لم يكن إعلان د. جودة عبد الخالق، وزير التضامن والعدالة الاجتماعية، موافقته على زواج المعاقين ذهنيا من خلال إطار قانونى ودينى هو الإعلان الأول عن موافقة رموز المجتمع على زواج المعاقين ذهنيا، فقد استمر الجدل حول هذا الموضوع منذ أصدر الدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية فتوى تبيح للمعاقين ذهنيا الزواج قياسا على إباحة الشريعة الإسلامية الزواج للمجنون، لما فيه من مصلحة للمعاق الذي يشعر بالشهوة والعاطفة والذي يحتاج إلي سكن ونفقة ورعاية مثل بقية البشر . أوضح الدكتور على جمعة فى فتواه أن زواج المعاق من الحقوق الملحة له طالما يتوافر فيه الأركان الصحيحة للزواج، فإن كانت الشريعة الإسلامية قد أباحت زواج المجنون من مجنونة فزواج المعاق إعاقة عقلية بسيطة جائز من باب أولي، ولا حرج فيه طالما محاطاً بالحرص علي مصلحته محفوفاً برعاية منافعه . والأصل أن القائم علي رعاية المعاق ذهنياً والوالدين أوأحدهما تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة، فإن كان الزواج في مصلحته من الناحية النفسية أو الصحية أو حتى المادية فلا يجوز شرعاً الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو قريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات والروابط التي تنظم حياة هؤلاء المعاقين . وأشار جمعة إلي أن تأخير زواج المعاقين ذهنياً وتأخير جلب المصلحة لهم، حيث توافرت مقدماتها، فيه تقصير وإثم بقدر تحقق تخلفهم عن توصيل هذا الخير الذي يغلب علي الظن حصوله للمعاقين، موضحاً أن من يقوم بتحديد المصالح البدنية والنفسية من هذا الزواج هم الأطباء المتخصصون، وعند الاختلاف والنزاع في كون الزواج مصلحة للمعاق من عدمه يتم اللجوء للقضاء لرفع هذا النزاع. مشروط بالأهلية القانونية ويؤيده في الرأي مصطفي كمال مسئول برنامج الإعاقة بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، حيث يرى أن زواج المعاقين ذهنيا يحتاج إلى رأى الطب، ويؤكد أنه من الصعب أن يتم اتخاذ قرار أو فتوي واحدة بإجازة زواج المعاقين ذهنيا، لافتا أن هناك حالات من المعاقين ذهنيا يمكن أن يتزوجوا وفقا لدرجة الإعاقة وعدم خطورتها . وفيما يخص الاتفاقية الدولية لحقوق المعاقين يوضح كمال أنها لم تنص على أهمية زواج المعاقين ذهنيا أو عدم أهميته، لكنها نصت على الأهلية القانونية التى تؤهل المعاق للزواج، وأنه إذا توافرت تلك الأهلية فيجوز للمعاق عندها أن يتزوج . وحول تصريحات وزير التضامن والعدالة الاجتماعية يتساءل مسئول الإعاقة عن التسهيلات التى سوف تقدمها الوزارة لزواج المعاقين وكيفية دعمها لهذا الزواج ؟ ومسموح للإعاقات البسيطة على الصعيد الطبى يرى د. عادل عاشور، أستاذ طب الأطفال والوراثة بالمركز القومي للبحوث، أن الإعاقة الذهنية درجات بسيطة ومتوسطة وعميقة وخطيرة، ومن يصلح للزواج فيهم هم المعاقون ذهنيا بدرجة بسيطة فقط ويكون الزواج تحت إشراف الأهل. ويرفض عاشور أن يحدث زواج بين طرفين معاقين ذهنياً من الدرجة الخطيرة، مشيراً إلي أنه من حسن الحظ أن أغلب المعاقين يكون لديهم قصور في الإنجاب، لكن هذا لايمنع أن هناك البعض منهم لديه القدرة علي إنجاب أطفال طبيعيين. ويلفت إلى أن إجهاض المرأة الحامل المعاقة غير شرعي، وأنه في حال معرفة الأهل أن الزوجة ستنجب طفلا مشوها لا يحل لهم إجهاضها، موضحا أن احتمالات إنجاب أطفال مشوهين واردة في زواج المعاقين ذهنيا . أما الدكتور سيد جمعة، مستشار التأهيل الاجتماعي، فيرى أن أغلب زيجات المعاقين غير ناجحة ويكون الهدف منها الاستغلال والمنفعة ولاسيما إذا كان العريس ثريا. وأن الذين يعانون من هذا النوع من الإعاقة لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. ويشير إلى أنه عاين بنفسه بعضا من هذه الحالات غير الناجحة، وأنه في إحدى الحالات تم تزويج فتاة معاقة من شخص شاذ جنسيا عانت معه الأمرين دون أن تستطيع الشكوى أو حتى فهم ما يحدث لها. محمية زوجية وفى هذا الإطار أعد المركز القومى للأمومة والطفولة دراسه حول زواج المعاقين ذهنيا تضمنت مجموعة من التوصيات لتجنب الكثير من المشاكل التي تؤدى لفشل توافقهم الاجتماعي والزواجي، من بينها ضرورة إقامة برنامج تدريبي للمعاقين ذهنيا لرفع توافقهم الزواجي وتأهيلهم لهذه الحياة بمسئولياتها المختلفة، مع ضرورة توعية القائمين على تدريبهم بكيفية تعديل السلوك الجنسي عند المعاق ذهنيا. كما أوصت الدراسة بإقامة ندوات لآباء وأمهات المعاقين عقليا بهدف توعيتهم بكيفية التعامل مع أولادهم في سن المراهقة، مع إقامة برامج لتوعية المجتمع كله بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا يتسبب المجتمع بإصابتهم بالانعزالية والإحباط. وتمنت الدراسة في توصياتها أن تقام قرية محمية للمتزوجين من المعاقين عقليا خاصة الذين يعانون من حالات تدني التوافق الزواجي، وأن يكون هناك قائمون على رعايتهم وتوعيتهم وتدريبهم، ربما قد يصلوا لدرجة عالية من التوافق مما يؤدي إلى استقلالهم فيما بعد عن القرية .