سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معهد أبحاث أمريكى ينظر بتشاؤم للوضع فى مصر.. ويؤكد: احتمال فشل الدولة يشغل حيزا واسعا من نقاش المجتمع الدولى.. ويدعو واشنطن للتخلى عن دعم الإخوان ومساندة الفقراء.. وضمان عدم تسرب الأسلحة للإرهابيين
أكد المعهد اليهودى لشئون الأمن القومى بالولاياتالمتحدة، أن احتمالية فشل الدولة فى مصر أمر يناقشه المجتمع السياسى الخارجى على نطاق واسع، إذ أن الأزمة الاقتصادية فى مصر تقود انتباه محللى السياسة الخارجية. وقال ديفيد جولدمان الزميل بالمعهد، فى تقريره، إن هناك اتفاقا فى الآراء بأن المجتمع الدولى ليس لديه خيار سوى أن ينأى بنفسه قليلا عن حكومة الدكتور محمد مرسى، ويقلل من رهانه على جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى تحذير مجموعة الأزمات الدولية، الصادر 4 فبراير الجارى بشأن الوضع فى مصر. وكانت "مجموعة الأزمات" حذرت فى بيانها قائلة إنه فى ظل غياب الرؤية المشتركة لأسس النظام السياسى فى المستقبل، فإن الإسلاميين يضغطون من أجل فرض وجهة نظرهم، بينما يحاول المعارضون إفساد هذا، وهذا يؤدى إلى القول بأنه كلما دعت المعارضة للإطاحة بمرسى، كلما أيدت قناعة الإسلاميين أنهم لن يعترفوا بحقهم فى الحكم، وكلما سيطر الإخوان على مزيد من المناصب، كلما أيدوا اعتقاد البعض فى مخططاتهم الاحتكارية للسلطة، وهو ما يقوض حكم أى طرف. وأشار جولدمان إلى أن المشكلة هى أن توافق الآراء أصبح مجرد حديثا حرفيا، وتظل الأزمة الاقتصادية هى التهديد الأكبر لمصر فى ظل الحاجة إلى تطبيق إجراءات التقشف التى يراها الفقراء فى مصر فى حد ذاتها تهديدا لحياتهم. ويشير تقرير المعهد إلى أن الولاياتالمتحدة تجد نفسها فى أسوأ وضع ممكن، فهى تدعم حكومة الإخوان المسلمين بشكل لا لبس فيه علنا، بينما تحثهم سرا على تبنى إجراءات التقشف التى تضمن عدم قدرتهم على الحكم، بينما لن يقبل المجتمع الدولى إنفاق 60 أو 70 مليار دولار على مدار السنوات الثلاث المقبلة، للحفاظ على بقاء مصر واقفة على قدميها. وأضاف أن محاولة صندوق النقد الدولى لتحجيم متطلبات مصر المالية يضع عبئا سياسيا صعبا على حكومة مرسى. وفى تحليل أشد حرجا للإدارة الأمريكية، يقول جولدمان، إن سياسة الولاياتالمتحدة تساهم فى فشل الدولة، فلقد أصبحت واشنطن جزءا من الحلقة المفرغة، وتخاطر بأن تصبح متهمة بأنها سبب هذه الحلقة المفرغة التى تدور فيها مصر. ويقول التقرير إنه ما لم تكن هناك بدائل جيدة، فعلى الولاياتالمتحدة أن تختار البديل الأقل سوءا، ويرى أنه ينبغى على السياسية الأمريكية أن تسترشد بمصالحها، فقد لا يكون بإمكان المجتمع الدولى تفادى فشل الدولة المصرية، دون التزام هائل ومستمر بالمساعدات المالية التى تبدو خارج نطاق الإمكانية السياسية، وطالب التقرير الولاياتالمتحدة، على الأقل، بالسعى إلى منع تحول الأزمة المصرية إلى كارثة أمن إقليمى، قائلا "باختصار ينبغى على الولاياتالمتحدة أن تبذل قصارى جهدها لمنع الإرهابيين من استغلال عدم الاستقرار السياسى فى مصر، وإجهاض أى محاولة لحل الأزمة فى البلاد، مع اتخاذ خطوات بالتعاون مع المجتمع الدولى للتخفيف من الكوارث الإنسانية