وكيل دفاع الشيوخ: قانون انتخابات مجلس الشيوخ يرسخ لمبادئ الجمهورية الجديدة    أمين عام الجبهة الوطنية: نعمل على بناء مستقبل أفضل بمشاركة الشعب المصري    محافظ قنا يكرم الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير ويشيد بدور الأسرة والمدرسة في رعاية المواهب    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    مدير تعليم الفيوم يجتمع مع لجان المديرية لمتابعة امتحانات الفصل الدراسي الثاني    أسعار الذهب اليوم السبت 24 مايو بالتعاملات المسائية    490 مليار جنيه لبرامج الحماية الاجتماعية للعام المالي 2022-2023.. ارتفعت إلى 635.9 ملياراً خلال عام 2024-2025.    «التضامن الاجتماعي» تطلق برنامج «تعزيز قيم وممارسات المواطنة» بالمنيا    قائمة أعلى شهادت ادخار في بنكي الأهلي المصري ومصر بعد خفض الفائدة    كل ما تريد معرفته عن أول سيارة طائرة تصل الأسواق العام المقبل    ليس بالجوع فقط.. إنهم يحرقون الأطفال!!    تمثيلية «مخاصمك»    احتفالية مفوضية الاتحاد الأفريقي بمناسبة يوم القارة تبرز موضوع العام 2025    لبنان بين الاقتراع والإعمار.. جدل السلاح يعيد رسم المشهد الانتخابي.. الانتخابات البلدية تمثل لحزب الله محطة مفصلية أكثر من أي وقت مضى    انقطاع الكهرباء بفرنسا وزلازل وحرائق.. المشهد الفلكي كما توقعته وفاء حامد    حسام عبد المجيد يفوز بجائزة أفضل لاعب في لقاء الزمالك وبتروجت    موسم الطيور الإنجليزية.. حينما ترفرف الأجنحة نحو البطولات.. «النسر» يعود من بعيد و«الدجاج» يخرج بالبطولة الأوروبية.. و«غراب الماء» يستعيد أمجاد مواسمه الذهبية    منتخب مصر يترقب قرعة كأس العرب.. تعرف على الموعد والتصنيف    أوجستى: الأهلى استعد بشكل قوى لمواجهة الاتحاد.. وهدفنا الفوز بدورى السوبر    فليك يحدد هدفه مع برشلونة في الموسم المقبل    المشدد 7 سنوات ل3 عاملين لشروعهم في قتل مزارع ونجليه    محافظ الإسكندرية يأمر بإزالة جراج للسيارات بكورنيش جليم وإقامة ممشى للمواطنين    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    التضامن: الانتهاء من جميع الإجراءات المتعلقة بحجز الفنادق للحجاج    قائمة الفائزين في الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي    نغم صالح تحتفل بإطلاق ألبومها الجديد "شلق" في مسرح الجيزويت    الشيخ عبدالقادر وروضته    عمرو رشيد: مركز تلقي البلاغات بمرفق الإسعاف يستقبل يوميًا 80 ألف مكالمة    فرقة ديروط تقدم «السيد بجماليون» على مسرح قصر ثقافة أسيوط    اليوم.. عرض أولى حلقات برنامج مسيرتي ل جورج وسوف    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    وزير الصحة يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق مواجهة الطوارئ الطبية والأمراض النادرة    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب العناد والعنف والعصبية لدى الأطفال    الدفاعات الجوية الأوكرانية تعترض 245 طائرة مسيرة روسية    وزير البترول يتفقد مشروعات فوسفات مصر بأبو طرطور.. ويؤكد: انطلاقة جديدة لقطاع التعدين    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    رئيس هيئة الإسعاف: إطلاق تطبيق "أسعفني" لتسهيل خدمات الطوارئ    محمد رمضان يروج ل فيلم "أسد" بصورة جديدة من الكواليس    هيثم فاروق: أثق في يورتشيتش وبيراميدز لن يعود للدفاع في الإياب أمام صن داونز    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    «العد التنازلي ل إجازة عيد الأضحى 2025».. أول أيام العيد الكبير ووقفة عرفات 2025    مسلم يرد من جديد على منتقديه: كفاية بقى    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    «لافروف» يكشف عمل موسكو على وثائق متطلبات تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكلمة
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 09 - 2010

كانت الكلمة وعالم التخييل هي العالم الحقيقي الذي عشته بكل جوارحي منذ الطفولة المبكر. طفل رافض لواقع يراه ضحلا أحيانا، وقبيحا أحيانا أخري. الجدة التي تؤثر أبناء ابنها وتعتبرهم أمراء قلبها، يصيبوا قبح سلوكها قلبا الطفل الصغير فيهرب من ضيق أفقها الي رحابه عالم الكلمةو التأخيل: هجرة الأسرة من الريف الي الحضر ساهمت في عزلة الصبي وعمقها.
