المواطنون يحتشدون أمام اللجان الانتخابية حتى الساعات الأخيرة بإمبابة والمنيرة الغربية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    الذكاء الاصطناعى فى الثقافة العربية .. أزمة الثقة    الإدانة لا تكفى «1»    أحمد فتوح يشارك أساسيا مع منتخب مصر أمام أنجولا بكأس إفريقيا    بعد واقعة هروب المرضي، الصحة: متعافون من الإدمان يديرون مصحات مخالفة وغير مرخصة    بيوت تُضاء .. وموجات ترتدّ    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عبقرية مصر الرياضية بأفكار الوزير الاحترافية    محافظ الإسكندرية: استعداد تام للتعامل مع أى تقلبات جوية أو هطول أمطار    القضاء الإداري يلغي قرار نقيب الموسيقيين بمنع هيفاء وهبي من الغناء    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    أحفاد الفراعنة فى الشرقية    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    محرز يقود هجوم الجزائر ضد بوركينا فاسو فى أمم أفريقيا 2025    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    حسن مصطفى: خروج الأهلي من كأس مصر أمر محزن    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    جدل واسع داخل بريطانيا بسبب علاء عبد الفتاح وانتقادات حادة لحكومة حزب العمال    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    وزير الخارجية: مصر لا يمكن أن تقبل باستمرار القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوداني    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفل عرس لميدوزا
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 08 - 2011

بعد رحلته الطويلة عاد إلي إيثاكي ، وجد كل من فيها قد نسيه . وحدها حبيبته مازالت تذكره . فمنذ أن رحل وهي تجلس علي باب إيثاكي منذ الصباح حتي تغيب الشمس، تنتظر عودته . عندما ضمها إلي صدره ، لمح في رأسها بعض الشعر الأبيض . علم أن الزمن مر علي حبيبته، لم يدرك أن رأسه هو الآخر زارته خطوات الزمن الوئيدة. قرر الرحيل مرة أخري، فأرض إيثاكي لا تعطيه لذة التحدي ولا غرور المغامرة ، وحبيبته عما قريب ستصير عجوزا، وهو يريد أثينا التي لا تشيخ أبدا. علي باب إيثاكي، وقفت حبيبته مع العرافة تودعه وهي تبكي . أخذت العرافة دمعتين من دموعها، وأعطتهما له . أوصته بزراعتهما في اللحظة التي يدخل فيها التيه . ثم أعطته حذاءًً من سعف نخيل إيثاكي ، وأوصته بألا يخلعه أبدا. وحذرته قائلة:
" لا تمنح قلبك إلا لمن تمنحك روحا، لا جسدا فقط ، فهي ستهبك الحياة . واحذر ممن حياتها في فنائك ولو كانت أميرة"
دخل التيه . تقدم ببطء مشدوها ينظر إلي السماء الخالية من كل شيء . فلا أثر لشمس ولا لسحب ولا لنجوم، ونسي أن يزرع الدمعتين. سمع صوتا عميقا يملأ الفراغ يأمره بأن يخلع نعليه فهو في التيه المقدس ، فنسي مرة أخري وخلعهما ، وعلي الفور ظهرت كلابات حديدية أحاطت بقدميه وأوقعته علي الأرض . شعر بأن هناك من يجذبه من قدميه ويسحله دون أن يري أي أحد .
فاقدا للسيطرة علي جسده ، رفعته يد لا مرئية وأجلسته علي كرسي مزدان بنقوش أفعوانية تبرق ألوانها فتخدر الحواس . نظر حوله ، وجد نفسه في قصر مهيب . تعلقت عيناه بالسقف المزدان بالشمس والقمر ، حتي النجوم قد انتظمت في أشكالها السماوية المعتادة . عندما أخفض رأسه ، رأي عرشا من لؤلؤ وقد استقرت عليه الأميرة ميدوزا . ورغم أنها أخفت وجهها وراء غطاء ذهبي لا يظهر منه غير شفتيها المكتنزتين ، فقد عرفها من شعرها الطويل المتحول لحيات . أتاه صوتها الساحر يطمئنه ويبشره بالنعيم المقيم الذي لا يزول ولا يتحول . أخبرته أن بالغد سيكون عرسهما . للحظة تذكر تحذير العرافة له ، ولكنه نظر إلي قدميه العاريتين الداميتين ، ثم ألقي بكلام العرافة أرضاً، فبالغد سيجد الشمس والقمر له ساجدين.
جلس علي العرش ينظر إلي الجمهور المحتشد في حفل العرس . تملكته الدهشة ؛ فالجميع كانوا شيوخا تعدوا الستين أو السبعين من العمر. كان هو الشاب الوحيد في هذا الجمع . جاءت الأميرة ترتدي ثوب عرس يخلب الأبصار فيصرفها عن النظر إلي العروس ذاتها أو وجهها المختفي وراء القناع ، أو للحيات المتهافتة تحت الطرحة البيضاء. وقف الكاهن يتلو صلواته ، ثم سمح للعريس بأن يقبل العروس في النهاية .
اقترب منها ليقبلها ، التصقت شفتاها بشفتيه ، فلم يستطع تخليص نفسه . شعر بكل قواه تخور وروحه تنسل منه ثم أغشي عليه . عندما أفاق ، شعر بظماً شديد ، وجد أمامه نهراً صغيراً فاندفع إليه يعب الماء عباً . لم يشعر بالارتواء . رأي صورته المنعكسة علي الماء، وأدرك لماذا كان كل رجال التيه شيوخا تعدوا الستين من العمر، فقد صار مثلهم عجوزا.
هام علي وجهه في التيه، يبحث عن باب الخروج. ولكنه كان يدور في حلقة مفرغة، ويعود دوما إلي ذات النقطة التي إنطلق منها. شعر باليأس وبكي لأول مرة منذ سنواته الأولي التي شهدته فارسا صغيرا يجمع النجوم من سماء ايثاكا ويلضمها في خيط من الذهب ليزين به عنق حبيبته التي تعودت علي الحلم، والركض معه بين مروج القلب المترعة بأمنياتها المتعلقة دوما به وحده . عندما رأي دموعه التي تساقطت علي كفيه المجعدتين ، تذكر دموع حبيبته التي رحل عنها . بحث عن آخر دمعتين فرتا من عينيها وكان من المفروض أن يزرعهما عند دخوله التيه ، فوجدهما ملتصقتين بقلبه.
في حفرتين صغيرتين زرعهما . وعلي الفور نمت إحداهما لتكون شجرة زيتون أخذت تكبر و ترتفع حتي ظللته . والأخري شقت الأرض فكانت يمامة . طارت اليمامة ووقفت علي كتفه تنقر خده بلطف وتشير لأعلي . أدرك أنها تريد منه تسلق شجرة الزيتون . وقفت اليمامة علي كتفه وتسلق الشجرة حتي وصل إلي القمة . وعندما نظر إلي الأفق، وجدها هناك علي البعد ؛ إيثاكي التي رحل عنها . بكي مرة أخري . فرت دمعة وحيدة منه ، التقطتها اليمامة فتحولت حصاناً مجنحاً حمله علي ظهره وطار به بعيداً عن التيه .
أمام تنور بيته القديم ، أنزله الحصان المجنح من علي ظهره وعاد كما كان يمامة صغيرة. كل صباح تطير اليمامة تبحث عن أول قطرة ندي تتكون علي زهرة الياسمين الوحيدة في ايثاكي . ثم تضعها في فمه بمنقارها . ومع كل قطرة ندي كان يستعيد شبابه الذي سلبته الأميرة ميدوزا في حفل عرسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.