"قمع العسل، دوم، جوافة، نداغة، رمان، لب أسمر ولب سورى، فول سودانى"، أطعمة بسيطة ولذيذة تجذب تلاميذ المدارس، ويتهافتون على شرائها أثناء دخولهم إلى المدرسة أو انصرافهم منها أو أثناء فترة الفسحة، حيث يمدون أيديهم عبر السور الحديدى لتناولهم أحلام خلف ما يطلبون ولا يزيد قيمته عادة عن جنيه واحد. وتقول أحلام التى تجاوزت الخمسين من العمر بقليل" أنا أم لخمسة أبناء أكبرهم 17 سنة والأصغر 12 سنة، وزوجى متوفى، وليس لى معاش لأن زوجى كان على باب الله، ووصف لى أهل الخير أن أجلس بصينية أمام المدرسة الابتدائى فى منطقتنا أضع عليها بعض الفاكهة رخيصة الثمن، أو التسالى التى يجبها الصغار، وهذا يوفر لى ولأطفالى قوت يومنا بالكاد، وإن كنت لا أجد مورد آخر يأكلنى ويشربنى أنا وأولادى غير هذه البضاعة اللى بقروش بسيطة، وفى بعض الأحيان تأتى ابنتى بوسى "بفرشتها" وتجلس بجوارى ومعها التفاح بالعسل التى قامت بإعداده فى البيت، حيث تحضر التفاح الصغير وتسقطه فى عسل أسمر وشربات ثم تقوم بنشله، ومجرد أنها تأتى إلى المدرسة يندفع عليها الأطفال بحثا عنه، والمبلغ الذى تحصل عليه يساعدها فى تجهيزها لأنها مخطوبة". وتضيف أحلام،" أن أصعب الأيام التى تمر على أسرتى هى فترة الإجازة الصيفية، ونصف العام، حيث لا يكون هناك زبائن وأتنقل بين بيتى وأول الشارع الذى أسكن فيه حتى أبيع ما أتيت به من بضائع، وكل ما أتمناه كشك صغير فى أحد شوارع إمبابة علشان أكون قريبة من بيتى، علشان أقدر أربى عيالى، خاصة أنهم لم يكملوا تعليمهم لأن الأيد قصيرة، وكمان يبقى له رخصة، والبلدية ترفع أيديها عننا بدل ما كل شوية تيجى وتاخدى بضاعتى وتروح فلوسها على، وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم لأنهم لسه ما جوش السنة دى، وإن كانت ناظرة المدرسة كل يوم تهددنى أن مش هفرش هنا تانى".