سألنى طفلى اليوم، هل دخل المحتل الأرض، فقد درست بتاريخى أن بلادى دُرة، تُغرى الطامعين، ورأيت فى التلفاز حشودا ودماء والخوف على كل الأبواب وخرج أخى بالأمس وعاد ملفوفاً بالأعلام، وقلتى إنه فى الجنة حى، ويرانى لكنى أعلم أنه قد مات فعيونى لم تعد تراه، وأشياؤه لم تعد تمس واختفت كل الألوان إلا لونان فالطرقات طلوها بالأحمر وأراك وكل نساء مدينتنا باللون الأسود، فهل دقت أمى طبول الحرب هل جاء عدو مرتد أم خرج يأجوج ومأجوج من السد؟ أخرسنى السؤال فالجواب حاد كحد السيف، لاذع كضرب السوط، فغرقت فى الصمت والبكاء، فالدموع برغم حرارتها تطفئ نيران المكلوم، على الولد وعلى الأوطان، فهل لدى أحدكم جواب معلوم؟ يا وطناً أصبح يتقن غزل الموت، ويتفنن فى نسج المر، من خيوط العنكبوت وفتح الباب على مصراعيه للأباطرة والقراصنة وأبناء الشيطان وللطاغوت... يا وطناً أعاد استنساخ هولاكو وأحيا دراكولا من الموت، ويبيد الحر ويريدنا كلنا عبيدا. آه يا شعباً يستعجب منه ملك الموت، قد كان يخيفكم وتهربون منه بالأمس، فما بالكم اليوم تُرهبونه وتهرولون إليه، وعاد هابيل وقابيل يملآن الأرض والغربان تحفر فى القبور كل يوم، وتمزق أربطة الأخوة والأحبة وأطلقنا الذئاب تنهش فى الأجساد والأعراض وأصبحنا كلنا خونة وقتلة وشياطين خرس والتصق الحق برحم الباطل واختلط الحابل بالنابل. عجبا لنا اعتدنا لون الدم، ونثر الكره، وغيبنا العقل، ونزعنا القلب وأرهقنا ملك الموت، حتى أكاد أسمعه يستجدى صبراً، أريحونى ولو ليلة فقد أدميتم قلبى الصلب. بالله عليكم التزموا الصمت كفوا عن هذا الكر، وهذا الفر بالله عليكم اعتذروا لطفلى واعتذروا لملك الموت.