«الفقر والجهل وغياب الثقافة الصحية أشباح تحاصر أهالى قرى محافظة الجيزة، وتزيد من نسبة إصابة أطفالهم بإعاقات مختلفة غالبيتها تتمثل فى حالات شلل دماغى أو ضمور فى المخ» هكذا فسر الدكتور عادل حسن، مدير مركز كفر حكيم الصحى، أسباب زيادة الأطفال المعاقين بهذا الشكل، قائلا: إن المراكز الصحية هنا تقوم بدورها قدر الإمكان ونقوم بإعطاء جرعة التطعيمات اللازمة للمرأة الحامل، ونتابع الأم من أول يوم للحمل، حتى أن تضع مولودها، وذلك بناء على تعليمات من وزارة الصحة، وأعتقد أن هذه هى أكثر الخدمات التى تقدمها تلك المراكز، ولكن هذا لا يعنى أننا لا نعانى من نقص فى خدمات أخرى، فنحن لا نملك على سبيل المثال وحدات للولادة، وبالتالى تضطر الأم لوضع جنينها فى وحدات خارجية أو فى المنزل من خلال «الداية»، وبالتالى تحدث مشاكل كثيرة أثناء عملية الولادة. ويتابع: بعض الأمهات ترفضن الخروج من المنزل والمتابعة فى المركز الصحى، أو أخذ التطعيمات اللازمة وهذا يعكس غياب الثقافة الصحية لديهن، ولقد خصصنا ممرضات لإحضارهن من المنازل، ولكن رغم ذلك هناك نساء يتغيبن عن الحضور، وعن مشروع العلاج الذى تتلقاه المرأة الحامل يقول حسن: المرأة الحامل متابعتها فى المركز عبارة عن إجراء تحاليل rh، وتحاليل الهيموجلوبين، ونسبة السكر والزلال وقياس الضغط والوزن، وتطعيم ضد التيتانوس، ويضيف: «السبب أيضا فى هذه الأعداد المتزايدة يرجع إلى تدخل غير المتخصصين فى المجال، أو نتيجة زواج الأقارب، والناس ماشية بالبركة». الدكتورة علا كامل، أخصائى رعاية أطفال بمستشفى أبوالريش للأطفال، تلفت الانتباه لضرورة متابعة المرأة أثناء فترة الحمل وأهمية تناولها للتطعيمات اللازمة، وذلك حتى يستطيع الطبيب المتابع تحديد حالة الجنين الصحية ووزنه والوقوف على أى مشكلات من الممكن أن تواجه الأم أو الجنين، وأكدت كامل أنه فى حالة استمرار غياب الوعى الصحى لدى سيدات تلك القرى فنحن سنواجه أعدادا لا حصر لها من أطفال ذوى الاحتياجات الخاصة. يبلغ عدد المعاقين فى مصر 14 مليون معاق، وفقا لأحدث إحصائيات المجلس القومى للإعاقة ومنظمة الصحة العالمية، وقد ثار معاقو مصر بشكل ملحوظ مؤخرا لإدراج مادة فى الدستور تلزم الدولة بتوفير الرعاية اللازمة لهم فى كل المستويات، وهو ما حدث بالفعل فى المادة 72 من الدستور الجديد، والتى نصت على أن تلتزم الدولة برعاية ذوى الإعاقة صحيا واقتصاديا واجتماعيا وتوفر لهم فرص العمل وترتقى بالثقافة المجتمعية نحوهم وتهيئة المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم، وجميعها التزامات وأمور يحلم المعاقون بأن تتحول من مجرد حبر على الورق إلى واقع ملموس يعيشونه. مصير مجهول تنتظره كل امرأة بمجرد علمها بأنها حامل، فلا تعلم إن كان المولود الذى ستضعه سيضاف لقائمة المعاقين فى قريتها. أم أنه سيصبح شخصا طبيعيا قادرا على الحركة والكلام والتفاعل مع المجتمع، هذه هى التساؤلات التى طرأت على ذهن أم هاجر وعلى، الطفلين المعاقين لأسباب وراثية، تقول الأم واضعة يديها على رأس طفليها، هاجر تبلغ من العمر سبع سنوات، ولكن من يراها يشعر أنها لم تتجاوز بضعة أشهر بسبب ندرة حركتها وضآلة جسدها، عندما أنجبتها بشكل طبيعى فى المنزل فأنا لم أتابع يوما أثناء حملى عند طبيب، لاحظت أمى بعد بضعة أشهر أنها لا تتحرك كالأطفال الطبيعيين، فذهبت بها لمعهد شلل الأطفال وقالت لى الطبيبة أن سبب إعاقتها وراثى. وتتابع: نفس الأمر تكرر مع شقيقها «على» الذى يبلغ الآن أربع سنوات، وترددت به على مستشفيات كثيرة وانتهى الأمر بتشخيص الحالتين على أنهما ضمور فى المخ وتشابه جينات الأم والأب، رغم أننا لسنا أقارب، ووسط كل هذا أنجبت شقيقتهما الوسطى ولكنها الحمد لله طبيعية لم تشك من أى شىء. نوعية العلاج الذى يتلقاه الطفلان ممثلة فى جلسات العلاج الطبيعى التى تقدمها إحدى الجمعيات الخيرية، بتكلفة رمزية، ولكن هذا لا يمنع أن الأم تتحمل شهريا علاجا آخر يصل إلى 340 جنيها للطفلين تتحصل عليهما بصعوبة بالغة. طارق زغلول المدير التنفيذى للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، يقول إنه مازالت حقوق ذوى الإعاقة مهدرة، رغم أن القانون المصرى للمعاقين أثبت حقهم فى ال5% تعيين بالمصالح الحكومية، ولكن للأسف مازالت تلك الفئة تلقى قليلا من الاهتمام ولا تتمتع بحقوقها، مقارنة بأى فئة أخرى وشدد زغلول على ضرورة توفير الرعاية الكاملة لتلك الفئة دون تمييز، سواء من حيث الخدمات التعليمية أو الصحية، حيث يجب أن يشترط على كل مركز أن يوفر فى مناطقه وقراه عددا من المدارس والمستشفيات والمراكز العلاجية الخاصة بهم. ويتابع: حقوق ذوى الإعاقة المهدرة لا تتوقف عند قرى محافظة الجيزة وحدها، ولكن فى الجمهورية بأكملها وخاطبنا كثيرا الجهات المختصة عن توفير فرص عمل لهم وتعيينهم، فكانت النتيجة أن تلك الجهات تعرض المال عليهم مقابل المكوث فى منازلهم فى محاولة منها لعزلهم عن العالم المحيط بهم.