يوسف الشارونى وحديث الذكريات يعد الأديب الكبير يوسف الشاروني من أكثر أبناء جيله انتاجاً في مختلف مناحي الثقافة والابداع.. وقد بدأت رحلته في الكتابة القصصية بعد الحرب العالمية الثانية.. ورغم تقدما في السن حريصا علي أن يتوكأ علي عصاه، لحضور مختلف الندوات والفعاليات الثقافية التي تشهدها القاهرة. وأخيرا توج هذه الرحلة بصدور كتاب »لقطات من رحلتي الفكرية« الذي كان مناسبة لاجراء هذا حوار مع المبدع الكبير. بداية نتوقف عند الملامح الرئيسية لمسيرتك التي أسفرت عن الكتاب رقم ستين، هل تتذكر الكتاب الأول؟ -بدأت الكتابة القصصية أولا بعد الحرب العالمية الثانية، معني هذا أن المرحلة الجنينية لهذا التكوين الإبداعي تمت أثناء تلك الحرب. وكان القالب الأدبي السائد هو ما أطلق عليه القالب التقليدي، وهو القالب الذي يتسم أساسا بمتابعة الأحداث في ترتيبها الزمني ومن خلال ضمير الغائب في معظمها. وكنت أقرأ هذا الأدب وأعجب كيف يمكن أن يعكس هذا القالب حالة الاضطراب وعدم الاستقرار التي تسببها الحروب وما بعد الحروب عادة. وكانت المدرسة الأدبية المتمردة علي ذلك الادب التقليدي- وهو ما عرف فيما بعد باسم الواقعية النقدية- تلتزم أيضا بما أسميه قواعد المنظور أي احترام النسب الموجودة بين المسافات والمساحات في العالم الخارجي، بينما الواقع الاجتماعي- بل والحضاري- قد هز هذه النسب في النفس الإنسانية هزا شديدا وشيئا فشيئا، بحيث كان لابد للأدب المصري أن يعبر عن أبعاد هذه الرؤية الجديدة. من هنا بدأت اكتشف ان ما أكتبه لاينتمي لا إلي المدرسة التقليدية ولا حتي إلي الواقعية المتمردة التي كان أبرز مبدعيها يوسف ادريس. ويبدو أن الظروف الاجتماعية في ذلك الوقت جعلت الغلبة لتيار الواقعية الجديدة، فكان له نقاده وقراؤه، بينما انزوي التيار الذي أطلق عليه النقاد اسم «التيار التعبيري»، الذي حاولت ان اشقه وعبرت عنه في بعض قصص مجموعتي الأولي «العشاق الخمسة» (1954)، وبعض مبدعي جيلي، لعل أبرزهم بدر الديب في حرف ال ح، وفتحي غانم في مجموعته القصصية »سور حديد مدبب«، وإدوار الخراط في أول ما نشر «حيطان عالية»، وهو تيار لم يكن رائجا أو مفهوما من عامة القراء، حتي وقعت معارك يونيو 1967 مع العدو الاسرائيلي، ونتيجة لما أحدثته هذه الحرب من صدمة لدي المبدعين العرب، فإن الشباب منهم تنبه إلي هذا التيار الذي كنت قد بدأته منذ أكثر من عشرين عاما، وحاول كلُّ- بقدر عبقريته الخاصة ان يعزف علي لحن قريب أو بعيد منه، وهكذا نشرت «العشاق الخمسة» في سلسلة الكتاب الذهبي التي كان يصدرها يوسف السباعي واحسان عبدالقدوس عن نادي القصة عام 1954. وقد نالت بعد ذلك مجموعاتي القصصية الخمس، الي جانب رواية «الغرق» التي نشرتها عام 2006 مستوحاة من غرق العبارة سالم اكسبريس في البحر الأحمر اطلقت عليها من باب السخرية اسم المحروسة وهو لقب من ألقاب مصر، والسفينة التي غادر عليها فاروق مصر وأحب ان ألخص منهجي القصصي- رغم انه ليس منهجا