"تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    سوزان القليِّني: الحاجة إلى استراتيجية عربية مشتركة وتوطين الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الإعلامية    موعد إعلان بدء تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة والكليات والمعاهد المتاحة (رابط)    تعرف على شروط تركيب عدادات المياه الجديدة    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    لعدم الجدية في التنفيذ.. الإسكان توضح أسباب سحب أرض نادي الزمالك في حدائق أكتوبر    مسئولة أممية: السودان يواجه مأساة إنسانية منسية تشبه الوضع في غزة    محمد صلاح: الموسم الماضى كان الأفضل فى مسيرتى.. وهذه نصيحتى للشباب    مدرب الزمالك السابق: شيكابالا ملك الكرة في مصر    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    "جرائم فضحتها الكاميرات".. كيف ساهمت السوشيال ميديا في كشف قضايا دموية؟    مصمم بوستر الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي: استلهمت فكرته من تمثال حورس    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    بعد وفاة طفل في المرج.. تعرف على مكونات وأضرار النودلز سريعة التحضير    مصرع طالب غرقًا في سمالوط بالمنيا    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    اتحاد الكرة يقرر حضور 250 مشجع في دوري المحترفين و 50 من مجالس الإدارات    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    الخارجية الأمريكية ل«الشروق»: ملتزمون بدعم حوار يؤدى للسلام وينهى معاناة السودانيين    صحة الدقهلية: تشكيل لجنة لكشف ملابسات وفاة الطفل مالك أثناء عملية جراحية بمستشفي شربين    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    الدراجات النارية تكتوي بنار رسوم ترامب الجمركية.. هل ترتفع أسعارها؟    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    "رقص وفستان جريء".. 20 صورة ل ميريام فارس من حفلها بالسويد    اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، التشخيص والعلاج عند الأطفال والكبار    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    رئيس هيئة الرقابة على الصادرات: 310 معامل معتمد لضمان جودة الصادرات المصرية    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    عمرو دياب يرقص على موسيقى «أشغال شقة».. وهشام ماجد: «يا مسيطنا في كل حفلة» (فيديو)    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هناك مصر ومصر أخرى تكرهان بعضهما
نشر في الوفد يوم 25 - 10 - 2013

عندما اندلعت ثورة 1919 المجيدة ضد الاستعمار البريطاني وجيشه الذي كان يحتل مصر عندئذ، وضد الملكية المطلقة التي كان يمثلها الملك فؤاد، كانت نتيجتها العظيمة صدور دستور عام 1923 وإجراء أول انتخابات حرة في تاريخ مصر، أعقبها تشكيل وزارة الشعب الأولي برئاسة الزعيم الخالد سعد زغلول، وقد عجز الاستعمار البريطاني تماماً عندئذ عن زرع الفرقة والعداء بين عنصري الأمة من أقباط ومسلمين بفضل وعي ووطنية الرعيل الأول العظيم من الساسة الذين أسسوا حزب الوفد الذي كانت له الأغلبية الساحقة، والذي قام وما زال لليوم علي وحدة الهلال والصليب.. وعلي قاعدة أن الدين لله والوطن للجميع، وعجز الملك فؤاد الذي فقد الكثير من سلطته المطلقة بصدور دستور عام 1923، عن استعادة جزء من سلطته المطلقة عن طريق الزعم بأنه حامي الأقباط الذي طالب بتخصيص نسبة محددة للأقباط من مقاعد البرلمان ومناصب الوزارة، فقد رفض الأقباط رفضاً قاطعاً هذه المحاولة الساذجة من الملك، وأعلنوا أنهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات تماماً مع إخوانهم المسلمين طالما كان الدين لله والوطن للجميع.
واليوم نقول والحسرة تملأ نفوسنا إن الاستعمار الأمريكي الذي ورث الاستعمار البريطاني قد نجح نجاحاً ساحقاً - مؤقتاً علي الأقل - في قسمه مصر إلي شعبين يتبادلان أشد العداء، أحدهما أقلية متطرفة شديدة التخلف الفكري، تتاجر بالدين وتدعي احتكار الإيمان وتقوم في سبيل ذلك بأكثر عمليات الإرهاب انحطاطاً ضد الأغلبية الكبيرة التي يتكون منها الشعب الآخر من أقباط ومسلمين وباقي العقائد الذين يعتبرهم تجار الدين كفاراً يستحقون كل ما ينزل بهم من قتل وإرهاب.
