"محدش يعرف ظروف الناس، الدنيا بتظلمهم وأنا آجى عليهم؟!". مقولة دائما كان يرددها بليغ حمدى لأصدقائه، تكشف عن بليغ الإنسان والذى كان طاقة من الحنان والكرم والرقة الإنسانية اللامتناهية.. خجله كان يصل إلى درجة الحياء، وتحديداً فى كل ما يتعلق بالأمور المادية، ذلك هو وصف الإعلامى وجدى الحكيم لشخصية بليغ، موضحا أنه كان بمجرد أن يشعر أن شخصا يريد مناقشته فى مستحقاته المادية مقابل عمله، يتهرب منه فورا، حيث كان لا يحب أن يتحدث إلا عن الفن فقط، كما كانت لديه طاقة هائلة لاحتضان الضعفاء وتشجيع المواهب الجديدة، ومنهم على الحجار، ومحمد الحلو ومحمد منير وعفاف راضى وغيرهم. وكان قسمه الشهير الذى يردده دائما عندما يطلب منه أحد أن يأخذ حرصه أيضاً فى التعامل مع البشر "وحياة ماما عيشة .. حاضر هاخد بالى"، ويتذكر الحكيم ما كان يرويه عن علاقته بوالدته والتى كانت حريصة على أن ينتهى من دراسته للحقوق، وأعدت له لافتة مكتوب عليها "بليغ عبد الحميد حمدى المحامي"، ورغم استعداده كل سنة لدخول الامتحان إلا أنه كان يرتبط بعمل فنى ولا يدخل الامتحانات، وكانت أمه تقسم عليه دائما: "وحياة ماما عيشة عندك يا بليغ، نفسى تاخد الليسانس وأفرح بيك واشوفك محامى قد الدنيا". ولعدم حصوله على الليسانس فى الوقت المحدد رفض بليغ أن يضع اسمه على أول ألحانه للإذاعة وفضل أن يكون اللحن باسم " ابن النيل"، حتى لا تعرف والدته أنه فضل الفن على دراسته. وفى إحدى زيارات الحكيم لبليغ فى منزله، وجده يبكي، وعندما سأله عن سر بكائه الشديد أخبره أن بيت "الزبال" الذى يجمع قمامته انهار، وتكفل بليغ بالزبال، ووفر له منزلا صغيرا، ورفض بليغ العلاج على نفقة الدولة - كما يقول الحكيم- مبرراً ذلك بأن هناك من يحتاج إليه أكثر منه، وكانت مقولته التى أصر عليها كلما سأله أحد: "أنا عندى فلوس تكفينى حتى بعد موتي". ويروى حكيم أنه كان يقول له: "اللى يعيش معاك يا بليغ يموت من الجوع". وبنفس الحكى الإنسانى يروى الموسيقار محمد نوح ذكرياته عن بليغ قائلا: "أثناء تسجيل بليغ حمدى إحدى بروفاته فى ستوديو "نوح" بكت إحدى فتيات الكورال فذهب إليها وعندما علم بسوء حالة والدتها الصحية، وأنها اضطرت للنزول إلى العمل لتتمكن من توفير ثمن الدواء، أعطاها كل ما فى جيبه، وطلب منها الذهاب فوراً لإحضار الدواء والجلوس مع والدتها حتى تطمئن عليها، وبعدها طلب منى بليغ أن أعطيه خمسة جنيهات ليشترى جبنة وعيش عشان يتعشى لأنه جعان، هو ده بليغ"، وضحك نوح قائلا: إن سيارة بليغ كان يقودها جميع من حوله إلا هو، وعندما سألته عن السبب؟ أجابني: "هاروح فين بيها، أنا بروح عند أى حد منكم وأركنها، واللى يحتاجها لتقضية مشوار يأخذها، مش أحسن من زحمة وبهدلة المواصلات". أما الموسيقار حلمى بكر فيؤكد أن كرم بليغ حمدى وصل لدرجة أنه كان يفتح بيته لكل من هب ودب، وهو ما أوقعه فى المشكلة التى تعرض لها قبل وفاته بخمسة أعوام حيث اتهم بجريمة قتل بسبب إلقاء المطربة سميرة مليان نفسها من شرفة منزله، وهى القضية التى قيدت ضد مجهول بعد ذلك، واضطر بسببها أن يعيش بعيدا عن فنه ووطنه الذى عشقه. الموسيقار ميشيل المصرى يذكر أن بليغ كان حريصا على إرسال ألحانه إليه أثناء وجوده فى باريس ليسوقها له، وخرج منها للنور اغنية "بودعك" لوردة ، وأخرى لم تر النور أنتجها المصرى وغنتها إيمان الطوخي: "وأذكر أنها سافرت وراءه إلى اليونان لتستأذنه وتعطيه مقابل تنازله عن اللحن لها، إلا أنه كان يهرب منها حتى لا تتحدث معه فى الماديات، وكنت شاهدا على فرار بليغ منها فى اليونان لمدة 15 يوماً". لمعلوماتك.. ◄ 12 فيلما قام بليغ بتاليف الموسيقى لها، ومنها "شئ من الخوف" و"أبناء الصمت" و"آه ياليل يا زمن" و"العمر لحظة" و"الأبرياء". موضوعات متعلقة.. ◄ نقاد وصناع الدراما يعترضون على اختيار نجاتى لتجسيد الدور ◄ شباب الملحنين يؤكدون: نصدقه رومانسيا وحزينا وفى أوقات "الدلع" ◄ ارتبط كثيرا بأمه.. واعتبر كل الأطفال أبناءه عندما حرمه الله من الإنجاب