تتجدد أزمة قصر ثقافة مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، يتواطأ رجال الأعمال بكل سطوتهم لسلب المدينة قصرها الثقافي الجديد الذي خصصت له قطعة ارض بقرار من مجلس الوزراء، وذلك بعد ان فقدت المدينة قصرها القديم الذي كان مقاما علي 4000 متر، بعد أن حكم القضاء مؤخرا لصالح اصحاب المحلات المستأجرة علي واجهته بينما جزؤه الخلفي كان قد صدر له قرار إزالة. القطعة البديلة التي تم تخصيصها صارت فجأة محل نزاع، المتسببون بالنزاع محترفون لايفترض بهم الخطأ ، لكن بناء مول تجاري علي نفس القطعة أهم من الثقافة تلك السلعة البائرة التي تتعامل مع العقول والقلوب ولا تفهم لغة الجيوب التي يجيدها رجال الأعمال الذين ستضع المحافظة يدها علي الأرض لصالحهم ، الألعاب البهلوانية بدأت بالعبث أثناء استصدار قرار مجلس الوزراء رقم 611 لسنة 2014 بتخصيص قطعة الأرض، وعندما حاولت هيئة قصور الثقافة ان تشرع في البناء أوقف مجلس محلي المدينة التراخيص بحجة خطأ الأبعاد رغم انه هو نفسه من ارسل الأبعاد لمجلس الوزراء. الشاعر سعيد عبد المقصود الذي أثار القضية يؤكد أن الرسومات الهندسية معدة بالفعل لتتحول الأرض المعدة لقصر الثقافة إلي مول تجاري يحمل اسم "دمنهور سيتي ستارز"، ويبدو ان وجود مديرية الثقافة علي جزء من الأرض التي تم تحديد بقيتها لتكون قصر الثقافة شكل عقبة منذ البداية في سبيل ان تكون الأرض خالصة لصالح المول التجاري، وهو ما وضع أصحاب العقول الجهنمية من الموظفين في مأزق كان التخلص منه هو المناورة للوصول في النهاية إلي قبول المثقفين ببديل آخر في أي منطقة وهو مايجعل أرض قصر الثقافة خالصة للمول التجاري، ويؤكد عبد المقصود ان البدائل التي طرحت كانت في مناطق شعبية وأفضلها يفصل بينه وبين المسجد ممر 4 مترات، وقد اكدت القوات المسلحة ان تلك الأرض بها عيوب تمنع التنفيذ الهندسي، منها ان بناء قصر الثقافة سيتسبب في غلق واجهة المسجد، إضافة إلي أن الأنشطة داخل القصر الذي سيبني علي هذا القرب قد تتسبب في "الشوشرة" علي الشعائرالتي قامت في المسجد، وعلي الرغم من أنه لا ينبغي الجدال في قضية خصوصية التعامل مع المساجد واحترام الشعائر الدينية، إلا أن السادة الموظفين لا يلتفتون إلي انهم يتسببون في أزمة امن قومي بدعوة صريحة للإرهاب بهذا التفكير المعوج بتخصيص تلك القطعة تحديدا، ويؤكد سعيد عبد المقصود أنه طرح علي المحافظ فكرة اقتصادية متعارف عليها ببناء المول في منطقة جديدة بما سيجعلها منطقة جذب وامتدادا عمرانيا جديدا، كما حدث في منطقة بناء المولات بالأسكندرية، التي أصبحت من اجمل المناطق هناك الان وارتفع سعر متر الأرض بها بشدة، لكن المحافظ الدكتور محمد سلطان الذي يدعي انه يبحث عن المصلحة العامة لم يتخذ قرارا، والموظفون تحت إدارته يقدمون له المعلومات التي تصب في مصلحة تعطيل البناء والمساومة لصالح ان يسلب المول الأرض، بما يضع عشرا من علامات الاستفهام حول موقفهم لصالح المستثمرين، وهو الموقف الذي تحاول المهندسة الادعاء بعدم وجود مصلحة من ورائه بقولها "احنا مالناش ناقة ولا جمل" !!، الرائحة التي تفوح من وراء التلاعب في مساحة الأرض وحدودها من مجلس مدينة دمنهور الذي يعطل الآن الترخيص كنتيجة للتزوير الذي قام به بنفسه، والتلاعب الذي تقوم به ادارة الممتلكات، لأرض قد يصل سعر المتر فيها إلي مائة الف جنيه، واختفاء المسئولين من الاجتماع الذي تم بحضور الشاعر سعيد عبد المقصود لمتابعة الموقف ، كلها امور تشير إلي ان مايدور في الخفاء رائحته تزكم الأنوقف خاصة وان أوراق المول كلها بتواريخ تالية علي تاريخ تخصيص الأرض لقصر الثقافة، كما ألقت لجنة الفتوي بالمحافظة