"سكاي أبو ظبي" تواصل التوسع في السوق المصري وتطلق مشروع "سكاي نورث" في منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي باستثمارات 80 مليار جنيه    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    "القابضة للسياحة" تقرر تكليف "هشام الدميري" قائمًا بأعمال العضو المنتدب التنفيذي لشركة "إيجوث"    غزة تحت النار والضغوط تتصاعد: مبادرات تهدئة، تحذيرات عربية، وتدهور إنساني غير مسبوق    زاخاروفا تكشف حقيقة "استثمارات" الاتحاد الأوروبي في أرمينيا    نيبينزيا: تم تجنب السيناريو الأكثر تدميرا في سوريا    ارقام عبدالله السعيد مع الزمالك بعد تجديد عقده    تين هاج يوضح موقفه من ضم أنتوني إلى باير ليفركوزن    الجبهة اليسرى تثير قلق جيسوس في بدايته مع النصر    خبير: الدولة تمتص صدمات الاقتصاد العالمي وتوفر حياة كريمة للمواطنين    ضبط 43 طنًا من خامات PVC و480 زجاجة زيت حر مجهولة في حملات تموينية بالدقهلية    السجن المشدد 15 عاما لعامل ونجل شرعا في قتل شخص بسبب كارت شحن بالبحيرة    "توكيلات مزورة".. حبس مديرة الشهر العقاري بدمنهور ومساعدها في البحيرة    أحمد مالك وسلمى أبو ضيف يتعاقدان علي عمل جديد    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي.. وهذا الموعد الجديد    بعثة بيراميدز تغادر القاهرة متجهة إلى تركيا لإقامة معسكر إعداد للموسم الجديد (صور)    عرض سعودي ضخم بقيمة 350 مليون يورو لضم نجم ريال مدريد فينيسيوس جونيور بعقد يمتد لخمس سنوات    ميلونى: الحرب التجارية مع الولايات المتحدة ستضر بالعمال فى المقام الأول    أخبار × 24 ساعة.. الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    الهلال يتفق على تمديد عقد بونو حتى 2028 بعد تألقه اللافت    إسرائيل ترفع الإنفاق الدفاعى 12.5 مليار دولار لتغطية الحرب على غزة    انهيار عقار قديم مكون من 3 طوابق فى السيدة زينب    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى حدائق الاهرام دون إصابات    الهاني سليمان: كويس إن شيكابالا اعتزل لأنه محظوظ علىّ    مروان حمدى يعتذر عن واقعة تيشيرت بيراميدز.. والإسماعيلى يعاقبه    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    لطيفة: أسعى لاختيار كلمات تشبه الواقع وأغنية "قضى عليا الحنين" عشتها بشكل شخصي    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    نفاد تذاكر حفل أنغام بمهرجان العلمين الجديدة بدورته الثالثة    أشرف زكى ينفى شائعة وفاة الفنانة زيزى مصطفى.. وجمال عبد الناصر يعتذر    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    المتحدث باسم الصحة: وفاة 5 من أطفال المنيا ليست بسبب الالتهاب السحائي.. والتحقيقات جارية    ترامب يواجه تحديًا جديدًا: إخماد نظريات المؤامرة حول فضيحة إبستين الجنسية    فييرا: شيكابالا جزء من كنوز كرة القدم المصرية    تجديد حبس مديرة الشهر العقاري بدمنهور وعضو فنى 15 يومآ بتهمة تزوير التوكيلات    الصحة تنفي وفاة 5 أطفال بالمنيا بسبب الالتهاب السحائي وتؤكد: التحقيقات جارية    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم التحايل على شركات الإنترنت للحصول على خدمة مجانية؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير البترول يستعرض خطط «دانا غاز» التنموية بمناطق امتيازها    «الوطنية للتدريب» تحتفل بتخريج أول دفعة من قيادات وزارة العدل الصومالية    المؤتمر: وضعنا اللمسات الأخيرة للدعاية لانتخابات مجلس الشيوخ    الرابط المباشر والمستندات المطلوبة لتنسيق أولى ثانوي 2025    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم إظهار جزء من الشعر من الحجاب؟ أمين الفتوى يجيب    ننشر تفاصيل الجلسة الطارئة لمجلس جامعة دمياط    تكريم وزيرة البيئة من مبادرة "أنتي الأهم" تقديرًا لاختيارها أمينًا تنفيذيًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    فوائد شرب الزنجبيل والقرفة قبل النوم لصحة الجسم.. شاهد    وزارة الصحة تكشف نتائج التحاليل فى واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بمحافظة المنيا .. اعرف التفاصيل    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    إغلاق ميناء العريش البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    محافظ سوهاج يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين بقرية "المدمر"    تفعيل منظومة انتظار المركبات داخل مدن الأقصر وإسنا والقرنة    دبلوماسي إثيوبي يفضح أكاذيب آبي أحمد، ومقطع زائف عن سد النهضة يكشف الحقائق (فيديو)    «قصور الثقافة» تعلن عن أول مشروع استثماري هادف للربح في العلمين الجديدة    هل الخوف فطرة أم قلة إيمان وعدم ويقين بالله؟.. محمود الهواري يجيب    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    «الصناعة» تدعو المستثمرين للتسجيل بمنصة المنتجات الصناعية والتعدينية العربية    أوكرانيا: الجيش الروسي فقد أكثر من مليون جندي منذ الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصمة النور والأمل
رؤية


» - قل لي ما هي المرآة إذن؟
- هي ماكينة توضح الأشياء في مكان بعيد عن مكانها الأصلي.»‬
كان هذا هو تعريف ديكارت - البطل الأعمي- للمرآه ردًا علي سؤال الفيلسوف الفرنسي ديدرو والذي ورد في كتابه »‬خطاب عن المكفوفين». يرجع الفضل إلي دينيس ديدرو (1713-1784) في لفت الانتباه بقوة نحو عالم المكفوفين الفكريّ؛ حين ألف كتابه »‬خطاب عن المكفوفين» (1749)؛ في كتابه، يتحاور ديدرو مع صديقه الكفيف ديكارت، ويسأله عما تعنيه بعض المفاهيم بالنسبة له، مثل الجمال والسيمترية. ويكشف عبر هذا الحوار أن »‬الجمال بالنسبة للكفيف ليس إلا مجرد كلمة حين تنفصل عن فائدتها.» وبدت كل إجابات الكفيف مرتبطة بعدد محدود جدًا من المعان التي يمتلكها، حتي أنه يدرك المعان المجردة مثل الميتافيزيقا والأخلاق من خلال خبرته الحسّية فقط! وبدلًا من وصف إنسان »‬بالخير أوالشر» فإن الأمر، بالنسبة له، لا يتعد وجود أناس »‬يرشدوه للطريق وآخرون يسرقونه»! هذا الحوار بين الكفيف والمبصر في الجزء الأول من كتاب ديدرو يذهب بالقاريء إلي الاعتراف العميق بالنسبية في الحياة تجاه كل الأمور والمفاهيم.
أما الجزء الثاني فاعتُبر »‬تخريبيًا» أكثر؛ إذ انتهج عبره ديدرو فرضية تقضي بفوضي كاملة: فتساءل أليس ما يُعتبَر طبيعيًا في مكان ما هو استثناء في مكان آخر؟ وما كان شاذًا في الماضي ألن يكون هو القاعدة في المستقبل؟ واستمر ديدرو، عبر تأمل عالم العميان ومدركاتهم، في توليد الأسئلة والشكوك حول كل ما في الحياة، في دوامة فكرية تعتصر القاريء.
صدر الكتاب في يونيو 1749 وتمت مصادرته في يوليو من نفس العام وتم حبس ديدرو في السجن بسبب أفكاره!
وسواء رأينا فيما قدمه ديدرو عمل فكري عظيم أو نقد موجّه للدين والدولة أو دعوي للفوضي ففي جميع الحالات حّرك كتابه مياه ساكنة بقوة، بتأملاته العميقة داخل ذلك الصندوق المغلق –العمي- مع دعوة المبصرين لرؤية العالم من زاوية مغايرة، تلك التي يمتلكها فاقدي البصر.
