للمرة الثانية على التوالى، أثارت إشكالية "ربوية القروض" من عدمها جدلاً تحت قبة مجلس الشورى بين حزبى "الحرية والعدالة" – الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور الذراع السياسى للدعوة السلفية، أثناء مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنتى "الإسكان والمجتمعات العمرانية" ومكتب لجنة الشئون المالية عن قرار رئيس الجمهورية بشأن الموافقة على اتفاقية قرض مشروع تزويد مدينة نصر بمياه الشرب بين حكومة جمهورية مصر العربية والصندوق السعودى للتنمية، انتهت بالموافقة على القرض، بعد أغلبية أخوانية. حزب النور طالب بشكل واضح، عرض الاتفاقية على هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف لمعرفة ما إذا كانت مثل تلك القروض "ربوية" من عدمها، وهو نفس الموقف الذى اتخذته الهيئة البرلمانية لحزب النور أمس، أثناء مناقشة اتفاقية بنك الاستثمار الأوربى بتقديم 60 مليون يورو قرض ومنحة للصندوق الاجتماعى، وكذلك حزب البناء والتنمية توافق كلياً مع منظور حزب النور. وأعلن الدكتور على عبد التواب، عضو مجلس الشورى عن حزب النور، رفضه للقرض موضحاً أن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسم - لعن أخذ الربا غير أن الدين كان سبباً فى احتلال مصر أيام الخديوى توفيق، قائلاً: "استحلفكم بالله ألا نطعم شعباً حراماً". وتابع عبد التواب، خلال الجلسة المسائية لمجلس الشورى اليوم الاثنين، "على الحكومة ترشيد الأنفاق بحيث يكون مع كل وزير سيارة واحدة فقط"، مضيفاً: "هل تعلمون أننا استوردنا ب250 مليون دولار ياميش السنة الماضية". وقال النائب أحمد الراوى، عضو المجلس عن حزب النور: "لا فارق بين قرض أوربى أو سعودى كلها بفائدة"، فعلق الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى: "أرجو من النواب الخروج من الجدل الفقهى.. أحنا مش فقهاء"، فتابع الراوى: "لذلك أطالب بعرض الأمر على الأزهر للنظر فى أمر ذلك، فإذا كان ربا فنحن فى غنى عنها". وحاول النائب طاهر عبد المحسن النائب عن حزب الحرية والعدالة، تبرير عدم مخالفة القرض للشريعة الإسلامية، قائلا إن المادة الرابعة من الدستور تنص على أنه يؤخذ رأى الأزهر الشريف فى الأمور التى تتعلق بالشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذى أغضب نواب حزب النور وردوا عليه بأن القرض يتعلق بصميم الشريعة الإسلامية، خاصة أن القرض ربوى، فرد طاهر عبد المحسن بأن القرض غير ربوى. واستمر الجدل حول القرض، وتدخل الدكتور صفوت عبد الغنى النائب عن حزب البناء والتنمية، والذى أكد أن القرض لا يندرج تحت بند الضرورة، لأن 200 مليون جنيه تستطيع الدولة جمعها من مدينة نصر، وبها نسبة فائدة مخالفة للشريعة. وهنا وقف النائب عصام العريان وطلب الكلمة مستعينا بنسخة "الدستور"، فمنح الدكتور أحمد فهمى الكلمة له، وقال العريان: "لقد درست شريعة إسلامية وقانون، وهنا أنا نائب فقط أمارس دورى التشريعى بدون رأيى الفقهى فى القضايا المختلفة والمادة الرابعة فى الدستور لا تنص على إحالة القضايا إلى الأزهر الشريف لأخذ الرأى، وإنما تنص المادة على أن رأى الأزهر استشارى فقط، وتابع: "الجانبان الموقعان على الاتفاقية ملتزمان بأحكام الشريعة الإسلامية". وأضاف العريان: "نريد أن نصل لوضع اقتصادى يمكن الوطن أن يكون اليد العليا ويساعد جميع الجهات التى تحتاج لمساعدة"، مضيفاً: "جميع النواب يعلمون الحاجة الماسة لتمويل البنية التحتية فى مصر وصلت لحد الاقتراض، أمل أن تنظروا للمسألة من جميع جوانبها". وطالب العريان من النواب، أن يقرأوا الدستور جيدا ومضابطه لفهم المواد بشكل جيد، غير أن النائب عبد الله بدران، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور بالمجلس، اعترض وطلب الكلمة ورد على العريان قائلا: أرجو من الدكتور العريان أن يقرأ هو الدستور جيدا ويعمل به بدلا من أن يوجه لنا النصيحة، فهو طلب الكلمة مستندا للدستور وكان الأولى عليه أن يتحدث فى مواد الدستور، ولكنه ألقى خطبة عصماء على المجلس. وتابع بدران حديثه: "كنت آمل عندما يتاح الفرصة للحكومة ذلك الأمر، أن تلتفت للأماكن الأشد فقراً، فمدينة نصر من أرقى المناطق نسبياً بالنظر لمن يشربون مياه المجارى"، مضيفا: "فعلا هناك ألفاظ اُستخدمت قد تمس بقدر من السيادة المصرية للإشراف على المشروعات ولكن ذلك سبيل المضطر". واقترح بدران، حلاً لجدل "ربوية القروض" من عدمها أن تعرض أى اتفاقية تأتى للمجلس تتعلق بالقروض على هيئة كبار العلماء بالتزامن مع مناقشتها فى اللجنة المختصة، على أن تكون هيئة كبار العلماء منوطة بإعطاء الكلمة الأخيرة فى ذات الموضوعات". وهنا علق الدكتور أحمد فهمى بقولة: "لقد رد الدكتور عصام العريان على ذلك الأمر بالأمس بقوله إن المحكمة الدستورية هى التى تحيل لهيئة كبار العلماء إذا رأت نصاً مشكوكا فى مخالفته للشريعة الإسلامية"، وانتهى الجدل الفقهى بين حزبى الحرية والعدالة والنور بالتصويت لصالح القرار وسط رفض حزب النور.