد اعترف بعد ضغط ومواجهة بأنه ربط القتيل وزوجته بالحبال. وقد كشفت اعترافاته الستار عن بعض أسرار هذه الجريمة وعمره 38 سنة، اما المتهم الثالث فهو اليوناني الجنسية " خريستو جورجيو" وقد اعترف شركاء الجريمة علي انه هو الذي طعن المرحوم " سلامون شيكوريل" بسكينة حادة إحدي عشرة طعنة تسببت في موته عندما وجد المرحوم شيكوريل يقاومه بشدة، وعمره 35 سنة، أما المتهم الرابع فهو الايطالي الجنسية " جريمالدي جوناريو دي انطونيو " وكان قد أنكر اشتراكه بالجريمة كالثلاثة الآخرين لكنه عاد واعترف، وعمره 38 سنة. ونشرت جريدة " الأهرام " المساعي التي بذلتها قوات بوليس العاصمة في البحث والتحري حتي القت القبض علي الجناة الأربعة، وعلي رأسهم سائق الخواجة شيكوريل الذي كان يعيش في غرفة بالفيلا، وسهل لبقية المتهمين مهمة التسلل في الظلام إلي البيت بواسطة باب البدروم الذي كان يحمل مفتاحه، وقد عثر علي المجوهرات المسروقة تحت بلاطة بسطح منزله، أما وكشفت التحقيقات ان المتهم الرابع هو الذي خدر زوجة الخواجة شيكوريل لكنه لم يشترك في عملية القتل، وقالت الجريدة ان التحقيقات لم تستمر في القضية أكثر من شهر أحيل بعدها المتهمون الأربعة إلي محكمة الجنايات برئاسة القاضي حضرة محمد مظهر بك، وعضوية القاضيين محمود جعفر بك، ومصطفي محمد بك، وجلس مصطفي حنفي بك في كرسي النيابة. عقدت المحكمة جلستها يوم 19 أبريل 1927، ووقفت زوجة الخواجة شيكوريل أمام هيئة المحكمة تسرد شهادتها وهي تجهش بالبكاء من شدة الانفعال والصدمة التي احست بها من هول وبشاعة الجريمة، واخذت تروي تفاصيل الجريمة ولحظات الرعب التي عاشتها حين هاجم المتهمون علي حجرة النوم، وكيف حاولوا تخديرها لكي لا تقاوم أو تصرخ، لكنهم علي حسب اعتقادها لم يخدروها جيدا أو فشلوا في مهمتهم بدليل انها افاقت بسرعة ورأت زوجها وهو يقاوم القتلة بكل ما أوتي من قوة، لكنهم تكالبوا عليه وقتلوه بشكل بشع أمام عينيها. وفي قفص الاتهام وقف المتهم الأول سائق العائلة اليوناني " خر يستو " زائغ البصر شاحب الوجه. وكان أحيانا يبكي بكاء مرا، ويكاد رأسه يسقط كأنه علي وشك الإغماء، ونطق القاضي بالحكم وأمر بإحالة أوراق المتهمين الأربعة إلي مفتي الديار المصرية، بعد أن طالبت النيابة بعقابهم بعقوبة الإعدام شنقا. وقد اسهبت الصحف في تعريف القاريء بكافة افراد عائلة الخواجة " شيكوريل "، وقالت انهم عائلة يهودية من جذور إ يطالية هاجرت اوائل القرن التاسع عشر من تركيا إلي مصر، وكان القتيل من أشهر أبناء هذه العائلة، وترأس مجلس إدارة سلسلة محلات شيكوريل التي تأسست 1887، برأس مال 500 ألف جنيه مصري تعادل الان 100 مليون جنيه، وعمل بها 485 موظفا أجنبيا و142 موظفا مصريا، وكانت تستورد الازياء والاحذية مباشرة من باريس وايطاليا ولندن قبل ان تطرحها بيوت الازياء العالمية في هذه العواصم.