المستشرقون الروس والثقافة العربية.. عنوان المحور الرئيسي الذي ارتكزت عليه أعمال المؤتمر الدولي الثاني للتواصل الثقافي الروسي، الذي نظمته المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم برئاسة د.حسين الشافعي، بالتعاون مع الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، واستمرت أعماله علي مدار يومان. في البداية أوضح الكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة أن مصطلح الاستشراق ارتبط في ذهن الناس بالاستعمار، لكن الحقيقة، أن المستشرقين كانوا جسرا لتواصل العلاقات بين الشرق والغرب، وبعد أن دافع النمنم عن الاستشراق والمستشرقين، تحدث عن العلاقات المصرية الروسية وكيف أنها شهدت نموا كبيرا في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر (الذي نحيي ذكري وفاته الآن)، وأن مظاهر هذا النمو تتمثل في بناء السد العالي وانشاء العديد من المصانع. وعن الاستشراق الروسي وتاريخ الأدب العربي، قدمت الدكتورة مكارم الغمري - العميد الأسبق لكلية الألسن، جامعة عين شمس، وأستاذ الأدب المقارن للدراسات الروسية صورة عن الكتابات التي تناولت الأدب الروسي بالدراسة والبحث، والتي تمثل جهود المستشرقين الروس في هذا المجال، وهي - حسب قولها- جهود متنوعة شملت دراسات في الصحافة الأدبية، وكتبا تناولت فنون الأدب العربي المختلفة والتأريخ له، وشملت أيضا، اطروحات علمية تناولت بالبحث الأدب العربي، فضلا عن بعض مقدمات للترجمات وتهتم الدراسة التي قدمتها د.مكارم الغمري أيضا بشكل خاص بجهود المستشرق الكبير (كراتشكوفسكي) الذي قدم أول تأريخ للأدب العربي الحديث في القرن العشرين في كتاباته التي تم جمعها في الجزء الثالث من المؤلفات الكاملة له. كما تناولت د. الغمري، أيضا - كتابات المستشرقة (كربتشفكه) في التأريخ للأدب العربي الحديث في مصر. وحول المستشرقين الروس والتراث العربي، تناول (إلميرا علي زاده) بمعهد الاستشراق، موسكو، كتابات المستشرقين الروس في العلاقات الروسية العربية الأدبية، مشيرا إلي أن هذا موضوع تقليدي لدراسة الأدب العربي في روسيا، وكان رائده المستشرق الروسي الكبير كراتشكوفسكي، حيث قدم الكثير لتعميم الأدب العربي الكلاسيكي، وقدم العديد من الترجمات (من العربية إلي الروسية)، كما قدم ترجمة خاصة بالقرآن الكريم. وأوضح (الميرا) أن رحلة كراتشكوفسكي العلمية إلي منطقة الشرق الأوسط (1908/ 1910)، لعبت دورا هاما في مصيره الابداعي، عن طريق لقائه بالعديد من العلماء وكتاب الكلاسيكيات في الأدب العربي، وتبع ذلك المراسلات الحية بينهم ومنهم محمد علي كرد مؤسس ورئيس الأكاديمية العربية للعلوم في دمشق، و(لويس شيخو) مؤسس مجلة المشرق البيروتية و(أنطون صالحاني) المتخصص في اللغة والاداب العربية، ومن مصر جرجي زيدان وطه حسين. واختتم د. زاده مداخلته، بالإشارة إلي الكتاب الذي صدر في نهاية السنة الماضية، عن دار معهد الاستشراق بموسكو بعنوان »الأدب الروسي والعالم العربي، ويبرز فيه رموز للقامات الثقافية العربية في كل من مصر، فلسطين، سوريا، لبنان، العراق، وغيرها من الدول العربية. وحول اسهامات مدرسة موسكو للاستشراق في دراسة اللغة العربية وآدابها، كانت مشاركة د.ناتاليا شويسكايا (أستاذ بمعهد العلاقات الدولية بموسكو)، فأوضحت أن البروفيسورة (شيدفار) باشرت في أيام دراستها الجامعية استقصاء الأدب العربي الرومانسي الأندلسي وبشكل خاص ابداع ابن قزمان الشعري، وابن سهل الأندلسي، وابن هذيل الأندلسي، علاوة علي ترجمة الشعر العربي نشرت (شيدفار) مقالات دراستها الأدبية بشأن الرواية العربية الشعبية، كما كتبت رواية من نوع السير الفنية عن أبي نواس. كما ألفت كتابا عن أبي العلاء المعري، وكتابا آخر عن ابن سينا، وترجمت كتاب (سيرة سيف ابن الملك ذي يزن)، وكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني. وكتاب العقد الفريد لابن عبدربه وكتاب كليلة ودمنة بقلم ابن المقفع وغير ذلك. كما ترجمت القرآن الكريم إلي اللغة الروسية، وحاولت تقديم ترجمة تعكس الشكل الفني للقرآن، علاوة علي معانيه، وايقاعه وقوافيه، وألحقت بترجمته التغيرات التي يصعب علي الجماهير القراءة بدونها لفهم النصوص القرآنية وادراكها. وحول محور مراكز الاستشراق والمخطوطات في روسيا، قدمت د. يولغوشيفا عادلة خليل (معهد المخطوطات الشرقية)، نماذج من المخطوطات العربية بالمعهد.