بدأت الترجمة بين العربية والروسية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، من خلال المستشرق الروسي اجناتيوس كراتشكوفسكي والشيخ محمد عياد الطنطاويويعد أليج يافيكين من أهم من ترجم الأدب العربي للغة الروسية، حيث عمل في القسم العربي لدار "التقدم" في موسكو، كما شغل منصب مدير المركز الثقافي السوفيتي في دمشق. وقد ازدهرت ترجمة الأدب العربي للغة الروسية منذ ثلاثينيات القرن العشرين تعود بداية النشر في روسيا إلي القرن الحادي عشر، وإزدهر النشر نتيجة إقامة الدولة المركزية خلال القرن الخامس عشر ومنتصف القرن السادس عشر. وشهدت نهاية القرن الخامس عشر طباعة أول كتاب بالحروف الكريليكية (الروسية). وقد بدأت الطباعة في موسكو في منتصف القرن السادس عشر، وظهر أول كتاب روسي مطبوع "كتاب الرسل" في العقد السادس من القرن، نشره إيفان فيودوروف من خلال مطبعة القيصر. وسبق ذلك محاولات عديدة، حيث أكتشفت العديد من الإصدارات لكن جميعها مجهولة. غير أن حركة الطباعة كانت بطيئة نسبيا في البداية، نتيجة لاستمرار إصدار المخطوطات لفترة طويلة. وتخلصت الطباعة بعد ذلك من مركزية موسكو، وظهرت مطابع جديدة في مدن أخري في بداية القرن الثامن عشر نتيجة الإصلاحات التي أجراها القيصر بطرس الأول، حيث أنشا العديد من المطابع في سانت بيطرسبرج وموسكو. وفي منتصف القرن الثامن عشر، صارت أكاديمية سانت بيطرسبرج للعلوم مركز النشر الرئيسي في روسيا. وفي نفس التوقيت ظهر النشر الخاص، زاد عدد الكتب المطبوعة وتنوعت موضوعاتها. ومن أبرز الناشرين في تلك الفترة نافيكوف، الذي قام بنشر ألف عنوان يضم معظم صنوف المعرفة. ويصل إجمالي ما نشر خلال القرن الثامن عشر حوالي عشرة آلاف عنوان. أما في القرن التاسع عشر، تأثر النشر في روسيا بالحراك الإجتماعي وتطور تكنولوجيا الطباعة، فزاد عدد الكتب المطبوعة من حيث الكم، كما صارت الإصدارات أكثر جودة، وكان للرقابة دور بارز خلال تلك الفترة، وقد زادت حدتها بسبب احتجاجات الديسمبريين عام 1825، مما أثر بشكل كبير علي تطور الطباعة والنشر في روسيا. ويجدر بنا الإشارة إلي احتلال روسيا المركز الثالث ب 8.636 عنوان بعد ألمانيا وفرنسا، لتسبق دولا عتيدة مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا العظمي. وكان لثورة أكتوبر 1917 دور كبير في إحداث نقلة نوعية في مجال الطباعة والنشر في روسيا، وخضع النشاط بالكامل لسيطرة الحزب، بما يتفق مع ما قاله فلاديمير لينين: "يجب أن تخضع مراكز النشر والتوزيع، المكتبات، حجرات القراءة، والمؤسسات المماثلة لسيطرة الحزب". ووفقا لمبادرة مكسيم جوركي، تم إنشاء دار الأدب العالمي للنشر في 1918، التي ارتكز عملها علي نشر كلاسيكيات الأدب العالمي. وقد وصل عدد دور النشر خلال سنوات الثورة الأولي إلي ثلاثة آلاف دار، بين عامة وخاصة، لكن تم إغلاق كافة دور النشر الخاصة التي امتلكها البرجوازيون نتيجة الصراع مع السلطة. وقبل الحرب العالمية الثانية، وصل عدد المطبوعات في الاتحاد السوفيتي 44 ألف عنوان. وقد لعب الأدب دورا كبيرا خلال سنوات الحرب، حيث طبعت الدولة 1.7 مليون نسخة، تنوعت بين إصدارات علم الإجتماع السياسي، أدب الطفل، الكتب العلمية، الأدب. وصل عدد دور النشر في روسيا، قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي، حوالي ستة الاف دار نشر رسمية.