فقدت الأسرة تراثها الموروث الشفهي ولم تكتسب تراث المدينة بين يوم وليلية وضاع الفتي ووجد نفسه بين صفحات الكتب وعشق الكلمة وتخيلها، ونبضها، ورحابتها، وعوالمها. دمعت عيناه أحيانا، وفرح القلب أحيانا، واهتاج الفؤاد أحيانا، وعرف عن طبائع البشر ما لم يكن يعرف، وتعلم ما لم يكن يعلم. أستئنس الصبي ووجد عائلة لا نهائية، مترامية الأطراف. عالم يسعي فيه الزمن ليصبح كل الأزمنة.
عالم اتسع فيه المكان ليصبح كل الأمكنة. ما أجمله من عالم يؤنس (الوحيد)، ويبعد الوحشة عن (الغريب). فيري الحياة إلي ما بعد الحد الأقصي. من هنا عشق الصبي، والشاب، والكهل، والشيخ الكلمة وأصحابها. أحس الصبي والشاب والكهل ثم الشيخ بإخوة أصحاب الكلمة، واختارهم الأثيرين الي قلبه.
شقة العجوزة
كان أصحاب الكلمة حاضرون بأعمالهم، غائبون بأجسادهم، حتي يوم تعرفه علي شقة العجوزة في احدي ليالي عام1691، وبصحبة الرسام مكرم حنين أحد سكان هذه الشقة الدائمين. ينبهر القلب، عالم الكلمة بجسده ينبض أمامه حي، متجسدا في ملامح تكاد تكون افريقية، منحوتة بأزميل نحات. وجه حاد التقاطيع ويصرخ متهللا قائلا بصوت أجش: خلصتها. حوله مئات من أوراق الدشت ملقاة في فضاء الغرفة وبدأ محمد جاد الكاتب الذي أصبح أثير إلي القلب يقرأ قصة »الزجاج« والتي نشرها بعد ذلك بجريدة المساء. جريدة المساء هي البوابة التي فتحها علي مصراعيها خالد الذكر عبدالفتاح الجمل لمن أطلق عليهم فيما بعد جيل الستينات. شقة يفوح منها عرق في كل ركن من أركانها عرقانة، قرأ كل كتاب منها العشرات. ملاءة السرير الوحيد عرقانة نام تحتها العشرات جلباب محمد جاد عرقان، بل ومهتري أيضا. أطلق الشاب الذي عشق الشقة وقاطنيها لفظة »النداهة«. كأنها كانت قدره والتقي الشاب بشباب تراوحت أعمارهم مثله بين العشرين والخامسة والعشرين كحد أقصي، سيد خميس، سيد حجاب، الأبنودي، يحيي الطاهر عبدالله، عبدالحكيم قاسم، خليل كلفت، علي كلفت، نجيب شهاب الدين، مكرم حنين محمد بقشيش، عزالدين نجيب وآخرون كثر يمرون بالشقة ذهابا وايابا. نبض جيل كلهم مشاريع كتاب ورسامين. أعصاب متوترة الي حدها الأقصي. عيون تلمع بحيوية لا حد لها مناقشات تدور اليوم كله بل، والليل كله. تنام الأجساد منهكة مستهلكة سويعات قليلة. كأنهم لا يرون فائدة في النوم. ينتهون من الأكل في دقائق معدودات من قروش قليلة يملكها البعض وهي مشاع للجميع. علم هذا الجيل بعضه البعض وجاءت أول فرصة لرسم ديوان الشاعر سيد حجاب. بدأت بهذا الديوان علامة رسم الكتاب وغلافه بشكل كان فيه فرح خاص لا يعرف كنهه الكثيرون. هذا هو الكتاب الذي أبعد الوحشة والغربة عن حياة هذا الفنان. غريب أمر هذا الديوان حينما نفكر فيه الآن نجد أن تخصيص عدد من الصفحات في مقدمة الكتاب للرسوم هو فتح جديد في معني ديوان الشعر العربي.
لم تكن الطباعة فاخرة، لكن لم يكن هذا ما نبحث عنه حينئذ وجاءت الكتب تباع.
- غالب هلسا وأول كتاب له »وديع والقديسة ميلاده وآخرون«.