واحدا في جميع ما كتبت في النقاط التالية: -الاهتمام بالشكل والمضمون علي حد سواء، بحيث يكون كل منهما في خدمة الآخر ودلالة عليه. -تحطيم الفواصل بين الشخصي والعام، الشخصي بتسلسل زمنيا، والعام يمتد مكانيا ويكون بيئة وخلفية للحدث الشخصي، وبذلك يندمجان في وحدة عضوية. -هذه الخلفية المكانية العامة تتم معالجتها دراميا عن طريق تناول قطاع عرضيّ منها، أي تناول أكثر من حدث واحد في اللحظة الواحدة تعبيرا عما تزدحم به لحظتنا الحضارية من صخب وصراع، أو ربما معبرة عما جد من طرق للمواصلات والاتصالات أدي إلي تزاحم الأحداث وتناقضها في اللحظة الواحدة. -ولأن منهجي لم يكن منهجا واقعيا، فقد كان من ملامحه تحطيم قواعد المنظور بالنسبة للأشياء والأماكن، وتحطيم قواعد المعقول بالنسبة للعلاقات، وهو منهج مستوحي مما يحدث في العالم اليوم غير عابيء بدهشتنا او استنكارنا أو فزعنا، ولا حتي بتنبؤاتنا بمصير هذه التصرفات ومهما اثبتت الأيام صحة هذه التنبؤات، وهكذا لم تعد الأشياء والحركات والعلاقات في حجمها الطبيعي. -لهذا كان من الملامح الرئيسية في بعض القصص تصوير الجو غير الواقعي بطريقة تبدو واقعية للغاية عن طريق اعطاء تفصيلات دقيقة، وهو أشبه بما يحدث في الكابوس. -استخدام جميع الحواس للتعرف علي البيئة المحيطة، كذلك الانتقال في حرية بين العالمين الداخلي والخارجي للإنسان بدءا من الحديث المنطوق فغير المنطوق الذي نحاول ان نرتبه ونحن نهم بالكلام، حتي الحلم والكابوس والهذيان، والانتقال كذلك في حرية بين الماضي والحاضر، وكذلك بين الضمائر الثلاث: المتكلم والمخاطب والغائب. -الاغتراب، وتتم معالجته دراميا عن طريق شعور الشخصيات بعدم طمأنينتها وبالمطاردة والاحباط المستمر الذي تواجه به، وهذا يتفق وجو الكابوس الذي يسود كثيرا من القصص. أما الجانب النقدي فيقوم علي منهج اساسه الدعوة الي ان العمل الفني ليس إلا ابن بيئته، وان كثيرا من جوانبه تتكشف لنا حين نربطه بهذه البيئة، وهذا الربط يتم بخطوات ثلاث: أولاها- بيان موضع العمل الفني من التاريخ الأدبي للمؤلف نفسه، هل هناك بذور للعمل الفني فيما سبقه من أعمال، بذور الأسلوب أو الموضوعات او الشخصيات.. فهذه الخطوة من شأنها ان توضح ما اذا كان للكاتب فلسفة أو وجهة نظر يلتزمها في كتاباته، وما تحقق فيها من تطورات روحية وفكرية وتعبيرية. ثانيها: بيان مكانة العمل الأدبي بالنسبة للأعمال الأدبية المشابهة في أدبنا المحلي ودلالة هذا التشابه فنيا وجماليا اذا شئنا، وموضوعيا واجتماعيا اذا شئنا، أو هما معا. وهذه الخطوة من شأنها ان توضح ما اذا كانت لدينا مدارس ادبية وما اتجاهاتها الرئيسية. وأخيرا بيان مكانة العمل الفني بالنسبة للأعمال الأدبية العالمية، ان كان هناك مجال لذلك وهذه الخطوة من شأنها ان توضح مدي صلتنا بالتراث العالمي من ناحية، ومدي اصالتنا من ناحية اخري. كما انها تيسر الطريق لعلماء الأدب المقارن. سبيلان للتذوق الأدبي وأضاف يوسف الشارني: واتضح