انخفاض أسعار البيض اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    أسعار العملات العربية ترتفع بشكل جماعي خلال التعاملات الصباحية اليوم    فوري تتعاون مع "فرصة" لتقديم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا عبر 395 ألف نقطة بيع في مصر    خبراء: تراجع التضخم ل13.1% خلال يوليو جاء بدعم من انخفاض أسعار المواد الغذائية وقوة الجنيه أمام الدولار    موعد مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين بالدولة    أوروبا تقدم مقترحًا مضادًا لخطة بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا    الآلاف يتظاهرون في إسطنبول احتجاجا على الهجمات الإسرائيلية على غزة    مظاهرات دولية حاشدة تضامنًا مع غزة (تقرير)    "محمد صلاح سيعادل رقم النني".. 10 معلومات عن مباراة ليفربول وكريستال بالاس الليلة    منتخب الناشئات يواصل تدريباته استعدادًا لغينيا الاستوائية    النصر السعودي يضم مدافع برشلونة إنيجو مارتينيز    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع حارس ليل    محافظ القليوبية يقود حملة لإزالة الأكشاك الغير مرخصة بمحيط حريق مترو شبرا الخيمة    طقس الساعات المقبلة.. الأرصاد: فرص أمطار رعدية وأجواء شديدة الحرارة    سقوط لوشا وصديق سوزي الأردنية.. ضربة جديدة لمشاهير السوشيال ميديا    إصابة 6 عمال في انقلاب سيارة ربع نقل بطريق السويس    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعطيل المرور بالجيزة وتضبط سائق أجرة بدون رخصة    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يفتح باب التقديم للمشاركة في دورته العاشرة    قصور الثقافة تحتفي ب«عيد وفاء النيل» بفعاليات متنوعة بإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد    حسين الجسمي يحتفل بنجاح حفله في الساحل الشمالي: ليلة من العمر.. شكرا لمصر وأهلها الغاليين    محافظ المنوفية يلتقي مدير التأمين الصحي الجديد.. ويشدد على تحسين جودة الخدمات    ملفات «إبستَين».. وثائق لا تنسى    تعليم أسيوط: صيانة 197 مدرسة بتكلفة 227 مليون جنيه قبل العام الدراسي الجديد    وكيل البحوث الزراعية للإنتاج يشيد بجهود رفع كفاءة الإنتاج واستغلال الموارد المتاحة    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    ضبط 4 أطنان مصنعات دواجن مخالفة في الشرقية    إزالة 11 حالة تعدٍ على أراضي الدولة بالشرقية    وزير الدفاع يلتقي بعدد من مقاتلي القوات الخاصة من المظلات والصاعقة| صور وفيديو    جهود منظومة الشكاوى الحكومية في يوليو 2025 |إنفوجراف    آيتن عامر تدعم أنغام بعد جراحتها الدقيقة: «دعواتنا بالشفاء العاجل»    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكرم النجمة غادة عادل    وداع مؤثر للفنان سيد صادق.. نجوم الفن يعزون رفيق الدرب بكلمات دامعة وقلوب حزينة    الرد فى الصندوق لا فى الهاشتاج    التعليم العالي: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس في التكنولوجيا الحيوية    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 38 مليونًا و350 ألف خدمة طبية مجانية    انطلاق حملة «حياة بلا إدمان» بالمدارس ومراكز الشباب والمساجد بسيناء    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين في مصر    محمد صلاح يضع الأوروبيين في مأزق بعد استشهاد "بيلية فلسطين".. كيف ولماذا وأين مات؟!    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    طائرات مسيرة أوكرانية تهاجم مصفاة نفطية في مدينة ساراتوف الروسية    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية خلال 2025    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب الساحل الجنوبي الغربي ل غواتيمالا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    لليوم العاشر.. عمرو دياب الأكثر مشاهدة على يوتيوب ب كليب «خطفوني»    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. كليات تقبل من 50% أدبي و توقعات الحد الأدني (بينها كليات تربية)    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتفاء بكراتشكوفسكي مؤسس الاستشراق الروسي الحديث
نشر في أخبار الأدب يوم 17 - 10 - 2015

في إطار مؤتمر "المستشرقون الروس والثقافة العربية" والذي عقد في دار الكتب بالتعاون مع المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم في الفترة (29 - 30سبتمبر) تم الاحتفاء بإسمي أ.د.سمية عفيفي أول رئيس لقسم اللغة الروسية بكلية الألسن والمستشرق المعروف الأكاديمي كراتشكوفسكي.
وكراتشكوفسكي هو بحق مؤسس مدرسة الاستشراق الروسية الحديثة، بل وكما قال عنه أديبنا الكبير توفيق الحكيم "ربما كان عميد المستشرقين في العالم المعاصر".
