سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المرزوقى: المظاهرات العنيفة ضد واشنطن أعطت انطباعًا بفشل مشروعنا الديمقراطى.. السلفية المتطرفة تمثل أقلية صغيرة جدًا لا تحظى بشعبية ولا يمكن تجاهل خطرها.. ولا يجب على الغرب التخلى عن دعم الربيع العربى
قال الرئيس التونسى منصف مرزوقى إن المظاهرات العنيفة التى شهدتها العديد من البلدان الإسلامية وعلى رأسها دول الربيع العربى، أقنعت الكثيرين فى أنحاء أوروبا وأمريكا بأن الثورات العربية التى بدأت عام 2010 قاربت على التلاشى وأن المشروع الديمقراطى فيها قد فشل. وأشار فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز إلى أن هناك إحساسا بالمرارة وأن هناك كارثة ما ستحل بدلا من الحماس والتفاؤل عقب سقوط الطغاة فى تونس ومصر. فهناك حديث متشائم بشأن خريف إسلامى وشتاء سلفى بعد فشل مفترض للربيع العربى. ويشير للمشككين، إلى أن الدين هو القوة الدافعة فى السياسة العربية، غير أن الشعارات المناهضة للغرب وقتل السفير الأمريكى كريستوفر ستيفنز، دليل على صراع الحضارات بين الإسلام والغرب. وفيما أن مثل هذه المخاوف مفهومة، فإنه التهويل ليس فى محله، فالثورات العربية ليست موالية أو معادية للغرب، لأنها ببساطة لا تتعلق بالغرب وإنما تختص بالأساس بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية وليس الدين أو الشريعة. ويتابع قائلا إن الطابع الديمقراطى فى تونس ومصر وغيرهم من البلدان سمح لعدد من المتطرفين بالخوض داخل النظام السياسى، لكن هذا دحض نهائيا السرد القائل إن الإسلام والديمقراطية غير متوافقين. فالإسلاميون هم فاعلون سياسيون مثل غيرهم، وهم ليسوا فى مأمن عن الانتقاد من غيرهم. ويؤكد المرزوقى خطأ اعتقاد الكثير من المراقبين بأن الجماعات السلفية المتطرفة تمثل أغلبية، وأشار إلى أن السلفيين الراديكاليين الذين يدافعون عن العنف والشريعة يمثلون أقلية صغيرة جدا فى تونس. وحتى فى مصر فإن أعداد الإسلاميين الأكثر اعتدالا تفوقهم كثيرا. إذ انهم أقلية داخل أقلية كما أنهم لا يحظون بشعبية سواء بين التونسيين المحافظين أو الأكثر علمانية. وأضاف الرئيس التونسى، أن هدف هؤلاء المتطرفين الذين يؤمنون بالعنف، ليس المشاركة السياسة وإنما خلق الفوضى. فلا يجب أن نغفل أنه قبيل مهاجمة البعثة الدبلوماسية الأمريكية، فإن هؤلاء المتطرفين أساءوا للرموز التونسية مثل العلم والنشيد الوطنى. ورغم ضآلة أعدادهم، يشير مرزوقى، إلى أنه لا يمكن تجاهل الخطر الذى تمثله السلفية المتطرفة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسياحة أو العنف ضد السياح، ويؤكد أن تونس تؤيد حرية السلفيين فى التعبير لكن الدفاع عن العنف هو خط أحمر، ومن يحاول تجاوزه سيتم اعتقاله. وانتقد الرئيس التونسى تلك الصورة التى ظهرت كغلاف لمجلة نيوزويك الأمريكية والتى تظهر بعض أصحاب اللحى فى حالة غضب عارمة خلال الاحتجاجات على الفيلم المسئ للرسول، وأكد رفضه لتعميم الصورة على العالم العربى والإسلامى، فمثلا جماعات البيض المتطرفة لا تمثل الأمريكان كلهم وكذلك أندريس بريفيك لا يمثل الأوروبيين كلهم. ويشير المرزوقى إلى أن التونسيين يشعرون بالإحباط لإقحامهم فى نضال لا لزوم له قد يلهيهم عن مهمة أكثر شقاء تتعلق ببناء مؤسسات ديمقراطية جديدة وخلق فرض عمل ووقف قوارب الهجرة واللجوء الجماعى لأوروبا. هذا علاوة على التغيير الذى يعد التحدى الأكثر للديمقراطيات الجديدة فى مرحلة ما بعد الربيع العربى. ويختم قائلا: نحن فى سباق ضد الفقر. ففى هذه اللحظة الحاسمة، يجب على الغرب ألا يتخلى عنا، وأن يستمر فى مساعدة تونس لتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون وتأمين حدودنا لوقف تدفع الأسلحة إلى المتطرفين وخلق فرص اقتصادية تمنح مواطنينا الأمل.