ربما يكون ارتفاع سقف حرية الرأي والتعبير في المجال السياسي أو ما يُعرف إعلامياً "بكسر حاجز الخوف" هو أبرز السمات التي ساهمت في إكساب المقهي الثقافي هذا العام شكلاً وروحاً جديدين. تركزت أنشطة المقهي الثقافي هذا العام في ثلاثة محاور رئيسية، الأول هو "شهادات ميادين التحرير". استضاف المقهي خلاله عددا كبيرا من نجوم النشاط السياسي، من الشباب والكبار، الذين برزت أسماؤهم في أحداث ثورة 25 يناير، ولم يقتصر ضيوف هذا المحور علي نجوم الثورة المصرية، بل اتسع ليشمل أشخاص من الجانب التونسي، ألقوا شهادات عن الثورة التونسية، وكان آدم فتحي من أبرز هؤلاء. أما المحور الثاني والذي كان أكثر المحاور جذباً للجمهور فحمل عنوان "اللقاء المفتوح" حيث استضاف المقهي عدداً من أبرز مفكري مصر في لقاء مفتوح مع الجمهور، منهم د.عمرو الشوبكي، د.جلال أمين، ومحمد أبو الغار. ولم ينس حسن سرور المسؤول عن المقهي الثقافي اهتمامه وتخصصه في مجال التراث الشعبي والفلكلور، حيث تم تخصيص الجلسات الصباحية من جلسات المقهي لمحور "التنوع الثقافي الشعبي" حيث خصص حلقات نقاشية لتغطية جوانب التراث الشعبي، ومن أبرز الندوات التي شملها هذا المحور ندوة "الحكي الشعبي" التي شارك فيها د.سيد ضيف الله، محمد حسين هلال، ود.سحر الموجي. الأخيرة اعتبرت الحكي الشعبي صوت الفئات المهمشة، داخل المجتمع. كما شارك في تلك الندوة المطرب الشعبي محمد الشحات، متحدثاً عن تجربته مع الغناء الشعبي، وتعلقه بأعمال وأشعار زكريا الحجاوي. وحضر الشاعر الشعبي أمين الديب هذا اللقاء، الذي سبق وأن تعرض للاعتقال أكثر من مرة في عهد نظام مبارك، بسبب أشعاره، وأشار الديب إلي إحساسه بتغير السياسية الثقافية في الدولة وانفتاحها علي كل التوجهات والتيارات الفنية. كما شهد المحور ندوة أخري بعنوان "الفخار" شارك فيها د.خالد سراج، وعبد الحكيم سيد مدير مركز الفسطاط للخزف، والفنان أحمد أبوزيد الذي طالب بضرورة إخراج صانعي الفخار المصريين من عزلتهم وتسويق إبداعاتهم، حيث أن صناعة الفخار غير مكلفة، وبتدعيمها يمكن أن تتحول إلي مصدر من مصادر الدخل القومي. لم يقتصر المقهي الثقافي بالتراث والفنون الشعبية علي الندوات فقط بل خصص المقهي جزءاً من مساحته لعرض أعمال الفنانين والحرفيين المصريين. أما محور شهادات ميدان التحرير فلم يقتصر فقط علي شباب الثورة، بل شارك فيه عدد من الصحفيين والكتاب، منهم أحمد عثمان الذي تحدث عن تجربته الخاصة خلال الثورة في العمل باللجان الشعبية، وتحدث عن دور اللجان الشعبية بالسيدة زينب في محاولة إنقاذ المجمع العلمي. وفي شهادته تحدث د.زين عبد الهادي عما وصفه بالأسئلة المعلقة بلا إجابات منها: هل كان السطو علي المتحف المصري متعمداً؟ وهل كان حريق المجمع العلمي مقصوداً؟ وهل كانت حرائق المحاكم مع سبق الإصرار والترصد؟ مشيراً إلي أن مثل هذه الحوادث التي تتعمد المساس بالتراث المصري تكشف عن أن حجم المؤامرة التي تتعرض لها مصر كبير جداً. واستضاف المقهي الأحد الماضي الناشط الحقوقي خالد علي. هاجم خالد البطء في تحقيق مطالب الثورة الاقتصادية والاجتماعية وعلي رأسها تحقيق حد أدني وحد أقصي للأجور، منتقداً برنامج الخصخصة وتطبيقه، داعياً إلي إعادة فتح ملفات الشركات والمصانع التي تم تفكيكها وتدميرها، في ظل برنامج الخصخصة. وعلي مدار أيام المعرض استضاف محور شهادات الميدان قائمة طويلة من الضيوف منهم أحمد ماهر، إسراء عبد الفتاح، شادي الغزالي حرب، شيماء صالح، ضحي عاصي، إبراهيم عبد الفتاح، وزين العابدين فؤاد. أما محور اللقاءات الخاصة شهد بدوره إقبالاً كثيفاً، ولأول مرة يجلس عدد من مسئولي وزارة الثقافة في مقاعد الجمهور، حيث حضر د.أحمد مجاهد ود.شاكر عبد الحميد لقاء الإعلامي حافظ الميرازي، الذي أداره ياسر عبد العزيز، وتحدث الميرازي في ذلك اللقاء عن مفهوم تطهير الإعلام حيث شدد علي ضرورة رفع يد الحكومة عن التلفزيون وقطاع الإعلام، مقترحاً عمل أربع شبكات قومية بالمشاركة مع القطاع الخاص كما أشار إلي ضرورة فتح المجال للإعلام المحلي في المحافظات والمدن الإقليمية.