كذلك ان هناك سبيلين للتذوق الأدبي- وربما للتذوق الفني بوجه عام- اما السبيل الأول فهو الذي يلجأ إليه الناقد التقليدي حين يستطيع بثقافته وخبرته ان يحلل العمل الأدبي موضوعيا وان يصل الي نتائج مرضية عقلية. اما السبيل الآخر فحين يعشق المتذوق - ولا اقول الناقد- العمل الأدبي كما يعشق الصوفي الله، فيداوم علي تأمله ويعيد النظر فيه ويعايش كل ما يتعلق به: ما كتب عنه، وما كتب مثله، وما يذكره به فبالاضافة إلي ما يتمتع به هذا المتذوق من ثقافة، فإنه ما يلبث ان يصبح (عارفا) بالعمل الأدبي، بل إنه يحصل علي ثقافته ودربته أثناء (سلوكه) هذا السبيل، حتي يكشف له العمل عن أسرار لايبوح بها الا لمستحقها فصداقتنا للعمل الأدبي تتيح لنا (الوصول) الي ما لايمكن الوصل اليه بأية وسيلة اخري، هكذا نضيق المسافة بين العمل الفني وتذوقه بحيث ينتميان في النهاية الي عملية واحدة هي عملية الإبداع الفني. رحلة منذ العشرينيات اذا عدنا إلي كتابك الأخير »لقطات من رحلتي الفكرية« ما أهم المحطات التي توقفت عندها؟ - كتابي »لقطات من رحلتي الفكرية«، فهو تتويج لرحلة فكرية بدأت منذ شبابي المبكر وانا في العشرينات ببحثي الذي اعطيته عنوان »الوجود خطيئة«، حتي بحثي الذي كتبته وانا في الثمانينيات أو كما قال نجيب محفوظ وأنا في المحطة قبل الأخيرة «تحرير الماضي من المستقبل، وتحرير المستقبل من الماضي»، وما بينهما لقطات طالبتني بحق اخوتها ان ابعثها لتقدم محطات من رحلتي الفكرية. يتكون الكتاب المنشور من ستة موضوعات كانت في الأصل تسعة، ثم حذف ثلاثة منها ليتناسب مع حجم سلسلة كتاب الهلال. وهو -مثل كثير من كتبي- اقول انه ألف نفسه، بمعني ان كثيرا مما نشرت كان تجميعا لابداعات أو دراسات نشرتها أو كتبتها سابقا، ثم اكتشفت انها تندرج تحت شكل ادبي واحد كالمجموعات القصصية، او تحت موضوع واحد كالدراسات مثل كتاب «الحب والصداقة في التراث العربي والدراسات المعاصرة» ومثل هذا الكتاب الذي يتضمن- الي جانب الدراستين الأولي والأخيرة- أربع دراسات اخري تدور حول: القبلية والفردية بين اليهودية والمسيحية، والعقيدة المسيحية بين الكاثوليكية والبروستانتية، وقرية ظالمة للدكتور محمد كامل حسين، ثم موضوع «الموسيقي الدينية عند الغربيين». والواقع أن الكتاب قد حذف منه الناشر ثلاثة موضوعات أخري بسبب حجم الكتاب المحدد في سلسلة كتاب الهلال، وقد سبق لي ذلك عند نشر كتابي عن الحب والصداقة في التراث العربي منذ أكثر من 45 عاما (عام 1966) في نفس هذه السلسلة، فقد كان عنوانه الحب والصداقة في التراث العربي والدراسات المعاصرة، فاقتصر موضوع كتاب الهلال علي موضوع الحب فقط، مما اضطرني الي اعادة نشره كاملا بعد عشر سنوات في دار المعارف التي اصدرت ثلاث طبعات منه حتي الآن أما الموضوعات المحذوفة فلعل أهمها مقارنة بين مفكرين من أعظم مفكري المسيحية والإسلام، هما القديس أوغسطين والإمام الغزالي، كل منهما يمثل ربما اعظم حضارتين في العالم، ونقط الالتقاء بينهما ونقط الخلاف، وهو بحث كنت قد القيته في دمشق في مؤتمر الغزالي اقامه المجلس الأعلي للثقافة حين كان يرأسه يوسف السباعي وقتئذ. مفهوك الخطيئة لك مفهوم محدد للخطيئة الإنسانية ماهو؟ الوجود خطيئة اعتبره الآن مجرد تمرين فكري علي النظر إلي الوجود من خلال رؤية معينة ،حشد البراهين وتناسقها لتقديم هذه الفكرة، فأنا اقدمها كإحدي وجهات النظر الي وجودنا الإنساني الذي يمكن النظر اليه من زوايا أخري تتكامل مع هذه الرؤيا لتعطينا نظرة خصبة لوجودنا الإنساني. لهذا حددت في بداية ذلك البحث ما اطلقت عليه اصطباغ هذه النظرة بالذاتية، اي انها ليست كالقوانين العلمية التي يفترض انها قبل مولدنا وستظل بعد مغادرتنا، وهي تتآزر مع نظرات اخري تهبنا زوايا مختلفة لوجودنا الإنساني. فحتي العلم- وهو المعرفة التي نحاول أن نفهم الوجود الخارجي من خلال قوانين يكتشفها العقل- لا وجود لها خارج الذهن البشري كالتعميم والتجريد اللذين هما أساس العلم. ثم إنني نبهت إلي أنه رغم الأسي الذي يصبغ هذه النظرة فإن التعبير بقولنا «الوجود خطيئة» هو أبعد ما يكون عن التشاؤم، فالبحث يفصل كل الفصل بين الخطيئة ومعني الشر، حيث ان الخطيئة وان كانت مقرونة في الروح السامية والآرية الهندية بالشر، إلا أنها في الروح الإغريقية لاتعني أكثر من الحياة في أعمق صورها. تري أي المذاهب الفلسفية اختلفت قربا وبعدا من كل من الفن والعلم، وكيف تعاملت تلك المذاهب مع كليهما؟ من المذاهب ما تغلب عليه النزعة الذاتية فيكون أقرب إلي الأدب، ولعل خير مثال لذلك في العصور الحديثة هو الألماني بنيتشه (1844- 1900) فآراؤه عن السوبرمان ليست إلا رؤية إنسانية نستطيع أن نلمس فيها النزعة الأدبية. بينما هناك مذاهب تغلب عليها النزعة العلمية كالمادية التاريخية عند كارل ماركس (1818- 1883) حيث نري انه نادي بإلغاء الميتافيزيقا ولم يبحث الا عن العلة القريبة والغاية القريبة فاستخلص القوانين التي تنقل المجتمع من مرحلة إلي أخري. لكن هناك مذاهب لم تغلب أحد الجانبين فبلغت الفلسفة أوج قلقها الرائع الخصب علي نحو ما شهده تاريخ الفلسفة عند المعلم الأول أرسطو (384- 322 ق. م) وكما شهدته العصور الحديثة لدي الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط (1724-1804) علي سبيل المثال. لك فصل بعنوان تحرير المستقبل من الماضي والماضي من المستقبل، نريد التوقف عند الملامح الأساسية لهذا الفصل؟ أولا لابد من الاعتراف بأن تحرير المستقبل من الماضي والماضي من المستقبل لايمكن أن يكونا حقيقة إلا في خيالاتنا التي تحلم أن يضع الانسان قدمه خارج كوكب الأرض، وأن لديه من الزمن ما يكفيه لأن يبقي كنوع حتي بعد أن يتلف كوكبنا، وأنه سوف يكون مخلوقا مختلفا إلي حد بعيد حتي في قيمه، فالقوة النووية التي لعنها إنسان القرن العشرين من هيروشيما إلي تشرنوبيل سوف تكون وسيلته إلي تنظيم قواعد المرور في أعماق الفضاء - وإذا كان تحرير المستقبل من الماضي سيكون عن طريق الخروج من كوكب الأرض فماذا عن مستقبل من سيتخلفون فيه؟ يبدو عالم الغد علي هذه الصورة: النصف الشمالي من الكوكب وله ملحقاته في نصفه الجنوبي، حضارته مستمدة من المعرفة واستخداماتها البراجماتية من أجل حياة قوامها حرية غير مسبوقة للرجل والمرأة، الفئة الثانية تدخل معه في سباق من أجل التمتع بالحياة العلمية والفكرية والفنون، لكنه سباق الأفيال مع النمور، بينما هناك فئة ثالثة لاتدخل السباق لأنها ليست راغبة في نتائجه. المعرفة: ومعالجة الطبيعة ويضيف: باختراع شبكة المعلومات أصبحت المعرفة هي المتغير الوحيد الذي يمضي في طريقه جاعلا كل شيء آخر يتغير بتعاله. واذا أردنا أن نلخص تاريخ البشرية كله في جملة واحدة متصلة فهي أن هذه المعرفة تتزايد وتأتي بوسائل جديدة لمعالجة الطبيعة، وينتج عن ذلك تطورات اقتصادية تغير موقف الناس من الكون ومن بعضهم البعض.. تتغير علاقة الحكومة بالشعب الذي لم يعد ممكنا الرقابة علي ما يعرفه أو يفكر فيه أو يقوله بسبب ما جد من وسائل الاتصالات.. وتنشأ أساليب جديدة في السياسة والحكم، ويؤدي كل هذا إلي جديد في المعرفة والفنون.. فالإنسان لم يعد يتطور عضويا بل يتطور معنويا، أي ما يدور داخل رأسه وما ينتج عن ذلك من وسائل جديدة: من قطعة الحجر التي كان يستخدمها في تكسير جوز الهند إلي مركبات صاروخية الكترونية يجوب بها آفاق الفضاء- وكما يقول ساجان (1934) ذلك الفلكي الذي أسهم بجهد علمي عظيم في اطلاق سفن الفضاء: إن العودة إلي الماضي وتنظيف أرضياته المعرفية من قمامة التخلف ضرورة محتومة للتحرك إلي المستقبل ودخول آفاقه. أما الاشتباك بين الزمنين الماضي والمستقبل من الوجهة الأدبية فهي شغلنا في شرقنا العربي الاسلامي منذ أكثر من قرن ونصف قرن، فنحن لانحب ألا نلغي شخصيتنا ونذوب في شخصية الآخرين، وفي الوقت نفسه فإننا نستخدم اختراعاتهم واكتشافاتهم في حياتنا اليومية، ومن أحدثها- علي سبيل المثال- إطلاق اكثر من قمر صناعي عربي. ومن ناحية أخري فمصدر القضية أن كل قديم فيه ألفة لاتستطيع التخلص منها بسهولة وكل جديد فيه غرابة لم نتعودها، هذه طبيعة الأشياء. لكن طبيعة الأشياء أيضا أن يحمل الجديد بذور التمرد علي القديم وإن أخذ منه ليصبح له شخصيته، فهذه دلالة الحياة وقانون التطور وقد ينطوي هذا الجديد علي مبالغة وتطرف لا يحد منها إلا ذوبان القديم والجديد معا للوصول إلي شكل جديد يعبر عن مضمون الحياة الجديدة. التجديد ليس متاحاً في كل العصور إذن التجديد ثمة كل العصور؟ لكن التجديد ليس متاحا في كل عصر بدرجة واحدة، كما أنه لايعتمد فقط علي التكوين الشخصي للأديب، بل إن العصر الذي يعيش فيه بأوضاعه الاجتماعية وتقاليده الأدبية عامل هام في درجة التجديد، فهناك زمن لاستكشاف أرض جديدة، وهناك زمن لاستثمار الأرض التي اكتشفناها، أي ان هناك عصورا يحتاج فيها الأديب إلي ادخال تغييرات جذرية ثورية ويتاح له ذلك، وهناك عصور تفرض علي أدبائها تطوير التقاليد الأدبية السائدة.