قالوا إني امرأة لا تجيد الحياة تعلمي عملا نافعا العاطلون عن العمل حين يرحلون لا تدون أسماؤهم في سجلات الموتي جربت أن أمسك خيطا وإبرة وأرثو جيوب الحرب فلا يسقط منها الموتي كلما حاولت إدخال الخيط.. نزفت الثقوب وتساقطت الأوطان منها تباعا فأنا امرأة لا تجيد الحياة والموت يلاحقني أردت أن أتعلم الطهي.. حقل جارنا مليء بالسنابل الخضراء.. كلما حاولت طحنها لأصنع بعض الخبز وأطعم فقراء الحي تجمعت العصافير اليتيمة الآتية من أقصي الشمال وأكلت كل ما حملته داخل ثوبي عليَّ أن أتعلم كيف أحلب البقرة.. سأجلب بعض اللبن منها وأطعم الطفلة التي تصرخ في رأسي كل ليلة تريد أمها التي تركتها أمام باب بيتي وهربت بذنبها يبدو أن صاحب البقرة باعها ليشتري تذكرة سفر ويهاجر لم يكن أمامي إلا أن أعمل بدلا من الفزاعة ترجتني طويلا أن أترك لها عملها ولكني أردت أن أثبت أني أجيد الحياة أزحتها جانبا ووقفت أتحدي الطيور وكانت المفاجأة أنها تجاهلتني وأكلت الزرع كلها قالوا هناك امرأة مجهولة الهوية وجدت جثتها في الحرب الأخيرة ولم يتعرف عليها أحد. هل قرأتم عن المدينة الفاضلة وعن الجندي البائس الذي أرغم علي المكوث وحيدا في حرب لا يعرفها احتفظ برصاصته الأخيرة لنفسه يتحسسها كلما تذكر الوطن عن طفل أرسل إلي الله رسالة يرجوه أن يعيد إليه أبيه محملا بالهدايا وحين سقطت القنبلة علي البيت.. حمل الطفل رأسه وأخذ يعدو مسرعا ليري أضواء العيد هل جاءكم فيه نبأ الحطاب الذي باع بيته ليطعم الشجر؟ وهل علمتم أن النساء أوقفت نسلها حين شح الرجال وأن القلوب أصبح لونها أزرق.. لا أعتقد أنكم فعلتم.. فالمدن أحرقتها الحرب ولم يعد أحد يقرأ. فلسطين