ولدت »إليزابيث هاملتون» في »بلفاست» لأم أيرلندية وأب اسكتلندي، وهناك شك حول عام مولدها، وإن كان الأرجح أنها ولدت عام 1756. مات والدها وهي بعد رضيعة، فانتقلت للحياة مع عمها الذي كان يمتلك مزرعة ريفية. التحقت بالمدرسة في الثامنة من عمرها، ولكنها توقفت عن الدراسة بعد سنوات قليلة. دفعها شغفها للقراءة إلي البحث عن الكتب، خاصة ذات الموضوعات الأخلاقية والفلسفية. كتبت في سيرتها الذاتية أنها مثل غيرها من المُفكرين المُنعزلين عن الناس، لم تجد السلوي سوي في الكتابة. وبالفعل انعزلت »إلزابيث» وعكفت علي القراءة والكتابة، حتي أصبحت شخصية أدبية مرموقة وشهيرة بعد نشر روايتها »سكان أكواخ جلينبيرني» عام 1808؛ التي تحكي قصة السيدة »ماسون» التي كانت تعمل خادمة في منزل انجليزي ريفي، وبعد تقاعدها عن العمل، عادت إلي قريتها الأصلية وقررت التفرغ لتحسين حياة وأخلاق أقاربها ومعارفها استناداً إلي الخبرات التي اكتسبتها في التعامل مع الانجليز. وبالطبع احتشدت الرواية بمجموعة من القيم والسلوكيات التي ينبغي غرسها في الاسكتلنديين؛ وبخاصة الفتيات. ورغم أن هدف الرواية هو التركيز علي ضرورة الاهتمام بالأخلاق في منطقة »هايلاندز» في اسكتلندا، إلا أنها احتوت علي الكثير من المواقف الكوميدية والطريفة. ومن الواضح أن هدف »إلزابيث» الأول من الرواية هو التوجّه بخطاب أخلاقي تعليمي إلي الفتيات الفقيرات في سن المُراهقة، عن كيفية بناء الشخصية والاستعداد لمواجهة الحياة بالتعليم. وفي أحد مشاهد الرواية، تزور السيدة »ماسون» السيدة »ماككلارتي»، وتندهش لأن ابنتيها تُقرران عدم الذهاب إلي المدرسة لأنهما لا تُنجزا الواجبات المدرسية، ولا توجه إليهما الأم أي انتقاد. تندهش السيدة »مايسون» من موقف الأم وتنصح الفتاتين بضرورة الالتزام في الدراسة والحفاظ علي النظافة الشخصية. تخوض السيدة »ماسون» معركة ضد الجهل والإهمال واللامُبالاة في قريتها. ويمكن القول إن الرواية كانت تعبيراً عن وجهة النظر البرجوازية السائدة في ذلك الوقت، وهو ما جعلها تحظي بقبول واسع، وتُطبع عدة طبعات حتي أصبحت الرواية الأكثر مبيعاً في ذلك الوقت، كما نالت الرواية إعجاب السير »والتر سكوت»، وأشاد بها كثيراً. وحرصت المؤلفة علي طباعة الرواية طبعة شعبية رخيصة حتي تتمكن الفتيات الفقيرات من الحصول عليها والاستفادة منها. كانت »إلزابيث» تكتب عن عالمها المحدود وتستمد منه شخصياتها وأفكارها، وهو ما جعل روايتها انعكاسًا مباشراً للثقافة الاسكتلندية، والحياة في الريف في مطلع القرن التاسع عشر. استفادت من زيارتها إلي انجلترا علي المستوي المعرفي فقط، ولم تتأثر فنياً بأي من كتاب الرواية والدراما في تلك الفترة. فقد كان هدفها الأول هو نقل بعض القيم الأخلاقية الحميدة التي رصدتها في انجلترا إلي اسكتلندا، وكانت كثيراً ما تقارن بين البلدين، ما جعل بعض مُعاصريها يعتقدون أنها تتعامل مع اسكتلندا بنظرة السائح الغريب. تلاشت شعبية »إلزابيث» في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لكنها قدمت ما يمكن اعتباره رصداً اجتماعياً ذي بُعد تاريخي للحياة في الريف الاسكتلندي.