مليون كتاب في بريطانيا وأيرلندا وحدهما، ونصف مليون أخري بالولاياتالمتحدة كانت بالأساس مليونا أخري لكن تقلّصت إلي النصف بسبب اللوجستيّة وتكاليف الشحن- فضلاً عن مليون أخري بألمانيا، تم توزيعها ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من أبريل الماضي، في الفعاليّة المُكمّلة ليوم الكتاب العالمي الأكثر شهرة الآن: ليلة الكتاب الدوليّة، والّذي انطلق بمنتصف مارس الماضي. الدوليّة هُنا تعني، الولاياتالمتحدة وبريطانيا وأيرلندا وألمانيا فحسب. فليلة الكتاب الدّوليّة WBN التي تم الاحتفال بدروتها الثانية، من بنات أفكار الناشر جيمي بنغ من كانونغيت. مفاد الفكرة منح كُتب لأشخاص بالأساس لا يقرأون. حوالي عشرين ألف متطوّع بانجلترا وأيرلندا، إلي جانب خمسة وعشرين ألف متطوع بالولاياتالمتحدة، تجنّدوا للقيام بعمليّة التبرع التي جرت بالمستشفيات والسجون وملاجئ المشردين ودور الرعاية. ويقوم اتحاد من الناشرين ودور الطباعة ومتاجر الكُتب والمكتبات والرعاة بدفع تكاليف الكُتب المجانيّة فيما أطلق عليه مشروع القراءة العامة الأكثر سخاءً وطموحاً من نوعه. هذا العام، التشديد علي استهداف الوصول للقراء المُحتملين الأصعب أو بحسب تعبير كارل لنرتز مُدير الليلة في الولاياتالمتحدة ،" الوصول بالكتب الجيدة لأيدي المحرومين من الكتاب بسبب الدخل أو الموقع أو لأي أسباب أخري"؛ فمن بين مليون كتاب في انجلترا وحدها تمّ توزيع أكثر من نصف مليون كتاب في السجون والمستشفيات والمدارس في حين وُزِعت الكتب الباقية بالمقاهي والمتاجر والحانات وعلي نواصي الشوارع. كان الخيار قد وقع علي خمسة وعشرين عنواناً، بعد ممارسة طويلة للاقتراع تراوحت بين الكلاسيكيات مثل "كبرياء و تحامل" لجين أوستن، إلي أعمال مُعاصرة مثل "الاتحاد اللعين" لديفيد بيس في بريطانيا، في حين وقع اختيار لجنة تكونت من أمناء مكتبات وباعة كُتب ودور نشر بالولاياتالمتحدة علي عناوين ثلاثين كتاباً تُمثّل نطاقاً رحباً من الكُتب الحديثة التي تحظي بشعبيّة واسعة مثل رواية خالد حسيني "عدّاء الطائرة الورقيّة" ومذكّرات باتي سميث "مُجرّد أطفال" وكُتب غير روائية ككتاب داف إيجر زيتون عن إعصار كاترينا، فضلاً عن خمسة كُتب موجهة للمراهقين. تُعلّق جوليا كينجزفورد المدير التنفيذي للمشروع في بريطانيا أنّ ما تشترك به خيارات الكُتب تلك أنّها جميعاً،"تُمثّل قراءات شديدة التألق "وتُردف:" إنّها قائمة مُثيرة متنوعة ودامغة تُبرز بصدق شيئاً ما لكل فرد، ونثق أنّها سُتلهم عشرات الآلاف من أعضاء المجتمع أن يصبحوا مانحين ومئات الآلاف لقراءة وتقاسم تلك الكُتب العظيمة". لو أنّ الأمرَ يبدو مُريعاً في جدارته، فتلك هي الحقيقة، لكن من بإمكانه الضلوع بالمبادرة التي تحثّ علي القراءة؟ كتاب أندريا ليفي "جزيرة صغيرة" أحد الكُتب المُختارة. تساند أندريا المشروع وتقول:"لم أكن يوماً قارئة كبيرة في شبابي، واستلزم الأمر إعطاء صديقة لي رواية ونصحي بقراءتها قبل أن أعي حقّاً مدي روعة وثراء التجربة". لا تخلو الليلة من حكايات طريفة، فمنذ شهر خلا، كان دانيال براملي وراء القضبان يقرأ رواية مارتينا كولي "الغنيمة" و تدور حول أبّ خرج لتوّه من السجن. الاثنين الماضي، بعد أيام قليلة فحسب من إطلاق سراحه، عاد والد الثلاثة أطفال إلي سجن نورثهالرتون لترك نُسخ من الكتاب كي يستمتع بها النزلاء الآخرون، بعد أن عبأ استمارة مُعجب بأدب الجريمة من أجل توزيع نُسخ من كتابه الأثير! شأن مانحين آخرين بليلة الكتاب الدوليّة، ومنهم الكوميديان الإنجليزي ستيفن فراي، وزّع السيد براملي أربعا وعشرين نسخة من كتابه المُختار علي من يحبّ، من خمسمائة وعشرين ألف كتاب تمّ توزيعها بشكل مباشر داخل سجون الولاياتالمتحدة ومستشفياتها ومدارسها الواقعة داخل المجتمعات المحرومة. وكان المانحون العام الماضي قد قاموا بتوزيع تسعمائة وستين ألف كتاب راحت أربعين ألفاً منها للسجون. وقد أعلن جيمي بنغ مؤسس WBN أنّ التغير في سياسة التوزيع عكس حقيقة أنّ المؤسسات الخيريّة لطالما أرادت الوصول بالكُتب لأماكن يتعذر الوصول إليها، ومن هنا جاء التعاون مع حركة PEN في انجلترا، المعنيّة بتعزيز حريّة الكتابة والقراءة، في سلسلة من الزيارات للسجون قام بها كُتّاب مُدججون بنسخ من كُتب ليلة الكتاب الدوليّة. كانت فعاليات الليلة قد انطلقت أيضاً في ألمانيا حيثُ قام 33,333 متطوّع بتوزيع مليون كتاب، و يُعلّق السيد بنغ أنّ الفكرة العامة تتمثّل في "التعاظم" وهو يثق أنّ عشرة بلاد علي الأقل ستشارك بالحدث بحلول عام 2013. سوي أنّ أول ما كان بحاجة إليه هو التركيز هذا العام. و كان قد قام يوم الأحد الماضي بإدارة أول ماراثون في لندن لجمع المال من أجل WBN وتوزيع نُسخة من كل كتاب من الكُتب الخمسة والعشرين عقب كُل ميل، وفي الميل النهائي، أهدي نُسخة من أحد كُتبه المُفضّلة، رواية شينوا أتشيبي "أشياء تتداعي". وكانت متاجر الكُتب المُستقلّة قد انتقدت العام الماضي ليلة الكتاب الدوليّة الأولي بسبب توزيع الكُتب بالمجّان، زاعمةً أنّها قد تكون ذات أثر مؤذ في وقت تعاني فيه متاجر الكُتب بالفعل من منافسة مريرة من مواقع بيع الكُتب بالتجزئة علي الويب والسوبر ماركت. لكن السيد بنغ ردّ بإحساسه بالشفقة إزاء حقيقة معاناة باعة الكُتب ونضالهم لكنه زعم أنّه من الخطأ الإدعاء أنّ ليلة الكتاب الدوليّة من شأنها تصعيب الأمور بالنسبة لهم، وأضاف أنّ مبيعات العناوين والكُتب التي تم توزيعها العام الماضي قد شهدت طفرة في المبيعات هذا العام. وكانت الليلة الافتتاحيّة بالعام الماضي قد شهدت نجاحاً باهراً دفع بأغلب المشاركين للاتفاق علّي أنّها تستحق تكلفتها البالغة ثمانية ملايين جنيه إسترليني علاوة علي نشرها بعضاً من الحبّ. بالطبع، هي حملة علاقات عامة بارعة، من يعلم، ربّما يصير بعض القراء الجدد مدمنين للكتب ومنفقين كبارا علي الكُتب. جدير بالذكر، أنّ كتاب ديفيد نيكولز ذات يوم قد صعد بقائمة الكُتب الأفضل مبيعاً من المرتبة السادسة عشرة إلي المرتبة الحادية عشرة بالأسبوع التالي لليلة الكتاب الدوليّة العام الماضي، رغم توزيعها بالمجّان بأعداد كبيرة. وكانت الفعاليات العام الماضي قد جرت بشهر مارس، لكن ارتئي تأجيلها للثالث والعشرين من أبريل هذا العام، لتتفق مع مولد شكسبير وعيد القديس جورج كذلك.