إجهاشة تفقد عندما تذهب للحرب مقابر المدينة.. واختر مكانا قريبا من الظل.. تجنب مصافحة من تلتقيه علي الطريق واذخر ابتسامتك للمشرحة.. ... وتذكر وأنت تحشو بندقيتك بالموت أن أصدقاءك... هم زاد المذبحة ... كأن تري الموسيقا واقفة قرب شباكك .. أو تباغتك حديقة .. كأن تمرق الجياد في أحلامك أو تتنفس الهسيس .. لا مناص لك أيها المسكون بشجر اللوز من تسلق ما تبقي من كوابيس... وأن ترضي بمرض الحقول لا مناص من التعب ولابد لك وأنت تذعن للفراغ أن تغافل الضوء وتهرول بعيدا .. ولا تلتفت ... تفزعني خيالات الدم .. وسقوط الشمس في كل مرة موت الأمنيات الطالعات .. تفزعني سواقي الدم .. حين تصير في شريعة الآله ماء يصبغ كل شيء .. قهوتك الصباحية .. راتبك الشهري .. بسمات طفلك والمساء يهبط ثقيلا .. ثقيلا... كأن لا صباح . ... اشبك ذراعك بشهقة بكور ورافقها للرقص .. اخلع مخاوف الغبار ، واعتمر غيمة طروبا واذرف ما بحوزتك من غناء .. وتيقن وأنت تطرق البوابات البليدة .. أن قلبك سلاحك... ولا تلتفت .. ... هذا نهر.. وهذه غابة.. هذه بلاد...وهذه قبعة هذه لعبة... وهذه صحراء هذه مرافئ..وهذه أسواق هذه أرجوحة..وهذه انشوطة... هذه جريدة..وهذه قصيدة هذه بلاد يطلع من ترابها الأولاد..وهذه عوسجة. ... هذا باب يفضي للغابة وهذا نرد لألعاب الأشباح.. اختر طريقا بين العواصم..للنجاة من طيبة القراصنة وتجنب ظلك... أسدل الستائر علي غنيمتك من السلاحف والقنافذ... وأنت تهم بالطيران ... بوصلة الضفة الأخري مزدحمة والشارع الذي تعبره أضيق من مزاجك الضحوك فازرع مظلتك في السماء القريبة... واسحب رصيفا من الذاكرة.. وأطلق العواء .. ... قيظ نهارات مايو تشبه الثياب القديمة والليل في المدينة متلعثم والحانة القريبة دون قناديل.. ليس ثمة سوي العسس والقطط وبخار مطاعم دون رواد... أصدقاء مازلت يا أيها الدرويش ممعنا في ابتكار النوايا الطيبات مازلت تفترض البياض وأن اللغة تسعفك من تهجي الطعنات.. ..... لا شئ يثير الدهشة في الجوار لا شئ تقريبا..او علي وجه الاطلاق.. لم تعد الجثث تتقن الغناء ... والذئاب في الحقل المجاور يفترسها الخجل.. حتي الفئوس صارت طرية والبحر مقبرة سوداء.. لم يعد هناك زاد في مستودع الشهقات.. لم يعد ثمة سياج حول القرنفل حتي انه لم يعد هناك داع للذهاب للنوم لاصطياد ما تبقي من ضحك وما تيسر من بكاء ..... ثمة نهر آخر لم تكن تعرفه .. ثمة نهار يقترب .. تجنب الينابيع التي لا تخترق حقولك وارفق بما لديك من طين ولا تلتفت .. ..... الظباء في الحديقة المجاورة..لا تحسن الغناء لكنها عندما تهطل الشبابيك من حولها.. تلوذ بالجنوب..وتتبادل شتلات يانعة مع السهوب البعيدة.. تتقافز إلي حيث لا مفر من الحاجة للمعاطف وسماء أخري..طيور غيمها بيضاء ..... حين تعبرك العصور تأكد أن بحوزتك القليل من الاسطوانات القديمة، وشريط لاصق ،ومصائد للثعالب، وأشياء لا تحتاجها.. تسلل إلي بعض القرون وجردها من الكآبة..وما بوسعك من ضجيج واحتيال .. لن يلومك أحد من الكائنات وانت تعود دون أن تقبض علي الأكاذيب والخيانات وسوء الطالع.. لا تكترث..سوف يأتيك البريد بحصيلة الخيبات وستنفق وقتك في الضحك..... لا تدع عصرا واحدا يجتازك دون أن تهزه..وتلقمه ثدي الذئبة ولا تلتفت ..... لا تقرأ كتب التاريخ وانت تراقب السفن.. ارم ما تبقي من عواصم في حوض الغسيل واشتر خبزا وعلبة كبريت اشتر بعض الملح وأعشابا لن تستعملها واقتعد ظلا لا سفح له... ولا تلتفت.. ..... لم تعد الغرفة ممتلئة كما تخيلت.. ابتعد واحتفظ بحقل الاقحوان في معصمك ولا تتحدث مع غير الغرباء دمك لا يروق لهم.. اذهب في الرقص كما شاءت لك اليعاسب... ولا تلتفت ..... الناس الذين كنت أعرفهم.. صارت ملامحهم بمذاق الغياب. أخشي حين التقيهم أن أعبر طريقهم في عجلة..... ولا التفت. ..... الطريق الي البيت.. يسكنها اللصوص وعائلات من الرعاة.. الطريق الي المدرسة..يسكنها أصحاب المهن.. الطريق الي المسرح .. لا يسكنها أحد.. الطريق اليك.مرصوفة بالخشب وقوارب صيد وبقايا وشوشات. ليبيا