مصر تواصل حربها العادلة ضد الإرهاب من يقرأ التاريخ يستطيع استشراف المستقبل.. أما مصر فهي من تكتب التاريخ وتصنع المستقبل.. فعلي مدار قرون طويلة وممتدة كانت الدولة المصرية ومازالت هي حارس التاريخ وحصنه الآمن، فكم من الأحداث غيرتها مصر وأعادت كتابتها من جديد، وكم من موجات استعمارية اصطدمت بصلابة الدولة المصرية ووحدة شعبها وتماسكه وإيمانه بوطنه، وعقيدته الراسخة بأن الدفاع عن الأرض عرض دونه الحياة. فمنذ أن طرد أحمس الهكسوس من مصر عام 1580 قبل الميلاد.. ومرورا بصد الحملات الاستعمارية المتعاقبة بدءاً من هزيمة تحالف جيوش القبائل الآسيوية والتي بلغت 23 جيشا علي يد تحتمس الثالث في معركة مجدو، وأعقبها خروج الملك رمسيس الثاني لوقف هجوم جيوش الحيثيين والتي استوطنت سوريا والساحل اللبناني في معركة قادش.. ومرورا بصد طموح جيوش أجنبية لاستعمار مصر علي يد رمسيس الثاني، ورمسيس الثالث، والتصدي للحملات الصليبية في موقعتي حطين، والمنصورة، وهزيمة المغول في عين جالوت وهدم مخططاتهم الاستعماري، وتحقيق نصر أكتوبر المجيد عام 1973 وتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.. وغيرها من المعارك التي خاضتها الأمة المصرية طوال تاريخها الممتد للحفاظ علي وحدة أرضها، وأمنها القومي علي مختلف الجبهات. صفحات مشرقة وخالدة سطرتها مصر في تاريخ البشرية، أكدت خلال وقائعها إدراك أبناء الأمة المصرية لحجم المخاطر المحيطة بالمنطقة، وأصقلت قدرتهم علي التنبؤ بالمستقبل والتحرك المبكر لصد أطماع قوي الاستعمار، وهو ما تجلي في ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 ضد الاستعمار الجديد الذي تخفي هذه المرة تحت عباءة الدين، وامتطي جماعة الإخوان الإرهابية وأذنابها من جماعات الظلام لتنفيذ مخطط استعماري طالما اصطدم بوحدة الشعب المصري، وتحطمت موجاته المتتابعة علي مر التاريخ أمام صلابة الدولة المصرية ووعي المصريين، ووحدتهم وإيمانهم الراسخ بأنهم حراس التاريخ. مجددا مارس الشعب المصري هوايته المفضلة في كتابة التاريخ عندما أوقف واحدة من أشرس هجمات الاستعمار الجديد في الثلاثين من يونيو، وأعلن للعالم انتهاء مخطط تفتيت دول الشرق الأوسط إلي دويلات صغيرة، ونشر النزاعات الطائفية والعرقية بين شعوب المنطقة من خلال ما أطلقوا عليه »الربيع العربي»، لتبدأ الدفة تسير في اتجاهها الصحيح الذي رسمته مصر للمنطقة نحو الحفاظ علي الدولة الوطنية، ودعم المؤسسات الشرعية والجيوش الوطنية في التصدي لجماعة الإخوان الإرهابية والجماعات التي ولدت من رحمها علي اختلاف مسمياتها. في سبتمبر 2014 وفي أول مشاركة لرئيس مصر بعد ثورة 30 يونيو في الجمعية العامة للأمم المتحدة حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي العالم أجمع من تنامي خطر الإرهاب الذي طالما حذرت منه مصر مرارا وتكراراً، وأكد الرئيس للعالم أن مصر عانت من ويلات ذلك الإرهاب منذ عشرينيات القرن الماضي حين بدأت إرهاصات فكر جماعة الإخوان الإرهابية البغيض تبث سمومها مستترة برداء الدين للوصول إلي الحكم وتأسيس دولة الخلافة اعتمادا علي العنف المسلح والإرهاب كسبيل لتحقيق أغراضها.. وأوضح الرئيس أن الإرهاب وباء لا يفرق في تفشيه بين مجتمع نام وآخر متقدم، فالإرهابيون ينتمون إلي مجتمعات متباينة، لا تربطهم أية عقيدة دينية حقيقية، وطالب الرئيس دول العالم بتكثيف التعاون والتنسيق لتجفيف منابع الدعم الذي يتيح للتنظيمات الإرهابية مواصلة جرائمها.. بعدها تكررت تحذيرات الرئيس السيسي للعالم في جميع المحافل الدولية والإقليمية من خطورة تلك الجماعات الظلامية، وضرورة القضاء عليها. وفي الوقت الذي كانت فيه مصر الدولة الوحيدة التي تخوض بوضوح وجدية حربا شرسة ضد الإرهاب، أطلقت عدد من الدول عبارات براقة لمكافحة الإرهاب.. بينما علي أرض الواقع يتم تقديم مختلف أنواع الدعم الإعلامي واللوجيستي للجماعات الإرهابية من الدول الراعية والممولة للإرهاب.. حتي امتدت العمليات الإرهابية لتلك الجماعات من الشرق الأوسط لعدد من دول أوروبا، وأمريكا. وهو ما دفع الرئيس السيسي لأن يؤكد خلال كلمته العام الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه لا مجال لأي حديث جاد عن مصداقية نظام دولي يكيل بمكيالين، ويحارب الإرهاب في الوقت الذي يتسامح فيه مع داعميه، بل يشركهم في نقاشات حول سبل مواجهة خطر هم من صنعوه في الأساس، وشدد الرئيس علي أن مصر تخوض حربا ضروسا لاستئصال الإرهاب من أرضها وملتزمة بمواجهته وتعقبه والقضاء عليه بشكل نهائي وحاسم حيثما وجد.. كما شدد الرئيس علي أن مواجهة الإرهاب كانت علي رأس أولويات مصر خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن علي مدار عامي 2016 و2017 ورئاستها للجنة مكافحة الارهاب، وأن ما تقوم به مصر من جهود لمكافحة الإرهاب ليس فقط دفاعا عن مستقبل مصر، بل دفاعا عن مستقبل المجتمع الدولي بأسره. جدية مصر ونيتها الصادقة في القضاء علي الإرهاب وتجفيف منابعه، وقطع الإمدادات عن الجماعات الإرهابية أجبرت دول العالم والمنطقة علي الإشادة بجهود مصر في مكافحة الإرهاب.. بل والسعي للاستفادة من خبرات مصر التاريخية في هذا الصدد.. خاصة وأن مصر دفعت فاتورة باهظة لا يمكن أن تعوض من دماء أبنائها الذين أقسموا علي العيش بشرف، والموت بكرامة في سبيل الحفاظ علي وحدة المصريين وصد أي هجمات استعمارية وإرهابية من شأنها المساس بأمن الوطن.. فكم من الشهداء الذين ارتقوا خلال المواجهات مع الجماعات الإرهابية، وكم من النجاحات التي حققتها مصر علي الأرض في حرب الوجود التي تخوضها لصد الموجات الاستعمارية الجديدة. وعند الحديث عن الشهداء فالتاريخ يعجز عن تسجيل التضحيات والبطولات التي قدمها الشهيد أبو شقرة، والشهيد منسي، والشهيد مغربي، وغيرهم الكثير من القادة والجنود من أبناء الشعب المصري في القوات المسلحة والشرطة الذين قدموا أرواحهم في سبيل التمسك بالأرض والدفاع عن مصر وشعبها ضد الإرهاب.