يرى عدد من خبراء الاقتصاد أن استمرار إغراق السوق المصرية بسلع رخيصة الثمن سيؤدى إلى تسريح العمالة فى الصناعات والمهن المحلية وزيادة معدلات البطالة وتراجع حجم الإنتاج القومى والتأثير السلبى فى ميزان المدفوعات وانخفاض قيمة الجنيه المصرى لزيادة الواردات عن الصادرات مما يتطلب خطة لمواجهة غزو البضائع الصينية للسوق المصرية. وطالب الخبير الاقتصادى أحمد جلال بضرورة فرض ضريبة مضادة للإغراق التى تلغى أصل المنافسة فى السلعة المستوردة، وكذلك فرض جمارك إضافية عليها حتى تصبح السلعة غالية الثمن ولا تحدث فرقا كبيرا فى الأسعار بينها وبين المنتجات المحلية. وأكد على ضرورة تفعيل دور جهاز مكافحة الدعم والإغراق التابع لوزارة التجارة الذى أنشأ بعد اتفاقية التجارة العالمية، مضيفا أن الضريبة التى تفرض تختلف من سلعة إلى سلعة، ولكنها تتراوح بين 10 و %20. وقال: «إن مسؤولية ظاهرة إغراق الأسواق المحلية بالسلع الرديئة والتى يتم استيرادها من مناشئ غير معروفة عالميا تتحملها الحكومة لعدم فرض سيطرتها الكاملة على المنافذ الحدودية وغياب التشريعات القانونية التى تحد من اتساع هذه الظاهرة، كجهاز مكافحة الإغراق وقانون حماية المستهلك والتعريفة الجمركية». ويعرف الإغراق بأنه بيع السلعة بسعر أقل من السعر الذى تباع به فى موطنها الأصلى بهدف المنافسة والسيطرة على السوق وتحقيق سمعة، ثم بعد ذلك تعيد رفع السعر مرة أخرى إلى وضعه السابق، بعد أن تكون قد سيطرت على السوق، وهذا بدوره يقود إلى الاحتكار الكامل، حيث يسيطر على السوق منتج وموزع واحد، فيقلل العرض فترتفع الأسعار، والخاسر هو المستهلك والرابح هو المحتكر، ومن نتائج الإغراق والاحتكار خروج المنتجين الذين لا يستطيعون المنافسة من الأسواق وتلحقهم خسائر فادحة، كما أن الذى يدفع الغالى والباهظ هو المستهلك، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار بعد انتهاء مدة الإغراق. وقالت دكتورة هبة نصار، أستاذة الاقتصاد ونائبة رئيس جامعة القاهرة، إن الحكومة مسؤولة عن إغراق السوق بالسلع الرديئة وغير المطابقة للمواصفات العالمية، نتيجة لعدم تفعيلها القوانين المهمة للاقتصاد المصرى والتى تحد من دخول المواد الرديئة إلى البلد. وأشارت نصار إلى أن من أكثر الأضرار الناتجة عن الإغراق خروج بعض التجار المحليين من السوق بسبب عدم الاستطاعة على المنافسة، وسببت لهم هذه السياسة خسارة معنوية وخسارة مادية، وحدوث بطالة بسبب فقد العمال الذين كانوا يعملون لدى التجار المحليين لعملهم ورفع الأسعار واستغلال حاجات الناس. ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادى أحمد جلال إن المنتجات الصينية المغرقة أضرت بصناعات كثيرة وكثيفة العمالة مثل صناعة الملابس الجاهزة وكذلك صناعات الأدوات الكهربائية والأثاث والموبيليات والصناعات الجلدية حتى صناعة السيارات لم تسلم من منافسة المنتجات الصينية، كما ضربت هذه السلع الحرف اليدوية كحرفة تصنيع النجف وفوانيس رمضان والخردوات والسبح ومهنة تصنيع الشنط المدرسية حتى صناعة التماثيل والأنتيكات المقلدة. أما الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادى، فيرى أن فتح السوق أمام البضائع الصينية أدى لامتلائها بالسلع والمنتجات المغشوشة والمغرقة، حيث إن المستوردين يتعاقدون مع المصانع والشركات على توريد أسوأ المنتجات من الدرجة الثالثة للسوق المصرية أو يشترون من مصانع بئر السلم بهدف تحقيق أرباح خيالية وساعد على دخول هذه المنتجات عدم وجود نظام قوى لتطبيق المواصفات القياسية فى الموانئ والمطارات لمنع الأنواع الرديئة. وأضاف دلاور أنه إلى جانب ذلك هناك صعوبة لتحقيق شكوى الإغراق حتى أن الصناعات والحرف المحلية أصابها الضرر والتراجع نظرا لاستيراد آلات ومعدات فاسدة والمستوردون يلعبون على جزئية انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين مما يدفعهم للإقبال الاضطرارى على السلع الصينية سيئة الجودة. ويرى دلاور أنه لمواجهة غزو المنتجات المستوردة واندفاع المستوردين على إغراق الأسواق المحلية لابد من تسهيل إجراء الشكوى وتبسيط العلاقات بين سلطات التحقيق والمشتكين المحليين فى تحقيقات مكافحة الإغراق مع تبنى خطة تتمثل فى منع المستوردين من تجديد بطاقتهم الاستيرادية سنويا دون أن يكون حقق نسبة تصدير تتراوح بين %10 و20 مبدئيا من المنتجات المصرية، بحيث يتم تشجيع الصناعة المحلية ومساعدتها على التطوير، خاصة أن هؤلاء المستوردين يجوبون الأسواق العالمية ويعرفون احتياجاتهم من السلع مما يحسن الميزان التجارى بدلا من تشجيع صناعات الدول الأخرى على حساب الصناعة المحلية.