تنشر أخبار الأدب الحيثيات التي استند إليها القاضي إيهاب الراهب رئيس محكمة جنح بولاق أبوالعلا لبراءة الزميلين أحمد ناجي وطارق الطاهر من خدش الحياء العام للأول والتقصير في واجب الاشراف للثاني. هذا من ناحية، ومن ناحية أخري استأنفت النيابة العامة الحكم، وعقدت جلسة الاستئناف الأولي يوم السبت 6 فبراير وقد تم التأجيل لجلسة 20 فبراير والجريدة ماثلة للطبع، حيث سيمثل الزميلان طارق الطاهر وأحمد ناجي أمام القاضي، الذي أجل القضية لحضور المتهمين. بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق حيث تتحصل وقائع الدعوي فيما أبلغ المدعو/ هاني صالح من انه حال شرائه لجريدة أخبار الادب العدد رقم 1079 الصادر بتاريخ 3 أغسطس 2014 يتضمن عبارات تخدش الحياء العام وعبارات جنسية وانه يتضرر من كل من طارق الطاهر حفني رئيس تحرير جريدة أخبار الادب والصحفي أحمد ناجي أحمد حجازي كاتب المقال. تعود وقائع الدعوي إلي أن الشاكي فوجيء بمقال يحمل اسم ملف استخدام الحياة الفصل الخامس عنوان النص فقط وبسؤال الشاكي قرر بمضمون ما جاء بمحضر الاستدلالات وأضاف أنه قد أصابه ضرر من ذلك وبسؤال النقيب أحمد سمير الشيخ معاون مباحث قسم بولاق أبوالعلا شهد بأن تحرياته انتهت إلي صحة الواقعة وقد قدمت النيابة العامة المتهمين للمحاكمة الجنائية بالمادتين 178 و 200 مكرر أ/ 2 من قانون العقوبات لقيام المتهم الأول بنشر مقال بقصد العرض والتوزيع يحتوي مادة كتابية خادشة للحياء العام علي النحو المبين بالأوراق. كما أنه من المستقر عليه ايضا "لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخد لما تطمئن إليه وطرح ما عداها. علة ذلك؟ عدم التزامها بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. (طعن رقم 42490 لسنة 72 قضائية جلسة 5 مارس 2003). حيث إنه من المقرر أن حرية التعبير وتفاعل الآراء التي تتوالد عنها لايجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارساتها سواء من ناحية فرض قيود مسبقة علي نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخي قمعها بل تكون للمواطن الحرية أن يتنقل بينها يأخد منها ما يأخذ ويلفظ منها ما يلفظ دون أن يوضع له إطار أو قالب يحد من تكوين افكاره ومعتقداته كما أن طرح الافكار والاراء والمعتقدات علانية يجعلها مجالا للبحث والتقييم من جانب المختصين بل والمجتمع أجمع فيأخذ منها الصالح ويطرح الطالح. وحيث انه عن موضوع الدعوي فلما كانت النيابة العامة أحالت كلا المتهمين بتهمة خدش الحياء العام طبقا للمادتين 178 و 200 مكرر 2/1 من قانون العقوبات الأمر الذي يتطلب توافر القصد الجنائي الخاص الذي يتمثل في قصد المتهمين خدش الحياء العام أو نشر الفجور والرذيلة وهو يتنافي مع ما قام به المتهم الأول الذي يعد عملا أدبيا من وحي خياله وأن ما تضمنه ذلك العمل الادبي من ألفاظ وعبارات أرتأت النيابة العامة أنها تخدش الحياء به، هو في إطار عمل أدبي وسياق عام لقصة حاكها المتهم الأول من وحي خياله كما أن ما احتواه العمل الادبي (القصة) علي ألفاظ وعبارات جنسية هو أمر درج في العديد من المؤلفات والاعمال الادبية والأشعار قديما وحديثا وهذا ما انتهت إليه شهادة كل من الاستاذ/محمد سلماوي والروائي/ صنع الله إبراهيم والتي تطمئن إليها المحكمة من أن العمل الادبي لايمكن الاقتطاع من سياقه أو أخذ جزء منه وترك الاخر. كما أن العمل الادبي هو كيان واحد اذا انقطع منه جزء انهار ذلك العمل. كما أن المحكمة تري أن تقييم الألفاظ والعبارات الخادشة للحياء أمر يصعب فيه وضع المتهم الثاني بصفته رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب بأنه قد أخل بواجب الاشراف علي جريدته فيما أدي إلي نشر المقال محل الاتهام السابق. وحيث تدأولت الدعوي بالجلسات علي النحو المبين بمحاضر جلساتها مثل فيها المتهم الاول ووكيل محام والذي طلب شهادة المختصين من رجال الادب والفكر واختص كلاً من الاستاذ محمد سلماوي والروائي صنع الله ابراهيم والاستاذ جابر عصفور كما مثل المجني عليه بوكيل محام وطلب أجلاً لإعلان بالدعوي المدنية وبجلسة 12 ديسمبر 2015 مثل كل من الاستاذ/ محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب والروائي صنع الله ابراهيم وأقر كل منهما بأن العمل محل المحاكمة هو عمل روائي متكامل من خيال الكاتب المتهم الأول ولايمكن اجتزاء أي جزء منه علي حده وتقييمه بشكل منفصل عن سياق الرواية وأنه يوجد الكثير من الأعمال الأدبية الهامة حوت علي ألفاظ وايحاءات جنسية كرواية ألف ليلة وليلة ورواية دعاء الكروان لعميد الادب العربي طه حسين كما أن العديد من كتب الفقه والتفاسير حوت أيضا علي ألفاظ وعبارات جنسية كما مثل محامي المتهم الأول وأبدي مرافعة شفوية استمعت إليها المحكمة كما قدم أيضا مذكرة بدفاعه طالعتها المحكمة وألمت بها كما قدم محامي المدعين بالحق المدني صحيفة الاعلان بالدعوي المدنية وقررت المحكمة حجز الدعوي للحكم جلسة اليوم. هذا ولما كانت المادة 67 نصت علي "حرية الابداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب ورعاية المبدعين وحماية ابداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولايجوز رفع أو تحريك الدعاوي لوقف أو مصادرة الاعمال الفنية والادبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري. "ولما كان من المستقر عليه بأحكام محكمة النقض بأن حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي حسبما يؤدي إليه اقتناعها سواء من الأدلة المباشرة أو بالاستنتاج والاستقرار وكافة الممكنات الفعلية مادام سائغا". معيار ثابت له فما يراه الانسان البسيط خدشا للحياء يراه الانسان المثقف أو المختص غير ذلك وما يراه صاحب الفكر المتشدد خدشا للحياء لايراه صاحب الفكر المستنير كذلك. وكذلك ما يطرح في مجالات البحث العلمي في الطب مثلا يكون بالنسبة للغير خدشا للحياء إلا أنه لايكون كذلك بالنسبة للأطباء مثلا فإن العبرة في عقلية المتلقي وتقديره للامور. فالعبارات التي حوت تلك القصة محل الاتهام ارتأت النيابة العامة انها تخدش الحياء لم يرتأها الادباء والروائيون خدشا للحياء طالما انها كانت في سياق ومضمون عمل أدبي فني. إذاً فإن المعيار في ذلك يختلف من شخص إلي آخر حسب ثقافته وافكاره وتعليمه فما أتاه العلماء والمثقفون قديما من أفكار وآراء واجتهادات كانت محل رفض ونقد لهم من مجتمعاتهم آن ذاك أصبحت اليوم من الثوابت العلمية والابداعات الادبية التي تثري مجتمعنا. ولما كان ذلك الامر الذي تري معه المحكمة انتفاء القصد الجنائي الخاص لدي المتهمين عن قصدهما بخدش الحياء ونشر الرذيلة ولما كان المستقر عليه قانونا وفي قضاء محكمة النقض أن الأحكام الجنائية تبني علي الجزم واليقين لا علي الشك والتخمين وإن تشكك القاضي في صحة الاسناد كفيلا بالقضاء ببراءة المتهم الأمر الذي تقضي معه المحكمة والحال كذلك ببراءة المتهمين مما نسب إليهما من اتهام ورفض جميع الدعاوي المدنية المقامة وإلزام رافعيها المصاريف وخمسين جنيها اتعاب محاماه لهذه الاسباب. حكمت المحكمة ببراءة المتهمين مما نسب إليهما من اتهام ورفض الدعاوي المدنية وإلزام رافعيها المصاريف أتعاب محاماه وخمسين جنيها.