وخلال هذا التاريخ الطويل، كان للشرق العربي ومنتجه الأدبي نصيبا كبيرا من الإصدارات التي قدمت للقاريء الروسي، حيث ترجع بداية العلاقة الثقافية بين روسيا والعالم العربي إلي القرن العاشر الميلادي، من خلال الحجاج الروس زوار الأراضي المقدسة، وقد قدم الرحالة دانييل أول إنتاج أدبي يخص الشرق يندرج تحت أدب الرحلات من خلال كتابه "المسيرة"، والذي لاقي اهتمام القراء الروس، كما أكد المستشرق الروسي الشهير أليج يافيكين في محاضرة القاها عن ترجمة الأدب العربي للغة الروسية، ودانييل هو أول حاج روسي زار الأراضي المقدسة وطاف في بداية القرن الثاني عشر، وقد عبر عن دهشته لتفرد طبيعة مصر في مؤلفه "المسيرة"، الذي يعد بمثابة وثيقة عظيمة الأهمية أضافت الكثير للأدب الروسي، الذي كان خاليا من مثل هذه الأعمال التي تتحدث عن الشرق بهذه الروعة. بينما ظهر الاهتمام علي المستوي الرسمي في عهد بطرس الأكبر، عندما بادر بإصدار أوامره بنسخ الكتابات العربية الموجودة في مدينة بولجار، التي كانت أول مدينة يعتنق أهلها الإسلام. وقد بدأت الترجمة بين العربية والروسية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، من خلال المستشرق الروسي اجناتيوس كراتشكوفسكي والشيخ محمد عياد الطنطاوي. وللشيخ الطنطاوي العديد من المؤلفات المنشورة، فقد ألف كتابا هاما "تحفة الأذكياء بأخبار بلاد الروسيا" وهو من المراجع الهامة عن روسيا بعين عربية، وكتاب "أحسن النخب في معرفة لسان العرب"، كما ترجم كتاب "تاريخ روسيا المختصر"، ومن بين تلاميذه المستشرق الروسي رودولف فرين، ومنحته الامبراطورة وساما رفيعا تقديرا لجهوده في نشر اللغة العربية والترجمة. ويعد أجناتيوس كراتسكوفسكي من أبرز من قاموا بترجمة الأدب العربي إلي اللغة الروسية، والذي تولي رئاسة معهد الاستشراق بموسكو، له العديد من الدراسات والأبحاث في مجال دراسات الشرق، ترجم العديد من الكتب إلي اللغة الروسية، أهمها ترجمته للقرآن، كما ترجم عددا من الأعمال الأدبية العربية للروسية، درس أشعار أبو العتاهية، المعري، المتنبي، وقام بتصنيف أعمالهم، له حوالي 450 بحثا ودراسة، أهمها دراسته عن الرواية التاريخية، كما أشرف علي إصدار نسخة "الف ليلة وليلة"، وله الفضل في نقل مخطوطات من مكتبة الاسكندرية. وتعتبر ترجمته لمعاني القرآن الكريم، إضافة إلي ترجمة سابلوكوف، من أدق التراجم من اللغة العربية، صدرت لأول مرة عن دار نشر الآداب الشرقية عام 1963، وأعيد طبعها حوالي 40 مرة، وبلغ إجمالي النسخ التي صدرت منها حوالي 2 مليون نسخة.
