من المقولات المغلوطة التي شاعت في زمننا: أنه قد امتلأ بكثير من الشعر الرديء الذي يمكن أن يهدد مسيرة الشعر العربي، وكل من يقول بهذا، ربما لم يلم إلماما كافيا بمسيرة الشعر العربي في تاريخها الطويل، إذ الغالب علي هذه المسيرة غلبة الرديء علي الجيد، لكن الزمن كفيل بتصفية الرديء، واستبقاء الجيد، وربما لهذا ألفت كثير من المؤلفات التراثية التي ترصد سقطات الشعراء، وفي هذا السياق قدم (المرزباني) كتابه (الموشح) لهذه المهمة فحسب. وقد روي بعض الروايات التي لاتخلو من طرافة، حيث يذكر أن بعضهم قسم الشعراء شعرا: الشعراء فأعلمن أربعة فشاعر ينشد وسط المعمعة وشاعر آخر لايجري معه وشعر يقال خمر في دعة وشاعر لايرتجي لمنفعة وأضاف الصولي لهذه الأقسام قسما آخر هو: وشاعر مستوجب أن تصفعه ويروي المرزباني أن (محمد بن الحسن الحصيني) وهو من فضلاء زمانه، جاءه ابنه يوما، وقال له يا أبني لقد قلت الشعر - وكان هذا بمثابة حدث عظيم في هذه البيئة - فإذا قلت الشعر وأعجبك، هل تهبني غلاما أو جارية، قال له: بل أعطيك الغلام والجارية معا، فأنشدني، وبدأ الإنشاد قائلا: إن الديار بميفا هيجن حزنا قد عفي أبكينني لشقاوني وجعلن وجهي كالقفا وقال الابن لأبيه: ماجائزتي علي هذا الشعر، فقال له والده: أما جائزتك علي هذا، فهو طلاق أمك ثلاثا لأنها أنجبتك. كما يروي المرزباني، أنه دخل رجل علي أبي نواس في مرض موته ليمدحه، وبعد أن قال شعره في مديح أبي نواس، إذا به يبكي، فقال له: ما الذي يبكيك أيها الشاعر الكبير، فقال له: إن غيرك من شعراء المديح قالوا شيئا أحسن مما قلت، وكان جزاؤهم الصفع حتي أصيبوا بالعمي، وأنا أسأل الله أن يرزقك كما رزقهم.