المتزايدة". وأضاف أنه لا توجد سابقة مؤخرا لإدارة فشل دولة فى حجم وأهمية الإقليمية لمصر، كما أنه من الصعب تحديد الاستجابات السياسية المسبقة، لكن يمكن للولايات المتحدة إدارة الأزمة عبر عدة خطوات تتمثل فى: أن تنأى بنفسها عن الأحزاب التى ينظر إليها على أنها المسئولة عن فشل الدولة، فسياسة أمريكا تجاه حكومة مرسى أصبحت أكثر إحراجا ومسئولية، وسواء كانت حكومة مرسى تتحمل مسئولية الانهيار الاقتصادى أو كان الحكم العسكرى على مدار 60 عاما فهذا متروك للمؤرخين، لكن لا ينبغى على الولاياتالمتحدة أن تتحمل هذه المسئولية، كما لا ينبغى على واشنطن تأييد أى حزب سياسى أو مؤسسة فى هذه الفترة الفوضوية والاضطرابات الاجتماعية. وبدلا من ذلك فيجب عليها التأكيد على دعم التعددية الديمقراطية والأسواق المفتوحة والشفافية المالية، والتأكيد بشدة ودون لبس على أن الميول المعادية للغرب فى الحكومة المصرية، بما فى ذلك التصريحات المثيرة عن إسرائيل من قبل الرئيس مرسى ومستشاريه، تقوض ثقة العالم فى مصر وتعمل على تفاقم الأزمة الاقتصادية. ويتابع التقرير أنه ينبغى على واشنطن أن تضع خطط طوارئ بالتعاون مع الجيش المصرى لمنع تعطل حركة المرور فى قناة السويس، وأن تعمل مع القيادة العسكرية فى مصر على ضمان عدم تسرب الأسلحة لأيادى عناصر معادية للمصالح الأمريكية، وهذا يتطلب تعليق مبيعات الأسلحة لمصر حتى يتم استقرار الوضع السياسى للمستوى الذى يرضى الأمريكان، مضيفا "يجب على الجيش المصرى أن يدرك أن التعاون العسكرى فى المستقبل يعتمد على تعاونه فى الأزمة الحالية، فمن شأن فشل الدولة على مستوى الفشل فى ليبيا وسوريا أن يكون له انعكاسات أمنية خطيرة للمصالح الأمريكية إذا ما تسربت الأسلحة التقليدية المتطورة لدى ترسانة مصر الكبيرة، إلى حماس أو غيرها من المنظمات الإرهابية، وينبغى أن يشمل هذا التعاون تدابير استثنائية لمراقبة حدود مصر". ويمضى المحلل الأمريكى بالقول إنه ينبغى على الولاياتالمتحدة وحلفائها أن توضح التزامها نحو الحفاظ على سلامة حدود مصر الشرقية والجنوبية، واتخاذ تدابير واضحة لا لبس فيها للإشارة إلى جميع الأطراف المعنية بأن هذا الالتزام جدى، ويشمل هذا تحذير إيران وحلفائها بأشد لهجة ممكنة من عدم الاصطياد فى الماء العكر فى مصر، ولابد من أن تعمل واشنطن مع الوكالات الدولية للإعداد لاحتمال سعى أعداد كبيرة من المهاجرين المصريين ربما يسعون لطلب اللجوء للهروب من الظروف الاقتصادية القاسية. ويذهب جولدمان بعيدا نحو نظرة أكثر تشاؤما للوضع فى مصر، قائلا إنه يجب التنسيق مع وكالات الإغاثة الدولية لتوفير الإمدادات الغذائية الطارئة، بشرط أن يبقى توزيع المواد الغذائية تحت السيطرة المباشرة للمنظمات الدولية، وينبغى أن ينظر للولايات المتحدة على أنها صديق للفقراء المصريين فى وقت الحاجة الماسة، بدلا من أن تكون دعامة لحكومة غير كفء لا تحظى بشعبية. وهذا النوع من إدارة الأزمة لا يهدف لإنهاء الأزمة، فهذا ليس فى سلطة الولاياتالمتحدة، وإنما تهدف كل خطوة لمنح أمريكا المزيد من حرية الحركة والمصداقية للعمل فى المرحلة المقبلة من الأزمة، وهذا نوع مختلف من التفكير الذى يتطلبه المأزق فى مصر.