وكانت البذور الأولي لقسمة الشعب الواحد إلي شعبين، والتي يجني الاستعمار الأمريكي حصادها الشرير اليوم، كانت هذه البذور هدية من الاستعمار الفرنسي في صورة منحة قدرها خمسمائة جنيه منحتها شركة قناة السويس الفرنسية الاستعمارية - التي كانت دولة داخل الدولة مركزها عندئذ مدينة الإسماعيلية - منحت هذا المبلغ الضخم عندئذ إلي شاب في الثانية العشرين من العمر يدعي حسن البنا يعمل مدرساً بالإسماعيلية ويتمتع بقدرة خارقة علي الخطابة والتأثير في سامعيه، استعمل حسن البنا المبلغ لإنشاء أول مركز عام لما سماه جمعية دعوية دينية هدفها إحياء أسطورة الخلافة الإسلامية التي لا علاقة لها بأركان الدين الحنيف، ولا يشرفها تاريخ المظالم الطويل التي ارتكبها الخلفاء والسلاطين طوال التاريخ الإسلامي بعد انقضاء عصر الخلفاء الراشدين الذي لم يدم إلا ثلاثين عاماً.
لم يؤسس حسن البنا جمعيته الدعوية الدينية كما زعم تحت شعار الآية الكريمة «ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» بل كان شعار جماعته من اللحظة الأولي لقيامها هو سيفان متقاطعان يعلوهما مصحف وكلمة «واعدوا» اختصاراً للآية الكريمة «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم»، أي أن دعوة حسن البنا كانت منذ البداية قائمة علي العنف والسيف وليس علي الحكمة والموعظة الحسنة كما تقول الآية الكريمة، أما هدف دعوته فكان من اليوم الأول محاربة التجربة الليبرالية الوليدة مع دستور عام 1923 قبل أن ترسخ وتصبح مصر ديمقراطية ثابتة الأركان، وكان هدف هجومه الدائم هو حزب الأغلبية الشعبية الكاسحة وهو «الوفد» خدمة لأهداف الملك فؤاد الذي لم ينقطع حنينه يوماً عن العودة إلي الملكية المطلقة، وتضطرنا المساحة المحدودة إلي الاكتفاء بمثال واحد عن خدمة الإخوان المسلمين لأهداف الملك فؤاد، فعندما ألغي المرحوم إسماعيل صدقي باشا رئيس وزراء حكومة أقلية جاءت بانتخابات مزورة، عندما ألغي عام 1930 دستور 1923 واستبدله بدستور كسيح يسلب الشعب حقوقه، خرج مئات الألوف في كل أنحاء مصر يهتفون ضد صدقي ودستوره، ويرددون أن الشعب وراء النحاس زعيم الوفد، فسير الإخوان المسلمون مظاهرات مضادة تهتف «الله مع الملك».
وباقي تاريخ الإخوان معروف، فقد كان نشاطهم دائماً في المعسكر المعادي للأغلبية الشعبية، وكانوا ينشئون سراً ميليشيات مسلحة تمهيداً للاستيلاء علي الحكم في اللحظة المناسبة بعد حشد الميليشيات والسلاح، وظنوا أن هذه اللحظة قد أتت فور هزيمة العرب الأولي أمام إسرائيل عام 1948 وإعلان الهدنة، فقاموا بعدة عمليات إرهابية واغتيالات نتج عنها قيام المرحوم النقراشي باشا بحل الجماعة ومصادرة أموالها ومقارها، وكان رد الإخوان هو اغتيال النقراشي، ورد خلفاؤه باغتيال حسن البنا، وباقي التاريخ الدموي للإخوان وكل عصابات التجارة بالدين معروف، فقد أعادتهم حكومة الوفد عام 1950، إلي الحياة الشرعية وأعادت ترخيصهم، ثم وقع الانقلاب العسكري عام 1952، فاستعملهم عبدالناصر لضرب باقي الأحزاب السياسية، ثم عندما اكتشفوا أنه لم يعد محتاجاً لهم حاولوا اغتياله عام 1954 فسحقهم سحقاً وقتل المئات في السجون دون محاكمات، وسجن الآلاف منهم، وعندما خفت قبضته عنهم في مطلع الستينيات عادوا إلي التآمر عليه، فقبض علي سيد قطب زعيم المؤامرة وأعدمه مع أعوانه، وعاد لاعتقال الآلاف منهم، وبعد تولي السادات الحكم قاموا بمحاولة جندوا لها المئات من طلبة الثانوية العسكرية وأخرجوهم بسلاحهم في اتجاه مبني الاتحاد الاشتراكي حيث كان السادات مجتمعاً، وكان الهدف القبض عليه مع حكومته وإعلان ما يسمي الدولة الإسلامية، ولكن