واصل ملتقى المقهى الثقافى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب فعالياته متناولاً قضايا وموضوعات ذات أبعاد ثقافية وفنية واجتماعية وسياسية مهمة .. ففى اللقاء الأول والذى تدور فعالياته حول محور رئيسى بعنوان «التنوع الثقافى الشعبى» تناول اللقاء موضوع «الفخار» باعتباره واحدا من أهم الموروثات الشعبية. فى بداية الملتقى أكد عبد الحكيم سيد مدير مركز الفسطاط للخزف على أهمية موضوع الفخار باعتباره موروثا ثقافيا يرتبط بالإنسان المصرى على مدي التاريخ ، حيث لا تقتصر أهميته علي كونه مجرد أوان بل من الممكن أن يتم تناوله كأحد الفنون اعتماداً على سهولة التعامل معه، والاستعانة به فى أعمال تجريدية ذات قيمة فنية عالية. ثم تحدث الفنان أحمد أبو زيد مؤكداً أن موضوع الفخار موضوع مصرى خالص ، حيث يمتد بامتداد نهر النيل من الإسكندرية حتى أسوان مستوعباً العناصر الثقافية والفلكلورية للبيئة المصرية فى جميع تنوعاتها وتجلياتها ؛حيث تصبغ كل منطقة مصرية المنتج الفخارى الخاص بها بسماتها وخصائصها وبالتالى تبدو الأهمية القصوى للفخار حيث يعكس رؤية بانورامية لفسيفساء الثقافة الشعبية الرسمية. كما ذكر الفنان أحمد أبو زيد أنه تعلم الكثير على أيدى صانعى الفخار المصريين الذين يقبضون على جمر هذه الصناعة بعيداً عن الأضواء وكأنهم رهبان، كما طالب بضرورة إخراجهم من عزلتهم لدفع إبداعاتهم نحو التسويق والسياحة لاسيما وأنها صناعة غير مكلفة لو تم تدعيمها لصارت من مصادر الدخل المهمة وأحد مدخلات الاقتصاد المصرى. وأشار د. خالد سراج إلى أهمية موضوع الفخار باعتباره أحد مكونات الثقافة الشعبية التى تعد حائط صد مهم فى مواجهة محاولات مسخ ثقافتنا واستهدافنا بسياسات العولمة والتغريب.. ثم تحدث عن تجربته فى فواخير مصر القديمة والعمل فى قرية الخزافين وصالون الشباب وغير ذلك من ملتقيات تهتم بصناعة وفنون الفخار المصرى.. وفى نهاية الملتقى قدم عدد من الحاضرين مداخلات وتساؤلات ألقت مزيداً من الضوء علي موضوع الفخار كصناعة وفن يخضع لكل شروط وخصائص الفنون. أما اللقاء الثانى من لقاءات المقهى الثقافى ،فتم تخصيصه لتقديم شهادات عن ثورة يناير العظيمة أدارها الكاتب الصحفى طارق الطاهر وشارك فيها عدد من كبار المثقفين. فى بداية اللقاء أكد د. فتحى محمد مصيلحى أن الأبعاد الجغرافية والديموجرافية لمنطقة ميدان التحرير كان لها أثر كبير فى نجاح الثورة فهذه المنطقة من أقدم مناطق القاهرة الحديثة التي بناها الخديو إسماعيل وهى تتسم بالاتساع وتقع فى مفترق عدة طرق رئيسية تربط أرجاء مدينة القاهرة وتقع فى محاذاة نهر النيل كما أن سكانها ينتمى معظمهم للطبقة الوسطى التى شكلت وقود الثورات المصرية على مر التاريخ، كما أن غالبتيهم مثقفين ومناصرين للديمقراطية وحقوق الإنسان، أيضاً توجد منطقة التحرير بالقرب من عدة مناطق فقيرة، وهو ما ساهم فى استيعاب ميدان التحرير للثورة واحتضانه للثوار لاسيما بعد أن تم تهميش جميع فئات الشعب المصرى لصالح فئة معينة هى فئة الأغنياء المتمثلين فى رجال المال والأعمال وانعكس هذا التهميش بالطبع على أبناء مدينة القاهرة التى ينتمى أكثر من 80٪ من سكانها للأقاليم ،مما ساهم فى التعجيل بنجاح ثورة يناير العظيمة. أما الكاتب الصحفى أحمد عثمان فتحدث