وكان لظهور الجمعية الأورثوزكسية الفلسطينية التي أنشئت تحت رعاية روسيا دور كبير في إعداد وتأهيل العديد من المترجمين، علي رأسهم كاتب لبنان الكبير ميخائيل نعيمة. ساهمت الترجمة من العربية للروسية في تعرف القاريء الروسي علي العديد من الاسماء اللامعة في سماء الأدب العربي مثل نجيب محفوظ، إدوار خراط، يوسف إدريس، عبد الرحمن الشرقاوي، حنا مينا، الطاهر وطار، إبراهيم الكوني، غسان كنفاني، الطيب صالح، سعيد حوراني، محمود درويش، توفيق الحكيم. ويعد أليج يافيكين من أهم من ترجم الأدب العربي للغة الروسية، حيث عمل في القسم العربي لدار "التقدم" في موسكو، كما شغل منصب مدير المركز الثقافي السوفيتي في دمشق. وقد ازدهرت ترجمة الأدب العربي للغة الروسية منذ ثلاثينيات القرن العشرين، كما تؤكد الباحثة والمستشرقة الروسية فاليريا كيربيتشينكا، مع ترجمة "عودة الروح" لتوفيق الحكيم، و"الأيام" لطه حسين. وبعد ظهور ثلاثية نجيب محفوظ في الخسمينيات، حظي أدبه باهتمام كبير في روسيا، وتمت ترجمة العديد من أعماله للروسية. وقد ترجمت فاليريا له رواية "المرايا" التي صدرت عام 1975، ورواية "أولاد حارتنا" التي صدر منها 50 ألف نسخة عام 1990. كما ترجمت "سيرة السلطان الظاهر بيبرس"، "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، و"الحب في المنفي" لبهاء طاهر، "مقدمة مقامات الحريري"، "أخبار عزبة المنيسي"، "الحرب في بر مصر" ليوسف القعيد، كما ترجمت ليوسف إدريس. ولكيربيتشينكا عدد من المؤلفات الهامة تخص الأدب العربي مثل "النثر العربي المعاصر"، "نجيب محفوظ أمير الشرق"، و"تاريخ الأدب المصري في القرنين التاسع عشر والعشرين"، "الموجة الجديدة في مصر". ويجدر بنا ذكر اسم آخر هام وهو المترجم والشاعر والمستشرق الروسي ييفجيني دياكونوف، الذي صدر له عام 2013 كتاب بعنوان "لمحات من تاريخ الأدب العربي"، الذي يتحدث عن نخبة من كبار الشعراء العرب مثل المتنبي، الجاحظ، أبو تمام، أبو نواس، إضافة إلي أسماء أخري تضم مبدعين من القرن العشرين مثل أحمد فؤاد نجم، نجيب محفوظ، أدونيس، جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة.
وبالعودة إلي عام 2010 حين كانت روسيا ضيف شرف لمعرض الكتاب الدولي بالقاهرة، فقد تم توقيع عقد بين دار نشر "بيبلوس كونسلتنج" واتحاد الكتاب العرب لترجمة أعمال أدبية لمائة كاتب عربي للغة الروسية، ومن المفترض أن يستمر العمل علي ترجمة هذه الأعمال لمدة سبع سنوات تبدأ من تاريخ توقيع العقد. ويذكر الاستاذ سليم العلي أن الدار قد نشرت بالفعل حوالي عشرين عملا أدبيا لكتاب من دول عربية مختلفة مثل مصر، المملكة العربية السعودية، المغرب، سوريا. كما أكد الاستاذ سليم علي الجهود التي يبذلها اتحاد الناشرين العربي في تطوير العلاقات الثقافية والتعاون الثقافي مع روسيا، مع إعرابه عن أمله في إفساح المجال علي نحو أكبر أمام الكتب العربية للظهور علي الساحة الروسية، في حال تفاعل القاريء الروسي مع الأعمال العربية المترجمة، وأنه سيقوم بطبع ألف نسخة من كل كتاب مترجم. وقد زرت موقع دار النشر التي تتخذ من موسكو مقرا لها لمتابعة العناوين الجديدة وفق الإتفاق المشار إليه، فلم أجد سوي عدد قليل من الكتب المترجمة للروسية، وأتمني أن يتم المشروع بنجاح ويري المنتج العربي النور علي أرفف المكتبات في روسيا. والحقيقة أن واقع الترجمة من وإلي الروسية يشهد العديد من الصعوبات والتحديات، وإذا ما قارنّا