- جمال الغيطاني و»أوراق شاب منذ عام«. يقول جمال في يومياته في الأخبار أن هذا الكتاب قد طبع ثلاث عشرة مرة ولكن لا يذكره إلا بغلافه الأول.
يوسف القعيد و»رواية الحداد« أول كتبه أيضا.
ابراهيم أصلان و»بحيرة المساء« أو كتبه أيضا. الخوف غلاف أول لرواية عبدالفتاح الجمل كتابه الأول أضاعهن وعاقبه الفنان بعدم رسمه ثانية.
أيام الانسان السبع لعبدالحكيم قاسم غلاف صادفه سوء حظ فلم ينشر به الكتاب أبدا رغم محاولات عبدالحكيم التي استمرت بعد ذلك في ألمانيا أو في القاهرة وقد احتفظ عبدالحكيم بأصل رسم الغلاف حتي رحيله.
كانت هذه هي الأغلفة التي قدمت هؤلاء الكتاب الي القراء، كما قدمت الرسم أيضا. أغلفه اختلفت جذريا عما كانت سائدة آنذاك حيث أغلفة الفنان جمال قطب أو أغلفه الفنان جمال كامل. لم يكن المفهوم الذي قدمته في تلك الأغلفة يعتمد علي فن »الالستراشن« illustration الرسوم التوضيحية، وهو المفهوم الذي كان سائدا. أحببت تلك الأغلفة، ومازلت . مثلت لي شكر واجب الإبداع الكلمة الذي لولاه لكانت حياتي جحيما لا يطاق، حين أقرأ عملا يثيرني فنيا، أحس بأن مبدعه قصدني وكتبه لي هكذا كان شكري متجسدا في أغلفة لهم.
المرحلة الثانية
بعد أن انتشرت الأغلفة الأولي وجدت من يقصدني لعمل أغلفة. كانت دار المعارف حيث ماهر شاكر ثم صفوت عباس إن كنت أذكر قد كلفاني ببعض الأغلفة، لا أذكر منها شيئا. كانت الكتب لا تمثل لي استثارة فنية كافية مثلما فعلت كتابات جيلي الجديدة. أحد هذه الكتب كان مجموعة قصصية لا أذكر اسمها - للأسف - للكاتب فتحي رضوان. كانت بالقصص اسقاطات مباشرة سياسية وأنا لا أحب هذا الاتجاه الأدبي. علينا أن ننسي أنني فعلتها!!
أغلفة ما بعد العودة
تنقسم أغلفة ما بعد العودة الي قسمين:
1 - القسم الأول لم يكن له فيه يد، بل أحب كثيرا من الكتاب والشعراء الأكثر شبابا مني استخدام لوحاتي كأغلفة لكتبهم ودواوينهم ساعدهم علي ذلك تلك المستنسخات التي روجت لوجودها في واقعنا الثقافي.
كنت أضحك حينما يعترض البعض علي هؤلاء الشباب، وكنت أقول: مادام قد فعلوها فهذا »حق مشروع« لهم.
كان هذا الحق متاح لمن يطلب مني الاذن بفعلها ومن لم يطلب مني. عندما يصبح فنك ملكا للآخرين. أليس في هذا دليل حياة، ودليل قيمة أيضا.
جابر عصفور يدعوني
تربطني بجابر عصفور علاقة صداقة واحترام لدوره في خدمة الثقافة والمثقفين. سلسلة
ابداعات التفرغ، ثم سلسلة المؤتمرات الثقافية. لا أنكر أن هناك بعض - وهي قلة - هذه الابداعات لا تشكل استثارة فنية كبيرة، لكن الغالب كتب أحببت أنني أقرأتها، وأحببت أنني أشاغب الأجيال فنيا. أفرح حين يتصل بي أحدهم ليشكرني علي الغلاف. أفرح حين تقول لي نعمات البحيري دعني أحصل علي الأصل ليزين جدران بيتي. يضحك شعبان يوسف من تحت شاربه الكث ليقول: عماد أبوغازي قال لي عدلي بيحبك قوي! اكتشفت رواية جميلة لمحمد قطب، واتصلت به أشكره عليها. عقب بصوت به شجن: لم يفعلها النقاد أحس في عيون بعض من رسمت أغلفة لكتبهم ببريق أحب تعاطيه. وطالما في العمر بقية ستكون هناك أغلفة جديدة.
