هل العجز أصبح هو سمة المشهد السياسى الآن فى مصر بعد فشل كل الأطراف فى الخروج من الأزمة السياسية التى تعصف بمصر؟؟؟ أم أن الانسداد السياسى وضيق الافق وفقدان الرؤى السياسية لدى معظم السياسيين وعلى رأسهم النخبة السياسية هى المشكلة بعد أن تحول المشهد السياسى إلى أقرب ما يكون إلى مشهد عبثى أو فوضوى، يتنازع فيه الأسرى الثلاثة المعارضة والإخوان والرئاسة كأساً واحدة من الإصرار والتعنت يتناوبون عليها حتى أصبحوا ضحايا لمواقفهم أو بالأحرى أسرى لعنادهم وضعفهم. لم يستطع الأسرى الثلاثة تغليب مصلحة الوطن على تنازعهم عليه، وهم فى ذلك أقرب ما يكون إلى امرأتين تتنازعان على بنوة رضيع عندما أتيا إلى سليمان عليه السلام وأصرت كل منهما على أحقيتها فى الطفل فلم يجد سليمان عليه السلام إزاء هذا الإصرار من أن يحكم بأن يشطر الرضيع إلى نصفين وتأخذ كل واحدة منهما شطراً من الرضيع وعلى الفور صاحت أحدهما وقالت لسليمان أنا أتنازل عن الرضيع للأخرى!!! وهنا عرف سليمان أنها هى الأم الحقيقية لهذا الرضيع فأمر لها بالرضيع على الفور. ففى حين ترفض المعارضة دخول الانتخابات البرلمانية القادمة وترى أن الظرف السياسى للبلاد غير ملائم لإجراء الانتخابات البرلمانية ترى أنه لا مانع أبدا من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة !!! الأمر الذى يصيبك بالحيرة والارتباك ولا تجد له تفسيراً مقبولاً، الأغرب من ذلك هو دعوة المعارضة للجيش للنزول مرة أخرى واستلام زمام الأمور فى البلاد، الأمر الذى يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن المعارضة لا تسعى إلا للسلطة وبكل أسف دون مراعاة للصالح العام ودن مراعاة للظرف الاقتصادى فى البلاد. الشىء المؤسف أن المعارضة أصبحت أسيرة للعجز والرفض والمقاطعة فلا تمتلك سوى المقاطعة والرفض والامتناع، وإذا كانت المعارضة تسعى حقاً من أجل أن إرساء قواعد الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة، فإنه يجب عليها أن تفعل كل قواها السياسية فى الانتخابات البرلمانية القادمة من أجل حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد، ومن ثم تصبح رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه أو إهماله أو التلاعب به من قبل حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين فى البرلمان، عدا ذلك فهو إفلاس سياسى بلا جدال. على الجانب الآخر نجد أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت هى الأخرى أسيرة للصندوق، والتى تكاد تكون على يقين من حسم الأمر لصالحها وكأن المشهد السياسى كله اختزل فى صندوق الانتخابات!!! فاحترفت مشهد الصندوق بينما فى الواقع هناك مشهد سياسى متأزم للغاية فهى لم تحاول أبداً احتواء الآخر وإتاحة الفرصة للطرف الثانى للاستفادة منه ومن قدراته بدلا من الاقصاء والاستبعاد له، وذلك على اعتبار أنها من تمسك بتلابيب السلطة ومقاليد الأمور، نظرا لثقل حجم الأعباء وجسامة المسئولية. الطرف الأخير فى هذه المعادلة هو مؤسسة الرئاسة وبالتحديد الرئيس مرسى الذى أصبح هو الآخر أسير لدى المعارضة ومن ثم وضع نفسه داخل إطار ضيق من خلال الأحاديث التلفزيونية الممنتجة !!! ومن ثم لا أعرف لماذا وضع نفسه فى هذه الوضعية الصعبة؟؟ ولماذا لا يخرج يعبر عن رؤيته من خلال تحديد أولويات الفترة الحالية وما تقتضيه من إصلاحات اقتصادية تمس حياة المهمشين؟؟ وهم كثر، وكان بالأحرى بدلا من أن يتنازع الأسرى الثلاثة بما فيهم الرئيس على بنوة هذا الوطن أن يتنازلوا ولو حتى الرئيس من جانبه من أجل هذا الوطن.