فى شهادته عن تجربته الشخصية خلال الثورة انطلاقاً من عمله باللجان الشعبية التى شكلها المواطنون للحفاظ على المنشآت والمؤسسات العامة حيث ذكر دوره فى إنقاذ كتب المجمع العلمى بالتعاون مع أبناء حي السيدة زينب فقد اتصل بوزير الثقافة فى الخامسة فجراً وتشاور معه فى كيفية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الذخائر التراثية وأكد أنه لاقى تجاوبا سريعاً وفعالا من د. شاكر عبد الحميد الذى أمر بنقل ما تبقى من كتب إلى دار الكتب والوثائق القديمة اعتماداً على مجهودات تطوعية من أعضاء اللجان الشعبية. وفى شهاداته عن الثورة ذكر د. زين عبد الهادى أن هناك مجموعة من الأسئلة لا تزال عالقة بالأفق دونما إجابات شافية منها هل كانت السطو علي المتحف المصرى متعمداً؟ وهل كان حريق المجمع العلمى مقصوداً؟ وهل كانت حرائق المحاكم مع سبق الإصرار والترصد؟ وخلص من ذلك إلى أن حجم المؤامرة التي تتعرض لها مصر كبيرة جدا مستشهداً على كلامه بطريقة تناول الإعلام الغربي للثورة المصرية حيث لا تزال الصحافة الأوروبية تتعمد عدم الاعتراف بها كثورة شعبية كاملة وتعتبرها مجرد حركة أو انتفاضة، فمصر تتعرض لمؤامرة كبرى تتطبب تضافر كل الجهود لتفويت الفرصة على المتربصين بها.. كما نبه د. زين عبد الهادى إلى مخططات الغرب الأوروأمريكى لتشويه صورة الثورة المصرية التي تعتبر عنواناً لشرف المصريين وكرامتهم. وقال عبد الهادى: العمل الثورى يجب أن يصاحبه عمل تنموى فيجب مثلا أن نعطى اهتماماً خاصاً للموضوعات ذات البعد الثقافى فى جوهرها مثل موضوع محو الأمية التى يجب أن تتوافر له إرادة سياسية تجعل منه هدفاً وغاية. وفى نهاية اللقاء قدم الحاضرون مداخلات عديدة ألقت المزيد من الضوء على أيام وليالى ثورة يناير المجيد. أما اللقاء الثالث من لقاءات المقهى الثقافى فقد تضمن حواراً مفتوحاً مع المفكر الكبير د. جلال أمين أداره الكاتب الصحفى مصباح قطب الذى أشار فى بداية اللقاء إلى أهمية هذا الحوار المفتوح لاسيما وأنه يجري مع قامة فكرية وثقافية لها مكانتها كما أن المفكر جلال أمين يعتبر رجلاً من طراز مختلف عاش طيلة حياته معادياً للزيف والنمطية والرتابة وليس له أية حسابات فى الخفاء ولكن – دائماً - ينصب بحثه وجهده حول الحقيقة ولا شىء غيرها. وشدد جلال أمين، على العلاقة العضوية بين الثقافة والفعل الثورى والتأثير المتبادل بينهما مستشهداً بنماذج ووقائع وأشخاص ساهمت فيها موضحاً أن الثقافة التى كانت سائدة قبل عام 1952 كانت تنتصر لأبناء المدن وتبدى ذلك جلياً فى الشعر والغناء والمسرح والموسيقى وشتى صور الفنون الداخلة فى بنية الثقافة، فقد ساهمت الثورة فى ظهور ثقافة مغايرة ومختلفة عن ذى قبل وظهر من ينتصر للفلاحين والبسطاء والمهمشين من خلال إنتاجه الثقافى ففى الأدب ظهر يوسف إدريس ونعمان عاشور وألفريد فرج وفى الموسيقى ظهر كمال الطويل وبليغ حمدى ومحمد الموجى وعبدالحليم حافظ وفى الشعر ظهر صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى وغيرهم ممن تخلصوا من الكثير من شكل ومضمون القصيدة. وفى نهاية اللقاء قدم الحاضرون العديد من الأسئلة إلى المفكر الكبير د. جلال أمين ساهمت فى تقديم إيضاحات حول قضايا وأمور وموضوعات تتعلق بمصر والوطن العربى الكبير حاضراً ومستقبلاً.