تاريخ الاستشراق في روسيا تمتد جذوره الأولي في روسيا في فترة بداية القرن الثامن عشر، وذلك حين أسست في بطرسبرج عام 1724 أكاديمية علمية كان لها فضل الاشراف علي إصدار الدوريات التي تعرف بالشرق، وقد كانت هناك عدة عوامل ساهمت في بعث حركة الاستشراق في روسيا، لعل من أهمها العامل السياسي، فقد لعبت الحروب الروسية التركية والنزاع علي مناطق نفوذ في الشرق دورا في الاهتمام بدراسة الشرق والتعرف علي حضارته ولغاته وآدابه.
ورغم المحاولات التي بذلت في تدريس اللغات الشرقية وعلي رأسها العربية في القرن الثامن عشر، ورغم ظهور ترجمات هامة للقرآن الكريم، "وألف ليلة وليلة" إلا أن القرن الثامن عشر لم يسفر عن حصيلة ثرية للاستشراق الروسي، ومن ثم ظلت فكرة إرساء مدرسة للاستشراق بالنسبة للقرن الثامن عشر مجرد حلم يراود أفضل عقول مثقفي روسيا في ذلك الوقت وعلي رأسهم الأديب والعالم الشهير لومونوسوف مؤسس جامعة موسكو، والذي اقترن اسمه بفكرة تأسيس أكاديمية علمية لتدريس اللغات الشرقية وعلي رأسها العربية.
وقد كان من نصيب القرن التاسع عشر تحقيق هذا الحلم، فمع بداية القرن التاسع عشر صدر في روسيا عام 1804 ميثاق الجامعات الذي افتتح عهدا جديدا في حركة الاستشراق في روسيا، فقد أدرج - لأول مرة - بشكل منهجي تدريس اللغات الشرقية في برنامج المدرسة العليا ومنها العربية.
وإثر صدور الميثاق بدأت تتأسس تباعا أقسام للغات الشرقية وعلي رأسها العربية في مدن روسيا المختلفة، وفي مقدمتها بطرسبرج التي صارت مركزا للاستشراق في روسيا في ذلك الوقت.
قدمت حركة الاستشراق في روسيا علي امتداد تاريخها أسماء العديد من المستشرقين الذين أسهموا بجهود متميزة في اعداد كوادر الدارسين والباحثين في اللغة العربية وآدابها، وفي الترجمة، والتقديم والتعريف بآثار الثقافة العربية. ويعتبر كراتشكوفسكي واحدا من أهم هذه الأسماء.
درس كراتشكوفسكي اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية في جامعة بطرسبرج، وسافر الي مصر وسوريا في السنوات (1908-1910) بهدف التعرف علي اللهجة العامية والأدب العربي المعاصر، والاحتكاك بالأوساط الثقافية والعمل في المكتبات، وقد سجل كراتشكوفسكي ذكريات رحلته في دراسته "من تجولاتي في الشرق" التي أورد بها انطباعاته عن مقابلاته وزياراته للأماكن والمكتبات العربية.
ناقش كراتشكوفسكي عام 1915 أطروحته العلمية التي تناولت انتاج الشاعر أبوالفرج الدمشقي. وقد تدرج كراتشكوفسكي من المؤسسات التعليمية، فقد عمل أستاذا رئيس قسم اللغة العربية في معهد الاستشراق، ثم مديرا لمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم، وأسس الكلية الشرقية في جامعة ليننجراد (سان بطرسبرج حاليا) في عام 1944، وصار رئيسا لقسم الفيلولوجيا بها، وفي غضون ذلك تتلمذ علي أيدي كراتشكوفسكي العديد من أجيال المستشرقين الدارسين للعربية، كما أشرف علي الكثير من الأطروحات العلمية.
الأكاديمي كراتشكوفسكي عالم موسوعي الثقافة والمعرفة، ترك انتاجا غزيرا من الدراسات العلمية التي تبلغ أكثر من أربعمائة وخمسين بحثا منشورة في ستة مجلدات من القطع الكبير وفي آلاف الصفحات.
وقد تنوعت بحوثه ودراساته وشملت مجالات عدة: اللغة والأدب العربي، الدراسات المقارنة، المخطوطات، الجغرافيا التاريخية، فضلا عن جهوده في الترجمة، والتأريخ لحركة الاستشراق.
فيما يخص كتاباته عن الأدب العربي فقد كانت متنوعة وغزيرة، تناولت الشعر العربي القديم: الشعر في الجاهلية، في العصر الأموي والعباسي، والشعر العربي في الأندلس، "ألف ليلة وليلة"، "كليلة ودمنة"، وكان كراتشكوفسكي أول من قدم الأدب العربي الحديث في القرن العشرين، وكتابات كراتشكوفسكي عن الأدب العربي الحديث تنبض بالحيوية والنضارة، فقد كتب عن تطور الأدب العربي في فترة معاصرة له في النصف الأول من القرن العشرين، ورصد لظواهر مهمة في أدب هذه الفترة مثل الرواية التاريخية، والاتجاهات المعاصرة في الأدب العربي في مصر، وتناول عددا من الأدباء مثل قاسم أمين، أمين الريحاني، محمود تيمور، سليمان البستاني، مصطفي كامل، طه حسين وكتابه الشعر الجاهلي، وروايته "الأيام".