بالكرة في ملعب مجلس المدينة بقولها انه اذا كان مجلس المدينة لايرغب في تسليم الأرض فليعلن عن ذلك صراحة، وأشارت في خطابها إلي وجود مقر مديرية الثقافة بالبحيرة من الستينيات وصحة قرار التخصيص ووجوب تصحيح الابعاد المحددة للمساحة التي تم اقرارها من مجلس الوزراء من مجلس محلي مدينة دمنهور لأنه المسئول عن هذا الخطأ. ولم يقبل المسئولون بالمجلس المحلي الحل الذي اقترحته مديرة التخطيط، بأن يتم خصم المساحة الخضراء، بعرض يزيد قليلا علي عشرة أمتار من الحدود التي وقع عليها مجلس الوزراء وهو مايعني ان الأرض ستصبح أقل في المساحة "مع بقاء المساحة الخضراء خارجها وفي نفس الوقت تكمل المساحة إلي ما نص عليه قرار التخصيص" وبذلك تنتهي مشكلة الفارق بين المساحة بقرار التخصيص وما يدعي مجلس المدينة انه المساحة الفعلية للأرض ويتم التوفيق بين قرار مجلس الوزراء ومساحة الأرض علي الطبيعة، وقد تم رفض هذا الاقتراح أيضا! ويتساءل سعيد عبد المقصود: ما مدي صحة سفر المحافظ لليونان برفقة رجال الأعمال وتعطيل قرار الترخيص لقصر الثقافة عقب العودة مباشرة. وما صحة الحوارات التي تدور الآن مع مجموعة استثمارية عربية لتأسيس مول العرب بدمنهور وعلي كامل مساحة قطعة أرض المعارض دون مراعاة لوجود مديرية ثقافة البحيرة التي أسسها المرحوم وجيه أباظة محافظ البحيرة وقرار التخصيص الصادر لمساحة 1150 مترا لانشاء قصر ثقافة دمنهور. ويتساءل أيضا: من المسئول عن توقيع رئيس مجلس الوزراء علي أبعاد مزورة لاتزيد علي 800 متر، ويضيف أنه من المؤسف أن المحافظ يقوم بدور الذي لا يعرف علي الرغم من أن الهيئة خاطبت المحافظ بسرعة الانتهاء لتسليم قطعة الارض للادارة الهندسية للقوات المسلحة للانتهاء من المبني خلال عام علي أقصي تقدير. وينهي عبد المقصود حديثه بتساؤل مشروع: ما وجهة نظر المحافظ في الصراع بين الارهاب والتنوير وما مشروعه للقضاء علي الارهاب في محافظته وهل يري ثمن قطعة الارض أهم من دعم استراتيجية الدولة لمحاربة الارهاب والقضاء عليه؟ من ناحية أخري أصدرت لجنة الفتوي بالمحافظة خطابا تشير فيه لوجود مقر مديرية الثقافة بالبحيرة من الستينيات وصحة قرار التخصيص ووجوب تصحيح الابعاد المحددة للمساحة التي تم اقرارها من مجلس الوزراء من مجلس محلي مدينة دمنهور لانه المسئول عن هذا الخطأ المقصود. محافظ البحيرة الذي تصدي له الأدباء في مايو الماضي و نقلوا عنه مقولته عندما أراد تحويل قصر الثقافة الي ابراج سكنية "هاخدها مهما عملتوا ولو علي جثتي" ووقتها تراجع وقرر استغلال المبني في إقامة الأنشطة الثقافية خلال شهر رمضان المعظم وعرض إبداعات الشباب والمثقفين من أبناء البحيرة ، هو نفسه الذي يقف موقفا يدعو للتساؤلات الان من كل مايجري بخصوص قصر الثقافة، وقد اصدرت أمانة مؤتمر أدباء مصر بيانا واضحا بشأن تلك الممارسات جاء فيه: ترفض وتدين أمانة أدباء مصر، موقف محافظ البحيرة من قصر ثقافة دمنهور ومحاولة تحويله لمول تجاري وتناشد السيد رئيس الجمهورية بالتدخل لمنع تشدد محافظ البحيرة في هذا الشأن وتعطيله لقرار التخصيص الصادر عن رئاسة مجاس الوزراء 116 لسنة 4102، وتذكر الأمانة أن التعامل مع الثقافة علي أنها ترف أو ترفيه أدي بمصر للسقوط في منحدر التطرف والإرهاب، كما أدي لغياب قيمنا الأصيلة وانجراف المجتمع بين مطرقة الإرهاب وسندان غياب قيمنا وهويتنا والتأثر بثقافات العولمة التي تهدف لانجرار شبابنا لأفكار تعد شاذة عن هويتنا المصرية ، وتصر الأمانة علي موقفها من رفض تحويل قصر ثقافة البحيرة من مركز إشعاع حضاري منتج للإبداع والأفكار لسوق تجاري للقطاع الخاص ولرجال الأعمال غير منتج بل يروج لمفهوم الاستهلاك.