نظم المركز الدولي للكتاب الأسبوع الماضي أمسية لإحياء الذكري الرابعة لوفاة الروائي خيري شلبي، وعلي هامش الأمسية كان هناك حفل لتوقيع آخر أعماله "أنس الحبايب". أدارت الأمسية الكاتبة ريم خيري شلبي التي قالت أن الأمسية ليست حدثاً رسمياً ولكنها مجرد احتفالية بسيطة في محبة الراحل خيري شلبي، الذي كثيراً ما أسعد الناس بكتاباته التي كانت عن الناس الذين انحاز إليهم وصوب جل اهتمامه ناحيتهم. تحدث الكاتب سعيد الكفراوي عن صديقه خيري شلبي فقال:"كنت من المقربين لخيري شلبي وكنت أحتفظ معه بعلاقة خاصة لاعتبارات كثيرة منها أننا فلاحين عشنا في عالم القرية المصرية وعرفنا عنه وخبرنا ناسه وانشغلنا بجدلية القرية والمدينة، وكان اللقاء دائماً بين جيل الكتاب الشباب لقاءً حميما يقوم علي سؤال المعرفةً ورغبة كل واحد منا في الاطلاع علي ما كتبه الآخر". قال الكفراوي أن بداية معرفته بخيري شلبي كانت من خلال جمال الغيطاني:"عام 1968 عندما أتيت من القرية إلي القاهرة باحثاً عن عالم الكتابة والثقافة وشغوفاً بمتابعة الحالة الثقافية وتجلياتها، قابلت وقتها جمال الغيطاني ولم أكن أعرفه شخصياً وسألته عن مكان التقاء شباب الكتاب مع الأديب الكبير نجيب محفوظ واصطحبني جمال الغيطاني إلي حيث يجتمع الجمع، وعندما ذهبت وجدت خيري شلبي وعرفته من يومها كفنان موهوب وكاتب مبدع وأحد خبراء الروح المصرية، فقد كان حكاءً حتي في حديثه الشفاهي وقد صاغ عالمه الروائي بنفس الأسلوب والرؤية". أكد الكفراوي انشغال خيري بالمهمشين وخاصة عمال التراحيل وكان دائماً ينظر إليهم باعتبارهم انعكاساً للحياة المصرية كما أن إحساس خيري بالزمن كان مختلفاً وهو ما دفعه إلي أن يقيم فترة من حياته في المقابر "وذلك هرباً من الزحمة وليس كما يؤكد البعض أنه رغبة خيري في عمل فلكلور وحسب أو إضافة بعض الغرابة إلي تجربته الخاصة، وأذكر أننا عندما عرفنا مكانه في قايتباي وذهبنا إليه، وزاد عدد الزائرين في كل مرة حتي تخطي العدد 15 شخصا، وقتها غضب خيري وقال لي إن البوليس جاء يسأل علينا، فهمت وقتها أنه ضاق بنا لا لشيء ولكن لأنه يحب الهدوء ويخشي الزحمة. الذكريات كثيرة مع هذا الراحل الذي لا أنسي أبداً يوم وفاته، عندما هاتفني الراحل إبراهيم أصلان باكراً وأخبرني بوفاة خيري وذهبنا نحن الاثنين إلي منزله، ولأول مرة شاهدت إبراهيم أصلان يبكي وفي هذا اليوم حصل خيري علي بعض مما يستحق، أثناء تشييع جنازته وعزائه، من حب الناس والأصدقاء الكثر". من جانبه قال الشاعر زين خيري شلبي : " لقد عاش خيري شلبي حياة صعبة ومارس جميع الحرف التي يمكن تخيلها، فكان ترزياً ونجاراً وعاملاً للتراحيل وظل إلي نهاية عمره عاملاً للتراحيل، يعيش كعابر سبيل في هذه الحياة. لقد كان يسعد كثيراً عندما يخبره أحد القراء برأيه في إحدي رواياته، وكان يفرح جداً كأنه ليس ذلك الكاتب الكبير ولم تكن تعنيه المكاسب المادية مطلقاً، ولكن ما كان يشغله ويسعده هو أن تصل كتاباته للقراء حتي وإن خسر في المقابل مكاسب مالية ". وتحدث الشاعر زين العابدين فؤاد عن علاقته بالراحل خيري شلبي وحزنه الذي لم يفارقه حتي الآن لعدم تمكنه من وداعه الوداع الأخير يوم وفاته وأضاف : " لقد كان خيري عاشقاً لشعر العامية وقد خسره الشعر كناقد محنك، فأنا أري أنه إن لم يكن أديباً يكتب القصة والرواية فإنه كان سيصبح ناقداً عظيماً لشعر العامية، ذلك لغرامه به، فقد كان واحداً من مجاذيب فؤاد حداد وكان يعشقه حتي النخاع، وأذكر أنه خاصمني لأسابيع عندما علم بلقائي مع فؤاد حداد أنا ونخبة من المثقفين، ذلك اللقاء الذي استمر ثلاثة أيام بعد خروج فؤاد حداد من المعتقل، وقتها غضب غضباً شديداً لأني لم أخبره ولم أصطحبه معي، ولكني تلوت عليه الكثير من أشعار فؤاد حداد التي سمعناها منه وقتها وكان خيري يسعد بها ويتذوقها وينتظرها بشغف. كان خيري نقياً ذو قلب أبيض لا يغضب إلا أثناء الموقف فقط وبعده ينسي كل ما كان ويعود فيتكلم ويتناقش ويضحك، وكنت أستثيره أحياناً بطريقتي فأقول له: لماذا تغضب من كونك حكاء، أنت حكاء وهذا ليس عيباً.. إني لم أنسَ خيري شلبي ولن أنساه أبداً ".