»أغلي من الياقوت» توصيف دقيق لعلاقة الأب وابنه، هكذا طرح أحمد مكي رؤيته لعلاقة انسانية عميقة ربما تكون الأقرب والأصدق، مكي الذي حمل علي عاتقة إعادة فن الراب إلي مساره الصحيح يعود الآن بعمل يتسم بخصوصية شديدة، فالأغنية أقرب إلي وصية شخصية، ليس هذا فقط بل انه قرر العودة للسينما بفيلم من اخراجه وتأليفه، واستمرارا لحالة النشاط الفني التي يعيشها ربما يخرج للنور جزء سادس من مسلسل »الكبير أوي» بناء علي طلب الجمهور.. ملحق الفنون التقي بمكي الذي بدا أكثر حماسًا وصدقًا عن أي وقت مضي وهو يتحدث في هذا الحوار. يقول مكي : في ألبومي الأول »أصله عربي» قدمت موضوعات مختلفة، ولكن أكثر أغنياته نجاحا كانت »قطر الحياة» لأنني صورتها، ولأن موضوعها كان انسانيًا بشكل كبير، لهذا قررت أن أغير استراتيجيتي في الألبوم الجديد بحيث أطرح أغنية وأصورها كل فترة، وحدث هذا في أغنية »وقفة ناصية زمان» وأغنية »آخر الشقاوة»، أما حكاية »أغلي من الياقوت» فبدأت معي عندما ولد إبني، شعرت بأحاسيس مختلفة، عدت بذاكرتي للوراء وتذكرت طفولتي، لقد عشت في أسرة مفككة بعد انفصال والدي، ولم يكن إنفصال عادي حيث ظل يعمل بالإمارات وانتقل اخوتي الكبار للدراسة في فرنسا وعدت أنا ووالدتي وأخوتي الأصغر إلي مصر، لم أجد قدوة يعلمني خبرة الحياة، لولا أن تولاني الله ببعض الاشخاص الذين مروا علي خلال المشوار وعلموني، وحاولت ألا أكرر التجربة مع ابني، ولهذا كتبت هذه الأغنية كوصية له. • اشعر أنك تحكي حكايتك لابنك في هذه الأغنية؟ - هذا حقيقي، لقد انفصلت عن أم ابني منذ سنوات، ولكنني كنت حريصاً علي ألا يتضرر ابني من هذا الانفصال وأن تستمر علاقتي القوية به، والحمد لله نجحت في ذلك وهو يعيش حياة مستقرة ولا يشعر بأي انفصال وهذه نصيحة مني لأي أب وأم، ان كان الانفصال ضرورة فالحفاظ علي الأطفال واجب. • الأغنية تصدرت تريند يوتيوب وحققت مشاهدات عالية، هل هذا مؤشر علي أن ذوق الجمهور بخير ومازال هناك من يهتم بالفن الذي يقدم قيمة انسانية وأخلاقية؟ - بالطبع، الناس الآن لا تهتم سوي بشيئين متضادين، إما عمل شاذ جدا وسئ أو عمل يقدم قيمة حقيقية، أنا شخصياً أميل لقياس نجاح العمل بما يغيره في المتلقي، بمعني أن في »قطر الحياة» مثلا وجدت شبابا تعافوا من الإدمان بسبب الأغنية، في »أغلي من الياقوت» قرأت العديد من التعليقات كان أكثرها تأثيرًا في ما فعله شاب مغترب بأن قطع سفره وقرر العودة للبقاء إلي جوار والده في اجازة طويلة، أحد الشباب لم يكن علي وفاق مع والده وبعد وفاته بفترة سمع الأغنية فذهب إلي قبره وبكي امامه من التأثر، قيمة العمل في تأثيره علي وجدان الناس وهذا هو النجاح الحقيقي بالنسبة لي. لماذا صورت الأغنية في الفيوم، ولماذا اخراجتها؟ - الفيوم بلد جميل وفيه طبيعة خلابة لا تجدها في أي مكان في العالم، وأنا ارتاح لهذا المكان جدا وزرته كثيرا، اما الاخراج فكما تعلم هو مهنتي الأساسية، أنا في الأصل مخرج ثم مغني راب ثم أخيرا ممثل، لقد كتبت الأغنية بنفسي لأنها تعبر عن حالة خاصة، واعتقد أنني الأقرب لاخراجها لأنني أشعر بكل كلمة فيها، انا مؤمن بضرورة انتماء المخرج إلي أجواء العمل واحساسه به، مثلا في أغنية »وقفة ناصية زمان» اعتقد انني من الجيل الذي عاش تفاصيل الأغنية ولدي صدمة حقيقية تجاه التغير الذي حدث في الشارع فعبرت عن ذلك بالغناء وأيضًا الصورة. مازلت مصرًا علي تقديم »الراب» رغم التحولات السلبية لهذا الفن؟ - أري الراب فناً اجتماعياً مؤثراً، لقد تربيت علي اغنياته التي حلت لي مشاكل شخصية وفهمت من كلماتها الكثير عن الحياة، أما ما يحدث الآن فلا علاقة له بفن الراب، هناك تدن في الكلمات والأفكار علي مستوي العالم، لهذا أقدم الراب الحقيقي الذي تربيت عليه لأعبر عن حقيقة هذا الفن. أشعر انك تعيش حالة حنين للماضي؟ - هذا حقيقي، أنا من الجيل الذي تأثر جدا بايقاع حياته وتفاصيلها، أتمني لو يعود بنا الزمن للوراء ولو دقائق حتي اعيش هذه الحياة الممتعة، حدث تغير حقيقي في المجتمع وفي اسلوب الحياة بشكل عام، هذا لم يجعلني منفصلا عن الاجيال الجديدة ولكنني أراهم اليكترونيين أكثر من اللازم، لم يكتسبوا الخبرة الحياتية الناتجة عن الاختلاط بالبشر وهذا ما أسعي لتعليمه لابني طوال الوقت. الجيل الجديد انتصر لفيلمك »الحاسة السابعة» الذي لم يفهمه الناس وقتها؟ - صحيح جدا، لأن الضحك في الحاسة السابعة كان مختلفًا، قدمت وقتها وعمري 24 عاما كوميديا موقف متطورة، فهمتها الاجيال التالية لأنهم شاهدوا هذا التطور في الكوميديا الأجنبية. أين أنت من السينما؟ - سأعود بفيلم قريبا جدا، والمفاجأة أن هذا الفيلم كتبته منذ سنوات بعيدة وكنت سأقدمه كمخرج قبل الحاسة السابعة، وبعده قررت اعادة كتابته وكنت علي وشك تصويره ولكن الزعيم عادل امام طلبني في فيلم مرجان لأقدم شخصية دبور، وبعدها تغير مسار حياتي الفنية تماما، والآن قررت العودة لتقديم هذا الفيلم الذي أعيد كتابته الآن وسأخرجة وأقوم ببطولته. وماذا عن الدراما التليفزيونية.. هل هناك نية لتقديم اجزاء جديدة من الكبير أوي؟ - أفكر في هذا جديًا، كل المحيطين بي حتي جمهوري عبر السوشيال ميديا وفي الشارع يطالبونني بعودة الكبير اوي، ومختلف الأجيال أحبت العمل وتصلني تعليقات من الكبار والصغار، لم اتصور الحالة التي صنعها المسلسل في الأسرة المصرية، وهذا شجعني علي العودة بجزء سادس، ولكنني لن أقدم الكبير كل عام بل في توقيتات متباعدة، رغم أن الناس تري في الكبير طقسا رمضانياً وأنا أري ذلك أيضًا، ولكنني فعلا جاد في تقديم اجزاء جديدة من المشروع، حتي ان والدتي طلبت مني ذلك.