لقد ثبت للعالم أجمع في اجتماع مجلس الأمن مؤخراً أن مصر لا تباع ولا تشتري ولكنها الشقيقة الكبري والريادة والحضارة والتاريخ. فالمتابع للقضية السورية علي مدار أكثر من ست سنوات يعي تماماً أن هناك أهدافاً استعمارية جديدة وعداء شديدا يوجه للدولة السورية والشعب السوري وأن هناك مخططاً إرهابياً صهيونياً بضرورة تدمير سوريا وقوتها العسكرية ووحدتها الجغرافية شعباً وأرضاً فبعد أن نجحت أمريكا وإسرائيل في توفير تأمين دائم للدولة الإسرائيلية الصهيونية من جانب أهم وأخطر خط حدودي لها مع جيرانها وهي مصر عقب اتفاقية السلام المصري مع دولة إسرائيل المعروفة باسم كامب ديفيد التي فازت إسرائيل من خلالها بأكبر عملية تأمين للدولة الصهيونية منذ إنشائها علي طول حدودها مع أكبر دولة وأكبر جيش قوي ومسلح في الشرق الأوسط واطمأنت فيه الدولة اليهودية إلي إقامة نقاط ثابتة لقوات الطواريء الدولية "قوات حفظ السلام" في سيناء لم يعد أمامها سوي العراقوسوريا في مواجهة كانت ولازالت تمثل خطراً علي سلامة وأمن إسرائيل لذلك لم يكن غريباً أن يخرج علينا الأمريكان وخلفهم الدولة العبرية مستغلين موجة الربيع العربي لينقضوا علي الشعب السوري والدولة السورية بكل ما فيها من سلطات ومؤسسات ومبان ولم يسلم منهم الأخضر ولا اليابس في محيط الدولة السورية واستفحل الخطر علي سوريا والمنطقة عندما توغلت إلي الأراضي السورية أكبر جماعات إرهابية متطرفة كتنظيم داعش وما عرف بجند الشام وجيش النصرة وخلافه وهو ما أدي إلي اختراق العديد من الدول العربية المحيطة وفي مقدمتها مصر وتسلل إليها بعض هؤلاء الخوارج القتلة كما تسللوا إلي عدد آخر من الدول العربية بل والغربية بما يؤكد أن الإرهاب لم يسلم منه أحد حتي الدول الغربية التي دعمت اجتياح وضرب سوريا لم تسلم هي الأخري من ويلات تلك الجماعات الإرهابية. لهذه الأسباب وغيرها الكثير والكثير جداً كان موقف مصر الثابت والواعي الذي استند إلي منطق العقل وبعد النظر والرؤية المستقبلية إذ أن مصر الشقيقة الكبري والدولة الرائدة في المنطقة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام مخطط مكتمل الأركان يستهدف تدمير الدولة السورية وتقطيعها أرباً وليس فقط تقسيمها وهو ما يعتبر خطأ فادحا وجريمة سياسية تاريخية بكل المقاييس تهدد أمن واستقرار جميع دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية التي انتفضت مؤخراً اتجاه موقف مصر الثابت في مجلس الأمن من رفض المخطط والمؤامرة علي سوريا وضرورة ضرب الجماعات الإرهابية المسلحة واستبعاد واستئصال كل جماعات الإرهاب المسلح من مائدة المفاوضات إذ لا يمكن أن تقبل مصر وجود مثل هؤلاء الإرهابيين يشاركون في رسم سياسة ومستقبل سوريا بما يحمله ذلك من منح شرعية مفترضة لهؤلاء الخوارج ويكبد الدول العربية فاتورة باهظة التكاليف في الأرواح والأموال. لذلك ليس غريباً موقف مصر في مجلس الأمن بل هذا هو ذاته ما يؤكد دور الدبلوماسية المصرية العريقة والسياسة المصرية الراسخة التي تقف حائلاً ضد وقوع مصر في هذا الفخ أو هذا المنحدر الخطير حيث لا يمكن لمصر أن تتخلي عن مسئولياتها العربية والقومية مصر التي ضحت وتعاني حتي الآن في اقتصادها ومستوي معيشة المصريين من نتاج هذه التضحيات في سبيل الحفاظ علي اشقائها العرب إذ لا يتصور أبداً أن تتخاذل مصر وتتراجع عن مبادئها وتقف موقف المتفرج علي اخطر الحروب تأثيراً في خارطة المنطقة بل ستظل مصر قوية وأبية والشقيقة الكبري الرائدة الواعية حتي في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة بل هذا هو الاختيار الصعب للرئيس السيسي والدولة المصرية بعد 30 يونيو تحية لمصر وزعيمها ووزير خارجيتها وصقورها الذين يعملون علي حفظ أمنها القومي حتي في أحلك اللحظات.