مع لطيفة الزيات
سيرة حياة لطيفة الزيات تصدرها دار نشر »نور« أطلب زيارة ست الكل، وكانت قد لفتت نظري يوم التقينا حول نصر حامد أبوزيد لمؤازرته في محنته الجامعية. زايد الخطباء بنبرة أخذت تتعالي دون أي حساب لسلامة نصر نفسه. أرتجف قلبي، وإذ بعيني تقع علي يدي لطيفة المتوترتين. احتضنت احداهما الأخري، لتنطق محذرة: أخاف علي نصر. الأم المصرية نطقت وارتاح قلبي، وسكنته لطيفة الزيات.
تصطحبني حسناء مكداشي الي بيت لطيفة من أجل سيرتها الذاتية. كنا في الخريف وأمام باب سكناها كم من أوراق الخريف تتجمع وتترفق في مجموعات لونية تثير عجبي، فأهمس الي حسناء هذا هو غلاف لطيفة. سلم صغير يفضي الي باب لطيفة، وقطة تجلس في مواجهة الباب، وكأنها حارسة، أو مؤنسة، ووجدت رباطا ما بينها وبين لطيفة، بدأت الحديث بعلاقتها بالقطة، وضحكت قائلة تأتيني أحيانا فأطعمها، وهي ليست لحوحة. كانت جلستنا الثلاثية حميمية، واستطعت استغلال الجو المحب والودود لجلستنا في أن أجعل لطيفة تعطينا كنزها المخبوء من الصور. احتفظت لطيفة بجمال خاص حتي آخر أيامها، وكانت بعيونها حياة وألق وحب للدنيا وللناس، لكن صور شبابها جعلتني أصرخ:
لقد ظلمتني الدنيا، لأنني لم أحضر أيام شبابك، ولو كنت حاضرا لقاتلت الجميع ولفزت بقلبك.
ورسمت الغلاف كومة من لمسات ألوان الخريف، وقطة تجلس منتظرة الرحيل.
تكتب لطيفة اهداء علي نسختي: الصديق الجميل جدا عدلي قلت الكثير في كتابك دون أن تقول ووصلتني رسالة حبي ومودة أنقلها الآن اليك وأقول شكرا.
لطيفة الزيات
شعر صلاح عبدالصبور
ومائيات عدلي رزق الله
التقينا جابر وأنا علي احتفالية ادوار الخراط »الهرم في السبعين«، كتب الرجل عن دوري في هذه الاحتفالية والتي دامت أربعة أيام رغم تخوف جابر، ورغم تهوري أحيانا، ومن هنا قدم لنا المجلس الأعلي للثقافة مجموعة متلاحقة من الاحتفاليات كان أحدها مخصصا لصلاح عبدالصبور.
تبدأ حكايات »شعر صلاح عبدالصبور ومائيات عدلي رزق الله« علي الشاطيء الشمالي وكنت قد حضرت دعوة وجهها لي المرحوم عادل أبوزهرة للقاء تقيمه الجمعية الانجيلية. يلتقيني جابر وتمسك يده يدي ويلوذ بي بعد الندوات وتتحلق حول جماعة، وكان القمر بدرا، والبحر يموج ويفور ويهدينا أجمل سيمفونية طبيعية، والتقي بالجميلة وأحس بأن في دمائها عشق للابداع، ويهمس لي جابر داعيا بعد انفضاض الجلسة.
مع بعض الأكواب، وبعد بعض الرشفات يأتينا شعر صلاح عبدالصبور، وناوشت جابر ببعض أبيات صلاح، لكن جابر أنشد شعر صلاح عبدالصبور كما لم أسمعه من قبل. ولا أعرف لماذا دار هذا الحديث الذي اقتحمت فيه أسوار جابر عصفور:
أنا: أين أشعارك!؟
جابر: لم أكتب الشعر.
أنا: أين أشعارك؟
جابر: لم أكتب الشعر.
أنا: قل لنا احدي قصائدك.
جابر ويبدو أنه عرف بأنني »عرفت« و»كشفت« تلعثم ونطق ببعض الأبيات في عجالة وخجل، وأعقب قائلا كانت هذه الأبيات آخر ما كتبت أيام الجامعة وبها من صلاح عبدالصبور أكثر مما يجب، ومن يومها لم أكتب شعرا.
لقد ظلم جابر الناقد والأكاديمي شاعرا كان من الممكن أن يقول لو غامر ودفع الثمن، وقد أكون مخطئا.
وخرجنا من تلك الليلة علي اتفاق بطباعة بعض لوحاتي مع شعر صلاح عبدالصبور، وهكذا ولدت فكرة هذه السلسلة التي لم يصدر منها غير صلاح عبدالصبور، لعل وعسي أن تأتي الأيام واستطيع تحقيق حلمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.