وبرؤية العالم استشعر كراتشكوفسكي آنذاك "حركة وديناميكية سريعة غير عادية" في تطور الأدب في مصر، وأكد في غضون ذلك علي أن مسيرة الأدب في مصر تبشر ببلوغه مكانة عالمية رفيعة في المستقبل القريب.
وقد صدقت رؤية كراتشكوفسكي وتقييمه لمسيرة تطور الأدب العربي المعاصر له في مصر، فبعد عقود قليلة من دراسته هذه نال أديبنا الكبير نجيب محفوظ علي جائزة نوبل في الرواية، والتي شهدت علي المكانة العالمية التي بلغها الفن الروائي في مصر، والذي يعد من أهم فنون الأدب.
أما جهود كراتشكوفسكي في تحقيق وفهرسة المخطوطات العربية فهي جهود علي درجة كبيرة من الأهمية، بدأها في عام 1916 في المتحف الآسيوي في روسيا الذي يمتلك قاعدة ثرية للمخطوطات الشرقية، وأيضا في مكتبة جامعة بطرسبرج، وفي موسكو، وفي مكتبات القاهرة، والاسكندرية، وبيروت، وفي ألمانيا (مجموعة مخطوطات ليبزج). وبفضل جهود كراتشكوفسكي في دراسة المخطوطات العربية صارت الكثير من المؤلفات العربية القديمة في متناول الباحثين.
وكراتشكوفسكي هو أول من أرخ للاستشراق في روسيا، وعرف بتراث العديد من المستشرقين، وهو الذي ألقي الضوء علي جهود الشيخ عياد الطنطاوي أول أستاذ للغة في روسيا.
أما دراسات كراتشكوفسكي التي تناولت تاريخ الجغرافيا العربية، فهي دراسات لا غني عنها بالنسبة للباحثين والمهتمين بتاريخ الجغرافية العربية.
لم يقتصر عطاء كراتشكوفسكي علي البحث في المجالات التي أوردنا ذكرها، بل شملت جهوده أيضا الترجمة من العربية الي الروسية فقد قدم ترجمة قيمة لمعاني القرآن الكريم، وترجم أعمالا لأمين الريحاني، جبران خليل جبران، و"الأيام" لطه حسين فضلا عن جهوده الكبيرة في الاشراف علي القسم العربي في دار نشر "الأدب العالمي" حيث وضع كراتشكوفسكي قائمة تضم أربعين مؤلفا من عيون الأدب العربي، وجمع حوله كوكبة من المستشرقين، وكان كراتشكوفسكي يقوم بتحرير الترجمات، وبفضل الخطة التي وضعتها دار نشر "الأدب العالمي" والتي استكملتها فيما بعد دار نشر "أكاديميا" تم ترجمة الطبعة الكاملة "لألف ليلة وليلة" من الأصل العربي، وترجمت مجموعة مهمة من كتب التراث منها: "طوق الحمامة" لابن حزم، مقامات الهمداني، مقامات الحريري، "البخلاء" للجاحظ وغيرها.
وإلي جانب نشاط كراتشكوفسكي العلمي والتعليمي، وفي مجال الترجمة أسهم كراتشكوفسكي في الكثير من المحافل العلمية واللجان العلمية والثقافية في روسيا وخارجها، فقد كان عضوا في العديد من الجمعيات العلمية: الجمعية الجغرافية الروسية، الجمعية الفيلولوجية في جامعة بطرسبرج، المجمع العلمي في سوريا، أكاديمية العلوم الروسية، الأكاديمية العلمية الايرانية، جمعية المستشرقين البولنديين، جمعية المستشرقين الألمان، الجمعية الآسيوية الملكية في بريطانيا وايرلندا، والمعهد الآسيوي في نيويورك، وكان عضو تحرير العديد من المجلات: مجلة الشرق، الاستشراق الروسي، بشير جامعة ليننجراد، كما كانت له إسهامات عدة مع الاستشراق في ألمانيا وأسبانيا وانجلترا وايطاليا وفرنسا.
كرم كراتشكوفسكي في وطنه فقد حصل علي العديد من النياشين والأوسمة، كما نال التقدير خارج وطنه حيث ترجمت أعماله إلي اللغات العربية، والفرنسية والألمانية، والتشيكية، والبولندية.
وقد احتفلت هيئة اليونسكو بمناسبة مائة عام علي ميلاده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.