في ذلك المناخ ولد فالنتين هواي (1745-1822)، تربويّ ومترجم فرنسي، من أوائل من آمنوا واهتموا بحق المكفوفين في المشاركة المجتمعية والثقافية. حضر فالنتين ذات يوم في عام 1771 عرضًا للمكفوفين في معرض ثقافي بميدان الكونكورد بباريس، وصُدِم من الاستقبال الساخر الذي وجهه الجمهور لهم حتي أنه أسس في عام أول مدرسة لتعليم المكفوفين، والتي سميّت »‬المعهد الوطني للمكفوفين الصغار» .
في أحد الأيام قابل فالنتين شحاذ أعمي اسمه فرانسوا ليسيور، وحين أعطاه عملة معدنية أعادها له الشحاذ ونبهه أنه ربما أخطأ بمنحه تلك العملة ذات القيمة الكبيرة فأدرك حينها فالنتين أن بامكان الأعمي إدراك الأشياء بمجرد لمسة واحدة وأصبح فرانسوا ليسيور تلميذ فالنتين الأول في المدرسة التي أسسها. اعتمد فالنتين في تعليم المكفوفين علي تصميم الحروف بورق الكرتون بشكل مجسم وكبير واستطاع فرانسوا تكوين جمل وقراءتها كما تعلم العمليات الحسابية الأربع الأساسية. في سبتمبر 1784 أعلن فانتين هواي نجاح تجربته في تعليم المكفوفين ونال دعم من أكاديمية العلوم بفرنسا.
بعد أكثر من ثلاثين عامًا، بدات بذور مشروع حقيقي تتضح؛ ففي عام 1819 ، التحق لويس برايل، الطفل الكفيف الاستثنائي، وهو في سن العاشرة بالمعهد. كان مخترعًا موهوبًا، فأبدع في سن الخامسة عشر نوع من الكتابة يعتمد علي ست نقاط بارزة أو كما أطلق عليها »‬النقاط الست السحرية لبرايل»، نجحت تلك الطريقة في ضم الحروف الأبجدية ونقاط الترقيم والأرقام بل والسولفاج.
بالطبع لا يمكن تصور مسيرة برايل البراقة دون صعوبات ومنغصات؛ فلم يقتصر الأمر علي كف بصره منذ الولادة بل امتد إلي محاربة أستاذه باربير الذي أضاف طريقة لتعلم المكفوفين بعد فالنتين هواي وأزعجه كثيرًا أن يستطيع تلميذ صغير اختراع طريقة جديدة متكاملة للتعليم. لكنه مع عدم تشجيعه لبرايل لم يستطع إبداء رفض كامل في النهاية، لأن براعة اختراع برايل كانت أقوي من أن تتم معارضتها بشكل صريح. وبعد أن عمل كأستاذ في المعهد الوطني للمكفوفين أحيل الي التقاعد في عام 1940 بدافع غيرة من زملاء بعد رحيل أستاذ كان من أهم الداعمين له. كما حاول الموسيقيين حينها تقنين استخدام الجزء الخاص بالسولفاج، لكن لم يلبث أن استعاد مكانته في عام 1947. ولم تتبن الدولة الفرنسية رسميًا طريقة التعليم »‬برايل» إلا في عام 1854، أي بعد رحيله بعامين.
تطورت طريقة التعلم بالطبع واستفادت من اضافات قيمة بذلها المختصون، لكن يظل الأساس الذي وضعه برايل بل والكثير من التفاصيل هي عامود العملية التعليمية الحديثة للمكفوفين إلي الآن.
في عام 1952، مع مرور المئوية الأولي لرحيله، تم نقل رفات لويس برايل إلي مبني البانتيوم، الذي تدفن فيه الشخصيات الفرنسية العظيمة، وتعترف الدولة بفضلها. بالطبع هناك شخصيات يتم دفنها في البانتيوم بعد موتها مباشرة أو بعدها بقليل، لكن برايل رغم عظمة اختراعه إلا أن جسده لم يدخل إلي البانتيوم إلا بعد انقضاء 100 عام علي رحيله!
وبعد مرور ثلاثة قرون علي كتاب هيرودو عن المكفوفين والذي أهداه إلي المبصرين، وسُجِن لأجله، هل استوعبنا الدرس نحن المبصرون فأدركنا العالم من زاوية مغايرة؟ أم لا نزال ندركه بنظرتنا المحدودة التي نظنها وافية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.