قوات الصاعقة تصدت لهم في الطريق فقتلت العشرات قبل استسلامهم، وقدم الباقون للمحاكمة وأعدم منهم العشرات مع قائدهم صالح سرية، ثم قاموا بمحاولة انقلاب أخري عام 1981 عقب قتلهم السادات، واحتلوا مبني محافظة أسيوط وقتلوا أكثر من مائة ضابط وجندي، ومرة أخري تصدي لهم الجيش والشرطة وسحقوا المؤامرة، وعادوا لمحاولة أخري أوائل التسعينيات وقاموا بسلسلة أعمال إرهابية تم سحقها، وعندما قامت ثورة عام 2011 المجيدة ركبوا موجتها وحاولوا الزعم بأنها ثورتهم، وتمت الانتخابات في ظل المجلس العسكري المؤقت الذي أعقب سقوط مبارك، وكان واضحاً أن قيادة المجلس العسكري، خاصة قائد المجلس ونائبه تمهد للإخوان المسلمين تولي السلطة، وفازوا بهامش ضئيل في الانتخابات وتشكلت أول حكومة إخوانية في تاريخ مصر برئاسة محمد مرسي، وبمجرد وصول مرسي للرئاسة سقطت كل الأقنعة وبدأ الإخوان علي الفور في تفكيك مؤسسات الدولة من قضاء وشرطة وإعلام وتعليم، وأخونة كل الوظائف تمهيداً لتنفيذ المخطط الذي وضعه لهم الاستعمار الأمريكي بتقسيم مصر وإعطاء جزء من سيناء لقطاع غزة، والتنازل عن حلايب وشلاتين لسودان عمر البشير لدعم حكمه، كل ذلك من أجل حماية أمريكا لبقائهم في الحكم إلي الأبد، ولكن المخطط الإجرامي انكشف تماماً وباعتراف قائد الجيش الأمريكي السابق نفسه، وهب الشعب في 30 يونية 2013 في ثورة جديدة من ثلاثة وثلاثين مليون مصري - وهي أكبر مظاهرة في التاريخ كله - لتأييد ابنه البار وقائد جيشه الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ورجال الجيش الأشراف الذين تصدوا للمؤامرة الأمريكية ومخلب الثعلب الإخواني الذي كان ينفذها، وأسقط الشعب حكم الإخوان الذين فقدوا عقلهم تماماً عندما ضاعت منهم السلطة فلجأوا إلي آخر موجات الإرهاب الجنوني الذي نعانيه حالياً في كل أنحاء مصر وداخل سيناء بالذات، وستكون هذه المحاولة الإجرامية هي آخر محاولاتهم لأنهم هذه المرة لا يواجهون الجيش والشرطة وحدهما وإنما أغلبية ساحقة من شعب مصر انضمت للثورة التي أسقطت حكمهم وكان قوامها ثلاثة وثلاثين مليون مصري، وحبذا لو تذكر مجرمو هذه المحاولة اليائسة الأخيرة مصير مجرمي محاولة مماثلة أدت إلي حرب أهلية طاحنة في الجزائر الشقيق لمدة عشر سنوات مات فيها مائتا ألف إنسان ومع ذلك عجز المجرمون عن إسقاط الدولة في الجزائر واستيلاء تجار الدين علي السلطة، لن تسقط مصر المدنية المؤمنة أبداً في أيدي تجار الدين عملاء الاستعمار الأمريكي وغيرهم من الذئاب المسعورة الخارجة من كهوف العصور الوسطي.
سنسحق هذه المحاولة الأخيرة لعصابات الإرهاب وأنصارها في الحلف الشيطاني الذي تديره حماس من غزة والسلطان المجذوب أردوغان من اسطنبول، وتموله الدويلة الصغيرة قطر التي تقع علي أرضها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج أمريكا في العالم وهي قاعدة العيديد، التي لا تزيد علي مساحة مركز في الريف المصري، ولا يزيد القطريون من سكانها علي ربع السكان، والباقي عمالة وافدة يستطيع البلطجي الأمريكي تجييشها وتحويل الدويلة إلي دويلة هندية أو باكستانية لو تجرأ حاكمها علي النطق بغير ما يرضي أمريكا وما تنشره قناته المسمومة المسماة «قناة الجزيرة»، ستبقي مصر المدنية المؤمنة بمسلميها وأقباطها وباقي سكانها المسالمين من أي دين وملة، ستبقي شامخة رافعة الرأس مهما قدمنا من تضحيات، ونقول لمصرنا الحبيبة في النهاية:
حياتك يا مصر فوق الحياة.. وصوتك يا مصر وحي الإله
تعاليت يا مصر في موطن.. علي الدهر يبقي وتفني عداه
نائب رئيس حزب الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.